قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الرابع عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الرابع عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الرابع عشر

وقد تغفو الأعين علها تستريح ولكن تبقي الارواح معلقة بين ماضي لا يرحم ومستقبل مبهم وكلما حاولنا الفرار تطاردنا تلك الايام التي لا نرغب في تذكرها فتصبح اليقظة مرهقة ويغدو النوم صراعا
اخذت بدور تربط على ظهر سهيلة بضعف لكنه قوي بحنانه واحتوائه الذي لم تضعفه السنوات فرغم تجاوزها سن السبعين الا انها مازالت الركن الذي تلتجئ اليه سهيلة عند الشدائد
تحدثت اليها ومازالت تهددها كطفلة حزينة:.

ياحبيبتي قوليلها متنزلش مصر لو خايفة عليها انتي امها يا سهيلة
سهيلة: ياريتني كنت امها فعلا يا دادة كنت همنعها بالقوة، هو انا ليه مكتوب عليا وجع القلب كل ما اقول خلاص هرتاح ابدأ تاني من الصفر
استمعت ميادة إلى صوتها الباكي بقلب مكسور فهي بالفعل أمها وان لم تكن من انجبتها
دلفت اليها مبتسمة كعادتها لتشيح سهيلة وجهها بعيدا عنها
جلست ميادة بجوارهما موجهه حديثها إلى بدور قائلة:.

قوليلي يا دادة لو حد حاول يأذي ماما سهيلة هتدافعي عنها
بدور بصدق: طبعا ادافع عنها بروحي
ميادة: طيب لو حد أذاها فعلا وأذاني انا وبابا يزيد تعملي فيه ايه؟
بدرية: أكله بسناني
ميادة: ممكن يا ماما تبصيلي علشان خاطري
لم تجبها سهيلة بل استمرت ببكائها، فستأذنت ميادة من بدور أن تأخذ مكانها، احتضنت ميادة سهيلة بخوف قائلة:
انا لازم اسافر يا ماما، ومتخافيش عليا.

سهيلة بحدة: مخافش عليكي وانا عارفه انك نازلة لاهلك برجليكي، رايحة تنتقمي من مين ها، فكراني صدقت كلامك وانك نازلة مصر علشان الفن والكلام ده، طيب انا معاكي خليكي هنا وانا هفتحلك شركة انتاج وغني واعملي اللي يعجبك.

ميادة بدموع تحاول كبتها: عندك حق انا فعلا نازلة أخد حقي وحق اختي وامي، حقي نفسي اللي ضايعة بقالها سنين ومش لقياها، تعرفي يا ماما انا لما بنام بفضل صاحية، عيوني بس بتغمض لكن روحي بتكون في نار، نار بتقتلني كل يوم وانا حاسه اني عاجزة، هربت زي الجبانة وسبتهم عايشين، كان لازم اقتلهم كلهم
سهيلة ببكاء وضعف: طيب وانا، ويزيد مفكرتيش فينا.

ميادة: انتوا أهلي والسبب الوحيد اللي مخليني عايشة، لولا وجودكم كنت مت من زمان
سهيلة: بعد الشر عنك ياقلبي، علشان خاطري بلاش
ميادة: علشان خاطري انتي قويني، ساعديني ارتاح، انا تعبت من المهدئات، مبقتش تقصر فيا انا تعبانه اوي يا ماما
احتضنتها سهيلة وكأنها تخفيها بداخلها عن الألم.

قائلة: سلامتك يا قلب ماما وعنيها انا بس خايفة عليكي وعموما الاول كنت رافضة نزولك مصر بسبب يوسف لاني كنت خايفة ينتبه للاسم ويدور وراكي بس خلاص الله يرحمه يزيد قالي انه اتوفى السنة اللي فاتت ومراته صفت كل حاجة واخدت ولادها وسافرت كندا
ميادة: الله يرحمه..
سهيلة بخوف: هترجعيلي يا ميادة؟
ميادة: انا ديدا مش ميادة، وهرجعلك الشئ الوحيد اللي هيمنعني عنك الموت وبس...

قبلتها سهيلة بيأس ولكنها لن تتركها مهما حدث لذا هتفت بجدية:
انتي هتنزلي قبلنا بشهر وانا ويزيد هنحصلك
ابتسمت اليها ميادة قائلة: خالو مصطفي مسافر معايا، ايه رأيك بقى؟
سهيلة: بجد، طيب ليه مقاليش؟
ميادة: كان عنده أمل اني مسافرش بس لما اتأكد اني مصممة قالي انه هيفضل معايا وهيساعدني كمان
سهيلة: طيب كلمي يزيد تاني وحاولي تقنعيه وبلاش تسافري وهو زعلان منك
قبلت ميادة يدها قائلة:.

مقدرش طبعا هقنعه، في حد يزعل ابوه الحليوة ده
ضربتها سهيلة بخفة وابتسمت بدور داعية الله ان يحفظها والا تتجرع سهيلة مرة ثانية مرارة الفقد..

منذ أن استمع من جدته إلى سر العداوة القائمة بين والدته ووالده وهو عازم على الانتقام سوف يثأر لوالدته وشقيقتيه، لم يعلم من قبل سبب الجفاء البادي بين نوارة وفهد وكلما سأل احدهما يتهرب من الاجابة، مازال يتذكر شقيقتيه رغم صغر سنه وقت غيابهما الا انه يتذكرهما والأن ادرك ما حدث وما عانته والدته..

لابد ان يجعلهم جميعا نادمين، فكر قليلا ثم ابتسم بانتصار فلا يوجد غيرها، رباب الابنة المدللة لدي الجميع، نقطة ضعف والدها والمحببة إلى قلب شهيرة والأقرب إلى نوح، سوف يذيقها ما ذاقته شقيقته...
لم يبذل جاد الكثير من الجهد في استمالتها فهي بالفعل تحبه ولكنها كانت تلاحظ تجاهله لها وعندما تحدث اليها لم تصدق..

طلب اليها لقائه بالمدينة بعيدا عن النجع وعيون الجميع ووافقت، ولما لا، وهو ابن خالها ومشهود له بحسن الخلق
احتضن طفلته بحب وسعادة يملؤها الخوف، فلا يعقل أن تعطيه الحياة تلك السعادة دون مقابل، شفي من الادمان وبدأ عملا جديدا اصبح من خلاله من كبار التجار بتلك البلدة النائية التي اختارها له نوح بمساعدة عمه، عمه نعمان الذي ورغم ابتعاده عنهما الا انه وقت الحادثة لم يبخل عليهما.

بالمساعدة مطلقا بل مكن حماد من الهرب وكان وسيلته في الحصول على مأوى بعيدا عن الأعين..
يزوره على فترات متباعدة كلما سنحت له الفرصة
تنهد حماد بتعب وانزل ابنته بعد ان قبلها بحب هاتفا تعالي يا تقى خلي بالك من جميلة
تقي: انت نازل برده يا حماد، مش قولت هتقضي اليوم معانا
حماد: معلش كلموني وقالوا في مشاكل في الشغل.

تقي بحزن: خلاص براحتك، انا اتعودت على بعدك بس حرام بنتك تفضل طول النهار تستناك ولما ترجع تكون هي نامت..
اغمض حماد عينيه يحاول أن يجيبها بشئ يرضيها لكنه لم يجد، لقد حاول أن يحبها لكنه لم يستطع، هي زوجة مثالية وربما لا يستحقها لكنه يستشعر وجود حاجزا يمنعه عنها، ربما ضميره ليس الا...
تطلعت إلى والدتها بابتسامة جعلت شهيرة تتنازل عن وجهها العابس دائما وتبادلها البسمة قائلة.

مفيش حد بيجدر عليا غيرك يابت نعمان
رباب: وااه واني بته لحاله اياك؟
شهيرة: الله يسهله بجى هو وام صورم اللي متچوزها
قهقة رباب قائلة: والله دي طيبة جوى وهتحبني
شهيرة: على رأي المثل، بت الضرة ضرة يا جلب أمك
ابتسمت رباب بيأس قائلة:
فضيها السيرة دلوك وجوليلي سي نوح وين رايده اشوفه ضروري جوي..
شهيرة: ها رايده منه ايه يا مضروبة انتي
رباب: حاچات بسيطة اكده.

أجابها نوح قائلا: حاچات بسيطة كيف، ده انتي طالبة مني حاچات تكفي النچع كلياته
تعلقت رباب بذراعه متدللة عليه بحب قائلة:
وااه مش حبيبتك اني ولا ايه؟
نوح: حبيبتي طبعا، وحاچتك فوج اطلعي شوفيها
أسرعت متجهه إلى الأعلى ونظرت اليه والدته قائلة:
اخوك عامل ايه يا نوح، بجالي يومين هكلمه ومبيردش والمعدولة مرته بتجول عنديه شغل كتير
نوح: جولتلك متتصليش عليه طوالي مريدينش حد يعرف مكانه.

شهيرة: ليه خايفين من بت بهية لساتكم
نوح: بت بهية ليها حج ولو انتي مطرحها مهتسبيش حجك واصل، وخالي فهد مهواش ساكت بيدور على حماد وعامل حاله مبجاش مهتم بالموضوع
شهيرة بخوف: تجصد ايه، فهد ممكن يوصله ويبلغ عنه لاچل ما يرضي نوارة!
نوح: الله اعلم رايد يرضي نوارة ولا يكفر عن ذنبه، ياريت بقي تسمعى الكلام وبزيداكي أذية لحماد..

ترددت في النزول من الطائرة فالتفكير شئ سهل وبدأ التنفيذ صعب للغاية تشعر بالخوف يتملكها مازالت تتذكر صوت حليمة لم يفارقها وكأنه يدعوها الأن إلى البدء والا تتراجع، نظرت جوارها فوجدت مصطفي ينظر اليه مستفهما فابتسمت اليه هاتفه:
يلا بينا انا بس كنت باخد نفس علشان مش هيبقي في وقت بعد كده
مصطفي: تمام يلا بينا يا أنسة ميادة.

ابتسمت ميادة ساخرة من تلك الكلمة فهي أنسة متزوجة منذ خمسة عشر عاما والعجيب انها تشعر بقيد يربطها بنوح لا تدري اهو قيد القرابة بينهما أم لأنه الأول بحياتها...
توجهت بخطوات ثابته ناحية السيارة الواقفة بانتظارهما وانتقلت بهما نحو بداية الرحلة
تجول نوح بثقة بين جنبات مصنعه الجديد يحاول الالمام بشؤونه، اقترب منه فهد فاسرع هو للقائه قائلا:
ايه رأيك يا خال؟

فهد: زين جوي، وسعره كمان معجول، رايد نتكلموا في المكتب في حاچة مهمه
نوح بانتباه: حاضر، تعالي معاي
جلس فهد يحاول ترتيب افكاره فهو على يقين ان نوح سوف يغضب مما سيسمعه لكنه سيخبره
فهد: امك راحت عشية واتكلمت مع مرت حامد افندي الشرجاوي لاچل ما تخطبلك بته
نظر اليه نوح بغضب ورفض قائلا:
الست دي مبتجدرش تجعد ساكته، مهيعچباش العچب لازمن تنفذ اللي في راسها وبس، اني تعبت منيها...

فهد: ان چيت للحج هي معذورة، انت مبجتش سغير يافهد، انت دلوك عديت ال 35
صمت نوح ولا يدري بما يجيب فهو لا يعلم سبب عزوفه الى الأن عن الزواج لما لم تجذبه واحدة من تلك الفتيات الكثيرات اللاتي يتعامل معهن او احدة من فتيات النجع، هل مازال ينتظهرها وهل ان عادت سوف تتذكره، سوف تعتبره زوجا لها..
لاحظ فهد شروده فنفخ بضيق قائلا:
تعالى نطلعوا عالبيت اني چعان جوي ورايد اريح چتتي من الطريج.

هب نوح واقفا دون رد وتحركا إلى وجهتهما.

مرت الأيام والشهور وكانت ميادة تعدو بقوة وكأنها في سباق اوشك على الانتهاء وعليها ان تصل إلى خط النهاية وكان مصطفي بجانبها خطوة بخطوة، بدأ نجمها يسطع سريعا ولما لا وهي ذات صوت عذت وطلة ساحرة وحضور طاغي بالاضافة إلى ذكائها وما تمتلكه من اموال
ومع انشغالها الشديد لم تكن تغفل عن متابعة نوح واحواله ومع كل نجاح تحققه في مجال الفن كانت تشعر باقترابها منه
لاحظ مصطفي صمتها فتحدث اليه قائلا:.

عاملك مفاجأة هتعجبك اوي
ميادة: بجد، مفاجأة ايه؟
مصطفي: هنروح نشتريلك عربية جديدة
ميادة بهدوء: عربيتي لسه جديدة يا خالو
مصطفي: عربيتك جديدة، بس عربيات السياف ممتازة دول واخدين توكيل مهم
استمعت إلى اسم عائلتها بقلب منقبض وكأنها على وشك الموت، نظرت اليه بعيون دامعة فتحدث اليها بجدية قائلا:
انتي مش ضعيفة متخافيش من حد، احنا لازم نتحرك وننفذ اللي قولتي عليه.

ميادة: وانا هستفيد ايه لما اروح اشتري عربية من عندهم ما انا ممكن مقابلش نوح
مصطفي: عيب عليكي انا سألت وعرفت الايام اللي بيكون موجود فيها قومي يلا غيري هدومك عاوزة ينبهر لما يشوفك، اوك
ميادة: حاضر، هخليه يتجنن ابن شهيرة.

اقترب سلمان من باب غرفته يتحرك بخفة كي لا تسمعه والدته لكنه وجدها واقفة امامه تنظر اليه بعتاب وغضب طفيف متسائلة
كنت فين لحد دلوك يا سلمان؟
سلمان بتردد: كنت سهران مع چماعة اعرفهم
جذبته اليها تشتم رائحة ملابسه لتنظر اليه بحزن قائلة: والچماعة دول بيدخنوا ياواد فهد
نظر اليها بخجل فهي نادرا ما تدعوه بذاك الاسم فاشاح ببصره محاولا ادعاء القوة ليهتف بعد قليل..
اني مبجتش سغير وبسببك زمايلي بيتنجوروا علي.

بهدوء عكس ما تداريه قالت:
لم خلچاتك وروح على دار ابوك ومشوفش وشك اهنه واصل، اني بعدتك عنيهم انت واخوك على أمل اني اربيكم زين وميجولوش تربية مرة، بس اها زي ما بيجولوا العرج دساس، الاسم لوحده مهيكفيش يا سلمان، كنت مفكرة انك هتكون اسم على مسمى
نظر اليها سلمان بغضب وخوف مما قالته لكنه استمر على عناده قائلا:
أهه، سلمان چوزك الاولاني اللي بسببه كارهه ابوي ومبعدانا عنيه.

أحست نوارة بدوار قوي ولم تعد قادرة على الحديث فقد اكتفت من الجدال، وقعت امامه فاصابه الهلع ولم ير نفسه الا وهو يصيح باسم والده بعدما فشل في الوصول لشقيقه
استقبلته شهيرة قبل ان يأتي اليه فهد مهرولا فتحدث سلمان برعب: الحجني يابوي، امي وجعت جدامي ومرضياش تجوم
شهيرة بفضول: ماتت اياك!؟
سلمان بحدة: موته تاخد عدوينها انشالله..
شهيرة: وااه شوف الواد جليل الرباية بتدعي على عمتك.

سلمان: انا جولت عدوينها، لو انتي منيهم يبجي بكيفك
تركهما فهد وانطلق اليها لصدم من رؤيتها هكذا ضعيفة صامته، لم يعتد منها هذا السكوت، جلس ارضا ورفعها اليه محاولا افاقتها دون فائدة فتحدث الى سلمان بخوف:
شيل امك معاي خلونا نطلعوا على مستشفي نشوف مالها
بعد ساعات من الانتظار اسرع فهد وسلمان باتجاه الطبيب ونظراتهما تعبر عن خوفهما وشعورهما بالذنب
تحدث الطبيب بلطف اليهما:.

الحمد لله المدام احسن دلوك، هي تجريبا في حاچة مزعلاها وضغطها ارتفع جدا وللأسف كان هيتسبب بچلطة، ياريت تلتزم بالأدوية وتبعد عن اي انفعال
فهد: ممكن اشوفها ياداكتور
الطبيب: اتفضل حضرتك هي فاجت وحاليا بخير
دلف اليها بخطوات نادمة فهو السبب فيما ألت اليه حياتها وحياتهم جميعا ولكن هيهات أن يعود الزمان بنا إلى الوراء ليته كان ممكنا.

جلس جوارها ونظرت اليه بنظرات لم يفهما لكنها تحدثت اليه وكأنها تحادث نفسها تلومه دون أن توجه اليه اتهام تبكي بصمت لكنه يشعر بها سألته بخفوت
كيف سيدنا يعجوب اتحمل يبعد عن يوسف 40 سنة يافهد، كيف جدر يصبر السنين ديه كلياتها وميأسش!؟
حاول الرد لكنه لم يستطع فاستكملت:.

اني حاولت اكره ولادك ومجدرتش واصل يا فهد كنت حاسه ان حبي ليهم خيانه لبناتي، بس مفيش أم هتكره عيالها، ولا فيه واني اللي ضعيفة وحتى الكره مهجدرش عليه
نظرت اليه فوجدت يائسا ربما يفوقها بؤسا فصمتت قليلا ثم سألته:
انت چيت اهنه ليه وسلمان وچاد وينهم؟
فهد: چاد تجريبا في شغل، وسلمان هو اللي جالي وچبناكي على المستشفي
نوارة: كتر خيرك، رايده منك طلب ممكن؟
فهد: انتي تؤمري.

نوارة: خد سلمان يعيش معاك، اني خلاص كبرته وبجى راچل اها، بس دلوك محتاچلك انت
فهد بشك: ليه عمل ايه سلمان، انتي اتعاركتي معاه يانوارة؟
نوارة بتعب: اسأله وسيبني ارتاح دلوك، تعبانه ورايده انام..
دثرها بعناية وغادر الغرفة متوجهها إلى ولده الذي يبدو انه قد ورث عناده
سحبه من يده وتوجها الى داخل سيارته وتحدث اليه بجدية:
عملت ايه يا سلمان وجولت ايه لامك خلاها تتعب اكده..؟!
دي رايداني اخدك تعيش معاي.

قص عليه سلمان ماحدث بينهما فما كان من فهد الا ان صفعه بقسوة ناظرا اليه بغضب قائلا:
العيب مهواش من نوارة، العيب مني آني فكرت ان ربنا هملني اكده يبجى هيسامحني واللي فات هيموت بس اها ابني هو اللي بيفتح في الجديم تعرف ايه انت ياكلب عن امك وعني لاچل ما تتهمها اكده؟!

اني اتسببت في موت حليمة وهروب ميادة اخواتك وبنات عمك سلمان، خابر اني اتچوزت على امك وجهرتها وياما مديت يدي عليها واني رايد اكسرها واچبرها تحبني، وربنا المعبود يا سلمان لو أمك صابها شي بسببك ما هرحمك سامعني!
بكي سلمان بقوة فنوارة لم تضربه مطلقا ولا شقيقه وتلك المرة الأولى التي يقسو عليه أحد هكذا...
رق فهد لحاله فتحدث اليه بحنان وهدوء قائلا:.

امك عمرها ما ظلمت حد ولا ظلمتني، اني اللي جسيت عليها ياما، خليك انت واخوك سندها وكفاية اللي راحوا منيها
بينما كان غارقا بافكاره وتردده بين ما يفرضه المنطق وما يطلبه القلب، هل زواجه الأن هو الصواب أم ان الصواب مرهون بعودتها، الا ينبغي أن يشتاق إلى بدأ حياة جديدة، ان يحظى باطفال أم انه يخشى أن يسعد بحياته فيزداد شعوره بالذنب لذنب لم يرتكبه...

استمع الى صوت أحد مساعديه يخبره بقدوم أحد العملاء لشراء سيارة جديدة فاستعد للقائه
دلف مصطفي اولا بابتسامة عملية ومد يده مصافحا لنوح وبادله الاخر التحية وطلب منه الجلوس معتقدا انه بمفرده لكنه تفاجأ بدخولها، اربكته طلتها وكأنه لم ير نساءا من قبل، شعر ناحيتها بحنين لم يفهمه..

بينما كانت هي تتواري خلف نظارتها الشمسية تحاول أن تنظر اليه دون أن يلحظ، ترجو دقات قلبها المتلاحقة أن تهدأ قليلا قبل أن يسمعها هو، تود أن تقترب منه حد الالتصاق وتخشى الاقتراب منه وكأن قربه هلاك لروحه، بينما كان هو يكذب نفسه مستنكرا أن يصدق ان الواقفة امامه هي ميادة، زوجته الهاربة، اعتقد انه صار مهووسا بعودتها فاصبح يخيل اليه أنها الواقفة امامه الان، هي تشبهها إلى حد بعيد ليس الا...

قاطع صمتهما مصطفي الذي تحدث إلى ميادة بحنان قائلا:
اقعدي ياقلبي، نوح بيه شكله هيسبنا واقفين كتير
ابتسم نوح بحرج قائلا باعتذار:
اسفة، انا مقصدش والله، اتفضلي يا أنسة، ولا حضرتك المدام؟
مصطفي ممازحا: لأ أنسة، بنت أختي وتربيتي
نوح وقد تيقن انها لسيت من يسعى الى لقياها
حضرتك شرفتنا، تشربوا ايه الأول!؟
كان يتحدث نوح إلى مصطفي ويرجوها بداخله أن تتحدث، يتمني أن يرى عينيها ولو للحظات ولا يعلم أهو فضول أم ماذا.

لاحظت هي ما يدور بخلده فتحدثت بهدوء قائلة:
ملوش لزوم، انا محتاجة سيارة جديدة تكون عملية وسريعة
نوح بهدوء: فيه حضرتك كل انواع السيارت الحديثة اتفضلوا معايا اتفرجوا واختاري اللي يعجبك
اجاب مصطفي: مش قولتي قبل كده عاوزة فيراري بورتوفينو!؟
ابتسم نوح قائلا:
موجودة يافندم مع انها صعب تنزل مصر.

حاولت ميادة أن تبدو طبيعية أو تبادله الحديث لكنها كانت تنظر إلى يده وتلك الدبلة التي مازال يرتديها، أيتذكرها إلى الأن أم أن غروره يمنعه من التخلى عن استرجاعها
اقترب منها مصطفي وتحدث اليها بقلق: حبيبتي انتي كويسة؟
ميادة: اه يا خالو، بس أسفة منمتش كويس وكان عندي تصوير متأخر
نوح بفضول: حضرتك مذيعة؟
ميادة بغيظ: لأ، مطربة حضرتك اكيد مش مهتم بالفن؟
نوح: يعني مهتم بس مش اوي.

ميادة: اوك، حضرتك خلينا نشوف السيارة واضح انك مشغول
نوح: لالا، انا مش مشغول ولا حاجة
ابتسم مصطفي وقد ايقن ان نوح قد اعجب بها وتعجب هو من نظراته اليها
بعد أن اختارت ميادة ما تريد وتم توقيع العقود أحس هو بالحزن فقد اوشكت على الذهاب ود لو تظل امامه ولو قليلا بينما كانت هي تشعر بالاختناق تود البكاء وتمنع نفسها بصعوبة فرؤيته الأن تذكرها بما فات بحلوه ومره الذي لن يحلو يوما ما...

اتجهت للمغادرة خلف مصطفي لكن نوح استوقفها فالتفت اليه لتجده ماددا يده اليها راغبا في مصافحتها
ترددت لكنها مدت يدها اليه، احتضن كفها برفق بين يديه ونظرت اليه ثم غادرت واختفت من امامه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة