رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الثامن عشر
ربما
لا افهم كيف تأخذ الأمور بتلك البساطة قالت بغضب مكتوم.
ايفدوكيا. قال هاري و هو ينظر نحوها و تعبيرات الفزع قد ارتسمت على وجهه.
ايفدوكيا انتِ. انتِ اردف هاري بأعين متسعه يُغلفها الرعب.
ماذا! حل بي؟ سألت بخوف شديد بينما انتقل نظرها نحو جسدها لتلاحظ تلك البقعة الغامقة من ذلك السائل الدموي التي اخذت حيز ليس بصغير من ثيابها.
ايفدوكيا انكِ تنزفين صدر صوته مهزوزاً.
يا إلهي طفلي! قالت بنحيب بينما تُمسك بمعدتها بآلم شديد
بينما عاود القيادة بسرعاً بحثاً عن اقرب مشفى و تتجول عيناه بين الحين و الآخر نحوها بينما ملامح الرعب مازالت تعتلي وجهها بينما تدعو بداخلها ان يمر الأمر بسلام.
نسمات الهواء الباردة بدأت تتزايد تدريجياً و اجتمعت الغيوم و هي توحي بأن السماء على وشك ان تُمطر، بعد بحث ليس بطويل كثيراً لمح هاري مشفى قريب ليقود بسرعة نحوه قبل ان تُمطر.
تماسكِ لقد وصلنا قال هاري و هو يقوم بركن السيارة حمل ايفدوكيا بين ذراعيه و لم تكون ثقيلة ابداً، ركض هاري نحو الإستقبال ليُخبرهم بما حدث.
هل ستكون بخير؟ سأل هاري الطبيب الذي لم يفحص ايفدوكيا بعد.
لا تقلق سيدي، فقط امهلني دقائق و سأعود.
قال الطبيب بينما ابعدت الممرضة هاري برفق كي يغادر الغرفة حتى يفحص الطبيب ايفدوكيا، نبضات قلبه تزداد بشدة بينما يشعر بالصداع يحتل رأسه بشده وضع يده على رأسه بآلم بينما تبعثرت خصلات شعره المموج.
بعد مده ليست بطويلة خرج الطبيب ليهرول هاري نحوه.
هل انتَ زوجها؟ سأل الطبيب ليتردد هاري لثوانٍ قبل ان يُجيب نعم انا زوجها ماذا حدث.؟
انظر الوضع ليس مطمئن ابداً اردف الطبيب لتتسارع نبضات قلب هاري هل صحتها في خطر؟
لا بل الجنين
اتعني انه لم يحدث إجهاض أليس كذلك؟
لا، لكن الإحتمال الأكبر ان يحدث هذا، انظر يمكنما العودة إلى المنزل و عليها ان تلزم الفراش طوال اليوم و انا تأخذ الادوية التي سأخبركَ بها، لكن في حالة حدوث نزيف مجدداً يجب إحضارها إلى هنا فوراً.
حسناً اشكرك قال هاري و هو يأخذ الورقة التي كُنب بها أسامي الأدوية، لكنه لاحظ عودة الطبيب لغرفة ايفدوكيا مجدداً بدلاً من الرحيل، وقف هاري بالقرب من الباب محاولاً التصنت على حديثهم.
سيدة ايفدوكيا، ان زوجكِ ينتظر بالخارج
زوجي قالت ايفدوكيا بخوف و هي تنظر نحو الطبيب.
نعم ذلك الشاب طويل القامة ذو الشعر المموج
اوه حسناً، اريد رؤيته قالت بهدوء.
سأسمح له بالدخول فور ان احصل على إجابة لسؤالي الذي سأطرحه الآن.
تفضل قالت و هي تضم عيناها فهي لا فكرة لديها عن سؤاله.
في البداية لا أريد ان تشعري بأي قلق او خوف لن يستطيع احد ان يؤذيكِ و انتِ هنا. و السؤال هو: هل تعرضتِ لأي نوع من انواع العنف من قِبل زوجك؟
ماذا لا. هو لم يفعل اي شيء قالت ايفدوكيا بإندفاع شديد فعي تخشى ان يقدم الطبيب شكوى في حق هاري بينما لم يفعل هو اي شيء سيء في حقها بل بالعكس لقظ انقذها.
هل انتِ واثقة؟
نعم، لقد تشاجرت مع اخي و قام بتعنيفي لكن لقد ابلغ ابي الشرطة بالفعل و احضرني زوجي إلى هنا للاطمئنان على اضطرت لإخفاء بعض الحقائق في حديثها فهي لن تستطيع قول الحقيقة كاملةً لشخص غريب.
حسناً، بالمناسبة يمكنكِ الرحيل اليوم لقد شرحت لزوجكِ كل شيء قال الطبيب بإبتسامة و هو يهم بالرحيل بينما توجه هاري نحوها بلهفه.
هل انتِ بخير؟ ماذا يولمكِ؟ اتحتاجين إلى اي شيء.
قال بسرعة و تلعثم دون ان يلتقط انفاسه.
صه هاري انا بخير قالت بنبرة مطمئنة و هي تضع يدها على يدها لترتجف سريعاً ثم تُبعدها فوراً، بينما شعرت بالحرارة تنتقل إلى وجنتها لكن هو اكتفى بالإبتسام فقط.
لقد خِفت كثيراً ان افقد طفلي قالت و هي تضع يدها بالقرب من معدتها.
لا تقلقي إنه بخير لكن. مازال هناك احتمال لفقدانه. انا اسف.
اعلم لقد اخبرني الطبيب، و كأن هذا ما كان ينقصني قالت بحزن و هي تُبعد بعضاً من خصلات شعرها التي سقطت على وجهها.
انا حقاً اعتذر لأنكِ تعانين من كل هذا وحدكِ.
لستُ وحدي انتَ بجانبي أليس كذلك؟
نعم بالطبع، سأعمل على حمايتكِ بكل قوتي و طاقتي.
هذا كل ما احتاجه صدقني قالت و هي تبتسم بخجل.
هيا لنرحل من هنا قال هاري و هو يقوم بحمل ايفدوكيا دون سابق إنذار.
إلهي ماذا تفعل! صرخت ايفدوكيا بصوت عالي ليقهقه هاري ثم يُردف ايفدوكيا كدت افقد حاسة السمع بسببكِ الآن.
إذاً دعني. دعني قالت و هي تضربه بخفه على ظهره.
ايفدوكيا اخفضي صوتكِ نحن بمشفى سيتم طردنا قال وسط ضحكاته.
نحن على وشك الرحيل على اي حال.
هذا صحيح دعينا نرحل بكرامتنا على الأقل دون ان نُطرد.
سأضعكِ هنا و سأعود سريعاً قال و هو يقوم بوضعها على احدى الكراسي.
إلى أين؟ قالت بخوف و هي تتشبث في قميصه.
سأدفع الحساب و سنرحل سريعاً لا تقلقي.
حسناً لا تتأخر من فضلك قالت و هي تجلس براحة اكثر على الكرسي.
بعد مرور ما يقرب من عشرة دقائق جاء هاري بوجه و خصلات شعر مبلله يبدو انه كان يحاول ان يستعيد كامل وعيه.
حمل هاري ايفدوكيا مجدداً ليأخذها نحو السيارة خاصته ليعاود القيادة بتركيز و هدوء اكثر هذه المرة، و بعد مدة اوقف السيارة بالقرب من احدى الحدائق.
ماذا؟ لما توقفنا؟ سألت ايفدوكيا.
لنتحدث قليلاً انتِ حتى لم تُخبريني ماذا حدث! لما كنتِ خارج المنزل في مثل ذلك الوقت وحيدة بدون معطف و بدون حقيبتكِ و بالطبع بلا اموال!
سأل هاري بإنفعال ف لقد فاض صدره من مشاعر القلق و الخوف التي شعر بها فور رؤيته ايها بذلك الوضع، شعرت انها لا تقوى على الحديث تشعر بضعف شديد.
ايفدوكيا لا تصمتِ من فضلكِ، انا بئر اسراركِ بوحي بما تشعرين به! ايفدوكيا مهلاً ما هذا! انهي هاري جملتة بفزع بينما ينظر نحو تلك الكدمات التي على وجه ايفدوكيا و التي استطاع رؤيتها بسبب اعمدة الإنارة القريبة منهم و لم يلحظ عندما كان في المشفى لكون عقله مشتت بسبب امر الجنين.
لقد قام بضربي. قالت ايفدوكيا بينما تشوت رؤيتها بسبب الدموع التي تكونت فوراً في عينيها.
اللعنه عليه! سأنتقم لكِ من ذلك الحقير اعدكِ بذلك قال هاري بنبرة غاضبة و هو يهُم لوضع يده على وجهها ليمسح دموعها لكنها ابتعدت فوراً قبل ان يضع يده.
انا فقط أريد الإنفصال عنه.
سيحصل هذا عن قريب لا تشغلي بالكِ قال هاري بنبرة مطمئنة بينما يشعر ان تلك الجملة قد احيت كل المشاعر دفعه واحدة بداخله.
حسناً اشكرك على كل شيء قالت بإمتنان شديد و هي تنظر له بينما تبتسم و هي تقوم بمسح الدموع خاصتها.
بل انا من يتوجب على ان اشكرك قال بابتسامة تُظهر تلك الحفر اللطيفة في وجنته.
على المتاعب التي اجعلك تقع فيها بالطبع أليس كذلك؟
قالت و هي تقهقه بسخرية.
لا بل لأنكِ جعلتيني اصدق ان الملائكة يعيشون معنا على الأرض اردف بحنان بينما لمعت عيناه لمعه لم تعهد هي مثلها من قبل لقد خرجت الكلمات من فمه لتخترق قلب ايفدوكيا مباشرة و تلعب على ذلك الوتر الحساس داخل قلبها. لقد شعرت بكل كلمة تفوه بها.
انا حقاً افتقد لمهارة ايجاد ردود مناسبة عندما يقول احدهم كلام معسول قالت بينما تشعر بوجهها يزداد احمراراً.
لا داعي للرد يكفيني الإبتسامة التي ظهرت على وجهك هي كافية لجعلي ارى ما في داخلكِ قال و هو يقهقه.
والآن إلى أين سنذهب؟ قالت ايفدوكيا و قد عاد التوتر و آلم معدتها مجدداً.
لا تشغلي بالكِ بهذا الأمر سأتصرف ألم يُخبركِ الطبيب بأن ترتاحي؟ هذا ما سأعمل عليه قال و هو يُركز بنظره على الطريق أمامه.
اعرف. لكن لا يمكننا المكوث في مكان ما وحدنا.
بالطبع ف انتِ امرأة متزوجة في النهاية قال بينما تفوح رائحة الغيرة من حديثه.
للأسف. صدرت تلك الكلمة من فمها بحزن شديد.
بينما تنظر من خلال نافذه سيارته الفخمه التي لم تحلُم قط ان تكون جالسة بها في مثل هذا الوقت لكن قدرها قادها إلى هنا و هي ممتنه لذلك كثيراً، فهي طالما ما تمنت الهرب من ذلك الكهف الكئيب الذي كانت تقطنه فهي خشيت كثيراً ان تتعفن طوال السنوات القادمة من عمرها في ذلك السجن الذي صنعه ليو بعد ان كان منزل أحلامها من قبل.
مهلاً بعد قولكَ لتلك الجملة السخيفة لم احصل في النهاية عن إجابة لسؤالي قالت بنبره غاضبه قليلاً.
سنذهب إلى منزلي قال ببساطة لتتسع عيناها.
ماذا! لا هذا لن يحدث!
لا تقلقي لن نكون وحدنا قال و هو يقهقه.
من سيكون هناك؟ اوه مهلاً انتظر ستخبرني بالطبع ان والدتكَ مريضة و تُريد مني ان ازورها كي اطمئن عليها قالت بجديه بينما قهقه هاري بصوتاً عالً و تكون عيناه شبه مُغلقه.
إلهي انتبه الطريق امامكَ ستتسبب في حادث قالت بصوت عال و هي تتشبث في الكرسي خاصتها، بينما يراودها شعور بالآلم.
بربكِ ايفدوكيا من اي فيلم من الثمانينات جئتِ انتِ؟ قال بينما مازالت الابتسامة الواسعه تعلو شفتيه.
لا تسخر مني!
لا حقاً هل هذا ظنكِ بي؟
لا اسفة لم اقصد. هل انتَ غاضب؟ سألت و هي تشعر بتأنئب ضمير كونها احزنته من وجهه نظرها بقولها هذا.
ماذا لا بالطبع لكن لأوضح لكِ إذا اردت ان اخذكِ برفقتي لأي غرض دنئ لن اتردد في إخباركِ هذا مباشرةً لن ابذل مجهود في التمثيل و الكذب.
لا اعرف إذا كان يتوجب على مدح صراحتك ام صفعك لقولك هذا قالت و هي تقهقه ليفعل هو المثل.
يعود الصمت ليكسو الأجواء مجدداً، و تذكرت لوهله امر تلك الفتاة التي كان هاري برفقتها منذ قليل من هي و لما سمح لها بالإجابه على هاتفه الشخصي. يبدو أنها تعني له الكثير حتى يسمح لها بفعل هذا. لكن إن كان هذا حقيقاً فما وضعها هي. لما يُغازلها و هو بالفعل يملُك شخصاً مميزاً!
فيما تُفكرين بهذا العمق؟
لا شيئ انا فقط منهكه كان نصف حديثها كذب و النصف الآخر حقيقة فهي حقاً كانت تشعر بالتعب كثيراً.
لا تقلقي لقد اوشكنا على الوصول و سأدعكِ ترتاحين كما امر الطبيب قال هاري و هو يتوجه بسيارته نحو مكان ما في المدينه يبدو بعيداً كثيراً عن منزل ايفدوكيا فهي دائماً ما كانت تتجول في الأماكن القريبة من منزلها لكن لم ترى مثل هذا المكان قط فهذا صُمم خصيصاً للطبقة العُليا، المكان اشبه بحُلم من كثرة جماله و التي كانت واثقة ان الليل قد سرق من جماله جزءاً. لكن ذلك لم يمنعها من رؤية الأشجار و الزهور الملونه التي كست الأرض من كلا الجانبين، بينما كانت البيوت اعني القصور كبيرة للغاية يأخذ كل منها مساحة ضخمه غلبت عليها التصاميم الحديثه مع لمحه من الطراز الأوروبي.
هل اعجبكِ المكان هنا؟ سأل هاري بجديه و هو يبتسم.
اتمزح! انه رائع ليس رائع وحسب بل اجمل ما وقعت عليه عيناي كانت تتمنى لو تقول بعدك بالطبع فهاري كان اجمل ما رأت وسترى عيناها. لكنها لا تملك الجراءة لقول تلك الجملة كما انه ليس من حقها حالياً.
اتمنى ان يُعجبكِ منزلي كما اعجبكِ كل المنازل الآخرى.
متاكده انه سيُعجبني قالت بحماس لا تفهم سببه فمن المفترض ان تكون مفطورة القلب الآن بسبب ما حدث لكن وجود هاري في الجوار منحها بعض الأمان و الهدوء النفسي.
ها نحن ذا لقد وصلنا قال هاري و هو يقف امام بوابة ضخمه ليفتح له احدى العاملين بالمنزل البوابة.
توجه هاري إلى الداخل بسيارته لمسافة ليست بقليلة كانت عبارة عن مساحة لسير السيارات و على كلا الجانبين مساحات خضراء.
هيا بنا قال هاري بعد ان كام بإيقاف السيارة لتنظر له ايفدوكيا بقلق، يقوم بحملها مجددا حتى باب المنزل ثم تطلب منه النزول لتقف و تستقيم، يضع هاري يده على جرس الباب بينما تتعالى نبضات قلبها مع كل حركة يقوم بها، فُتح الباب لتنظر ايفدوكيا نحو هاري بغضب و تساؤل...