قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الحادي والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الحادي والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الحادي والثمانون

حرك رأسه بانزعاج شاعراً بتلك الصفعات على وجنته وثقل على صدره ثم بملمس ناعم على شفتيه هل ألين تقبله؟ بالتأكيد يحلم لايهم طالما ستكون معه، لكن بلل شفتيه جعله يشك ويُجب أن يستيقظ فتح عينيه بتثاقل ليجد إيان ينظر له فابتسم له لكن إبتسامته لم تكتمل بل رفع يده ومحي لُعابه بأكمام قميصه من على شفتيه بتقزز ثم رفعه من ملابسه قائلاً باستياء: إنت بتريل عليا يا معفن!، ضحك بسعادة وهو يمد يده له يريده فأنزله فراس على صدره وهو يبتسم مربتاً على ظهره بحنان باحثاً عن ألين بأرجاء الغرفة بأنظاره حتى رأي قدمها العارية التي تتحرك أمام الباب، فهذا ما كان ينقصه أن ترتدي ملابسه وتظل معه بغرفة واحدة..

دلفت وهي تبتسم ثم أغلقت الباب خلفها لتتسع إبتسامتها عندما أبصرتهم مُستيقظان، تحرك فراس لمنتصف الفراش تاركاً لها مكاناً بجانبه فجلست وهي تبتسم ثم حلمت إيان وهي تضمه قائلة بابتسامة: صباح الخير..
رد بهدوء: صباح النور، كشرت ألين بعدم رضي وهي تنظر له فهي لا تُقال هكذا هُما لا يقولونها هكذا..

وهو مزاجة متعكر ويقولها بأجواء خاصة و ليس في تلك الأجواء الآن، بادلها النظرات بهدوء ثم سألها لأنه سيحدث له شيء إن لم يعرف مع من كانت تقف هكذا فراوغ بسؤاله: كنتي عايزة حاجة من تحت؟!
هزت رأسها بنفي وقالت وهي تبتسم: لأ، ده جود كان بيسلم عليا، أومأ لها هو يتنفس الصعداء وكاد يبتسم لكنها باغتته بقولها الأخر بتردد وهي تُربت على ظهر إيان: وقبل جود فارس خبط عليا..

تهجمت ملامحه بغضب وهو ينظر لها يتفحص ملابسها مجدداً بنظراته وخاصتاً نصف فخذيها التي تركتهم إلى العلن هل خرجت له هكذا؟
قالت بتوتر سريعاً مُبرره: هو، هو، معملش حاجة هو بس قلي إنه أسف وهيسافر وهيسيب هنا لما ماما تبقى كويسة بس..

أومأ لها بهدوء وقال بنبرة ثقيله خرجت رغماً عنه: ماشي، وترك الفراش وإتجه إلى الخزانة وأخذ ملابس له بوجوم كي يغتسل وكم تمني تكسير تلك الخزانة لكنه لا يستطيع لا يستطيع كاد يدلف لكن أوقفه صوتها الحزين: أنا والله مكنتش أعرف إنه هو لو كنت اعرف مكنتش فتحت، هز رأسه وإبتسم بتفهم وقال بهدوء: عادي محصلش حاجة ولا يهمك، وتركها ودلف إلى دورة المياه لتحدق بظهره بحزن فقبضته التي أشتدت على ملابسة بقوة لا تعني أنه عادياً بتاتاً..

خرج بعد بعض الوقت يرتدي ملابسه البيتيه المريحة وهو يبتسم وكأن ماحدث منذ قليل لم يحدث..
وجد الفراش فارغ عدي من إيان الذي كان يقرب قدمه من فمه وهو يهمهم مُحدقاً بالسقف، نظر بجانبه ليجد ألين تقف أمام الخزانة تجاهد لتضييق بنطاله الذي ترتديه ويبتلعها من على الخصر..
نظر لها بتعجب وسألها: ألين بتعملي إيه؟
نظرت له وقالت بتذمر وهي تتركة يسقط أرضاً: مفيش حاجة عندك بتيجي على مقاسي ومش عارفة أعمل إيه؟

قال بتعجب وهو ينظر لها: ما إنتِ لابسة أهو..
قالت بحزن وهي تربت على صدره جعلت عضلاته تنقبض: إنت زعلان يافراس..
كوب وجهها بين يديه وقال بحنان وهو يبتسم: أنا قولتلك خلاص محصلش حاجة ومش زعلان!
هزت رأسها بنفي وقالت بحزن: لا إنت زعلان..
إبتسم وقال بهدوء: لا مش زعلان، أصلي لما هزعل الزمن مش هيرجع ومش هتخرجى اللي حصل حصل خلاص أزعل ليه؟
سألته بابتسامة رقيقة: يعني خلاص مش زعلان..

حاوط خصرها بعبث وقال بابتسامة: لأ، مش زعلان وتعالي معايا بقى عشان عايزك، أخذها وذهب قبل أن يترك الغرفة صرخ إيان وكأنه يُذكرهم بكونه موجوداً لأنهم نسوه، تنهد وعاد وحمله من ملابسه بفظاظة وتركه معلقاً بين يديه في الهواء، فهناك ضعيفة هُنا وتحتاج إلى التقوية..
كان يقف أمام النافذة يحدق منها بشرود وعقل مُشتت لا يعلم ماذا يفعل، وضعت سجى يدها على كتفه وسألته بحزن: مالك يا فؤاد؟!

إستدار ونظر لها بملامح متأمله لا تراها بعينيه كثيراً بالتأكيد هُناك ماحدث؟
عانقها بقوة وقال بهمس متعب: تعبان، ربتت على ظهره بحنان ثم أخذته إلى الفراش وجعلته ينام بأحضانها وسألته بخفوت وهي تُداعب شعرة: مالك يا حبيبي إيه اللي مضايقك؟! إحكيلي، تنهد وهو يدفن رأسه بصدرها كي يهنأ بالراحة التي حرمته منها عاماً ببعدها عنه فهي قد اكتفت من البرود لن تستخدمه ببذخ مثل سابقاً فيكفي إلى الآن يكفي..

كان يجلس على مكتب والده يقرأ بهدوء تلك الأوراق التي أمامه بتركيز ليقاطعة دلوف ملكته الجميلة تحمل أميرته بين يديها..
إبتسم وهو يبعد الأوراق من أمامة مراقباً تقدمها منه ترتدي تلك المنامة البيضاء الهفهافة المريحة التي تصل إلى ركبتيها بأكمام وجنات ترتدي مثلها صغيرة و خصلاتها الحمراء القصيرة متناثرة حولها بنعومة فأشر لها وهو يبتسم: لا تعالولي، لفي لفي..

إبتسمت نوران وهي تذهب له خلف المكتب فأخذ جنات من يدها ووضعها على جدار المكتب وهو يقبلها وحاوطها بيد وبالأخري جذب نوران من خصرها لتجلس على قدمة وهتف بحرارة أمام شفتيها: إيه؟
تثائبت وهي تداعب ذقنه وسألته: مش هتنام؟، كفاية شغل بقي!
إبتسم وقال بهدوء: ده مش شغل، أنا بقلب في الاوراق بس بشوف لينا إيه وعلينا وايه وكده، ثم تابع وهو يبتسم وكأنه تذكر الآن: صح مش هنسيب ال?يلا..

شهقت بسعادة وهي تبتسم بعدم تصديق: بجد؟
أومأ لها وقال وهو يضحك: طلعت بيتوارثوها في العيلة عندنا من أيام جد جد جد جدي..
ابتسمت وهي تعانقه بقوة جعلته يتعجب: ليه السعادة دي كلها؟
قالت برقة وهي تحدق بجنات التي تتثائب وأسندت رأسها على كتف جود بتثاقل: أصل جنات بتحب الميه والشقة حلوة وكل حاجة بس مفيهاش بسين عشانها..
قهقهة عليها وسألها وهو يبتسم: هي دي أكبر مشكلة بتواجهك البسين؟

أومأت له ثم تقبل طرف شفتيه بنعومة: مش هتنام بقي؟، ابتسم وهو يحرك يده على خصرها بعبث اربكها وجعلها تدفن رأسها برقبته فقبل نحرها بحرارة صعوداً إلى شفتيها يقبلها بنهم أذابها بين يديه وأعاد تقبيل رقبتها وهو يقربها له أكثر فهتفت بارتجاف وهي توقفه: ج، ج، جود، حسناً فالتذهب لأنه يكاد يفقد آخر ما بقي له من ذرة تعقل بسبب طفلته النائمة على كتفه بكل برائه وتلك التي بين يديه تفقده صوابه أكثر فيكفي..

إبتعدت وهي تعدل منامتها بارتباك وأغلقت أزرارها وهي تتنفس بتهدج وحملت جنات من يده وتركته لكنه امسك يدها وهمس بأنفاس متهدجة لاهثة وهو ينظر لها بنبرة ذات مغزى فهمتها: جي وراكي على طول مش هتأخر، أومأت له ثم تركته وذهبت..
طرق الغرفة بهدوء ليستمع لصوتها تأذن له بالدخول فأدار المقبض ودلف ليجدها تغلق المصحف وتضعه على الكومود وهي تبتسم له بإشراق فجلس مقابلها وأمسك يدها وسألها بهدوء: عاملة إيه النهاردة؟

ابتسمت باسمة بحنان وربتت على يده: الحمدلله يا حبيبي، ثم تابعت بحزن تسأله: إنت لسه زعلان مني؟!
إبتسم وهو يقترب وسألها بمكر وهو يلاعب حاجبيه: طيب ده شكل واحد زعلان ياسو؟
فتحت ذراعيها له كي يأتي بأحضانها فاقتربت وأسند رأسه على صدرها ينعم بحنانها المشابه لوالدته كثيراً..

فقالت وهي تربت على شعرة بندم: إنت عارف نوران غاليه عليا قد ايه! وخوفت اللي حصلها زمان يتكرر تاني لما تعرف حقيقة أبوك وتمشي في نفس الطريق وهي مش هتقبل وسعتها هترميها وتسبها وهي بتحبك و هتدمر وأنا مقدرش أتحمل إني أشوفها بتموت قدامي مره ثانيه..
رفع رأسه وقاله لها بحزن: أنا بحبها وإنتِ عارفة كده كويس مستحيل أتخلى عنها لأي ظرف، صحيح حصلت مشاكل كتير وسبتها قبل كده بس مش هيتكرر الغلط ده تاني..

قبلت رأسه بحنان وقالت برضى عليه: أنا مغلطش لما حبيتك من أول مرة شوفتك فيها..
رفع رأسه وقال بعبث: حبيتيني عشان أنا أتحب مش عشان الحاسة السادسة بتاعتك لأ، ضحكت وهي تضمه لصدرها أكثر فقال بهدوء يواسها: أنا كنت عايز أقولك برضة متزعليش عشان كنتي فاكرة إن عادل هو عادل بتاع زمان، ونسيتي ان الحياة غيرته زي ما غيرت كل حاجة..

ربتت على رأسه وهي تقول بحزن: أنا مش زعلانه، ولو زعلانه على حاجة فأنا مش زعلانه غير بسبب اللي عملته وعدم احترامي لموته حتى اني مخدتش عزاه زي أي زوجة محترمة، وانفجرت باكيه بأسي وتابعت: أكيد هو مش راضي عني دلوقتي..
رفع جود رأسه وقال بنفي وهو يبتسم: مين قالك كده؟ بابا كان بيحبك جداً وده اللي كان قهرني منكم..

ابتسمت وهي تمحى عبراتها وكم كانت تشبه نوران بهذا الوقت جعلته يبتسم بحنان وقال: تعرفي إنك شبه نوران أوي؟
أبعدت خصلاتها الحمراء إلى الخلف وقالت وهي تقرص وجنته: قصدك إنها هي اللي شبهي..
إبتسم وقال بعدم إهتمام: إنتِ شبهها هي شبهك النتيجة وحده قمرتين عايشين معايا، ثم صمت وأعاد: قمرتين إيه دول ثلاثة ثلاثة و كده كتير عليا..

ابتسمت وهي تربت على وجنته ليقول بأسف: كان نفسي أقعد معاكِ أكتر من كده بس للأسف عندي نسختين منك لازم اهتم بيهم عشان بياخدوا منى مجهود كبير وخصوصاً الكبيره مدمراني..
ضحكت وهي تربت على وجنته وقالت بحنان: تصبح على جنه يا حبيبي..
قبل جبهتها بحنان وقال قبل أن ينصرف: وإنتِ من أهلها يا أحلى باسمة في الدنيا..

دلف إلى غرفتهم وخطته هي أن يأوي إلى فراشه وينام بهدوء، بحث عن جنات لكنه لم يجدها فحسب ما كان سيحدث هي بغرفة أخرى الآن إذاً أين نوران؟

إلتفت عندما سمع صوت غلق باب دورة المياه لتعود الدماء تضخ بجسده بانتظام وسرعة نشيطة وهو يراها تخرج بالمنشفة، فزفر وهو يمسد جبهته فهي لا تساعده على الهدوء بتاتاً!، سحبها من خصرها بقوة جعلها تشهق بخجل وهي تحرك رأسها إلى الخلف تبعد خصلاتها الرطبة المُتموجه وهي تقول بحده: ايه ياجود مش تعمل صوت؟

دفن رأسه بشعرها وهو يمد يده تحت فخذها والأخرى خلف ظهرها وحملها بين يديه وهو يقول بهمس: صوت إيه بس والله حرام عليكِ اللي بتعمليه فيا ده!
قوست شفتيها وهي تنظر له بوجهها المتورد: بقي كده نزلني بقي..
هتف بحراره أمام شفتيها وهو يقبلها: هنزلك مين قال إني مش هنزلك!، لوحت بقدمها في الهواء باعتراض وقبل أن تتحدث همس هو بتوسل: بطلي تحلوي بقي!

رمشت بعدم فهم ثم قربت شفتيها من شفتيه مُتعمدة وهمست بأنفاس حارة وهي تداعب أنفه بأنفها: يعني إيه الكلام ده؟ مش هتباس النهاردة؟!
إبتسم هامساً داخل شفتيها برغبة: وده ينفع بردو! وقبل أن تتحدث كان يقبلها بنهم وقوة وهو يضعها على الفراش ليغيبا معاً بعالمهم الخاص..
صف السيارة أمام المنزل وهو يزفر شاعراً بانصهار جسده فالطقس حار!.

صعد إلى غرفته بهدوء وألقي حافظة أمواله مع هاتفه ومفتاح السيارة على الفراش ودلف ليتعجب من غفيان لارا بتلك السرعة! فهي تركته يصف السيارة وحده وصعدت وطوال الطريق كانت صامته ولم تتحدث وهذا ضايقة وجعله يتعجب من حالتها..
جلس بجانبها وربت على وجنتها برفق: لارا، لارا!
همهمت له بنعومة وهي تتقلب وطوقت عنقه بيدها جعلته يبتسم بحنان فقال: مش هتغيري طيب؟!
لم يأته رد فهي في سباتها العميق الآن..

قبلها بنعومة ثم تركها ودلف إلى دورة المياة كي يغتسل ثم يغفي هو الآخر..
كان يمسح على شعرها بنعومه يتأملها بحزن فهي غفت منذ دقائق فقط ومن كثرة البكاء أيضاً..
دلفت والدته عليه الغرفة بهجوم وقالت بخوف: على إلحق مها فاقت وعماله تعيط ومش عارفه اتكلم معاها، أومأ لها ودثر سارة بالغطاء جيداً ثم تركها وذهب إلى مها..

وقف يتابع حالتها أمام الغرفة بأسى وهي تضم جسدها، تبكِ بحرقة، تهتز ذهاباً وإياباً بعنف، تقدم منها بملامح حزينه، وضع يده على كتفها لترتجف بخوف وهي تبتعد فهدئها بحزن: ده أنا! مالك حصل ايه؟
شهقت وهي ترتمي بأحضانه تبكِ بألم وهي تترجاه: سفرني يا على مش هقعد هنا تاني سفرني يا على سفرني..
ربت على ظهرها بأسف وهو يهدئها: إحكيلى حصل ايه حصل ايه؟!

تشبثت بقميصه وهي تقول بأنفاس مرتجفة: فارس، فارس ضربني ولو شافني هيدمرني سفرني يا على أنا مش عايزه أعيش هنا تاني مش عايزه..
عانقة بقوة وهي يحاوطها بدفء كي تهدأ: طيب إهدي، إهدي واحكيلي حصل ايه؟
شهقت وقالت بحرقة: فارس ضربني..
تنهد وقال بجمود: قولتي مرة ضربك ليه؟
شهقت وهي تقص عليه ما حدث بحرقة تحت تحديقه بها بعدم تعبير من كم الوقاحة التي وصلت لها! لكنها شقيقته في النهاية..

سألها ببرود وهو يقبض على فكها كي تنظر له: وإنتِ بتدخلي ليه في حاجة مالكيش فيها؟ و ايه فرقهم وخدها دي؟ لا تكوني فاكرة إن فراش هيبصلك؟ إنتِ جنب ألين صفر على الشمال فوقي بقي! إنتِ متعرفيش واجه عشانها ايه عشانها و عشان ترجعله! عقلك الغبي ده عُمره ما هيفهم ولا ايه؟
ودفع وجهها بغضب وترك الغرفة لكنها صرخت به بقهر: خلاص هسافر وهيرحكم مني..

إلتفت وقال لها ببرود: معنديش بنات تسافر والمكان اللي أكون فيه تكوني فيه برضاكٍ أو غصب عنك.

توقفت في المطبخ تصنع له حليباً فهو لن يظل هادءاً لفترة طويلة، بينما فراس كان يحمله ويراقبها بابتسامة اختفت عندما وجد إيان يتحرك يريد الجلوس على البار فوضعه بهدوء يراقب ما يريد أن يفعل ليجده تحرك تجاه طبق الفاكهة من جديد فقيدة بقبضته ومنعه بحزم فصمت قليلاً ثم بكي بتقطع فقلب فراس عينيه وقال ساخراً: نبدأ بقي تزييق البيبان..

قوست ألين شفتيها وهي تراقبه قائلة باعتراض: متقولش على عياطة تزييق بيبان!، مد إيان يده لها باكياً كي تأخذه، فأخذته ومحت عبراته وهي تضمه لاصقة وجنتها على وجنته مقوسة شفتيها بحزن مثله تنظر إلى فراس بلوم معه، فابتسم وهو يمرر أنامله بشعره لاعقاً شفتيه فتلك الأعين اللامعة والنظرات البريئة ستقتله يوماً ما لا محاله..

أخذ فراس ثمرة فراولة ووضعها بفمه يمضغها بتلذذ فتوقف إيان عن البُكاء وهو يراه وظل يرمش ومقلتيه تتحرك على فراس يُريد أن يأكل مثله..
أخذ واحده أخرى يأكلها فرأي إيان يحملق به بحزن فابتسم وهو يمد يده بتلك الثمرة أمام فم إيان فمال وهو يفتح فمه كي يأكلها بحماس فأعادها فراس إلى فمه وأكلها وهو يقهقه عليه فبكى بحزن وهو يدفن رأسه بأحضان ألين فضمته وقالت له بحزن: أخص عليك يافراس..

أخذت ألين واحده وأطعمتها له وهي تبتسم مراقبه شفتيه وهي تتحرك فقبلته بنهم وهي تضمه أكثر فهو أجمل شيء حدث لها بتلك الفترة البائسة، رُبما جاء بطريقة ظنت أنها خطأ، لكن لو كان حقاً خطأ لم تكن لتندم ثانية واحدة، هي شاكرة لوجوده في حياتها وكل ما تتمناه هو أن تكون أُماً جيدة له فقط ولا شيء آخر..

أخذت أخرى وأخري وأخري حتى قال فراس معترضاً: كده كتي، وصمت عندما وضعت بفمه واحدة فمضغها بازدراء وقال: كلها املاح يا ألين وهو لسه صغير متعودهوش عليها ده لو لسه متعودتش يعني!
راقبته وهو يأكلها ثم قالت بحزن: بس هو بيحبها..
لوي شدقيه وقال بغيظ: زي واحده صحبتنا بردة عارفاها؟
هزت رأسها بنفي وقالت بابتسامة: لا معرفهاش بس أعرف جوزها..

إبتسم بعبث وأقترب أكثر واضعاً مرفقة على البار يسند وجنته على راحة يده وقال بدرامية: و ايه كمان؟
غمزته بعبث: عيب الولد معانا..
رفع حاجبيه وهو ينظر له: ولد مين؟ لأ، هاتي اللبن ده وتعاليلي، ابتسمت وأخذت الحليب وطبق الفاكهه فقال بازدراء وهو يراقبها: لا كده رايحين رحلة!، قهقت وهي تقترب منه فأخذ إيان من يدها فصرخ بانزعاج ولم يكن سوى صوتاً رقيقاً جعل فراس يسألها مستنكراً تلك الرقة لفتي: هو رقيق كده ليه؟.

إبتسمت له ثم هزت كتفيها وهي تراقبه بحنان بالغ..
فتحت عيناها بتعب، حدقت في السقف لبعض الوقت تسترجع جميع ماحدث معها كي تعرف لما انتهى بها المطاف راقده بتلك الطريقة!.

إنتصبت جالسه وهي تأن من الألم بسبب يدها المحقونة لتهرب شهقتها المُتفاجئه وهي تري شريف يجلس على المقعد مقابل الفراش يحدق بها بصمت لكن خلف تعابيره الهادئه كان هُناك ثوران ولهيب بداخله ليس باستطاعة أحدهم أن يطفئه من أجله، فكم كان مغفلاً وأحمق تم اللعب به مرتين على التوالي ومِن من نفس الفتاة ونفس الحيلة الرخيصة التي صدقها بكل سهولة وحزن عليها، وكم كان مُثيراً للشفقة وخفق قلبه لها من جديد..

سألته بنبرة مرتجفة حزينة من أجله ظناً أنه يتألم من فراق مريم: مريم فين دلوقتي؟!
رفع رأسه لها وقال بصوت بارد مثلج: دفنتها، وخلاص خرجت من حياتنا متجبيش سريتها تاني مفهوم؟!

أومأت له بخفة وهي تعود بظهرها إلى الخلف في الفراغ فوقف سريعاً ووضع وسادة خلف ظهرها كي تريح ظهرها عليه وكل ما يأمله أن تنسي مريم وكل مايتعلق بها لأنها أكثر من ستتأثر بما حدث وستحمل نفسها ذنب تلك الأموال وستحزن على طيبة قلبها التي ستقول أنها حماقة وبلاهة منها عندما صدقتها، سعادتها التي كانت على شفة حفرة من أن تفقدها بسببها وبسبب حزنها عليها وعلى مرضها، حتى أنها بكت حزناً من أجلها يا إلهي!

هربت شهقتها لتبكِ بأسي بسببه فهو قال إنه لا يحبها لما كل ذلك الحزن إذاً وكأنه فقد حياته؟
هي لا تعلم أنه لم يفقد سوى عشرة ملايين فقط بطريقة مثييرة للسخرية تعجله يجن كُلما تذكر..
قالت مواسية بصوت مبحوح: أنا والله عملت كل اللي قدرت عليه عشان تفضل معاها وتبقي كويسة، كُنت فاكره إنها هتخف لما تبقي معاك بس ملحقتش، أنا آسفة ليك بجد انا والله مكنتش عايزة غير أنها تبقى معاك و تتبسط مش أكتر من كده..

مسح وجهه بيده بضيق ويتمنى لو يصفعها تلك الغبية التي مازالت تفكر بها إلى الآن، فهي تخلت عنه من أجل أخرى كيف تُحبه بتلك القوة التي تتحدث عنها إذاً؟! وهذا جعله يسألها بفقدان صواب وحزن: إنتِ ليه مش بتحبيني زي ما بحبك؟ ليه؟ إزاي تسبيني لواحده ثانيه بسهولة كده وتقبلي إنها تشاركك فيا في كل حاجة؟ وجيه دلوقتي ولسه زعلانه وحزينه عليها وبتقوليلي لتاني مرة إنك كنتي بتتمني إنها تخف وتفضل عايشه وتبقى مبسوطه معايا؟ أفرضي ده كان حصل فعلاً كان هيحصلك إنتِ إيه و هتعيشي إزاي؟!

كوبت وجهه وهي تبكِ وقالت له بأسي: كان ربنا هيعوضني خير وأنا متأكده، بس إوعي تشك لحظة في حبي ليك يا شريف! ملكش حق تقول كده عشان إنت عارف ومُتأكد من حُبي ليك وعارف إن أي كلام هقولة مش هيقدر يوصفلك إحساسي، أنا يا شريف بحبك وبموت فيك بس لما الاقي واحدة حياتها مرهونة بيك وممكن تتحسن عشانك مقدرش أقف و أتفرج ولا كإن أي حاجة بتحصل؟ هي لو كانت كويسة مكنتش خلتها تلمحك بس بعينها لكن هي كانت بتموت مقدرتش أسبها وخصوصاً إني شفتها وعرفت إنها مريضة! أنا مش جاحدة؟! أنا لو كُنت عرفت ومعملتش حاجه وماتت صدقني مكُنتش هقدر اكمل معاك بس دلوقتي الوضع مختلف! أنا بحبك ومش هسيبك ومحدش هيفرق، وابتلع بقية كلمتها في قلبه اكتسحتها وهو يقربها منه أكثر ينعم برحيق شفتيها الذي تمنى أن يحصل عليه منذ يوم عقد قرانهم، فكم هي جميلة ورقيقة تملك قلباً نقياً يوقعها بالمشاكل وربما هو من أوقعها به لكنه يحبها وسيظل، فاللعنة عليه إن فكر مجرد التفكير في أحزانها وجعلها تبكِ فهي جوهرة وهو من سيكون الخاسر الوحيد إن خسرها، يُجب أن يكتنزها لنفسه دائماً وأبداً..

فصل القبلة وهو يلهث مسنداً جبهته على جبهتها وهمس مغلق العينين: يومين يا روان، معاكِ يومين تفكري فيهم إن كنتي عايزاني زوج ليكِ بجد ولا لأ، لو عايزاني ففرحنا هيبقي اليوم التالت عشان مسافر في نفس اليوم، ولو مش عايزاني هسافر لوحدي ومش راجع تاني، وتركها وغادر قبل أن ترد عليه فهي يُجب أن تحسم أمرها..

دلف شادي بعد بعض الوقت يحمل قدحي القهوة الخاصة له هو وشريف لكنه لم يجده بالغرفة ولم يجد روان هي الأخرى! وضعها على الكومود وهو يتلفت حوله باحثاً عنها بأرجاء الغرفة بتعجب حتى سمع باب دورة المياه فالتفت لتتسع ابتسامته وهو يراها بخير..
حاوطها بحنان وسألها وهو يُقبل جبينها: إنتِ كويسة؟، أومأت وهي تدفن رأسها بصدره وطلبت برجاء: روحني يا شادي؟
سألها بتعجب: وشريف؟!

أومأت قائلة بألم: كان هنا واتكلمنا ومشى، روحني..
بعد مرور بعض الوقت..
دثرها بالغطاء مُقبلاً رأسها بحنان: تصبحي على خير..
ابتسمت وعانقته قائلة بهدوء: وإنت من أهله..
اتجه الى الباب كي يذهب لكنه وجد ذلك الصغير يركض إتجاهها قادماً من الخارج، عانقها بقوة وقال بخفة حزين: تصبحي على خير يا ماما..

ابتسمت بنعومة وقالت له بحنان بالغ وهي تعانقه مُقبلة رأسه: وإنت من أهله يا روح ماما، بكرة إن شاء الله هاخدك و هفسحك متزعلش، ها؟
أومأ لها بخفوت وأضاف وهو يربت على وجنتها بطفوليه: أهم حاجة صحتك، أنا بحبك..

أدمعت عيناها وعانقته بقوة: وأنا والله يا حبيبي بموت فيك، أومأ لها وهو يبتسم ثم قبل جبهتها وهمس مرة أخرى بأحبك وتركها وغادر مع شادي الذي كان يراقبهم بابتسامة، إن كان طفلها حقاً وقد أنجبته لم يكن ليحبها كل ذلك الحب!.
بينما هي دثرت نفسها بالغطاء وهي تحدق إتجاه الشرفه تراقب تراقص الستائر بسبب الهواء وعقلها يفكر بذلك العرض هل ستقبل وتتزوج أم لا؟!
تذمرت وهي تنظر حولها قائلة: جايبنا هنا ليه يا فراس؟

إبتسم وسحبها من يدها خلفه وترك إيان غارقاً بطبق الفراولة وحده، ليوقفها أمام الكيس المحشو المُخصص للرياضة المعلق في سقف غرفته الرياضية التي لم يأتها مُنذ مُده طويلة..
اوقفها أمامه وحاوط خصرها وقال بهدوء: يلا إضربي..
رمشت قليلاً ثم سألته: أضرب إيه يا فراس؟
ضرب الكيس المحشو بقبضته جعله يترنح أمام وجهها مع قوله: اضربي ده يلا، ثم همس بأذنها بدفء: وزي ما أنا إللي ضعفتك أنا إللي هقويكي..

أومأت مبتسمة برقة لقوله هذا ثم ضمت قبضتها بشجاعة ظناً أنها ستجعله يتحرك مثلما فعل هو لكن قبضته التي طوقت قبضتها كدرع أوقفها وهو يقول بابتسامة: براحة، براحة، وأنا معاكِ عشان إيدك يلا، ثم ضرب الكيس بقبضته وهو يمسك قبضتها بين يديه جعلها تتحرك مجدداً لتبتسم وضربت الكيس بخفة فلم يهتز حتى وهذا جعلها تقوس شفتيها بحزن وقالت باعتراض وهي تكتف يدها أمام صدرها: أضرب ليه أصلاً؟

حاوط خصرها من الخلف وقال وهو يمرر يده عليه بإغراء: عشان لما حد يحاول يتحرش بيكِ تعرفي تحمي نفسك..
قالت بحزن ذامه شفتيها: وهمه يتحرشوا بيا ليه؟ وانت هتبقي فين؟!
مرر يده على خصرها بوقاحة تلك المرة مع همسه بأذنها بحرارة: أنا إللي هتحرش بيكِ..

التفتت وطوقت عنقه وقالت وهي تهز كتفيها بلا مبالاة: طب وايه يعني! براحتك، ثم انفجرت ضاحكة جعلته يبتسم وهو يسمع صوت ضحكها وهي تتملص من يده بسبب عبثه ولا تعلم أتُتابع ضحكها وهي تبتعد أم تستكين مستشعرة لمسته لها؟ لكنها تحب المقاومة وظلت تتملص..
توقف وهو يعانقها ثم شجعها بحنان: يلا بقي!

أومأت وهي تكور قبضتها وضربتها بخفة ثم زفرت بسبب عدم تحركها فأعاد تطويق قبضتها بقبضته وهو يبتسم وضربها بقوة جعلها تهتز وقال وهو يعدل وقفتها بيده غير منتبهاً على ارتباكها من لمساته لكنه منتبهاً لنفسه وحركاته تماماً ويعلم ما يفعل: شدي نفسك، ويلا، واحده واحده، وبدأ يعلمها بتمهل حتى بدأ الكيس أخيراً يهتز بعد معاناته معها لكنها كانت معاناه مُحببه إلى قلبه فهي في سبيل ألين كيف لن تكون مُحببه إليه؟

شجعها بحماس وهو يمسك به يثبته من أجلها: عاش يا وحش عاش، ضحكت برقة وهي تنظر له متابعة ضربها لتشعر بالراحة تغمرها مع كل ضربه فهي كانت تشفي غليلها بها وتخرج غضبها وثوانِ قليله فقط وإنضم لها فراس يضرب معها بقوة وغضب استشعرته واستمر بعض الوقت حتى ألقت بنفسها على جسده تلهث بجسد متعرق وسألته بقلق: إيدك كويسة؟، أومأ وهو يعانقها ثم سألها وهو يبعد خصلاتها الرطبة خلف أذنها من أجل المرحلة القادمة: بتعرفي ترفعي رجلك لحد فين؟

قطبت حاجبيها بعدم فهم وهزت رأسها بنفي: مش فاهمة؟
فأعاد وهو يديرها أمامة: يعني لو ضربتيني شلوت رجلك هتوصل لفين؟
ابتسمت بعبث وقالت وهي تبتعد: مش عارفة نشوف كده!
سقط فكه أرضاً وهو يضع يده على قلبه عندما رأها تباعد بين قدميها بطريقة ألمته هو وقال بتفاجئ: بتعرفي تفتحي حوض؟!
أومأت وهي تبتسم بسعادة فانحني وأوقفها: طيب قومي عشان رجلي انا اللي وجعتني والله..
بعد مرور ساعتين من التدريب القاسي بالنسبةِ لها..

ألقت جسدها على الكيس المحشو تعانقه وهي تتنفس بعنف قائلة بتعب وجسدها يتصبب عرقاً: كفايه، كفاية، مش قادرة، إبتسم بحنان وهو يحاوطها دافناً رأسه بشعرها الرطب ويده تتحرك بوقاحة على جسدها: خلاص كفاية عليكِ كده النهاردة..

أومأت وهي تحني رأسها قليلاً وقدمها تعبث عند قدميه تريد إسقاطه وهي تتنفس بلهاث لكنه قهقهة عليها وهمس بأذنها: متحاوليش تضربي حد أقوي منك عشان هيفرمك، ومع نهاية حديثة كانت ساقطة أرضاً من قدمة التي عرقلتها كما أرادت أن تفعل معه..

رفعت رأسها مُتذمرة تنظر له بحزن فرفعها من خصرها إليه لتصطدم أنفها بأنفة بحميمية فطوقت عنقه وهي تنظر له بثمالة وأنفاسها الدافئة تضرب صفحة وجهه جعلته ينتشي وهو يقربها أكثر غافلاً عن رأسها التي أمالتها إلى الخلف ثم رفعتها على حين غرة بقوة ضاربة جبهته بجبهتها تناثر شعرها أثرة..

ألمتها جبهتها قليلاً لكنها جعلته يترنح إلى الخلف وهو يمسدها بعدم تصديق هل كانت تستميله لتفعل هذا فقط؟ رفع رأسه ليجدها تكور قبضتها تسددها له فانحني سريعاً يتفاداها لكنها باغتته بأخرى تفاداها وهو يعود إلى الخلف مبتسماً لها بتسلية استفزها أكثر فاستدارت وهي ترفع قدميها عن الأرض تركل وجهه لكنه انحنى وهو يبتسم بسبب تعلمها سريعاً، هذا جيد لكن لما تضربه هو؟ هل علمها كي تضربه؟!

سددت له لكمة أخرى لم تكتمل بسبب شهقتها بتفاجئ عندما أمسك قبضتها وأدارها لتلتصق بصدره مقيداً يدها أمام صدرها بيد ويده الأخرى حاوط خصرها وقال بسخرية: هو في ايه؟ سكتناله دخل بحماره ولا ايه؟! بتعضي الإيد اللي اتمدت لك، ضحكت وهي تسند رأسها على صدره أوقعته بالفخ مرة أخرى قبل أن تضرب جبهته بمؤخرة رأسها جعلته يتأوه وهو يتذمر: يابنتي دماغي مش مستحمله حرام عليكِ في ايه؟!

استدارت له وهي ترفع حاجبيها وقالت وهي تتقدم منه ببطء بينما هو كان يعود إلى الخلف: إنت مش بتتحرش بيا بدافع عن نفسي الله! ورفعت قبضتها مجدداً فقلب عيناه وهو ينحني يتفاداها فسقط على الأريكة خلفه لتبتسم بشر وهي تعتليه ومازالت مُصره على ضربه وهي تكشر بوجهه فأمسك بيدها وهو يضحك: ما خلاص يا شبح في ايه؟!
قالت بتذمر وهي تتوقف: أنا مش ضعيفة..

إبتسم بحنان وجذب رأسها لصدرة وقال بدفء وهو يربت على شعرها: ومين قال انك ضعيفة! إنتِ اللي بتقولي..
هزت رأسها بنفي وهي تقوس شفتيها: خلاص رجعت في كلامى مش ضعيفة، ابتسم بحب وهو يمسك ذقنها كي تنظر له وكل ما أراده الآن وهو يحدق بهيئتها المغرية تلك هي تقبيلها كي يرتوي دون توقف دون أن يقاطعة أحدهم..

قربها له وهو يرفع رأسه قليلاً كي يصل لشفتيها فأغمضت عيناها بأنفاس مُتهدجة منتظرة تلك القبله التي تطوق لها هي الأخرى..

انتفضت عندما سمعت صوت بكاء إيان فتركته وركضت له بقلق بينما هو وضع وسادة الأريكة على وجهه يخنق بها نفسه يكاد يبكِ فهو يعلم أن ذلك الجرو ليس سوى عقاباً له وتدمير ملذاته في الحياة، نظر بجانبه يراقبها من الخلف هي تميل تحمله من الأرض وملابسه تلتصق عليها نسبياً بسبب تعرقها فزفر شاعراً بالحرارة والحسرة في أنٍ واحد فهو لن يستطيع التفرد بها لن يستطيع..

أما لدي نائل فكان النهار مازال قائماً لديه والشمس مازالت في كبد السماء بسبب فرق التوقيت لديهم..
همس بإذنها بسخرية وهو يحدق بنائل: لما تبدوانِ كشقيقين هكذا؟

رمقته بازدراء بجانب عينها ثم نظرت إلى نائل المُستلقي على قدم والدته وهي تربت على شعره بنعومة، فهو إستيقظ صباحاً وصنع لها فطوراً ملوكياً ثم أخذها وأتي إلى والدته كي يفاجأها وقد كانت أجمل مفاجأه مرت عليها بحياتها أجمع أن تراه أمام أعينها بخيرٍ من جديد، فهو حذر مايكل من أن يخبرها بشيء حتى يأتي هو بنفسه وقد امتنع وانتظره فقط من أجل رؤيته ابتسامتها وسعادتها به..

همست له بسخرية مماثلة: هل تتحدث عن نفسك الآن؟!
تنهد وقال بإحباط: هل هذا بين إلى تلك الدرجة؟
أومأت له بأسف وسألته باستفهام: لما مازلت ساكناً وكأنك لم تجدها؟ تحرك قبل أن تخسرها فهي معجبةً بك!
هز رأسه وهو يضحك بخفوت ثم قال باستخفاف: يال سعادتي معجبةً بي! وماذا سأفعل بهذا الإعجاب وأنا شقيقها؟!
قهقهت عليه وهي تتفحصه بنظرات ثاقبة ثم قالت بتوبيخ: أنت الرجل يجب أن تُبادر بالخطوةِ الأولي فالنساء خجولات مابك؟!

قال بيأس وهو ينظر لها: أتعلمين! إنها ترمقني أحياناً بنظرات نارية شبيهه الخاصة بنائل وهذا ما جعلني أُصدق أنها والدته حقاً! هي شرسة وليست سهلة كذلك لا تظني أنني لم أحاول، لكنني أتراجع باللحظه الأخيرة دائماً خوفاً من أن تُخبر نائل أنني حاولت التحرش بها فيقوم بلكمي!.
ضحكت عليه بخفوت رقيق وهي تنظر له وقالت ساخرة: أي تحرش هذا؟ إنها زوجتك! ولما كُل ذلك الخوف فأنت بعمر جده؟

قرص ذراعها بغيظ وهتف بسخط: من هذا الذي بعمر جده أيتها العجوز الشمطاء..
ضحكت وهي تهز كتفها بغرور وقالت باستفزاز: أنت تتحدث عن نفسك كثيراً اليوم..
قرصها بغيظ مُجدداً جعلها تنفجر ضحكاً جلبت الأنظار لها وقالت باستسلام: حسناً حسناً أنت جيد يُجب أن تُعجل في أمرك..
إعتدل نائل بجلسته بغضب ونيران الغيرة تنشب بجسده بسبب ضحكها بتلك السهولة هُنا وبكائها في المنزل معه وكأنه يعذبها!
سألهم بوجوم: يُعجل بماذا؟

تحمحم مايكل قائلاٌ بهدوء: إنه لا شيء، فقط نناقش أشياء خاصة بالمستشفى صحيحاً نور؟
هزت رأسها موافقة وهي تبتسم إبتسامة علم منها الإثنان أنهما كاذبان: نعم، نعم، نُناقش أمور المستشفي..
أومأ نائل وهو يضم قبضته بضيق بينما إنجي رمقته بازدراء وهي تربت على كتف نائل بابتسامة حنونه بادلها لها بأخري جذابة جعلت نور تبتسم بعشق وهي تُراقبه..
تحدث مايكل يسألهم: ألن تعودانِ إلى العمل؟

قال نائل بهدوء: بلا سأعود بالطبع لكن لا أعلم إن كانت نور ستعود أم لا..
نظرت له ثم قالت بحزن ظناً أنه من يرفض عودتها: أنا أُريد العودة!
هز كتفه وقال بهدوء: إذاً عودي لا مشكلة!
تهللت أساريرها وابتسمت بنعومة ثم قالت موجه حديثها إلى مايكل: سأعود لكن بشرط، ستجعلني أجلس على مكتبك الخاص؟

إبتسم وبعثر شعرها بعفوية: سأجعلكِ تُديرين المستشفى إن أردتي، ابتسمت وعانقت ذراعه وهي تبتسم مُسنده رأسها على كتفه فربت على رأسها برقة، غافلاً عن زوجي الأعين التي أحرقتهم أحياء..
عانقها نائل مرة أخيره وقال بحنان: همشي دلوقتي و هبقى اجيلك تانى..
أمسكت ذراعه بحزن وقالت برجاء: خليك معانا عيش معانا هنا إنت ونور..

صاح مايكل بضيق وهو ينظر لهما: لا تتحدثان تلك اللغة أمامي! أشعر أنكم تحيكون مكيدة ضدي و ستقومون بقلتي لهذا توقفا عن التحدث بتلك اللغة لأن قلبي ينفطر بسبب تلك الأشياء التي تخطر ببالي..
تبسمت نور وهي تربت على كتفه وقال بدفء: لا تحزن لن أسمح لهم بقتلك..
توسعت عيناه ودفع يدها وقال بشك: إذاً إنهما يختطانِ لأجل هذا؟

ضحكت بتسلية وهي تراقبه ليتحدث نائل ببرود لكي ينهي تلك المهزلة لأنه سيمزق فمها الذي يبتسم بتلك السعادة وكأنه هو من يحرمها منها: لازم نمشي دلوقتي..
نظرت له إنجي بحزن ثم إلى مايكل وكأنها تستنجد به ولم يكن له سوى أنه لبى ندائها واقترب وسألها بقلق: لما هذا الوجه الحزين الآن؟!
قالت بحزن وهي تمسك يده: يريد أن يذهب وأنا أخبرته أن يبقى ويمكث معنا لكنه لا يوافق، هل تُمانع هذا؟!

قال نافياً مرحباً بالفكرة: بالطبع لا هذا سيكون جيد كوننا عائلة معاً لا مشكلة..
تنهد نائل وقال بهدوء: نعم سيكون هذا جيد لكنني لا أوافق، سأتي لكِ دائما ولا حاجة إلى المكوث هُنا! وإن وافقتُ يوماً بالتأكيد لن يكون الآن، هيا نور!

أومأت بهدوء تُعانق إنجي بحنان ثم عانقت مايكل بعفوية لكنه ليس ذلك العناق الذي تلصق جسدها به بل كان في الهواء مُتصنعة إقترابها هامسة بأذنه: إنها تُحبك وتغير عليك لا تتحامق وابدأ معها من جديد..
أومأ بهدوء وهو يبتسم ثم صافح نائل بتردد بسبب نظراته النارية التي يدحجه بها ثم شابك اصابعه مع نور وأخذها وذهب..
بعد مرور يومان..

خرج من غرفتهما حاملاً معه صينية الطعام بحزن مهموماً محدقاً بالاطباق التي ومازالت ممتلئة فهي لا تتناول سوى بعض اللقيمات القليلة فقط وتكتفي بهذا طوال اليوم إرضاءاً له كي لايحزن..

نظر بجانبه وهو يتنفس بتعب فاقداً الأمل من أن تتحسن حالتها قريباً، ليجد والدته تخرج من غرفة مها حاملة الطعام الذي لم ينقص حتى حبة أرز واحدة بين يديها تسير به متجهة إلى المطبخ بحزن، فهي منذ يومان على هذا الحال لا تأكل ولا تشرب فقط تظل تبكِ حتى تنام مُرهقة..
وضع الطعام على البار بضيق لتتحدث والدته بحزن من خلف البار وهي تعاود سكب الطعام في إناء الطعام: على سبها تسافر ياعلي مش هتتحسن غير لما تسافر!

رد رافضاً بصرامة: لا مش هتسافر، ومش هتلوى دراعى عشان أسفرها، لما تتعب وتدخل المستشفى هتاكل غصب عنها براحتها!
قالت بقلب مفتور وهي تضع يدها على قلبها: إنت لسه هستني لما تدخل المستشفى؟

زفر بضيق وهو يمسد جبهته فتقدمت وقالت له بأسي: على أبوك الله يرحمه عُمره ما حرمها من حاجة هي عايزاها، كان بيجبلها الحاجة قبل ما تقول إنها عايزاها! و أنا إتعودت انى مرفضش ليها أي طلب عشان كانت معايا لوحدها، عشان متحسش بأي نقص غير إن أبوك كان لما يعرف إني رافضه حاجة كان بيخليها تعملها حتى لو غصب عني..

قال لها بعصبيه لأول مرة يتحدث بها معها: ماهو انتوا السبب في اللي هيا فيه دلوقتي! إنتوا إللي خليتوا شخصيتها كده! وقحه ومعندهاش تقدير لحد أكبر منها وبكل بجاحة رايحة تحب في واحد متجوز وبتشجعلي أخوه يفرق بينهم عشان يحللها الجو على أساس إنه هيعبرها ولا هيبص في وشها فاكرة إنها ملكة الدنيا وكل الناس تحت أمرها!.
هزت رأسها باستنكار لما تسمع منه وقالت بعدم تصديق: انت بتقول ايه يا على؟

زفر قائلاً بإرهاق: بقول الحقيقة بقول إن دلعكم فيها بوظها وأنا مينفعش معايا الأسلوب ده، عشان أنا ساكت ومش راضي أعمل معاها أي حاجة تخليها تكرهني وسيبها لكن لحد هنا وكفاية ومش هخسر صاحبي عشان تصرفات واحدة لسه مخرجتش من فترة مراهقتها!
سقطت عبراتها بحزن لحالته طفلتها التي وصلت لها ثم قالت بألم: خلاص هسافر معاها..
تبدلت ملامحه إلى حزينة وسألها باستنكار: هتسافري وتسبيني تاني؟!

نظرت له بأسف وقالت بقله حيله: إنتوا الاثنين ولادي وبحبكم ومش عارفة أعمل إيه؟ خلاص بص إنت مسافر إنت وسارة خدها معاك وخليك قاعد هناك يومين معاها ولو معجبكش الوضع هاتها معاك، وخليك عارف ومتأكده إنها مهما عملت يا على أنا إللي مربياها ومتأكده من أخلاقها وعارفة إنها مش هتغلط ولا حد هيقدر يضحك عليها عش، أوقفها حديثة بضيق: أنا مقولتش إنها هتعمل حاجة! ولا قولت إنها ممكن تعمل! أنا رافض فكرة إنها تبقي لوحدها ومفيش حد جنبها وهي زي ما إنتِ شايفة بتعتمد علينا ومش بتخدم حتى نفسها!

تركت المطبخ وخرجت تُحادثه في الخارج بنوعٍ من التوسل وهي تربت على صدره: عندك حق في كل حاجة هتقولها وده ميمنعش إنها مخنوقة ومش هتهدي غير لما تسافر، خدها معاك عشان خاطري أنا يمكن تهدي الأيام دي وترجع معاك!
تنهد وسألها باستفهام: ولو ما هديتش؟
هزت رأسها وقالت بقله حيله: نبقي سعتها نفكر هنعمل إيه..
أومأ لها باستسلام وقال بإيجاز: طيب جهزي حاجتها عشان هنسافر بكرة..

هبطت الدرج بهدوء وعيناها مُعلقة على هاله التي كانت تجلس على الأريكة في الأسفل وحدها بهدوء تفكر بما فعلت مع ألين بندم فهي جاءت تطمئن عليها في اليوم التالي عندما استيقظت وهي من اعتذرت لها بسبب ما قالته وأنها هي المُخطئة بسبب قول تلك الأشياء عنه وهذا جعل ندمها يتفاقم بسبب صفعها بتلك القسوة..
وضعت يدها على كتفها برفق وقالت بدفء وهي تجلس بجانبها: صباح الخير يا ماما..

ابتسمت لها بهدوء وقالت لها والندم تآكلها: صباح النور يا حبيبتي، لسه زعلانه مني؟!
ابتسمت ألين بحب ومالت برأسها على كتفها: مقدرش أزعل منك، إنتِ أمي تعملي فيا إللي إنتِ عايزاه ومحدش يسألك إنتِ بتعملي إيه؟.
ربتت على وجنتها برقة وهي تتساءل إلى متى ستظل تغفر لهم وهم أكثر من أخطئوا بحقها..
قالت بحنان وهي تقبل رأسها: ربنا يرضى عليك يابنتي، ثم سألتها بلهفه عنه: فين إيان؟

قالت بابتسامة: سيباه في الجنينه يلعب مع نفسه شوية اجبهولك؟، أومأت لها بحزن فهو الوحيد الذي يُخفف عنها بوجوده معها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة