قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الرابع والسبعون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الرابع والسبعون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الرابع والسبعون

قربت رأسه منها أكثر متعمقه في القبلة وهي تلصق جسدها بجسده أكثر فأكثر فالهواء لا يستطيع أن يمر من بينهم وفقط تلك الآهة الخافتة التي أطلقتها من بين شفتيها داخل شفتيه أفقدته ما بقي من صوابه قبل حُصونه!.
أسقطته أرضاً وهي تعتليه مستمرة بتقبيله دون أن تلتقط أنفاسها حتى وضع يده خلف ظهرها العاري وقلبها مبدلاً الوضعية يترأسها هو ولم يفصل القبلة فيكفي عليها هذا!.

فصل القبله بعد عناء بسبب تشبثها برقبته وهو يلهث بقوة محدقاً بها بتعجب وهي تتنفس بعنف وصدرها يعلو ويهبط بقوة مستمرة بالتحديق بشفتيه دون خجل ومن دون مقدمات رفعت رأسها كي تلتقط شفتيه مجدداً لكنه أبعد رأسه للخلف لترفع رأسها أكثر بإصرار ليبتعد للخلف أكثر فرفعت نفسها وكوبت وجهه بين يديه واستكانت مسنده جبهتها على جبهته بأنفاس متسارعة يتنفسون أنفاس بعضهم البعض..

نظر لعينيها قليلاً قبل أن يمسك يديها بين قبضته هابطاً بها على الأرض والعشب أسفلها ببطء ولم ينهي تواصله البصري معها بعد، رفعت رأسها تريد أن تقبله لكنه أبعد رأسه للخلف لتعاود رفعها له لكنه إبتعد ولا يعلم لما يروقه رؤيتها ترغب به بتلك الطريقة ربما لأنها لم تجرب شعورها بالرغبة تجاهه ولا تجده أمامها فدائماً ماكان معها فهي لم تجرب أن تكبح مشاعرها عنه وهي بجانبه يوماً وإن فعلت فهذا شيء وذاك شيء آخر، رفعت رأسها بعبوس وهي تحاول فك يدها من حصار قبضته التي تثبتها فوق رأسها لكنها لم تستطع لينحني عليها ملامساً طرف شفتيها بشفتيه وقبل أن تقبله رفع رأسه عنها وهو يبتسم فكادت تبكِ وهي تهز رأسها بضيق عفي عنها وأنحني يعطيها ما تريد يقبلها برقة وهدوء لم يطول لثوانٍ قليلة حتى تحول إلى التهام من قبل الإثنان وكأنهم يتصارعون على من سوف يفوز بذلك الصراع اللذيذ ترك يدها ودفن يده بشعرها وانامله تغوص به يحركه بكل حرية كما يحب أن يفعل دائماً بينما يدها تحركت وطوقت خصره محركة يدها صعوداً ونزولاً على ظهره من داخل القميص تقابل همجيته بهمجيه من نوع آخر وبكل رحابة صدر..

توقف مسنداً جبينه على جبينها وقال بأنفاس لاهثة متقطعة ببحة رجولية خشنة ملامساً طرف شفتيها بشفتيه: ألين، إنتِ بتقتليني!
ابتسمت بنعومة قبل أن تقبل طرف شفتيه ببطء عدة قبلات متفرقة جعلته يتنهد بحرارة قبل أن يعود إلى التهام شفتيها مجدداً فذلك النعيم الذي يشعر به وهي معه يستنزف جميع طاقته فهي مهلكة وترهقه حتى بقربها البعيد المعذب له!.

استيقظ أخيراً من ثمالته عندما استنشق تلك الرائحة من فمها فرفع رأسه وقال باستفهام: ألين إنتِ سكرانه؟!
فقالت بدلال وهي تحاوط عنقه: سكرانه بحبك..
تنهد بإحباط وأبعد يدها عنه وألقى بجسده على العشب محدقاً بالسماء بحزن لقد صدق نفسه وظن أنها واعية كانت ستوفر له الكثير إن كانت واعية حقاً فهذا محزن بالتأكيد ستكون ثملة! كيف ستتغير من بضع ساعات فقط وتعود لحُبه من جديد؟!

ولكن أليسوا الثمالا يقولون الحقيقه بذلك الوقت تحديداً! هل هذا يعني أنها إشتاقت له بذلك الكم وترغب به بذلك القدر كما هو يرغب بها تماماً؟!.
أخرجه شروده وضع رأسها على صدره وهي تنظر له ببرائه وتساءلت بخفوت حزين: فراس إنت زعلان مني؟
نظر لها وأبعد خصلاتها خلف أذنها وقال بابتسامة: ليه بتقولي كده؟
قالت بعبوس وهي تقوس شفتيها: عشان مش بتبوسني؟!

إبتسم وهو يعانقها بحنان دافناً وجهه بشعرها يستنشق رائحته بانتشاء قائلاً بابتسامة: أنا عمري ما زعلت منك! بس إنتِ اللي هتقلبيها مندبة لما تفتكري كل حاجه الصبح!

قطبت حاجبيها بتفكير ثم قالت باستفهام ثمل: ليه الصبح؟، ثم اعتلته وهي تبتسم بخبث قائله بلعوبيه: تعالي دلوقتي، وانحنت وبدأت بتقبيل رقبته بحرارة متعمقه أكثر منتقلة بشفتيها إلى صدره ولا يعلم لما يشعر أنه يتم أغتصابه من قبلها لتجحظ عيناه فجأة عندما شعر بيدها تعبث بحزام بنطاله فرفع قدمه ودفعها من عليه لتسقط بجانبه وهو يرمقها بنظرات غاضبه تلك الوقحة هل جُنت!، استلقت على جانبها وهي تضحك بثمالة وظلت تحدق به بابتسامة ناعمة جعلته يبتسم واستلقي مقابلها يتأملها بابتسامة مثلما تفعل هي ثم قال بهدوء و سخرية: أنا ليه حاسس إننا هنا بنتفسح وإنتِ مش زعلانه؟!

تساءلت بخفوت والابتسامة لم تفارقها: أنا زعلانة؟!، أومأ لها بحزن لتباغته باقترابها منه فجأه متسائلة: وأنا، زعلانه ليه؟!، ابتسم مداعباً وجنتها بنعومة وقال بحزن: القصه طويله اوي، ثم تحولت نبرته الحزينة إلى حانية وهو يعيد بعض خصلاتها خلف أذنها بنعومة: يلا عشان تطلعي تنامي..

هزت رأسها بنفي وهي تقوس شفتيها واقتربت تعانقه بقوة دافنه رأسها بصدره العاري قائلة بحزن: إطلع معايا، تنهد وهو يمرر يده على طول شعرها قائلاً باعتراض: هتندمي لما تفوقي بلاش؟
هزت رأسها بنفي ضد صدرة فتنهد وقال بتحذير: هتندمي لو طلعت معاكِ فوق؟!

هزت رأسها بنفي مجدداً ليستسلم لرغبتها ووقف وأوقفها معه واتجه لداخل المنزل وهو يحاوط خصرها بسبب عدم اتزانها فكادت تسقط أكثر من مرة فزفر وقال بضيق وهو يحدق بثوبها: أرفعي البتاع ده؟
ضحكت بدلال وهي ترفع طرف ثوبها حتى فخذيها قائلة بعبث ماكر: حلو كده؟
زفر وهو يشدد قبضته على خصرها بنفاذ صبر متجهاً للداخل بهدوء كي لا ينتبه له أحداً فوجدها تصيح بصوت مرتفع أجفلته: ايه ده ده مش بيتنا ده اي..

زجرها بحده وهو يصر على اسنانه: هشششش اسكتي عارف انه مش زفت عارف؟!.

قهقهة بثمالة وهي تلقي برأسها على صدره ليتنهد وبدأ يصعد الدرج بهدوء وهو يلعنها بسبب عبثها بجسده وتقبيل صدره بإغراء حتى دفعها عنه بضيق لكنها ألقت نفسها عليه ليختل توازنه وسقط على حواف الدرج وهي فوقه فتأوه بألمٍ حاد وهو على وشك البكاء: والله حرام عليكِ جسمي مش مستحمل ضهرى اتقطم قومي، ابتسمت وهي ترفع نفسها قليلاً محدقة بشفتيه ثم قالت بدلال: بحبك، وانحنت تقبله بنعومة فهز رأسه للجانبين حتى ابتعدت بضيق وقالت بتذمر: بحبك، لطم وجهه بيده الوحيدة السالمة التي يملكها وقال بفقدان صواب: عارف انك بتحبيني عارف خلاص هتفضحينا، لكنها ابتسمت ومالت عليه قائلة بخفوت: طالما إنت عارف سبني أبوسك براحتي بقي، وقبل أن تقبله وضع يده على وجهها يبعدها وقال بنفاذ صبر: يا بنتي فوقي بقي انتِ بتكرهيني و هتطلقي فوقي؟!

ضحكت بنعومة وقالت باستفهام: بجد!، أومأ لها ويدعو فقط أن تبعد لكنها وضعت رأسها على صدره وقالت بحزن: يبقي هاخد قبلة الوداع..
قضم شفتيه بقهر وقال بوعيد: أنا بس لو أعرف مين عمل فيكي كده هضربه بالنار..
ضحكت بصوت مرتفع فاعتدل جالساً بألم ووضع يده على شفتيها سريعاً كي لا يستمع لها أحداً ليشعر بحركة شفتيها ببطء وتقبيلها لراحة يده فهز رأسه بفقدان أمل وهو ينظر لها فمن هذه؟

أبعد يده وحدق بشفتيها من دون أحمر الشفاه الذي طبعته على أنحاء جسده هو وقال بتشفي: ده انتِ لما تفوفي هضربي نفسك بمجموعة من الجزم مش جزمه واحده بس..
ابتسمت وقالت بدلال وهي تدفن أناملها بخصلاته الغزيرة تميل عليه أكثر: طيب تعالى نضرب سوا يلا!
تنهد بتعب ثم سألها باستنكار: انتِ معندكيش ابن تسألي وتطمني عليه؟!

فقالت بنعومة وهي تنظر بعيناه: انا معنديش غيرك أنت! أنت ابن قلبي الوحيد، ضحك من كل قلبه وهو يحدق بها ثم عانقها بقوة عناقاً جعله يزفر براحة كان قد تناساها فهو حقاً بحاجتها بجانبه كثيراً!.
تنهد وقال بهدوء: ألين، همهمت له فقال بنبرة مترجيه: قومي بقي..
فقالت بنعومة وهي تبتسم: حاضر، وأبتعدت عنه تحت تعجبه هل ستقوم بتلك السهولة؟!
ليزداد تعجبه عندما عرضت عليه بهدوء: أساعدك؟!

أومأ لها بتعجب لتقف بترنح وهي تساعده بالوقوف
ليتأوه بألم وهو يضع يده خلف ظهره فجسده تخدر من كثرة الألم..
سألها بتعجب عندما وجد ملامحها تعود للجديه: ألين إنتِ فوقت، ولم يكمل بسبب هجومها على شفتيه فدفعها عنه مبتعداً وهو يقلب عينيه بضجر فلن يثق بها مجدداً..

صعد بتمهل حتى أدخلها إلى الغرفة التي أشرت عليها أغلق الباب خلفه بهدوء ليجدها تحاصره بالحائط تقبله بنهم وهي تأن مبعدة قميصه عن جسدة فكاد يبادلها لكن توسعت عينه وشحب وجهه وهو يحدق بذلك النائم بعمق ليبعدها عنه بهدوء دون أن يصدر صوت واضعاً يده على فمها كي تصمت وقال بهمس وهو على وشك البكاء: ينهار إسود الله يخرب بيتك سبتي كل البيت وجيه تدخليني هنا! دي اوضه أبوكِ أبوكِ!، أبعدت يده بضيق وكادت تصرخ لكنه وضعها مجدداً وقال برجاء هامس: هششش أسكتي أسكتي خرجيني من هنا عشان خاطري..

أومأت بهدوء وهي ترمش ثم قالت بمكر: وهتبوسني؟!، أومأ لها باستسلام وأضاف: وهغتصبك لو عايزة!، ابتسمت برضى ثم خرجت أمامه ليتنهد وهو يخرج خلفها وأغلق الباب بهدوء كي لا يصدر صوتاً..

جفل عندما وجدها تقبض على ياقة قميصه تجره خلفها وهي تسير على أطراف أصابعها الرقيقة حافية القدمين رافعه الفستان بيدها الأخرى حتى وصلت إلى الغرفة المطلوبة فدلفت وأغلقت الباب خلفها وحاصرته بالحائط وهي تحدق به بنظرات وقحه لم يتوقع يوماً أن يراها وخاصتاً منها هي تلك البريئه الخجولة يا إلهي!
استفاق من تفكيره بها على تقبيلها له بنهم وشغف لن ينتهي حتى تقضي عليه..

دفعها عنه وهو يلهث هازاً رأسه بعدم تصديق لما يحدث من هذه تقدمت منه لكنه رفع يده بمعنى لا تتقدمي أكثر جعلها تتوقف ناظرة له بعبوس وهذا أفقده صوابه جعله يصيح بها: إنتِ تنامي وكفايه عليكِ كده الله!
امتلأت عيناها بالعبرات وقالت بنبرة مرتجفة: إنت بتزعقلي؟!

مرر يده على وجهه بعصبيه وإبتسم باصفرار وهو يتقدم منها حاوط كتفها وقال برفق: لازم تنامي دلوقتي ولما تصحي الصبح وتفتكري كل حاجة وتلاقى نفسك راضيه عن اللي عملتيه ده تعاليلي هتلاقيني مستنيكي تحت على الكنبة، ومع نهاية حديثة أجلسها على الفراش وأولاها ظهره وذهب حرك المقبض ليخرج وقبل أن يفعل سمع صوت إرتطام قوي بالأرض مع تأوهها فاستدار وهرول لها بقلق.

عندما وجدها ساقطة على ركبتيها متيبسة مكانها وهي على وشك البكاء فساعدها لتجلس باعتدال وهو يهدئها كالأطفال عندما وجدها تقوس شفتيها وعينيها تلتمع بالعبرات: هشششش، اهدي، اهدي، محصلش حاجه خلاص، فقالت وهي تشهق: ركبتي بتوجعني..

تنهد وبدأ يمسدها برقة من فوق ثوبها وسألها بابتسامة: الوجع هنا؟!، أومأت بحزن وبدأت تهدأ بالتدريج ثم أعادت مسك طرف قميصه فتنهد وقال بإرهاق بسبب تعبه النفسي والجسدي: ألين أبوس رجلك إهدي عليا مش، وصمت عندما وجدها ترفع ثوبها حتى فخذيها وهي تقول بدلال رافعة قدمها أمام وجهه: بوس..
نظر لها بدون تعبير وبداخل رأسه ألافاً من مشاهدته لنفسه وهو يصفعها الآن..

رفع يده من على ركبتها و تحسس باطن قدمها المُضمد الذي ترفعه أمام وجهه وقال بحزن: لسه بتوجعك؟!
أومأت له وقالت بمبالغه: أوي، أوي، تركها وقال بغيظ: تستاهلي ويلا نامي، وإنتصب وافقاً وكم تمني لو يركض حتى لا تلحق به مجدداً لكن أمنيته ذهبت هباءاً عندما وجدها تطوق خصره قبل أن يذهب فضرب جبهته بباب الغرفة مرات عديدة وهو يقول بيأس: يارب إرحمني، قبل ما أرتكب جريمة هنا..

دفنت رأسها بصدره أكثر وهي تشدد قبضتها حوله حتى شعر بيدها التي تهبط بتروي حتى توقفت عند حزام بنطاله وهي تقول: مرة واحدة بس مرة واحدة..
دفعها للخلف وقال بجنون على وشك فقدان عقله وهو يستدير لها: مرة واحدة ايه بس يا نهار اسود ومنيل؟ انتِ شقطاني؟! أنا مش جوزك أوي كده احترمي نفسك ونامي!، نظرت له بحزن ليتابع بتهكم: الحزام مدايقك صح؟ خُديه اهو، وخلعه وقام بلفه حول رقبتها وتابع بغيظ: لو مسكتيش هخنقك بيه!

وأدار المقبض ليذهب لكنها تشبثت بذراعه وقالت برجاء: طيب خليك جنبي لحد ما أنام، نظر لها بشك لكن قلبه رق لها فلمن سيرق إن لم يكن لها؟!
توقفت عن السير بمنتصف الغرفة وأنزلت ثوبها بضيق وبدأت بخلعه وهي تتنفس بحده لكنه أوقفها بتوجس وهو يرمقها باستفهام: ايه؟ في ايه؟!
فقالت بضيق يعلمة جيداً ويعلم ما سيحدث بعده: حرانه مش مستحمله حاجة على جسمي!

شد شعره وهو يهز قدمة بتوتر هامسا لنفسه: كِملت هو ده اللي كان ناقص!، واستفاق من تفكيره على سقوط ثوبها في الأرض ووقفوها أمامه بتلك الهيئه المُهلكة له فاستدار وهو يضم قبضته بنفاذ صبر حتى إبيضت عروقة متجهاً إلى الخزانة وأخذ أول ما قابلة وعاد لها متجاهلاً هيئتها بالكامل وقذف القميص بوجهها قائلاً بحزم: البسي ده، هزت كتفيها بنفي وقالت بضيق: لا هيحررني!.

خلع قميصه وألقاه بوجهها فهو لن يجعلها تشعر بالحرارة وقال بتحذير: البسي يا ألين بدل ما اغتصبك دلوقتي وهعمل فيكي حاجات وحشه!
أومأت له وبدأت بارتدائه ليتحرك هو كي يذهب فلا يشعر معها بالأمان وهي بتلك الحالة..
لكنها عانقته من الخلف وهي تريح رأسها على ظهره شاعراً باحتكاك مفاتنا ضد جسده يستمع إلى قولها بخفوت: إنت وحشتني أوي..

استدار لها وداعب وجنتها بنعومة وقال بعذاب: ألين، إنتِ مش في وعيك مش هقدر اعمل كده مش هقدر هتندمي!، عانقته بقوة دافنه رأسها بعنقه مشددة قبضتها حوله عله يشعر بها وقد ضعف و استسلم لرغبته قبل رغبتها عائداً بها إلى الفراش وهو يضم جسدها إليه بقوة وشوق سيطر عليه مقبلاً نحرها بحرارة ليغيبا معاً بعالمهم الخاص لكن!.

انتفض جسدها وهي تشهق بقوة وكأن الحياة عادت لها من جديد وهي تنظر حولها بتيه ووجه شاحب وجبين متعرق مستمعة لتلك الضجة وضحكات الرجال الخشنه المرتفعة يمسكون بكؤوسهم بين أيديهم يقفون بعدم إتزان، والخدم الذين يقطعون الحديقة ذهاباً وإياباً حاملين بأيديهم الصَيْنِّية الممتلئة بالمشروبات فهزت رأسها بعدم فهم واستنكار وكل ما يجول بخاطرها أنها كانت تحلم؟! هل حقاً كانت تحلم؟!

آفاقها من شرودها تجفيف نور جبينها من العرق براحة يدها وهي تسألها ببعض القلق: ألين إنتِ كويسة؟!
نظرت لها بتيه وقالت بتثاقل: هو حصل ايه؟!
فقالت نور بهدوء وهي تربت على وجنتها: الشغالة جبتلك خمرة وشربتيها بالغلط ومن ساعتها وانتِ دايخه ومسخسخه كده!.
أومأت لها وهي تعود وضع رأسها بأحضانها وسألتها بخفوت: إيان فين؟!
طمئنتها بحنان: متقلقيش نيمته بنفسي..

أومأت لها وهي ترفع رأسها وقالت بامتنان: شكراً أوي، قرصت نور وجنتها وهي تبتسم: شكراً إيه بس ده إبني برضه، هزت ألين رأسها بإمائه بسيطه وهي تبتسم ثم تحركت كي تذهب لكن نور أمسكت يدها و أوقفتها معترضة: رايحه فين؟!

فقالت بنبرة مختنقة وهي تشد القلادة من حول رقبتها بضيق لحقها خلع القِراط ووضعتهم بيد نور: مخنوقة أوي ومش قادرة اتنفس مخنوقة، ربتت على كتفها بحنان وقالت برفق: طيب أستني لما تشربي القهوة عشان تفوقي وبعدين قومي اتمشي شوية، أومأت لها وهي تلتقط أنفاسها بضيق ثم قالت برجاء: ممكن.

تفك لي شعري عشان حاسه ان دماغي كبيره وشايلة حمل تقيل على راسي؟!، أومأت لها نور وهي تضحك ثم بدأت بفكه لها بهدوء لينسدل على كتفيها بنعومة مع بعض التجعيدات التي أشعرتها أنها تشبه حياتها كثيراً وهي تحدق بها! حياة مليئة بالمشاكل وليست سوية بالمرة..

=: القهوة سيدتي، أخذتها نور من يدها وهي تشكرها بهدوء ثم قدمتها إلى ألين بابتسامة أخذتها وبدأت ترتشفها بتروي لتقع عينها على ذلك الرجل الذي إلى الآن مازال يقف مع والدها!.
فسألت نور وهي تحدق به بضيق: نور هو مين ده؟!
نظرت له نور مطولاً ثم قالت بعدم إهتمام: مش عارفة بس متهيألي انه ليه شغل مع بابا وكده نبقى نسأل بابا بعدين، أومأت لها ألين ولم تحيد بنظرها عنه فهي لم ترتح له بتاتاً!.

أنهت قدح القهوة ثم خلعت حذائها وتركته ونهضت كي تسير فأوقفتها نور بقلق: رجلك كويسه؟
أومأت ألين بتردد فهي بدأت تؤلمها لكنها ابتسمت لها كي تطمئنها وابتعدت عن الضجة متجه خلف المنزل تحديداً فهذا المكان الذي رأت فراس به بحلمها وسيكون فارغ بالتأكيد..
تنهدت نور وهي تنظر حولها فهي تشعر بالضجر لا يوجد من يقوم بتسليتها هُنا؟

نهضت هي الأخرى ووجهتها غرفة نومها يكفي مرحاً لليوم فروحها المحترقة وكسرها وحسرتها على نفسها يعودون لها من جديد بعد أن تغلق غرفتها عليها!.

يبدأ عذابها الذي لم ينتهي مهما حدث فهي ما أن تغلق عينيها ترى إنتهاكهم لها بتلك الوحشية وكأنه كان أمس شريط فيديو يعرض أمامها وينتهي ويُعاد وحده دون ملل، عذاب تشك أنه سينتهي يوماً وتعود كما كانت سابقاً لن تعود أبداً هي متأكده! حتى أنها فكرت كثيراً أن تنفصل عن نائل عندما كانت تمكث مع فراس فهو لا يستحق أن يعيش مع امرأة كانت لأربع رجالٍ لبضع ساعات ينهشون لحمها بشراسة ووحشية ويأخذون ما هو حقه! لا ذنب له كي يظل مع عقيم تأذت ولن تُشفي نهائياً فهو لطالما كان يمتلك حياة صعبة منذ ولادته فلن تزيدها عليه هي الأخرى فيستحق أن يكون مع والدته ويحيى سعيداً كما أخبرها سابقاً أنه لم يفكر بالزواج فقط من أجل والدته كي يظل معها! وهاهي هُنا الآن فليذهب ويكمل بقية حياته معها بسعادة؟!

صرخت بخوف شاعره بإرتعاد قلبها وانتفاضة جسدها عندما وجدت من يدفعها إلى غرفتها بقوة كادت تسقطها على وجهها من قوتها فهي كانت على بُعد خطواتٍ منها فقط..
أغلق الباب خلفه بعنف جعل جسدها ينتفض وهي توليه ظهرها وتعلم أنه هو فهي كانت تتساءل حقاً متى سوف يظهر ويوبخها على تلك الملابس؟!
ابتسمت بألم وهي تمحي عبراتها من ذعرها وخوفها فإن ظل يفاجئها بتلك الطريقة ستموت بتوقف قلبها يوماً ما...

تقدم منها بخطوات بطيئه متمهله وكأنها فريسه أمامه يستمتع بتعذيبها، يحدق بها بجمود وقسوة وغضب غلب على نظراته الحانية!
فكانت تلك النظرات تخص أيامها الأولي معه تلك النظرات التي كان يرمقها بها فقط قبل أن يُحبها عندما كان قاسي بارد دون قلب ينعتها بالعاهرة بكل سهولة وها قد عاد من جديد!.

توقف أمامها يرمقها بغضب وكل نيته تعنيفها، جذبها من شعرها بقوه حتى يقتلعه بين يديه، تمزيق شفتيها حتى تذهب تلك الحمرة التي لا يراها سوى مقززة تصيب بالغثيان فهذه الأشياء خاصة بالعاهرات وليست إمرأته؟!

لكن كل هذا الغضب تلاشى وحل محله الحنان والحزن بأنٍ واحد عندما لمح عبراتها العالقة بأهدابها فرفع يده كي يُزيلها لتنكمش نور على نفسها بخوف ألمه وذكره بذلك الجرح العميق الذي لم يلتئم بعد في محاوله يائسه لتجاهله ومتابعة حياته وكأنه لم يحدث، لكن الظروف ضده وتظل تذكره دائماً بما حدث بمناسبه من دون مناسبة؟!

جذبها من خصرها بقوة لترتطم بصدره بيد وبالأخري محي عبراتها وفقط سألها بحزن لحالتها: ليه؟ ليه بتعملى كده؟!
ابتلعت غصتها بمرارة ونظرت بالاتجاه الآخر متحاشية النظر له وقالت بنبرة مرتجفة: نائل إحن، وصمتت عندما وضع سبابته وابهامه أسفل ذقنها مُديراً وجهها إليه وقال: بصيلي وإنتِ بتتكلمي معايا!

هزت رأسها بنفي مع تساقط عبراتها وقالت بألم: نائل، أنا منفعكش مش هنعرف نكمل مع بعض صدق، وتوقفت عن الحديث وهي تري نظرته المتألمة لها فشهقت باكية وهي تطرق رأسها للأسفل بخجلٍ من نفسها فأعاد رفع رأسها مجدداً وهو ينظر لها بأسي
لحالتها على وشك أن يبكِ معها: ليه بتقولي كده؟!

انهارت أكثر غير قادرة على التحدث وفقط شهقاتها المتألمة الدالة على قهرها النابع من أعماق روحها ترد في روحة تمزقه أكثر فأكثر، أسند جبينه على جبينها وهو يهدئها بألم: طيب إهدي، إهدي، لكنها لم تهدأ بل كان صوت بكائها يعلو غير قادرة على التوقف فالنيران تنشب بصدرها دون رحمة تتآكل داخلها ببطء مُعذب..

قبلها ببطء ظناً أنه يهدئها بتلك الطريقة لكن جسدها تشنج بين يديه وعلا صوت نحيبها قبل أن يشعر بأعضائها ترتخي على وشك السقوط بقوى خائرة فرفع رأسه مبتعداً عنها بخوف وآخر ما سمعه منها قبل أن تفقد الوعي بنبرة أحرقت روحه: عرفت إني منفعش؟!.

حملها بقلب متألم ووضعها على الفراش بنعومة لا تليق سوى بها ثم خلع حذائها ووضعه بجانب الفراش، فك عقدة شعرها كي تنام براحة أكثر والتقط أحد المناديل المُبللة وقام بمسح مساحيق التجميل برفق عن وجهها لحقه أحمر شفاهها ثم قام بتدثيرها بالغطاء جيداً وقبل جبهتها مطولاً ثم تنهد بحزن وترك الغرفة وغادر..
فيبدو أن ألحديث معها بدون أن تنهار لن ينجح أبداً!.

كانت تجلس على العشب بهدوء تتكئ بظهرها على جدار المنزل من الخلف تحدق بالنجوم بملامح هادئة منفصلة عن العالم الآخر وعن ذلك الضجيج بالجهه الاخرى الذي لا يزيدها سوى ألم رأسها..
ابتسمت بنعومة وهي تتذكر ذلك اليوم الذي تملكها به عندما أصبحت زوجته قولاً وفعلاً مُستعيده حديثهم عندما تأملوا النجوم معاً: شايفه النجمه إللي محاوطها نجوم كتير دي..
ألين بابتسامة: أه..

فراس لكي يغيظها: ده انا وكل اللي حواليا دول بنات، لتضربه على صدره بغيظ ليقهقه وهو يحاوطها أكثر ليكمل شايفه بقي يا ستي النجمة إللي جنب القمر دي؟.
ألين: أممم
فراس بابتسامة: دي إنتِ، واقفه جنبي أنا القمر..
ألين بتذمر: إوعي يا فراس، هرجع أنام..

محت تلك العبرات التي سقطت وهي تبتسم بمرارة مبعدة نظرها عن السماء فهي ستظل تتذكره بأي وقت وأي مكان فهو ليس علاقة عابرة! ولن تتخطاه بسهولة كما تظن هي لن تبادر بأي خطوة لنسيانه حتى فكيف تطلب أن يتركها وهي تفعل كل هذا الآن بسببه
؟!
مدت يدها المرتجفه مجدداً تمسح عبراتها التي لا تتوقف لكن أناملها توقفت على وجنتها عندما أبصرته جالساً مثلها تماماً بآخر الحديقة وحده ويبدو أنه غارقاً بأفكاره..

ولا تعلم ما تلك الرغبة المُلحة التي تجعلها تريد الذهاب إليه والآن تحديداً لكنها ستذهب وانتهي الامر!
نهضت بشجاعة وبدأت بالسير اتجاهه ببعض العرج بسبب قدمها وحديث الجميع يرن بأذنها أن الغضب ليس قائماً فهو لاشيء سوى وقتٍ فقط ويتلاشى تماماً يتبخر مع الهواء مثلما يحدث معها الآن وهي تشعر بحاجته لها!.
توقفت بتردد وهي تسأل نفسها أتكمل أم تعود أدراجها؟، لكنها حسمت الأمر وستذهب له فلن يأكلها!

توقفت أمامه قليلاً تراقبه عن كثب لكنه ليس هُنا بتاتاً ولم ينتبه لها جثَت أمامة وقامت بثني ساقيها تحتها جالسة مقابلة تتأمله بابتسامة حزينة مراقبة ضمه
لجفنيه بقوة كأنه يقاوم شيء ما مع صدره الذي يعلو ويهبط بعنف وضمه لقبضته بقوة حتى إبيضت عروقه..

مدت يدها جه صدره الذي يخفق بقوة ليست طبيعية وبدأت تمسده له بنعومة ورفق صعوداً ونزولاً براحة يدها لتهرب من شفتيه تنهيده تعبر عن راحته ظناً أنه بحلم جميل لكن عبقها الآخاذ تغلغل روحه جعله يفتح عيناه لتقع عليها مباشرة جعلته يتعجب قبل أن يعتدل بجلسته مبعداً ظهره عن جدار المنزل وقال بتعجب لوجودها معه وهدوئها هكذا: ألين!

لكنها لم ترد عليه بل قالت وهي ترفع يدها إلى ذراعه العاجز تمسده متحاشية النظر له وخرجت نبرتها مرتجفه وهي تسأله: ده دراعك إللي أتصابت فيه صح؟، إكتفى بإماءه بسيطه لتمتلئ عيناها بعبرات متألمة فهذا بسببها هي السبب..
أبعدت يدها ثم قالت بنبرة مهتزه: خلي بالك من نفسك عشان الراجل اللي ضايقته بره ده شكله مش كويس..
أومأ لها و سألها بسخرية استشعرتها بنبرته: مش ده نفس اللي قولتيله إن جوزك مات من تسع شهور؟!

تساقطت عبراتها وهي تومئ له وتحركت كي تذهب لكنه حاوط خصرها أسقطها بجانبه مريحاً رأسه على منكبها وقال بألم: ألين مش كفاية كده؟ أنا تعبان من غيرك ومش قادر استحمل اكتر مش قادر..
حاولت الهرب منه قبل أن يضعفها لكنه شدد قبضته حولها فلم تقاومة أكثر كي لا يظن أنها تستغل عجزه وتهرب..

فأعاد عليها بعذاب عندما طال صمتها: مش هتسمحيني!، لكنها لم ترد أيضاً فتابع بنبرة مترجيه كي تريحه من هذا العذاب: طيب مش هيبقي قريب؟!
هزت رأسها بنفي وقالت وهي تمسح عبراتها مستمرة بتجنب النظر له: فراس كل حاجة انتهت إحنا فشلنا مع بعض ومفيش مجال إننا نرجع تاني! أنا تعبانة ومش هقدر استحمل حياة ثانيه معنديش استعداد أبدأ من جديد تاني!.
فسألها باستنكار وهو يرفع وجهها قابضاً على فكها.

لتنظر له: وإنتِ بدأتي من جديد إمتا عرفيني كده؟
صمتت وأطرق رأسها بالأرض مجدداً لكنه أعاد رفعها قابضاً على فكها بخفة وقال ببعض الحدة: قصدك لما كُنت سايبك؟، أومأت بخفوت فاشتدت على قبضته على فكها وقال صراً على أسنانه: إنتِ لما قولتيلي سامحتك بعدها عملنا ايه؟!
لم ترد عليه وأعادت إحناء رأسها فرفعها مجدداً وقال بحده وأصرار: لا ردي عليا لما قولتيلي سامحتك عملنا ايه بعدها؟

قالت بخفوت وهي تبكِ: روحنا المستشفى..
فهز رأسه وتابع هو: وفضلتي فيها سِت شهور بعدين خرجتي وفضلتي معايا شهرين حصلت مني حاجة زعلتك؟ عليت صوتي عليكِ حتى ولو بالصدفة؟!

هزت رأسها بنفي فتابع بحده: وبعدين محمود جالي وسافرنا صح ولا لا؟!، أومأت وهي تبكِ فقال بحزن ووتيرة صوته قد انخفضت: يبقى متقوليش إنت ضيعت فرصتك عشان أنا معملتش حاجة بيها أصلاً؟! إنتِ حياتي ومش هسيبك إلا بموتي ومهما عملتي وحاولتي مش هسيبك!، وتحولت نبرته إلى وعيد وإصرار وهو يقول: وهترجعي سواء وافقتي أو لا عشان إنتِ مراتي ومكانك معايا أنا!
فقالت بنبرة مرتجفة وهي تحاول التحرك: بس إنت هتطلقني..

هسهس بغضب أمام وجهها قابضاً على فكها بقوة: ده في أحلامك الوردية دي عارفاها!
دفعت يده عن فكها وأبعدت رأسها عن وقع يده وقالت بألم: عملتها مرتين قبل كده وتقدر تعملها التالتة مش هتفرق؟

وضع يده خلف رقبتها وقربها منه وقال وهو يجول بنظره بين عينيها وشفتيها: اتعلمت من الغلط ومش هكررها تالت! اتعلمت الأدب ومبقتش غبي ومندفع على رأي أبوكِ، وتابع مأكداً بثقة من حُبها له ثقة تكرهها كثيراً: إنتِ بتحبيني أنا و مش هتحبى غيري وعُمرك ما هتقدري! أنا محفور في قلبك ملكت كيانك وكل حاجة فيكي مش هتقدري من غيري متقوميش!، ومع نهاية حديثة إلتقط شفتيها في قبلة عميقة لم تدم بسبب ردة فعلها النافرة والمشمئزه منه وهي تدفعه عنها بكل ما أوتيت من قوة هازة رأسها للجانبين بنفور كي يبتعد وقد فعل وهو يحدق بها بقلب متألم عندما قامت بمسح شفتيها بعنف ماحية أثر قبلته ومعها أحمر الشفاه الذي شوة وجنتيها محدقة به بنفور واشمئزاز، ليجن جنونه وهو يرى تلك النظره النافرة منه بعينيها التي تعلم جيداً ما توابعها فهي لن تنسي ماحدث بسببها أخر مره عندما نظرت له تلك النظرة في الفندق وقد نتج عنها إيان صحيح هو أجمل ماحدث بحياتها لكنها لا تملك القدرة على الخوض بهذا مجدداً.

وتفكيرها بما حدث جعلها تبتعد للخلف بتلقائيه وهي تحاوط كتفيها بيدها بخوف لم تستطع إخفائه فهي ضعيفة أمامه ولا تثق بنفسها!.
وقد إكتفى هو بقوله بنبرة باردة لا حياة بها وهو ينهض: يارتني كُنت مُت أحسن، وغادر وتركها تبكِ وحدها تضم جسدها من الهواء البارد الذي أصبح يلفح جسدها بلا رحمة..

ارتطم بجسدة بعنف لكنه تجاهله وذهب لا يرى أمامه من الغضب فصرخ به محمود بحده: ماتفتح يا اعمي إنت!، لكنه تجاهله وذهب زفر محمود بعصبية تلاشت سريعاً عندما سمع صوت أنين خافت يأتي من الخلف فاستدار ليتبين له مظهر ألين المبعثر التي تسير بترنح وهي تبكِ ويجول بخاطره شيء واحد فقط أنه فعل بها شيئاً ما فهيئتها لا تدل على غير هذا وتأكد من شكوكه عندما رأي شفتيها والحمرة حولها دلالة على إجبارها على ما لا تريده وكم هذا أغضبه بدون سبب يعلمه فتقدم وحاوط خصرها قبل أن تسقط و سألها بقلق: إنتِ كويس، وتأوه بألم وهو يشعر بيد تقتلع شعره بعنف وألقاه أرضاً بقسوة! هل أخبرها منذ قليل أنه توقف عن كونه غبي ومندفع؟!

اعتلاه وأصبح يسدد له اللكمات بعنف وقسوة دون رحمة ينفث غضبه على ذلك القابع تحته دون حراك لقد أفقده الوعي!.
صرخت ألين بصوت مكتوم وهي تحدق به بعدم تصديق ظناً أنه مات فصرخ بها فراس وهو يتنفس بعنف وعيونه تضخ شرار أخافها: أدخلي جوه..

أومأت وهي تسير بخطوات شبه راكضه للداخل فكادت تسقط أكثر من مرة لكنها تحاملت على نفسها تتابع سيرها للأعلى تحت نظراته التي كانت تحرق ظهرها العاري من غضبه وكل ما أراد فعله بتلك اللحظة هو إغراقها بالمياه كي يبعد أثر لمسة ذلك البغيض عنها فظهرها عاري وبالتأكيد لمسه وهو يحاوطها ذلك اللعين كم أصبح يكرهه أكثر..
وأقسم إنه إن أمسك بها هي الآخرى الآن سيجعلها تندم على كل لحظه أحبته بها لقد فاض به ويكفي يكفي!.

زفر بحده وهو يحدق بوجهه النازف بوجوم ولم يشفي غليله بعد! فلكمة مرة أخرى ونهض من فوقه وصرخ بإسم تلك الخادمة التي كانت تلتصق به منذ الصباح بحدة فجاءته ركضاً ونائل خلفها بقلق وقبل أن يتحدث أحدهما قال بلهجة آمره مقتضبة: خُذيه من هُنا واعتني به وعالجي تلك الجروح!
أومأت بخوف من رؤيته بذلك التهجم فتركها وذهب وهو يفك أزرار قميصه العلوية باختناق فذهب نائل خلفه وتحدث بحدة: إنت إيه اللي عملته ده؟!

نظر له فراس بغضب و مقلتين شوبتها الحمرة الغاضبة التي شوهت عيناه النقية وقال بنبرة ثقيلة فاض بها: محدش يكلمني، محدش يكلمني، وتركه وغادر المنزل نهائياً..
حاوطت جسدها بالمنشفة بعد أخذها حماماً دافئ مبعدة أثر الإرهاق عن جسدها و مساحيق التجميل عن وجهها نهائياً ثم خرجت إلى الغرفة وبدلت المنشفة.

بمنامة مريحة عارية وإرتدت فوقها مئزرها وجلست أمام المرآة وبدأت بتجفيف شعرها بهدوء وهي تحدق بنفسها في المرآه بتركيز..
أخرجها من شرودها صوت إيان الذي بكي فجأه فتركت مابيدها وهرولت له بقلق، حملته من مهده برفق وهي تضع يدها خلف ظهره تهدئه بحنان وهي تسير به بأرجاء الغرفة تقبله بدفء وهي تستنشق رائحته بانتشاء فهي أفتقدته اليوم ولم تلعب معه كثيراً وهذا أحزنها..

أعادته إلى مهده مجدداً وهي تميل علية مُقبلة تلك الشفتين الصغيرة التي تطلق همهمات لطيفة رقيقة تعشق سماعها منه بحنان مربته على صدره برفق وهي تراقبه بابتسامة..
فتحت الشرفة ووقفت بها قليلاً مُتكئه على الحائط بهدوء تستنشق هواء بارد نقي مخالف لدفئ غرفتها..

إرتجفت قليلاً بسبب البرودة واستدارت كي تدلف وتغلق الشرفة كي لا يصاب إيان بالبرد لكنها توقفت عندما سمعت ضجة مختلفة عن ضجة الحفل التي كانت على وشك الأنتهاء..
تحركت مقلتيها محدقة بالجميع في الأسفل تبحث عن مصدر ذلك الصوت صوت ارتطام عصا غليظة بجسد أحدٍ ما! وهذا أعاد لها ذكرياتها الأليمة التي لم تنسها يوماً عندما كاد فراس يموت على يد جون تلك الليلة بنفس تلك الطريقة!

إنقبض قلبها والقلق ظهر جلياً على وجهها وهي تبحث عن تلك الضجة غير قادرة على وقف ضجة قلبها الذي يتآكلها من القلق عليه..

كتمت أنفاسها وتيبست قدمها غير قادرة على الحراك وهي تراه مسجي أرضاً ومجموعة من الرجال ضخام البِنية حولة يتبادلون الأدوار في كيفية ضربه فمنهم من كان يركله وآخر كان يلكمه والبقية كانوا يقومون بتدمير جسده بضربة بتلك الدبسا (عصا غليظة مدببة الرأس)، وبالرغم من هذا كان ومازال يتحرك ويقاوم لن يسمح للموت أن يسلبه منها فهي تستحق نهاية سعيدة لن يموت..

هو سار قليلاً فقط في الهواء الطلق يروح عن نفسه وعاد وقبل أن يدلف وجد من يباغته بضربات عديده من خلف ظهره لم يستوعبها حتى سقط أرضاً! لكن ماحيره أكثر هؤلاء الحراس الذين يقفون أمام المنزل ينظرون له بهدوء ولم يتحرك أحداً منهم لإنقاذه!
تهاوت ساقطة على ركبتيها وهي تنظر له بعدم إستيعاب لما يحدث عندما رأت تلك الضربة التي سقطت على رأسه مجدداً جعلت جسده ينتفض مع إنتفاضة قلبها عليه ومن جديد تراه يموت أمامها.

لثالث مرة؟ فكم مرة من المفترض عليها أن تراه يموت حتى ينتهي كل هذا؟!
شعر بالخدر يزحف إلى أطرافة و البرودة تجتاح أوصاله شاعراً بتهشم جمجمته وانسحاب روحه وتشنج جميع جسده مع سيلان تلك الدماء من رأسه بغزارة محاولاً تحريك جفنيه بضعف وفتح عينه لكنه لم يستطع مستسلماً لذلك الإغماء الذي قاومة لفترة طويلة..

توقف الزمن بها وهي تحدق بجسده الذي لم يعد يتحرك بعيون زائغة ممتلئة بالعبرات تأبى السقوط ووجه شاحب كالأموات متمتمة بصوت لم يخرج كأنها تهمس به لنفسها: ف، راس، فراس، فراس، فراس..
انتفض جسدها عندما وجدت يد توضع على كتفها: سيدتي الطقس بارد ستصابين بالبرد!

رفعت رأسها لها ومازالت على شحوبها تُتمتم بإسمة حتى صرخت بروح متألمة محرره عبراتها قبل أن تركض الى الأسفل كالمجانين غير عابئة بملابسها وجرح قدمها الذي شعرت به ينفتح من جديد وكأنها تركض على أسلاك شائكة حتى وصلت إلى والدها وأمسكت بتلابيبه وهي تتحدث بهستيريا وإنهيار: فراس، إلحقه فراس، إلحقه هيموت، فراس، فراس، تحدث بقلق وهو يحاوط كتفها كي تهدأ لكنها لم تسمعه كانت تري تحرك شفتيه ولا تسمع مايقول ولم يكن لها سوى أنها عادت للحديث وهي تترجاه بيأس: فراس، إلحقه، هيموت هيموتوه، برا، تحدث مجدداً وهو يربت على كتفها لكنها لا تسمعه لا تستطيع فصرخت بقهر توقف على أثره صوت كل شيء حولهم ولم يبقى سوى صوت أنفاسها المتسارعة وبكائها الحاد وهي تتحدث بتقطع لم يفهم منه شيء؟!.

فأمسكت يده وأخذته خلفها إلى الخارج ليلحق بهم نائل الذي كان يتابع حالتها بذهول بدءاً من ملابسها البيتية وليست أي بيتيه بل خاصة بغرفة النوم فقط إلى صراخها والهستيريا التي لم يفهم منها شيئاً..

تم فتح الباب بهدوء فتركت يد والدها وركضت له عندما أبصرته لكن أحد الحراث قيد حركتها وهو يحاوط خصرها يمنعها من الخروج فتعالت صرخاتها وهي تلوح بقدمها في الهواء بهستيريا كي يتركها لكنه لم يفعل لتسود عينا نائل عندما رآه وركض يقاتل بدون تردد بينما وائل صرخ بالحراس بعنف: هل أنتم أغبياء! لما لم تتدخلوا؟!
فقال رئيسهم باحترام بعد أن أمرهم بالتدخل: الأوامر لدينا أن لا نتدخل بشئ يخصه هو وصديقة الآخر سيدي!.

فزجره وائل بحدة: وهل تحجرت قلوبكم كي تتركوه حتى يصل إلى تلك الحالة أمام أعينكم؟!
فانحني معتذراً بأسف: آسف سيدي لن يتكرر هذا الخطأ مجدداً لكن تأكد أن محمود قد أعطانا أوامر صارمة كي لا نتدخل بهم..

تركها عندما أشار له وائل بعد أن هدأ الموقف فركضت إليه ورفعت رأسه على فخذها صافعة وجنته بخفه وهي تبكِ مراقبة شحوبة وزرقة شفتيه كالأموات قائلة برجاء: فراس، فراس، فوق أنا هنا فراس فوق، أنا مسامحاك والله مسامحاك وعمري ما ازعل منك أبداً بس متسبنيش فراس، فراس، ورفعت رأسه لصدرها تضمه بقوة وهي تبكِ بنحيب فإن كان مستيقظاً لرقص قلبه على أنغام تلك الكلمات التي يتمنى سماعها من بين شفتيها بكل ثانية وكل ودقيقة!.

توقفت عن البكاء وهي تشعر بسيلان شيءٍ لزج على يدها الموضوعة خلف رأسه فرفعتها بارتجاف وهي تحدق بكم الدماء القاتمة التي تتساقط بغزارة ملوثة مئزرها الأبيض لتعاودة الصراخ بصوت مبحوح وهي تضمه أكثر لصدرها تهتز به بعنف وهي تقبل رأسه بهستيريا مُمرره اناملها المتشبعة بالدماء في شعره الذي التصق معاً بسبب الدماء التي أغرقته...

بصق الدماء من فمه وهو يلهث بسبب تلك اللكمات التي أخذها وخلفه جاء وائل المتعرق الذي قاتل معهم بصلابه لم يظن نائل أنه مازال يتمتع بها بهذا العمر فلا أحد يتعدى على شيء يخصه ويملكه وأمام منزله هل يمزحون!
جثي أمامها وهو يراقب حالتها بأسف وأمسك معصم فراس يفحصه بتركيز حتى إلتقط نبضه الضعيف فمد يده كي يأخذه لكنها تشبثت به أكثر وقالت بحرقة وهي تعانقه: لأ، لأ، مش هتاخده مش هترجع هولي تاني مش هترجعه..

فحاول مجدداً أن يأخذه من أحضانها دون حديث لكنها صرخت رافضة أن تفلته حتى صرخ بها بحده: لو فضل معاكِ انتِ هنا هيموت افهمي بقي!
فانتزعه من يدها عندما ارتخت قبضتها من حوله
ليحمله متجهاً به إلى السيارة ولم تُحيد بنظرها عنه بالمرة وهي تشهق فهو أخذ روحها معه فقلبها يؤلمها بطريقة لا تحتمل تلك المرة لا تستطيع التحمل..

أشار والدها إلى الخادمة كي تأتي وتأخذها لكنها رفضت وهي تمسك يده برجاء: بابا، خدني معاك عايزه اطمن عليه لو فضلت هنا هموت خدني معاك..
ربت على وجنتها بحزن وهو يرى حالتها وملابسها الملطخة بالدماء ليردف بوعدٍ صادق: هيبقي كويس وهتطمني عليه صدقيني لكن مش هينفع تيجى..
وتركها تبكِ بانهيار وذهب اتجاه المستشفى مباشرة
لتساعدها الخادمة كي تقف وهي تراقب حالتها بحزن ثم ساعدتها بالسير إلى غرفتها..

رمشت بعدم فهم للمرة الآلف بتلك الثوانِ القليلة وهي تحدق بحقيبة ملابسها التي وجدتها ببهو المنزل ونادر ولارا يقفون مقابلها منتظرين ردة فعلها صامتين مثلها تماماً..
فقالت باستنكار وهي تأشر على حقيبتها: ايه ده؟!
نظر نادر ولارا لبعضهم البعض وسألها باستفهام: انتِ عملتي كده يا لارا؟!
هزت رأسها بنفي فقال بنفي: ولا أنا برضه هو فادي مفيش غيره عايز يرجع لأبوه ياحبه عيني..

صرخت به بعصبية: نادر، متهزرش في ايه؟ ومين لم هدومي حد قالك اني مسافره؟!
تنحنح وهو يحاول تجميع كلماته ولا يعلم لما هي مخيفة هكذا؟ فلا أحد يستطيع السيطرة عليها سوى فؤاد حقاً وبجدارة يفوز بأكثر الأشخاص إحتمالاً للبلاء..

جفل عندما صرخت به مجدداً: ايه يا سجى براحة قطعتيلي الخلف!، ثم زفر وتابع: فؤاد يا ستي بعد ما شافك جالي عشان ترجعي معاه وأنا كأخ و ضهرك وسندك عايز مصلحتك و شايف الاحسن ليكِ انك ترجعي معاه..

نظر لها بتوجس مراقباً ملامحها التي لا تسفر منتظراً انفجارها فعاد للخلف وأخذ لارا معه بقلق: هتنفجر تعالي نطلع فوق، صرخت به بحده أوقفته: أستني عندك أرجع فين؟ إنت أخدت رأيي؟ وبعدين ارجع لمين ده مكلفش نفسه حتى وشاف ابنه لما عرف ده سبنا ومشي أرجع لمين؟!

إبتسم نادر و اقترب منها بهدوء وحاوط كتفيها وتحدث بحنان: هو سابكم عشان اتفاجأ بس ومعرفش يتصرف في الموقف ده وجالي على طول وطلب اذني انه يرجعك وانا وافقت، كادت تعترض لكنه قاطعها: مش انتِ كنتي مستنيه لما يجيلك هو ويطلب إنك ترجعي!
أهو جالك حتى لو اتأخر شويه؟

سقطت عبراتها وقالت بألم ربما طبيعي لبعض الأشخاص لكن بالنسبة لقوتها لا تتحملة فهي ليست ضعيفة: جه متأخر أوي يا نادر انت لما فوقت في المستشفى وملقتش لارا جنبك اتجننت ورحت تدور عليها وانت تعبان لكن هو سايبني وداخله على سنه مرفعش عليا سماعة التليفون حتى!

فقال نادر باستفهام: سماعة التليفون ليه؟ في شبشب! نظرت له بضيق وكادت تذهب لكنه أوقفها محاوطاً كتفها وهو يضحك وتابع بثقة: بعيد عن أي حاجة مفيش وجه مقارنة بينه وبينه إنتِ هتهزري ولا ايه؟

تنهدت لارا بفقدان أمل واقتربت منها وابعدته بضيق ليقف خلفها محاوطاً خصرها يسند فكه على منكبها يستمع حديثها بجدية وهو يبتسم: سجى يا حبيبتي لازم تتكلموا مع بعض وتحلوا كل المشاكل دي وبعدين الشنطة فاضية احنا كُنا بنختبرك بس ده بيتك و محدش يقدر يقولك امشي منه طبعاً بس كله عشانك عشان انتِ مش مبسوطة هنا وده باين عليكي..

ترك نادر خصرها وهو يصفق بحماس وأطلق صفيراً بأذنها جعلها تدهس قدمه بغضب: اسكت بقى وبطل تفاهة، ضحك وهو يعانقها بحنان ثم قال موجهاً حديثة إلى سجى ومازالت رأسه على منكبها: لازم اقولك الكلمتين دول انتِ بارده وهو أبرد منك وانتِ عارفة كده كويس عشان كده خطوة انه يصفي كل حاجة ويرجع عشان يفضل جنبك دي بالنسباله كبيرة جداً ولازم تقدري ده كويس!
قالت بتفاجئ وهي تحدق به: صفي كل حاجة؟

أومأ لها وهو يبتسم ثم قال بأمل: أهي بدأت تندع وتتنحنح أهي..
لكنها أفحمته بقولها: مش موافقه برضه!
زفر وقال بازدراء: براحتك هو نص ساعة وجي عيشي بقي انا خارج اتعشى أنا ولارا سلام..
وأخذ لارا بيده وذهب تاركها تلعنه وحدها..
توقف بمنتصف الطريق وقال بتعجب: لارا! ده مش طريق أي مطعم؟!
نظرت له وهي تضيق عينيها: قولتلك هاخدك مكان تاني غير المطعم الأول؟

فوضع يده على قلبه قائلاً بدرامية: هتخطفيني ولا إيه؟، ضحكت برقة وهي تسحبه من يده خلفها وبدأت بالحديث: مش انا قولتلك اني انقذت طفل كانت هتخبطه عربيه؟، همهم لها فتابعت: مامته بقي طلبت اني اتعرف عليها واقعد معاها شويه بس انا رفضت ووعدتها اني أجلها عشان كده رايحلها انا وانت انا اتعرف عليها وانت على جوزها ايه رأيك؟!
فقال بسخرية: ايه رأيك ايه انتِ واخداني عندهم خلاص رأي ايه بقي بعد قرارك!

توقفت عن السير وقالت بعبوس: إنت رايح غصب عنك؟!
عانقها بحنان وقت وهو يمط شفتيه: تفتكري!
ضربت قدمها بالأرض بغيظ وهي تبتعد فجذبها لأحضانه وقال بابتسامة: أنا أي مكان هروحة معاكي هيبقي جنة، دفنت رأسها بعنقه وهي تبتسم بعشق يخصه وحده وقالت بهيام: على فكرة أنا بحبك أوي..
ابتسم وهو يربت على ظهرها بحنان وقال بمكر وهو يتحسس خصرها بوقاحة: أنا بفكر اننا نحجز اوضه ف أي فندق عشان اسمعك كويس بتقولي ايه؟!

ضحكت وهي تتملص من بين يديه وقالت بحده لطيفة: نادر إحنا في الشارع عيب كده!
نظر حوله مراقباً الإنارات الخافتة المعلقة والشارع الفارغ وقال وهو يعود لعبثه مائلاً على شفتيه: الشارع ضلمة مفيهوش حد، أبعدته عنها وهي تضحك: بس بقي يا نادر بعدين ويلا عشان هنتأخر..
ابتعد عنها وهو يتنهد بحرارة وسألها بهدوء وهو يحدق بشفتيها: هنروح فين؟!
فقالت بابتسامة: في ملجأ هنا جنبنا قريب..

شهقت عندما حاوط خصرها فجأه وقال بحرارة وهو يحدق بشفتيها: ملجأ! هتبعيني ولا ايه؟!
ضحكت وهي تمرر إبهامها على وجنته بنعومة: أنا كلي فداك أبيع روحي ومحدش يأذيك ولا يجي جنب، وابتلع بقية كلماتها بين شفتيه وهو يقبلها برقة ونعومة من المفترض أن تذيبها لكنها ظلت تدفعه من صدره حتى إبتعد لاعقاً شفتيه بتلذذ أخجلها فضربت صدره بضيق فقهقه عليها وحاوطها وهو يضرب جبهته بجبهتها وذهب..

تنهدت بابتسامة وهي تحدق بالمسبح الذي ثم ملئه من جديد فهي كادت تبكِ وهي تحدق به فارغ من غرفتها فهي تعشق السباحة..
تمدد في الحديقة بجانب المسبح وبينها وبينه سنتيمترات فقط واضعه قدم فوق الأخرى تفكر قليلاً.

حتى سمعت صوت خطوات تتقدم منها فاعتدلت جالسة سريعاً عندما رأت فارس يتقدم ممسكاً بيده كوباً يبدو أنه يرتشف شيء ما وقد تعجبت عندما جلس بجانبها بهدوء فرمشت بعدم تصديق وهي تنظر له بطرف عينيها وظلت صامته تستمع لصوته وهو يرتشف ذلك الذي لا تعرف ما هو بتلذذ جعلها تبتلع ريقها وسألته بحلق جاف وهي تحدق بشفتيه التي تسحب المشروب من طرف الكوب: إنت بتشرب ايه يا فارس؟

رمقها بسخط وصمت متابعاً ما يفعل فقالت بتهكم: على الأقل رد عليا عشان احس اني استاهل البصة دي؟!
لكنه لم يرد عليها مستمراً بتجاهله لها لتلوي شدقيها وهي تنظر لهيئته بدءاً من خصلاته الرطبة حتى ملابسه القاتمة كتصرفاته الهمجية تماماً فحركت شفتيها لتتحدث لكنها توقفت رافعة حاجبيها وهي تري وشاحها يلفه حول معصمه فمدت أناملها تتفحصه وقالت باستفهام وكأنها أمسكت به بالجرم المشهود: فارس إنت عامل دماغ؟!

نظر لها بسخط مبالغ به بالنسبة لذلك السؤال لكنه باغتها بسؤالاً آخر: إنتِ ليه بتلبسي كده؟!، ورمقها بنظره شملتها من أعلاها لأخمص قدمها جعلها ترتبك وخجلت لكنها ردت عليه بثبات: ماله لبسي؟!
نظر لها مجدداً فكانت ترتدي منامة واسعة قصيرة تصل لركبتها بأكمام مع خفيها الوردي الذي كان يحتضن قدمها بنعومة فقالت بتعجب: مالو لبسي؟!
فأشر على ملابسها وقال بازدراء: قصير، و بتلبسي ضيق مالكيش اهل يسألوا عليكي؟!

ضربت كتفه بيدها بتلقائية لم يشعر بها من الأساس قائلة بغضب لا يهز شعرة بذقنه حتى: انت مالك انت؟ وبعدين لبسي كده ومحدش ليه دعوه بمعني ان محدش ليه دعوه..

هز رأسه وقال ساخراً: واحده زيك المفروض إن واحد خطفها وكان هيغتصبها لازم تتعلم الأدب وتلبس زي الناس!، أومأت وهي تقاوم رغبتها في البكاء بسبب حديثة لها وكأنها رخيصة أمامه فطريقته جارحة وبشده، شهقت عندما وجدته أمامها فجأة يقترب منها ببطء محدقاً بها بشراسة كالأسد قبل الانقضاض على فريسته ليشحب وجهها فجأه وهي تستمع له: ولا شكلك كده عايزه حد يغتصبك الأول عشان تلبسي كويس! أنا جاهز، ومع نهاية حديثة كان معتليها وهو يميل برأسه عليها فوضعت يديها على وجهها بخوف وهي تتنفس بعنف فأمسك يدها وأبعدها عن وجهها وقال بهدوء: قوليها..

ابتلعت ريقها وهي تنظر له مستنشقة رائحة أنفاسه الممزوجه بطعم القهوة ثم قالت باتزان: أقول إيه؟!
فقال بهمس ماكر أمام شفتيها: قولي هات بوسة!
تجمدت بمكانها وهي تحدق به بوجه شاحب وكل ما يجول بخاطرها أنه منفصم تماماً! فكيف يخبرها عن شكل ملابسها ثم يأتي يريد تقبيلها بتلك السهولة هذا المنافق؟!

انحنى عليها أكثر مصراً على تقبيلها اليوم لن يتركها دون أخذ قبلة!، توقف محدقاً بملامحها الرقيقة قليلاً قبل أن يهبط على شفتيها ليصعق عندما سمع همسها بتلك الأربعة أحرف الذين صفعوه بدون رحمه أفاقوه من غفلته: فراس، وهذا جعله يبتعد عنها وهو يزفو ومن غضبه شد قدمها بعنف ثم ألقي بها في المسبح بضيق وهو يسمع صوت صرختها من الخضه!.

رفعت رأسها من المياه وقالت بحده وهي تهز رأسها للجانبين بسبب المياه التي تعلق بأذنها: مش عايزه أعوم أنا النهاردة..
شهقت بخجل وهي تختبئ تحت المياه عندما رآت هالة تتقدم وهي تقول بحزم إلى فارس: مش كفاية سهر بقي واطلع نام؟!

نظر تجاه المياه بغيظ فهي لا تراها ولكن ما جعله يبتسم بسعادة جلوس هالة بجانبه قليلاً بصمت ثم تحدثت بحزن: تعرف إن فراس أتأثر أوي وأتأذم نفسياً لما عرف انك مُت وحمل نفسه الذنب عشان سابك تخرج لوحدك؟!

أومأ لها بشرود فهو إلى الآن لم يراه ولا يعلم كيف ستكون مقابلتهم! فراس نصفه الآخر لقد كانت علاقتهم أكثر من رائعة كما هو متعارف على التوأم أنهم متصلون ببعضهم دائماً لكن كل هذا تلاشى بعد الحادث ولايصدق أنه تحول من ذلك الضعيف الذي كان مُدللاً للجميع بسبب بنيته الضعيفة وولادة فراس قبله بدقائق فقط إلى ذلك كما تقول مها ذلك الهمجي؟!

بينما أسفل المياه كانت مها تختنق وهي تضع يدها على فمها كاتمة أنفاسها كي لا تكشف تستمع لقول هالة بتركيز ربما تعلم ماحدث لذلك الهمجي من وجه نظرها؟!
ابتسمت هالة بحزن وقالت بألم: ربنا يرحمه أنا مش مصدقة لحد دلوقتي إني مش هشوفه تاني..
قطبت مها حاجبيها وكان هذا وقت مناسب كي تظهر فرفعت نفسها وهي تشهق ملتقطه أنفاسها مع صرخة هالة بذعر وهي تضع يدها على قلبها بخضه..

ضحك فارس وهو يربت على ظهرها يهدئها بينما مها تقدمت متمسكة بحافة المسبح وهي تلتقط أنفاسها نظرت إلى هالة قائلة بأسف: أسفه ياطنط بس كان لازم أخرج، وتابعت باستنكار: فراس مين ده اللي الله يرحمه؟! ده في أمريكا ولسه من كام يوم بعتله بريد طلبه من على الله يرحمه فين بقي؟!، ثم شهقت وتابعت بدرامية: ولا يكونش فارس قتله عشان يورث لوحده؟!
زجرها فارس بحده: اسكتي وأخرسي وانزلي تحت تاني..

نظرت له هالة بتشوش وهي تعيد حديث مها برأسها ثم قالت بنبرة مرتجفة: الكلام ده صحيح؟!
أومأ لها فارس بهدوء فتساقطت عبراتها وقالت بعدم تصديق وهي تمسك يده: بجد يعني فراس عايش؟!
أومأ لها وقال باعتذار: هو طلب مني اني اسكت لحد ما يرجع أسف..

أومأت وهي تبكِ فهي لم تفقد أحدهم الإثنان بخير وسيجتمع شملهم مجدداً محت عبراتها وهي تبتسم ثم سألت مها مُتمنيه أن تعلم الإجابه ليعلم فارس أنه تم مقاطعته الآن من قبل والدته بسبب تلك الغبية التي لا تمسك لسانها: هو هيرجع امتي؟!
هزت رأسها بنفي وقالت بأسف: مش عارفه والله يا طنط بس قريب إن شاء الله عشان بجد وحشني أوي..
زفر فارس بنفاذ صبر بسبب قولها محدقاً بها بسخط.

لتأومئ هالة لها بامتنان وهي تشكر ربها: الحمدالله الحمدالله..
حاوطها فارس بحنان لكنها أبعدته عنها وقالت بغضب: متتكلمش معايا تاني..
زفر محدقاً بمها بنظرات قاتلة جعلتها توليه ظهرها وهي تهز شفتيها للجانبين فهو لن يتركها لتغوص تحت المياه من جديد مختبئه منه وبدأت العوم مع ذهاب هالة للداخل ليقول مهسهساً بغضب: أقسم بالله لما تخرجي هربيكي ماشي..

رفعت نفسها من المياة وقالت بثقة: مش هخرج أصلاً متقلقش، أومأ لها وهو يتمدد على الأرض ينتظر خروجها لكنها لم تفعل واكتفت فقط بقولها بابتسامة لطيفة: بس متسبنيش كتير في الميه عشان أنا بسكوته وهبوش!
رفع طرف شفتيه بسخرية وهو يحدق بها قائلاً بسخط: ياريت تختفي خالص مش تبوشي بس..

كان يحدق بها بعدم رضا فهي منذ الصباح لم تتحدث معه وتتجاهله وعندما تقع عينها عليه ترمقه بغضب وتولي نظرها عنه وعندما تتحدث ولم تفعلها سوى مرة واحدة أخبرته بها وانه استغلها واستغل ضعفها واشتياقها له ليفعل ما يشاء حاول جعلها ترضي لكنها تستمر بتجاهله وحرمانه من طفلته هي الأخرى متعمدة جعله يندم..
فهو الأحمق لأنه تعافي سريعاً ولم يتصنع المرض كي تبقى معه ظن أنها ستنسى وتسامحه لكنها غضبت عليه أكثر..

ترك الملعقة من يده مراقباً ملامحها المقتضبة وعصبيتها وهي تضع الطعام بفم جنات عنوة وهي تبصقه بضيق حتى صرخت بها بنفاذ صبر جعلتها تبكِ ولم تهتم بل استمرت بإطعامها حتى سعلت باختناق فصرخ بها جود بحده: نوران! إنتِ هتطلعي عصبيتك عليها؟!، ونهض عن مقعده بغضب وأخذها من يدها بحده مربتاً على ظهرها بحنان حتى هدأت وعاد للجلوس مجدداً وبدأ بإطعامها برفق وهو يمسح دموعها بحنان فأكلت معه بهدوء وهي ترفع رأسها كل برهة وأخرى تنظر له بخضراوتيها ببرائه جعلته يبتسم بحنان ثم قلبها وهو يطعمها بهدوء حتى هزت رأسها بنفي فعلم أنها شبعت لينتبه الآن على اختفاء نوران من على طاولة الطعام فنظر حوله باحثاً عنها لكنها إختفت من هُنا نهائياً!.

حمل جنات متجهاً إلى الأعلى لكن جنات تحركت بين يديه برفض وهي تشير إلى الخارج وخصوصاً الحديقة بأصبعها فابتسم وهو يعُضه بخفه فهي تريد اللعب ولن يحرمها من هذا فهو تعاهد لنفسه أن يعوضها عن تلك التسعة أشهر..

ظل يلعب معها فوق ساعة حتى أنهكت وغفيت وسط لعبها فحملها برفق وصعد بها للأعلى ليجد نوران وأخيراً تجلس على الفراش لكنها كانت تبكِ فتنهد وهو يضع جنات بمهدها ثم جلس مقابل نوران ممسكاً يدها بين يديه وتساءل بحزن: مالك بس يا نوران؟!
جذبت يدها من يده و خرجت نبرتها مرتجفه وهي تقول باستنكار وألم: مالي! مش عارف مالي؟! إنت لسه مش مستوعب اللي عملته صح؟!

أخذ شهيقاٌ طويلاً ثم قال بندم: عارف اني غلطت بس ألين كانت محتجاني جنبها جداً ومقدرتش أسِبها! وقبل ما تتكلمى مقدرش اسيبك انتِ كمان بس هي كانت محتاجانى اكتر منك! هي مكنش معاها حد بس انتِ معاكي شهاب وحماتي، وصمت قاطباً حاجبيه وتساءل: أه صح فين حماتي؟!

نظرت له مطولاً غير متجاهله تجريده اسم والدتها من أمي كما كان يُناديها قبلاً فهي حقاً لا تستحق وهذا جعلها تقول دون تردد: انا طردتها، أومأ لها قبل أن تتسع عيناه وقال بعدم فهم: طردتيها ازاي يعني؟!
قالت ببرود وكأنها ليست والدتها: جاتلي بعد ما سافرت ولسه عايزاني أسيبك وأخد جنات واختفى من حياتك؟ هي السبب في كل ده ومش هسامحها!
هز رأسه بعدم تصديق وهو يراقب تلك الرقيقة التي.

لم تحب أحداً كوالدتها تتحدث عنها بتلك الطريقة!
فقال باستياء: نوران انتِ عبيطة ولا جري لعقلك حاجة؟! دي امك؟ ونسيتي انها مرات بابا وزيها زيك هنا؟
هزت رأسها بنفي وقالت بإصرار: مش هشوفها ولا هزورها متطلبش مني كده؟!
تنهد وقال بهدوء: هي عملت ايه طيب؟!
فقالت بلوم وهي تنظر له: يعني مش عارف؟!

قبل جبهتها برقة وهو يعتذر: أسف بجد، بس لازم نشوف حل مينفعش كده؟!، وقبل أن تعترض قال بهدوء: يمكن هي عرفت حاجات احنا مكُناش عارفنها وعرفناها متأخر لازم تُعذريها هي بتحبك؟! وكمان هحكيلك على حاجات متعرفيهاش وممكن تكون هي السبب فعلاً إنها خدك وقالتلك مش هترجعي تاني هنا؟!، وعانقها بنهاية حديثه ويدعوا أن تكون هدأ قليلاً كي تسامحه..
توقف أمام المنزل بساعة متأخرة من الليل..

ترجل من السيارة بهدوء وفتح باب السيارة الأخر مربتاً على وجنتها بحنان وهو يوقظها برفق: ساره، ساره..
أوقفه قول والدته بهدء: سبها نايمة يا حبيبي وشلها طلعها وأنا هاخد يوسف يلا..
أومأ لها وحملها برقه وهو يبتسم فهي مرهقة بسبب يوسف الذي لا أحد يسيطر عليه غيرها سار بها للداخل حتى قامت والدته بسؤاله: هتجيب مها امتي؟!
قال بهدوء: الصبح..

حدقت به وهي على وشك البكاء قائلة برجاء: فارس والله حرام عليك هعيا كده سبني أخرج!
نظر لها ببرود وعاد للاستلقاء مجدداً وقال بسخرية: اخرجي حد ماسكك؟!
فقالت بغيظ وهي تغرقة بالمياه: أخرج ازاي وانت قعدلي كده زي الكلب البوليسي؟!
هز رأسه بتوعد وقائلاً: براحتك اشتمي كمان اشتمي، تنهدت وهي تسند مرفقها على حافة المسبح تضع راحة يدها تحت وجنتها المبتله وقامت بسؤاله باستنكار: بما اننا قاعدين لازم أسألك السؤال ده..

إنت همجي ليه و ملكش امان يعني حد خانك قبل كده؟!
ضحك وقال صراً على أسنانه: بعد الكلمتين دول لو جدعة أخرجي..
إبتعدت متوقفة في وسط المياه وقالت وهي تهز كتفيها: جد قلك اني جدعة؟ أنا مش جدعة خليني في الميه مالها يعني؟!
عاد هو وهي وهم يتبادلون أطراف الحديث بتسلية حتى دلفا للمنزل ليجدا سجى مستغرقة في النوم على الأريكة في غرفة الجلوس فهرول لها نادر ولارا خلفه متناسبين أمر الباب الذي تركوه مفتوحاً..

أيقظها نادر برفق: سجى، سجى، سجى..
فتحت عينيها بهدوء وهي تنظر حولها بتخبط حتى قالت: هو الصبح طلع ولا ايه؟
ربت على شعرها بحنان: على وشك إنه يطلع، عملتي إيه مع فؤاد؟!
نظرت له بدون تعبير ثم قالت بتثاقل: مجاش عرفت بقي انه ميستاهلش!.
فغر فاهه بعدم تصديق هو ظن أنهم تصالحوا الآن وتعمد التأخر من أجل هذا؟ لكنه سيضطر أن يرى مُشاحنتهم معاً؟!

وقبل أن يتحدث سمع صوت تحرك الباب ليدلف منه فؤاد وهو يلهث ممسكاً باقة من الورود الحمراء بيده قائلاً باعتذار: آسف على التأخير العربيه عطلت منى في الطريق!
نظرت له سجى بدون تعبير ثم صعدت إلى غرفتها بينما نادر قال بازدراء: شوف بقى هتصالح مين؟
وحاوط لارا وأخذها صاعداً بها إلى غرفتهم تاركاً يقف ببهو المنزل وحده يحدق بأثرهم بتفكير..
صباح اليوم التالي..

كانا يجلسان بالمقاعد التي بالممر ينتظرانِ خروج الطبيب الذي تأخر كثيراً بأعصاب تالفة حتى فتح الباب فجأة و أطل عليهم الطبيب..
فوقفا سريعاً والقلق بادي عليهما وقد تفاقم أكثر وهما ينظرانِ إلى تعبيرات الطبيب الأسفةِ لهم..
ماذا يعني هذا؟!.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة