رواية بحر العشق المالح للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل التاسع والثلاثون
قبل قليل
بمصنع عادل حندوق
كانت تلك اللجنه تؤدى عملها بحياديه تامه
كذالك صابرين التي دونت بعض الملاحظات بمدونه ورقيه، لم تنتبه الى من آتت من خلفها تنظر الى تلك المدونه التي بيدها، سرعان ما عبست بحقد ثم تهجمت عليها ببراءه مصطنعه قائله: بعدت عن سكتك وبرضوا لسه نوياك خبيثه، ومصره على إلحاق الضرر بمصالحى ليه حطانى في راسك سبق وإتسببتى في طلاقى وفراقى عن بناتى.
ذهلت صابرين وإستدارت تنظر لها عقلها غير مستوعب ذالك التمثيل الجيد من فوزيه وكذبها وإدعائها عليها رغم أن الموقف ليس له علاقه بما قالته تلك الحقيره.
لكن حاولت الهدوء وإلتزمت الصمت وإبتعدت عن مكان فوزيه ذهبت تتحدث مع أحد أعضاء اللجنه مما أغاظ ذالك فوزيه أكثر، واحدثت جلبه قائله: طبعا الدكتوره لازم تكمل تمثيل ان عندها ضمير يا ساده، أنا متأكده أنها مدعيه وآفاقه وعشان رفضنا نقدم لها رشوه سبق وإتسببت في قفل المصنع غير كمان عشان مصلحة جوزها ميبقاش له منافسين أقويه زى مصنعنا، طبعا كلكم عارفين مصانع زهران وزوجها عوعواد زهران يبقى فرد من المساهمين فيها.
نظر أعضاء لجنة الفحص ل فوزيه وصابرين التي قال رئيس لجنة الفحص: حضرتك غلطانه يا مدام، الدكتوره صابرين معروفه بنزاهتها وحياديتها، حتى هي بنفسها سبق وإعتذرت عن انها تكون من ضمن لجنة الفحص اللى هتفحص أحد مصانع زهران.
إرتبكت فوزيه من رد رئيس لجنة الفحص الذي يبرئ صابرين لكن لم تستحى وكملت تهجمها بضحكة سخريه قائله: طبعا لازم تدافع عنها مش حرم عواد زهران إسمه لازم تجاملها وتدافع عنها، ويمكن موالس معاها كمان.
نظر لها رئيس اللجنه بغضب قائلا: واضح إن حضرتك معدومة الذوق ومش عارفه بتكلمى مين سب الدكتوره حاولت إنى أتغاضى عنه رغم أنه كبير بس مراعاة للمهنيه، بس كده كتير جدا ومضطر أنى أنهى الفحص وأقدم بداله تقرير باللى حصل هنا من أول سبك وإتهامك للدكتوره، وبطلب من بقية أفراد لجنة الفحص يتوقفوا عن العمل وكل فرد يقدم لى تقرير مفصل باللى شافه وسمعه هنا يلا بينا.
بعد قليل خرج أعضاء لجنة الفحص، إقترب عادل من فوزيه بغضب قائلا: زودتيها أوى عن الازم أنا كنت مظبط كل حاجه وإن لجنة الفحص تدى تقرير ممتاز عننا بس إنت بغيرتك وغطرستك مقدرتيش تتحكمى في غضبك وصابرين طلعت قدامهم النزيهه وأكيد بعد اللى حصل المصنع هيتقفل من تانى، خربتى كل شئ بغيرتك العاميه، معرفش أيه اللى بينك وبين صابرين يوصلك للغباء ده، ولا عشان عواد فضلها عليك وأتجوزها إنما إنت رفضك قبل كده، بصراحه يحق له يرفض غبائك اللى هيخسرنا كل شئ دى كانت آخر فرصه لينا نقدر نقف قصاد عواد وإنت ضيعتيها وحققتى له أمله أنه يهزمنا.
نظرت له فوزيه بعيون تقدح شرار وغلول: صابرين هي نقطة ضعف عواد، ولازم أقهره عليها.
صعق عادل قائلا بتحذير: فوزيه إرجعى عن اللى في دماغك، كفايه المرات اللى فاتت وصابرين كانت بتنجى منها، أنا...
قاطعته فوزيه بصرامه قائله: إنت أيه، إنت معايا من البدايه ولا هتتخاذل دلوقتي.
رد عادل بخذلان: للآسف معاك لأننا في مركبه واحده.
بمصنع زهران.
رد عواد على من يحدثه عبر الهاتف قائلا بغضب: يعنى رئيس اللجنه مفرقش معاه سب فوزيه ل صابرين، لكن لما عابت فيه رسم دور النزيه، تمام أنا هعرف أرد كويس على سب فوزيه ل صابرين ومش هيكفينى قفل المصنع لأ هخليهم يعلنوا أفلاسهم وخلى بقى سيادة السفير يشوف سطوة منصبه السابق هتنفعه قصاد غباء ولاده الإتنين، سلام.
أغلق عواد الهاتف ثم وضعه أمامه على طاولة المكتب يزفر نفسه بغضب، لكن حاول الهدوء وجذب الهاتف مره أخرى وأجرى إتصال هاتفى ينتظر الى أن رد الآخر وقبل ان يتحدث قال هو: عاوزك تتصل على صابرين وتعزمها عالعشا عندك في المطعم.
تعجب رائف قائلا: أعزمها بمناسبة أيه، وبعدين ما هي مراتك أعزمها انت حتى أعملها لها مفاجأه الستات بتحب أوى المفاجأت دى؟
رد عواد بزهق: رائف أعمل زى ما بقولك، حتى كمان فرصه إعزم فاديه مع صابرين وإتحجج مثلا ب ميلا
أى سبب، حتى بدون سبب لو قولت ل صابرين إن العزومه بسبب ميلا هتقول ل فاديه وفاديه وقتها مش هترفض بالعكس هتقنع صابرين، يلا هقفل معاك وإنت إتصل على صابرين زى ما قولتلك.
وضع عواد الهاتف على المكتب لكن جذبه مره أخرى وفتح ألبوم الصور لديه ونظر لتلك الصوره التي فبركها له رائف سابقا، كانت نظرات العيون مختلفه عن حقيقة وقتها تمنى من داخله أن تكون نظرات الهيام التي بينهم بتلك الصوره حقيقيه.
بعد دقائق عاود رائف الإتصال على عواد، رد عواد سريعا: صابرين وافقت عالعزومه.
تنهد رائف قائلا: عيب أخوك عنده قدرة إقناع قولت لها حاسس إن ميلا عندها شوية زهق وبتغلب الداده بسبب وجودها طول الوقت في البيت وحبيت اعمل عزومه عشانها وحبيت يحضر كل اللى بتحبهم ميلا العزومه، حتى إضطريت أعزم هيثم أخوهم كمان، خد بالك فاتورة العزومه هتتخصم من نصيبك، أنا بس هتحمل عزومة فتوش.
رغم شعور الغضب عند عواد لكن تبسم قائلا بسخريه: فتوش!
والله لو فاديه سمعت منك الأسم ده لا تلبسك أول حاجه ايدها تطولها وإنت وحظك بقى، سلام عندى شوية شغل هخلصهم ونتقابل عالعشا.
أغلق عواد الهاتف ثم وضعه امامه على المكتب متنهدا بحيره من تلك المشاعر التي تسيطر عليه في الفتره الاخيره، مشاعر متردده ومضطربه، يود أخذ قرار حاسم بالفراق عن صابرين لكن ضعيف أمام إتخاذ هذا القرار.
بمنزل زهران
بغرفة تحيه.
فتح فهمى ل باب الغرفه ودخوله سريعا لم يعطيها الفرصه أن تمسح تلك الدموع
لكن سرعان ما أعطت ظهرها له وهي تمسح تلك الدموع التي لاحظها فهمى بوضوح وإتجه الى مكان جلوس تحيه بلهفه إستفهام قائلا: في أيه يا تحيه إتصلتى عليا وقولتيلى تعالى البيت بسرعه ودلوقتى لما دخلت الاوضه شوفت دموعك، في أيه اللى حصل.
جففت تحيه تلك الدموع باناملها وهربت بعينيها بعيد عن عيني فهمى، وحاولت التماسك قائله: مفيش حاجه، متقلقش كده، أنا أتصلت عليك عشان تجى عشان أحلام، رافضه تاخد العلاج غير من أيدك.
تنهد فهمى براحه قائلا بنظرة حب وإعجاب: متأكد إن في سبب تانى يا تحيه غير ده، هروب عينيك منى له تفسير تانى، غير إنى دى مش اول مره أحلام ترفض تاخد العلاج، وكنت بتقدرى تقنعيها بس تمام هروح أشوف أحلام وارجعلك أعرف سبب الدموع دى وأتمنى ميكونش عواد السبب فيها.
جففت تحيه بقايا أثار الدموع على وجهها قائله: صدقنى هو ده السبب، روح لها زمانها بتتآلم العلاج بيسكن آلمها شويه.
نهض فهمى وذهب الى غرفة أحلام ببساطه أقنعها أن تتناول الدواء، التي أخذته منه مرحبه ممتنه لتشعر براحه أصبحت وقتيه لا تتدعى ساعات ويعود الآلم ينخر بجسدها الهزيل والتي أصبح راقده بالفراش لا تقوى على النهوض وحدها حتى لقضاء أبسط الأشياء الخاصه بها، ضعفها أصبح يجعلها عصبيه جدا، وعدوانيه أيضا مع الجميع عدا فهمى وأحيانا تحيه التي لطالما ساهمت بإذائها عمدا، إستسلمت لظلام سحيق يسحبها لغفوه لبعض الوقت قبل أن تصحو متآلمه.
اطفى فهمى لها الضوء وخرج من الغرفه متنهدا بآسى فليست تلك أحلام التي كانت قبل شهور بقوتها البدنيه وهيكلها الجسدى الممتلئ بعض الشئ تبدلت لآخرى مجرد جسد ضئيل راقد على الفراش لا حول ولا قوه، لكن ظل لسانها مثلما كان كآن المرض تركه لها تعبر به ليس فقط عن آلامها، بل أيضا تتعجرف به على الغير.
دخل فهمى مره أخرى الى غرفة تحيه يتنهد بآسى حين قالت له تحيه بهروب: هنزل أشوفهم حضروا الغدا ولا لسه زمانك جعان انا عارفه طبعك، لو فضلت طول اليوم من غير أكل متاكلش غير في البيت.
أمسك فهمى يد تحيه قائلا: تحيه بلاش تتهربى منى متأكد في حاجه وسبب تانى لدموعك.
حاولت تحيه عدم الافصاح عن ما سمعته من أحلام، لكن فهمى لم يعطيها فرصه لإخفاء الامر وأصر عليها، مما جعلها تستسلم وتخبره عن سبب ان سبب إجهاض صابرين هي أحلام حين وضعت لها دواء إجهاض.
ذهل فهمى قائلا: معقول الشر يوصل بأحلام أنها تعمل كده.
صمتت تحيه بنفسها غير مذهوله من ملامح فهمى المذهوله من ذالك فماذا لو أخبرته أنها سمعتها تهزى أنها السبب بموت مصطفى.
تعلثم فهمى غير مصدق قائلا: وليه عملت كده، دى كان ممكن تسبب في موت صابرين، إزاى ضميرها سمح لها تأذى إنسانه عمرها مأذتها وليه أساسا أجهضت صابرين هتكسب من وراء كده أيه؟
ردت تحيه بتفسير: هتكسب وجع قلبى يا فهمى، أحلام طول عمرها كانت بتحض منى رغم لو بصت لحياتها هتلاقيها كانت أحسن منى من البدايه.
ربنا رزقها بيك كنت بتراعى ربنا فيها هي وولادها، أنا أنت كنت شايف معاملة جاد ليا وكنت متحمله عشان خاطر عواد، حتى لما جاد مات فضلت قسوته في قلب عواد ليا وإتحملت ولسه عندى إستعداد اتحمل قسوته بس أنى أشوفه سعيد وبخير قدامى، إسكترت عليا إنى أفرح إنى هيكون ليا حفيد أو حفيده يمكن عواد كان حس بغلاوة الضنا وعرف إنه أغلى إنسان عندى، أنى مش ندمانه إنى في يوم ضحيت عشان يقدر يوقف على رجليه من تانى، وإن الصوره اللى كان بيشوف جاد بيها مكنتش حقيقيه ويقدر بنفسه يفرق بين القسوه والجحود، وبين التعبير عن الحب بدون إستكبار إنه مش ضعف.
هز حديث تحيه قلب فهمى هو يعلم أنها لم تقاسى مع اخيه قليلا، وكان زواجها منه ليس بدافع الحب كما كان يتمنى بل كان بدافع الأمومه التي أجبرتها على القبول بالزواج منه، فهى كانت إبنة رجل كل ما يملكه من ثروه، قطعة أرض بها منزل صغير بمنطقه جديده، إبتاعها بالتقسيط وقتها بمنطقه كانت غير مؤهله بالسكان، كذالك محل بقاله صغير جوار وظيفته الحكوميه يستكمل بها احتياجات المعيشه الخاصه به هو وطفل بعمر عواد يدرس، لو رفضت وقتها كان سيظل عواد قعيد، لكن كانت تضحيه منها في نظرها بسيطه، لكن عواد إستكبرها، عاشت معه بنصف قلب، نصف مكسور كلمه من عواد كفيله بجبره ونصف كانت تحاول به أن تتعايش مع من حولها حتى إنجابها ل غيداء فقدت زهوته بقلبها.
يشعر أحيانا أنها ترفض أن غيداء أصبحت صبيه
مازالت تعاملها على انها طفله صغيره تخشى عليها أن تصبح مثلها ويشيخ قلبها وهي صبيه مثلما حدث معها سابقا، هرم قلبها قبل آوانه.
بخطى متهاديه على الشاطئ كانت تسير فاديه
بداخلها تسخر من نفسها لما آتت اليوم للقاء فاروق لما لم تتحجج بأى شى كما في المرات السابقه ولم تأتى هي أنهت فاروق من حياتها، لكن ربما آتت اليوم هنا لنفس المكان التي كانت تتقابل به مع فاروق كى تتذكر.
احلامها وأمانيها اللتان دهسهما فاروق أسفل أقدام الخذلان، ضحكت بتهكم حين إقترب فاروق منها ومن تلك الشمس التي تنعكس على سواد عيناه قديما كانت تراها بنفس المنظر لكن كانت بتفسير أنها لؤلؤه سوداء مشعه، كانت تشع بالغرام لها
لكن الآن تراها عتمه سوداء بها لمعه ستنطفئ بعد لحظات.
حتى تلك البسمه تغيرت عن بسمته القديمه التي كانت تعطيها أمل أن يجتمعان معا ويعود الود والصفاء القديم بين العائلتين فهو بالنهايه إبن خال والدها الأخ الوحيد لجدتها ف (صابرين وعواد)بالماضى كانا أخوه لكن تدخل بينهم الطمع، خال والدها الذي أضاع الأخوه بسبب الطمع بقطعة أرض سفك من أجلها دماء لم تكن بريئه كما برر هو لنفسه وقتها الأرض مقابل العرض
لا ليست فقط مقابل العرض بل مقابل حقن الدماء.
مروان كان فارس ودافع عن حبه ل صبريه
أما هذا كان متخاذل بجداره حتى لم يبرر لها موقفه وقتها تفاجئت به يتزوج بأخرى، هدم حب خمس سنوات بلحظه وتقبل أخرى بحياته، لتتقبل هي الأخرى بعدها حياتها مع أول شخص تقدم لها بالزواج ولسوء حظها كان الأخ الأكبر لزوجة فاروق، كانت ترى أحلامها وامانيها معه يحققها مع غيرها، حتى لو لم يكن سعيد، لكن هو من إختار التخاذل من البدايه.
أصبح فاروق أمام فاديه مباشرة، يبتسم قائلا: كنت خايف تعتذرى زى الفتره اللى فاتت، بأى حجه.
ردت فاديه: بصراحه مكنتش هاجى، بس قولت أعرف سبب إصرارك بالشكل إننا نتقابل.
تنهد فاروق قائلا: في سبب قوى جدا يا فاديه، تحبى نتكلم وإحنا بنتمشى ولا نروح نقعد في مكانا القديم عالصخور.