رواية بحر العشق المالح للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الرابع والأربعون
بأحد الغرف الإداريه بلمشفى
بعد أن تعامل الأمن مع فادى وعواد وحاول فض الشجار الذي كاد يعاود بينهم
بهدوء أخذهم مدير أمن المشفى لإحدى الغرف، تدمعت عين تحيه وهي ترى وجه عواد المكدوم بسبب لكمة فادى له كذالك فادى وجهه مكدوم لكن تنظر له ببغض لو بيدها لكانت أبرحته ضرب أكثر وأدمت ليس فقط وجهه بل جسده بالكامل حتى تشفى غليلها منه بسبب إبنيها الأثنين عواد، غيداء.
لكن شفع له بضآله ذكرى مصطفى الذي فعل فادى كل هذا من أجل القصاص له، أو هكذا فكر عقله وقلبه بناء على رابط الأخوه التي كانت بينهم
بينما فهمى هو الآخر يود الفتك ب فادى الذي إستباح القيم والاخلاق وتلاعب بقلب غيداء من أجل إنتقام بخسه.
تحدث فهمى ل مدير أمن المشفى قائلا: تقدر تطمن ممكن تسيبنا مع بعض خمس دقايق مش أكتر.
نظر مدير أمن المشفى لهم الأربع وتحير أمره خشية عودة الشجار بينهم لكن بسبب رجاء فهمى له خرج وتركهم بعد تحذير منه، أن أى شجار قد ينشب بينهم ستكون عواقبه وخيمه.
ظل الصمت لدقائق بالغرفه العيون هي من تتحدث بين فادى وعواد اللذان بداخلهم أمواج عاصفه كل منهم يود إقتلاع قلب الآخر.
قطع الصمت فهمى قائلا: أنا موافق يا فادى على جوازك من غيداء، بس ليا شرط.
نظر عواد ل فهمى بذهول قائلا برفض: بس أنا مستحيل اوافق على...
قاطع فهمى عواد بحزم: غيداء تبقى بنتى أنا وأنا المسؤول عن أى شئ يخصها وأنا موافق يا عواد.
صمت عواد للحظات ثم كاد ينهض تاركا الغرفه، لكن ساقيه خذلته بذالك الخدر الذي يشعر به، ظل جالسا، لكن نظر ل فادى وتهكم ببسمه ساخره قائلا: معتقدش إن غيداء هتوافق على جوازها من واحد خسيس زى ده معندوش أى أخلاق.
تهكم فادى ساخرا هو الآخر: وإنت كان عندك أخلاق لما خطفت صابرين من مصطفى أخو.
إغتاظ عواد من قول فادى ود لو ينهض ويعود للتشاجر معه، لكن فادى أكمل: أنا لغاية دلوقتي مش مصدق كدبة أن مصطفى يبقى...
سبقت تحيه بالرد: مصطفى يبقى إبنى يا فادى.
نظر فادى نحو عواد بنظرة تشفى وكاد يتحدث لكن سبقت تحيه حديثه قائله بتأكيد: مش عواد السبب في موت مصطفى.
نظر لها فادى متهكما يقول: ومين السبب في موته، ليه عاوزه تبرأى عواد بأى شكل، كل ده عشان ميحسش بعذاب ضميره إنه قتل أخوه عشان يخطف مرا.
قطعت لكمه تلقاها فادى من عواد استكمال الكلمه، لكن فصل فهمى سريعا الشجار بينهم وحاول يلجم فادى الذي يفوقه قوه بمراحل لكن فادى حاول الأ يفسد الامر أكثر من ذالك، ربما يغير فهمى قراره ويعود لرفض زواجه من غيداء، كذالك تحيه هي الأخرى إحتضنت عواد، تشعر بنبضات قلبه الذي يآن بتسارع غاضب بشده، ونظرت ناحية فادى قائله: أنا مش بكذب ولا بجمل اللى حصل عشان عواد ميحسش بالذنب، فعلا مش عواد السبب في موت مصطفى، السبب يبقى...
صمتت تحيه تبتلع ذالك العلقم بحلقها وهي تنظر ناحية فهمى المتأهب هو الآخر لمعرفة من السبب، وتبدلت نظرته ل صدمه وترك لجام فادى حين سمع قول تحيه: السبب في موت مصطفى هي أحلام.
ذهل عواد، كذالك فادى!
بينما إبتلع فهمى ريقه الذي يشعر أنه جاف مثل الصحراء القاحله وتحدث بخفوت: أحلام!، عرفتى إزاي؟، وأيه مصلحتها من قتل مصطفى؟
إبتعد عواد عن حضن تحيه وجلس على أحد المقاعد ينظر لها بترقب لديه يقين عن السبب كره أحلام له منذ طفولته.
بينما نظر فادى مندهش قائلا: .
ليه هتقتله مصلحتها أيه، دى قريبة وأعز صديقات ماما.
نظرت تحيه نحو عواد بدمعه وأجابت: أكيد
قتلته عشان تقضى على مستقبل عواد، إنه أقل شئ يقضى مده طويله في السجن.
تهكم فادى وهو ينظر ل عواد قائلا بإستهزاء: واضح إن محدش بيقبلك، بس ده مش سبب مقنع ولو كلامك صحيح تبقى قتلته إزاى؟
نظر فهمى ناحية تحيه ينتظر الرد، إستجمعت تحيه نفسها وقالت: معرفش هي قتلته إزاى، أنا سمعتها بتهزى إنها هي اللى قتلته.
تهكم فادى بنظره وكاد يتحدث لكن سبقته تحيه قائله بتبرير: اللى تؤمر الخدمه تحط دوا إجهاض لصابرين في النعناع، معتقدش يبقى صعب عليها تنهى حياه عشان تشفي غليلها من عواد.
صعق عواد وهو ينظر لوجه تحيه التي أمائت رأسها بدموع تؤكد قولها: أيوا أحلام هي السبب في إجهاض صابرين، قالت تحيه هذا ونظرت ل فادى قائله بتأكيد: لو مش مصدقنى الخدامه موجوده أسألها، قول لها صابرين كانت آذت أحلام في أيه عشان تسبب إنها تجهض ودمها اللى كان ممكن يتصفى وقتها لو مكنتش إتصلت على فاديه تطلب مساعدتها وبالصدفه رجوع عواد للبيت، أحلام بتكره عواد طول عمرها والسبب كان تافه إننا إتجوزنا مع بعض في ليله واحده أن حبلت بسرعه إنما هي إتأخرت كم شهر، وإزاى أخلف ولد قبلها يمكن لو كنت خلفت بنت كان قل غلها شويه.
كذالك فهمى إنذهل عقله لكن تبرير تحيه حقيقه هو يعلمها سابقا من معاشرته ل أحلام التي كانت دائما تود الطمع بكل شئ لتكون هي ليس الأفضل بل الأغنى كان الطمع بالمال هو غايتها لا السلطه ولا الأفضليه، هي دائما ما تقول
المال يفتح كل الطرق المغلقه، ويجعلك بسهوله تدهس بقدميك على رقبة من يقف قدامك وتحصل على كل ما تريده، حتى السلطه والأفضليه.
نهض عواد يشعر بإنهيار داخلى مزود بذالك الآلم الجسدى الذي أصبح يشتد لكن يتحامل عليه غصب الى متى يتحمل لا يعلم، خرج من الغرفه مثل التائه، لكن يعلم أين يذهب الى من بمجرد رؤيةوجهها ينسى ذالك الآلم.
فتحت صابرين عينيها
كل ما سبق قبل أن تفتح عينيها كان كابوس هي للتو إستيقظت منه.
اليوم هو زفافها على مصطفى، كعادتها كل صباح حين تصحو تتمطئ قليلا بفراشها ثم تنهض بتكاسل تخرج من الغرفه نحو الحمام، تغتسل وتتوضأ وتصلى الصبح ثم تحضر فطورها وتذهب بعدها نحو عملها، لكن اليوم مختلف، اليوم هو زفافها تعامل مثل الأميرات، عليها التمتع بذالك الدلال فبعد حمام دافئ.
عادت الى غرفتها وجدت فطور خاص بإنتظارها في الغرفه، تبسمت بحبور لكن بنفس الوقت ودخلت عليها فاديه تحمل طفله صغيره، تعجبت كثيرا وسألتها: مين اللى على إيديك دى يا فاديه.
نظرت فاديه للطفله وقبلت وجنتها قائله: دى
بنتي.
تبسمت صابرين وقبل أن تتحدث دخلت منال بطفلتها الى الغرفه، للحظات تعجبت صابرين، ونظرت الى فاديه بنظره فهمتها منها وقالت: منال صاحبتى وبنتها.
تبسمت صابرين لهن، وإزدات بسمتها حين دخلت شهيره تحمل على يديها صندوق ورقى كبير قائله: الفستان وصل، وزمان البنات بتوع الميكيب على وصول هما كمان خلصى فطورك بسرعه عشان بعد كده هتنشغلى مش هتلاقى وقت للأكل.
بعد وقت مساء
إنتهوا الفتيات من تزين صابرين التي ظهرت مثل الأميرات، دخل اللى الغرفه سالم مبتسما بإنشراح وقبل جبينها قائلا: بسم الله ماشاء الله أميره.
تبسمت فاديه قائله: ولسه يا بابا لما مصطفى يشوفها هيتهوس بها رغم أنها تقريبا حاطه رتوش بسيطه.
شعرت صابرين بالخجل
تبسم سالم على خجلها قائلا بمدح: دى هاله ربانيه يا فاديه.
أثنى سالم يده قائلا بإختصار: أميرتى.
وضعت صابرين يدها بين ثنايا يد سالم وخرجت من الغرفه
بعد قليل.
تبسمت صابرين وهي تنظر الى مكان وقوف مصطفى القريب من باب شرفة الغرفه المفتوح لكن تلك الستائر التي تتحرك بنسمات الهوا تعتم الغرفه، تخفى العتمه قليلا ملامحه.
أقتربت صابرين من مكان وقوف مصطفى تقول: واقف ليه في الضلمه يا مصطفى، الليله ليله قمريه والقمر كامل إفتح الستاير لنور القمر.
لم يرد عليها مصطفى وهي تقترب منه الى أن أصبحت خطوه هي الفيصل بينهم، رفع مصطفى يديه وأزاح ذالك الوشاح الابيض عن وجهها، شعرت صابرين بالخجل واخفضت وجها بحياء، لكن مصطفى وضع يده أسفل ذقنها ورفع وجهها رغم ذالك كانت تخفض عينيها
إحنى مصطفى رأسه ولثم شفاها بقبلات ناعمه تزداد شغف حين شعر بقبول منها على إستحياء، ترك شفاها لتتنفس لكن إحتضن جسدها.
وأزال بيده ذالك الحجاب عن رأسها، وفرد خصلات شعرها التي تطايرت بسبب تلك النسمه القويه التي هبت وازحت طرفي الستائر، وتسرب ضوء القمر الى الغرفه بسبب تلك النسمه أغمضت صابرين عينيها، ثم فتحتها وعادت براسها للخلف، رفعت وجهها على إستحياء تنظر لوجه مصطفى، لكن نظرت بصدمه قائله: إنت مين، وفين مصطفى، إزاى دخلت هنا.
لم يجيبها فقط إبتسم.
إبتعدت عنه صابرين بإستهجان تنظر له بإستغراب وتوجس، تبحث عن غطاء راسها، تدور حول نفسها بالغرفه كالتائه، لكن مع هبوب تلك النسمات التي تزيح الستائر، ظهر وجه هذا الشخص بوضوح وهو يقترب من صابرين الحائره الى أن إصتطدم جسدها بذالك الشخص الذي ضم جسدها هامسا: فوقى من الوهم يا صابرين.
أنا عواد زهران نصيبك اللى مفيش منه هروب، دفعته بعيد عنها وهرولت نحو باب الغرفه، وضعت يدها على مقبض الباب، لكن كان موصد، شعرت بأنفاس خلفها إستدارت لتجد عواد خلفها يرسم بسمة نصر، إبتعدت عنه تهرول بكل مكان بالغرفه، بنهاية كل مكان تصتطدم بجسد عواد، أنهكت قواها جلست جاثيه على ساقيه بنهجان تشعر بإنهزام وإمتثال أنها وصلت الى النهايه.
بالفعل هي النهايه ضربات قلب عاليه يصحبها رجفه قويه بجسدها وتلك الأنابيب والمجثات المغروسه بجسدها تعطى إشارة إنذار خطر، سريعا كان دخول الاطباء الى الغرفه.
رغم أنها مازالت لم تفتح عينيها لكن قبل
أن تعطى تلك الأجهزه إنذار وقبل أن يرتجف جسدها.
سمع عواد همسها بإسم مصطفى، شعر بشرخ قاسم في قلبه وهو ينظر لوجه صابرين ظن لوهله انها عادت لوعيها، لكن لا، مازالت سابحه بملكوت خاص ويبدوا أن من يشاركها فيه هو مصطفى التي همست بإسمه.
كذالك سمعت شهيره أيضا همس صابرين للحظه إنشرح قلبها أن تكون صابرين فاقت من تلك الغيبوبه.
لكن خاب ظن الإثنين وهما يسمعان صوت تلك المجثات كذالك دخول الأطباء عليهم وطلبهم منهم بأمر بمغادرة الغرفه فورا.
خرج الإثنين، كل منهم يشعر بآسى في قلبه...
رغم أنها كانت مجرد دقائق، لكن مرت عليهم مثل سنوات من الترقب والإنتظار قبل أن يخرج الأطباء من الغرفه.
تلهفت شهيره حين خرج الطبيب، الذي قال بتطمين: إطمنوا، دى ردة فعل طبيعيه إحنا بعد إمبارح ما حاول دكتور الإفاقه يفوقها ومستجبتش للإفاقه، قررنا تقليل نسبة المخدر وتقريبا منعناها وده رد فعل طبيعى من الجسم، دلوقتى الحاله إستقرت مره تانيه، وبكده ممكن المريضه تفوق من الغيوبه بدون ما نحتاج مره تانيه نعمل لها إفاقه مره تانيه، تقدروا تدخلوا لها.
دخلت شهيره وخلفها الى عواد الى الغرفه، نظر نحو صابرين، الذي هدأت حركة جسدها، وتذكر همسها بإسم مصطفى وما حدث بعدها ظن أن صابرين مازالت تكن مشاعر ل مصطفى وإلا لما همست بإسمه
شعر أن
شراع النجاه بينهم تهتك وأصبح لوح خشب لا يتحمل سوا فرد واحد منهم ينجو والآخر يستسلم للغرق بين تلك الأمواج القاصفه.
لم يستطيع البقاء وخرج من الغرفه جازما أمر الانفصال قريبا.
بمنزل سالم التهامى.
فتحت فاديه باب غرفة والداها بهدوء ولم تشعل ضوء الغرفه تسحبت سيرا نحو الفراش وجدت سالم مازال نائما، كادت أن تغادر الغرقه لكن قبل أن تغلق باب الغرفه سمعت سالم يقول: أنا مش نايم يا فاديه، إعمليلى قهوه.
إستدارت فاديه قائله: صباح الخير يا بابا هروح أحضر الفطور، حضرتك متعشتش إمبارح.
رد سالم: صباح النور، ماليش نفس لأى أكل أعمليلى قهوه على ما أصلى الصبح.
بالمطبخ.
وضعت فاديه القهوه على طاوله أمام سالم قائله بشفقه: هتشرب قهوه ساده عالريق كده يا بابا، أجيبلك جنبها بسكوت أو...
أشار سالم لها بيده بمعنى لا وجذب فنجان القهوه وبدأ يرتشف منه ببطئ، ثم وضعه مره أخرى الطاوله. ونظر ل فاديه التي جلست بالمقابل له بوجه موجوم شعر بزياده الآسى بقلبه تنهد قائلا: ماما متصلتش عليك.
هزت فاديه رأسها ب لا تشعر بالأسى قائله: لأ أنا عرضت إنى أبات ليلة إمبارح بالمستشفى مع صابرين، وهي قالتلى لأ وكمان عشان وجود عواد بإستمرار هناك، بصراحه آخر شئ كنت أتوقعه إن عواد يبقى بالشكل ده، ده شبه منهار ورافض يسيب المستشفى.
تهكم سالم بوجع نادم بشده كيف طاوع عقله وترك صابرين تواجهه وحدها من البدايه.
شعرت فاديه بندم والداها وقالت: أن لغاية دلوقتي مش قادره أصدق إن مصطفى هو اللى زور تقرير العذريه، كان أيه هدفه من كده.
تنهد سالم بآلم قائلا: هدفه هو قبول صابرين بأى شئ معاه، أكيد كان هيجى يوم وينكشف جوازه من غيرها فده كان بالنسبه له نقطة ربح يقدر يساوم بها دايما صابرين إنها تقبل بجوازه من غير ذم أو شكوى منها.
تعجبت فاديه من ذالك التبرير، لكن تنهد سالم وهو يرتشف بعض قطرات القهوه، يتذكر.
[بالعوده قبل يومين]
رغم تأكيد عواد أنه لم يقم بتزوير العذريه، لكن سالم لم يصدقه قائلا: هتفضل كداب لحد أمتى وطالما مش إنت اللى زورت التقرير مين اللى زوره، محدش كان مستفيد من كده غيرك، عشان تساوم تسترد الأرض وإن صابرين متقدمش فيك بلاغ مره تانيه بالخطف.
رد عواد بإثبات: الأرض كان سهل عليا أستردها بدون خطف صابرين، أنا معايا مستند تنازل عن الأرض من جدى ليا بعقد رسمى موقع من والدك وعليه شهود وكمان وفيه كعب شيك تمن الأرض اللى دفعه جدى لوالدك وقتها، اللى مش مثبوت في الدفاتر الرسميه هو نقل حيازة الأرض فقط لأنى كنت مسافر وقتها بتعالج خارج مصر غير كنت قاصر، وجدى وقتها آجل نقل الحيازه لحد ما أبلغ السن القانونى وهو كده كده كان الوصى على أملاكى، والمستند اللى معايا كان بسهوله ينقل حيازة الأرض ليا بأى وقت.
غير كمان
إفتكر مش أنا اللى طلبت كشف العذريه من أساسه ولا كان حتى في دماغى إنى أشكك في عذرية صابرين.
ذهل سالم من الحقيقه وأدار حديث عواد برأسه وتذكر زواج مصطفى بأخرى غير صابرين
إذن
الهدف واضح كسر مصطفى ل عين صابرين كى ترضخ وتتقبل زواجه من أخرى دون طلب الإنفصال بذالك السبب التي لن تتقبله إلا غصبا
نظر سالم ل عواد قائلا بإستفسار: وطالما كان معاك المستند ده ليه وقتها خطفت صابرين، ليه دخلتها في لعبه قذره.
صمت عواد للحظات، مما أثار غضب سالم أكثر وكاد يصفعه، قائلا بإختصار: رد يا جبان.
أخفض عواد وجهه ثم رفعه ينظر لعين سالم قائلا: كنت مفكر إنى بنتقم منها عشان في يوم إتشفت في آلمى قدامها.
صفعه على وجه عواد كانت الرد من سالم له قائلا بوعيد: صابرين هترجعلى تانى خلاص أول ما تسترد صحتها هتطلقها.
رغم قرار عواد بالإنفصال عن صابرين الذي يؤجله بتردد منه ولكن شعر كآنه صعق بتيار ساخن محترق يحرق كل جزء بجسده، وأول جزء هو قلبه الذي أصبح مثل قطعة اللهب يذوب بالإنصهار بداخله، ألهذا الحد يخشى الإنفصال عن صابرين.
كاد سالم أن يتحدث، لكن منعه خروج الطبيب من غرفة العمليات.
[عوده]
عاد سالم حين شعر بيد فاديه فوق يده تقول بمواساه: بابا بكلمك مش بترد عليا سرحان في أيه صابرين هتبقى بخير يا بابا.
تنهد سالم بأمل قائلا: ربنا يشفيها، هقوم أنا أروح المستشفى وأنت خليك عشان هيثم وكمان صبريه إتصلت عليا بعد الفجر إنها جايه النهارده لازم تكونى هنا ميصحش متلاقيش حد في إستقبالها.
ردت فاديه: حاضر يا بابا انا هستنى وصول صبريه وهاجى معاها للمستشفى.
تنهد سالم وترك فاديه التي جلست مره أخرى على أحد المقاعد تتنهد بآسى تتمنى أن تسمع خبر إفاقة صابرين.
بينما خرج سالم من المنزل
أثناء سيره...
تصادم سالم مع جمال الذي أوقفه قائلا: سالم أنا معرفتش إن صابرين عملت حادثه غير إمبارح المسا من صبريه، ورجعت من إسكندريه فورا، قولى أخبارها أيه؟
نظر سالم ل جمال بدمعه بعينيه قائلا بآسف وحزن: ولادك الاتنين إتشاركوا في قتل بنتى ياجمال.
قال سالم هذا وترك جمال يشعر بوخزات قويه في قلبه ليته أخبر سالم عن ذالك الإكتشاف الصادم أن من عاش معه واحد وثلاثون عام لم يكن من صلبه، الآن فقط فسر سبب قسوة ساميه عليه ربما كانت تعلم بذالك وأخفت عنه، عليه التأكد من ذالك وإن صدق حدثه ستكون النهايه.
بينما سالم بعد أن ترك جمال شعر بغصه قويه ولام نفسه هو أصبح يعلم حقيقة أن مصطفى ليس إبن أخيه، لكن ربما شعوره بالذنب ناحية صابرين هو ما جعله يقول هذا، أجل هو مذنب...
أذنب حين أعتقد أن ما يفعله مع صابرين من تجاهل كان يعطيها قوه وتحدى كى تتحمل مصاعب الحياه، لكن هو تركها تشعر أنها وحيده، وهذا لم يكن صحيح كان خلفها في الظل، تركها تتضعف بعدما علم من فاديه أن صابرين حين علمت بحقيقة بنوة مصطفى ل تحيه شعرت بالخوف أرادت إخفاء تلك الحقيقه، خشية أن تولام على أنها كانت سبب لصراع الاخوه، رغم أنها تعلم جيدا أنها ليست السبب لكن هكذا سيظن بها الآخرون.
بحديقة المشفى.
علي إحدى الارائك الرخاميه، كان عواد جالسا ينفث دخان السيجاره
شعر بيد توضع على كتفه، رفع عواد بصره الى من وضع يده ونفث دخان السيجاره قائلا: رائف وصلت أمتى.
جلس رائف لجواره يشعر بالآسى رغم أن عواد يخفى عينيه خلف نظارة شمس لكن نبرة صوته كفيله بفضح مدى لوعة ذالك الآلم النفسى الذي يعيش فيه، ليس فقط آلم نفسى هنالك آلم جسدى أيضا.
تنهد رائف قائلا: أنا يادوب لسه واصل وشوفتك وأنت قاعد هنا وانا لسه داخل المستشفى، مش شايف ميلا معايا، بعدين
أيه اللى مقعدك هنا كده، صابرين أخبارها أيه؟
نفث عواد دخان السيجاره بآسى قائلا: مفيش تقدم لسه في غيبوبه، وعندى إحساس إن صابرين مش عاوزه تفوق من الغيبوبه دى، يمكن مرتاحه فيها أكتر.
نظر رائف له بإستغراب قائلا بنهر: إطفى السيجاره اللى في إيدك دى، عشان متأذيش ميلا، كفايه السجاير المحروقه اللى مرميه تحت رجلك، وأيه نبرة اليأس اللى بقيت بسمعها منك دى، إنت مكنتش كده، لازم تفوق لنفسك شويه، فين عواد زهران اللى إتحدى قبل كده العجز ومشى من تانى على رجليه بعد ما كان اشهر الاطباء بيأكدوا انه صعب بس يقف على رجليه.
ألقى عواد عقب السيجاره أرضا وزفر نفسه قائلا بيأس: إتحديت وفي الآخر النتيجه أيه وارد أرجع تانى لنفس البدايه، أنا خلاص بقيت حاسس إنى بصارع موج أعلى منى ومن تحملى.
وهتستسلم؟
هكذا قال رائف ثم تنهد قائلا: متأكد صابرين هتخف، لازم تبقي قوى قدامها.
تهكم عواد قائلا بآسف: هتفيدها بايه قوتى قدامها بعد اللى شافته منى واللى عرفته وكانت مخبياه عنى.
تعجب رائف قائلا بإستعلام: أنا عارف اللى شافته منك، بس أيه اللى كانت مخبياه عنك.
تنهد عواد قائلا: زى ما أنت توقعت قبل كده، أحلام هي السبب في إجهاض صابرين، وانا بغبائى حاولت أخنقها، غير إتهامى ليها إنها هي اللى كانت بتسهل العلاقه بين فادى وغيداء أكيد كان ليها حق تخفى عليا إن أنا ومصطفى نبقى أخوات.
تعجب رائف قائلا بسؤال: أخوة
مصطفى مين!؟
سرد عواد ما سمعه من تأكيد والداته لقول ذالك الاحمق فادى، وانه أخوه هو ومصطفى.
ذهل رائف وقبل ان يتحدث تذكر عواد ذالك المظروف الذي كان بسيارة صابرين وحين سألها عنه إرتبكت وقالت أنه خاص ب فاديه، وبعدها بدأت تزداد صابرين في تبلدها معه، أكانت تلوم نفسها.
بينما بنفس الوقت إقتربتا من مكان جلوسهم
فاديه وصبريه، التي وقفت أمام جلوس عواد قائله: إزيك يا عواد.
رفع عواد رأسه ونظر إليها صامتا، شعرت صبريه بشفقه على عواد ونظرت الى رائف قائله: سيبنى مع عواد يا رائف.
نهض رائف يحمل ميلا التي ألقت بنفسها على فاديه التي اخذتها منه وهي تنظر له بزغر ولوم، ثم سار الاثنين معا وتركوا صبريه التي جلست جوار عواد ووضعت يدها على كتفه قائله: بتحب صابرين يا عواد، متأكده إنك النهارده مستعد تسمع وتفهم اللى حصل في الماضى بشكل صحيح غير الغلط اللى إترسخ في دماغك وقتها.
بينما سارت فاديه جوار رائف ونهرته قائله: مش عارفه فين دماغك، وبتفكر إزاى، إزاى تجيب طفله معاك ل مستشفى مش خايف عليها.
رغم أن فاديه تنهر راىف لكن تبسم بسماجته قائلا: كنت هسيبها مع مين، وانا يادوب لسه واصل من إسكندريه على هنا.
زغرت له فاديه قائله: دايما جاهز بالرد، عالعموم أنا هدخل أطمن على صابرين ومش هفضل هنا في المستشفى كتير، وهاخد ميلا معايا.
همس رائف: وماله خديها اهى حجه أبقى على تواصل بسببها معاك.
لم تنتبه فاديه لهمس رائف وقالت بحده: بتقول أيه، حتى لو رفضت انا هاخدها غصب عنك إنت شخص مستهتر زى ما بيقول عليك عمو صادق، واهو إستهتارك وصل أنك جايب طفله لمستشفى، وفين عمو صادق.
حاول رائف المراوغه قائلا: لأ أنا هاخد ميلا معايا، عشان أكيد ممكن تتعبك بشقاوتها، وبابا جه معايا بس هو دخل مباشرة لجوه المستشفى وانا شوفت عواد قاعد في الجنينه روحت له.
نظرت فاديه بحده ل رائف قائله: لا متخافش ميلا معايا مش بتبقى شقيه، وبلاش إعتراض لو سمحت.
أخفى رائف بسمته وكاد يعترض، لكن نظرت له فاديه بزغر، مما جعله يصمت وهو يومئ رأسه بموافقه، وأشار له بيده، لتسبقه بالسير للدخول الى مبنى المشفى، غير منتبهان لمن رأى سيرهم معا من يراهما من بعيد يظن انهم زوجين، شعر بغصه قويه تنخر في قلبه.
مساء
منزل زهران، غرفة غيداء.
وقفت غيداء تقول برفض قاطع: أنا مستحيل أوافق على جواز تانى من فادى حتى لو كان رسمى.
إنتبهت تحيه لقولها قائله: قصدك ايه بجواز تانى؟
شعرت غيداء بخزى وأخفضت وجهها تبكى بندم قائله بخفوت: أنا وفادى إتجوزنا عرفى، بس والله أنا ندمت بعدها وكنت قطعت علاقتى بيه، بس لو مش حكاية الحمل، وأنا خلاص قررت أنزل البيبى.
إنصدمت تحيه قائله: يعنى في عقد جواز عرفى معاك؟
ردت غيداء بخزى: لأ أنا لما، بعد، قصدى.
لم تستطع غيداء إستكمال جمله فقالت تحيه: ركزى وقوليلى فين عقد الجواز العرفى.
ركزت غيداء قليلا قائله: بصراحه مش معايا أى عقد، أنا لما فوقت بعد اللى حصل هربت من فادى وحتى كنت والله قطعت علاقتى بيه، بس...
قاطعتها تحيه قائله: بس أيه فوقتى متأخر، وطبعا العقدين مع فادى، يبقى مفيش حل تانى غير جوازك الرسمى من فادى، فادى، بعد اللى عمله، سهل عليه يستندل أكتر ويقدم عقد الجواز العرفى للمحكمه ويثبت بيه أن كان في بينكم جواز.
نظرت غيداء بذهول ل تحيه قائله بندم: قصدك أيه يا ماما، مستحيل المحكمه تعترف، بورقتين عرفى.
تحدثت تحيه بلوم: ولما إنت عارفه إن صعب المحكمه تعترف بورقتين عرفى ليه ورطى نفسك الورطه دى، كان فين عقلك، والثقه اللى أنا وبابا وضعناها فيك وخيبتى أملنا، وخلتينى أكتشف قد أيه أنا كنت مغفله لما كنت بسيبك تختارى حياتك، لما قولتى انا هروح إسكندريه وادخل الجامعه هناك وهعيش مع ماجد في ال يلا.
زادت دموع غيداء قائله: أنا في الحقيقه كنت بهرب منك يا ماما، دايما مصره تعاملينى على إنى طفله.
تهكمت تحيه قائله: ولما هربتى من تحكمى فيك كبرتى وبقيتى صبيه، أنا يمكن كنت بهتم بيك زياده عن اللزوم وكنت بحسسك إنك طفله، كنت عاوزاك تعيشى وتستمتعى بحياتك قبل ما تكبرى بدرى وتتحملى مسئوليه أكبر من سنك، تضاعف عمرك، عشان متبقيش زيي وتعيشى نفس مأساتى، أنا كنت في سنك كده حامل في عواد وكنت هطلق من جاد، بس أنا ظروفى كانت غير ظروفك.
أنا والدى كان راجل موظف بسيط، ومرتبه على اللى بيطلع له من الكشك أو السوبر ماركت زى ما بنجمل الكلمه، يادوب بيقضيه مصاريف علاج مراته جنب عيشتهم، حاولت أستغني عن دخول الجامعه عشان أوفر مصاريفى وأقدر أشتغل وأساهم مع بابا في المصاريف، بس هو رفض وأصر انى ادخل الجامعه، كنت بساعده وبقف في السوبر ماركت أوقات الفراغ، عشان هو يطلع على كورنيش إسكندريه يرسم صور للبنات والشباب او الاهالى يجمع منهم كم جنيه يساعدونا في المصاريف، حتى لما إتقدملى جاد وافقت وبابا شرط عليه إنى أكمل دراستى، بس هو أخل بالشرط ده أول ما أتجوزنا، حاولت أتمرد ووقفت معاه عالطلاق، بس إتراجعت وقتها ماما كانت بالصدفه كمان او بغلطه بقت حامل في رائف والمصاريف هتتضاعف على بابا، رضخت ورجعت تانى، إستحملت كتير إستهانة جاد بحالى وإتحملت عذاب من شخص كنت بخاف يقرب منى او يلمسني، عشان عواد يعيش كويس إستحملت كتير إهانات، لكن إنت ظروفك كانت أفضل منى كنت تقدرى تقولى لأ لأى شئ يقلل منك مهما كان قيمته، محدش بيموت بسبب ضياع حب، لكن في حب بيكون هو سبب الضياع، وإنت إختارتى الضياع وبقى فرض عليك القبول.