رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل السابع والثلاثون
كتاليا:
أدركت أن عيناي الشاردة قد تعلقت على كيان بعيد.
لرجل يقف في نهاية الشارع المقابل في زاوية الزقاق.
يرتدي قميص أسود ذو قلنسوة تخفي وجهه، يقف كما لو كان يحدق إلينا بثبات.!
هذه الهيئة المألوفة.
لقد لمحته تلك الليلة!
طرفت بعيني بضياع ما ان رأيت مقابل وجهي جسد دانيال الذي أحال عني الرؤية!
رفعت رأسي أحدق إليه!
أبقى يده على عنقه بقوة وقد ارتجفت أنامله بوضوح، حتى تفاجأت بالرجاء في كلتا عينيه الزمردية نحوي!
بقيت أحملق في وجهه بإنهاك وترقب حتى همس بنبرة خافتة راجية: تجاهلي وجوده.
أتجاهله؟!
أتجاهل ذلك الرجل الواقف هناك!
م. مهلاً.
ظهور كيدمان ذلك اليوم وقد بدى حذراً ساخطاً لرؤيته! تلك النظرة المَليئة بالحقد تجاهه والمترعة باللوم!
نوبة الهلع التي أصابته فور رحيله عنه وما أن أدار ظهره.
هل هو.!
فغرت فمي بذهول أحدق إلى دانيال بتدارك وفهم، وقبل ان أهمس بكلمة تفاجأت برجائه وقد انخفض صوته أكثر متهدجاً مبحوحاً: دعيه يرحل، أرجوكِ!
إذاً هو بالفعل. دامين كما توقعت!
نفيت برأسي بعدم تصديق أحدق إلى دانيال: لا يمكنك أن تكون جاداً.!
أومأ والرجاء لا يغادر مقلتيه: أنا كذلك، لا يمكنني خذلان دامين الآن. كل ما سيقومون به هو توريطه وحسب لذا ليرحل الآن فقط!
نظرت إلى عنقه الذي لا يزال ينزف لأهمس بارتياب: أنظر إليك دانيال! إلى ما حلّ بكَ وبالناس من حولنا، ولا زلت تخبرني ببساطة بأنك لا تريد توريطه بينما ينبغي أن.
اعترض لينفي وقد تفاجأت بيديه التي أمسك بها بكلتا كتفاي راجيا بتوتر: ما حدث الآن لا ذنب لدامين فيه أنا واثق من هذا! إن تم الإمساك به سيتم تلفيق كل شيء له، هو لن يبرر أو حتى يعترض! أعرف جيداً أنه لن يكلف نفسه عناء التفوه ولو بكلمة! هو حتى لا يمانع ان يميء برأسه إيجابا بينما يتم سؤاله عن أمر لا شأنه له به! لا شيء يخسره ولا يمانع توريط نفسه.
هل قلت للتو لا ذنب له؟! بحق الإله هو يقف هناك بينما وقعت هذه الحادثة هل ستُسمي هذه صدفة! حذرنا أبي جيداً فلماذا لا تستوعب!
لا وقت لأشرح لكِ هنا ولكنني أعلم وحسب أن لا يد له في ما يحدث الآن.
اعترضت أبعد يديه واتراجع للوراء وقد نال مني الاضطراب والغضب: لقد فقدت صوابك، انت تدرك أن الجميع يبحث عنه ولم يتردد أبي في تكرار تحذيراته ومع ذلك تصر أن أخاك ليس متورطاً أو على الأقل يحمل نوايا سيئة!
أغمض عينيه كما لو يتمالك نفسه ثم رفع يده نحو عنقه منزعجاً من الجرح، سرعان ما نظر إلى وقد تغير الرجاء إلى شيء أقرب إلى الإنهاك: دامين لا ينتقم بطرق مماثلة. أنا أرجوكِ الآن بصدق لنتفاهم بشأنه لاحقاً. أعلم جيداً انه منزعج من وجودكِ ولكنه لا يتبع حيّل كهذه!
احكمت قبضتي على هاتفي وهمست بإصرار: أنا أثق بأبي. لا مزيد من الحوادث والمشاكل لقد اكتفيت!
قلتها بينما أنوي الاتصال بأبي لأعلمه فوراً حول تواجد دامين ولكنني تفاجأت بدانيال الذي استوقفني يمسك بيدي يمنعني فاعترضت بتوتر وريبة: توقف! دعني وشأني لا يجب أن أجاري جنونك لقد كانت كلمات أبي واضحة!
علا صوته وقد نال منه الحنق والسخط: كانت واضحة وهو يحذرك من الحَمقى الذين تثقين بهم!
ثارت الدماء في عروقي اثر قوله بينما اكمل بغضب: موضوع دامين يختلف تماماً عن ما يحدث الآن لذا تريثي ولا تخلطي بين هذا وذاك! حري بكِ أن تجدي التفاحة الفاسدة التي تحوم حولك أولاً لتفهمي سبب تحذير والدك المستمر!
أضاف بما استفزني بشدة: دامين لم يكن ليفكر باسقاط لوح زجاجي أو يتوقع مرورك من هنا! هو ليس بعرّاف يتنبأ بالمكان الذي ستتجولين فيه! أنا اعلم جيداً أن تواجده في الأرجاء متعلق بنوايا مختلفة! لذا فكّري بمجموعتكِ التي تثقين بها رغم وضوح كلمات وشكوك والدك، تلك الشقراء قد لا تكون محل ثقة، والاخرى التي تدعى جانيت واخاها جاك، بل وحتى ديفيد! هل تفهمين حتى متى يُطلق مصطلح الصداقة؟!
صرخت في وجهه أحاول انتزاع يدي: نوايا مختلفة؟ وكأنك تملك الحق في تعريف مفهوم الصداقة الان! وهل قلت بان اخاك لا يلجأ الى حيّل مماثلة؟ ولكنه يميل إلى افتعال حريق من شأنه أن يأكل أراضي قريتك هاه؟! افق! والدك شخصيا يرغب في ان يتم الامساك بشقيقك فلماذا تعرقل الموضوع!
حاول بينديكت التدخل وهو يسحب طرف بنطال دانيال ليبعده بل وتدخل ليقوم بعضه فعقد دانيال حاجبه ليتأوه فأسرعت أنهره بحزم: توقف بينديكت!
توقف بالفعل ولكنه بقي حذراً وهو ينظر إليه بتحذير في حين جادلني يرفض ترك يدي التي بدأت تؤلمني وقد لطخت دماءه معصمي: لا دليل حول عدم ارتباطه بحادثة الحريق، أعلم هذا ولكنني أؤكد لكِ أنه لا يوجد أي دليل أيضاً على كونه الفاعل!
أجفلت لانفعاله بصوت متهدج يحدق إلى كلتا عيناي بجدية وقد برزت عروق جبينه وعنقه بوضوح: لم يكن لينتقم منهم بحرق محاصيلهم! دامين لا ينتقم بهذه الطريقة السخيفة! فالمحاصيل ستنمو مجدداً يوماً ما وسيعودون إلى تجارتهم كما لو كان شيئاً لم يكن.! لن انكر سوداوية افكاره ولكنه لن يجني اي فائدة من حرق محاصيلهم ذلك لا يعني له شيئا البتة! ثم ان الحريق كان قد حدث عندما كنت أنوي مغادرة القرية لأسافر إلى هنا لذا لم يكن ليمنعني بهذه الحيلة الطفولية أبداً! لم يكن هذا ليصبح منطقياً حتى فما الذي قد يجبرني على البقاء ان فعل ذلك! وما حدث الآن متعلق بكِ انتِ لا بدامين لذا فكّري بتأني قليلاً!
زممت شفتي بقوة أحاول التملص منه لأحرر نفسي وعندما عجزت صرخت بينما أحاول: دعني! توقف حالاً دانيال أخبرتك أنني أثق بأبي!
وأنا أثق بأخي!
قالها وقد انتزع الهاتف وترك يدي لينظر إلى بأنفاس متلاحقة، امسكت برسغي بيدي الأخرى اخفف من ألمي حتى احتدت عيناي أنظر إليه بغضب وترقب.
لا يمكنه أن يكون جاداً! عليه أن يتعاون وحسب، إن كان يريد ان يحاور أخاه على الأقل بدلاً من منحه فرصة التواجد في الأرجاء ليحوم حوله من بعيد فقط!
نظرت إلى المكان الذي لمحته فيه قبل لحظات وقد تفاجأت بعدم تواجده لذا بقيت أنظر من حولي ولكن يبدو لي أنه قد غادر بالفعل!
وجهت عيناي نحو احدى النساء التي كانت جريحة تجلس على الأرض متألمة وقد تملكني القهر على ما آل إليه الوضع والشعور بالندم والحسرة يعتريني.
بل ان سيارة الاسعاف قد وصلت لتتدخل وتلاها سيارة أخرى، بقي دانيال يقف ممسكاً بهاتفي ينظر إلى المسعفين حتى قلت له بحدة وقد اكتفيت من الجدال: عنقك!
وضع يده على عنقه بتلقائية قبل أن يقول وقد استرد هدوئه قليلاً: لاحقاً بعد أن ينتهي المسعفين من التعامل معهم.
اعترضت بجدية: لستَ أفضل حالاً منهم!
نفي برأسه يتجاهل قولي بل وأخفض ناظره نحو يدي، ليقول بإدراك بينما يطرف بتوتر وإضطراب: أنا. لم أقصد.
رفعت يدي نحو صدري واعترضت على مضض: إنها تؤلمني حقاً! أياً يكن. لنذهب إلى المسعف هناك عليه ان يعتني بجرحك حالاً!
تجاهل قولي وتحرك قليلاً وبدى لي ينوي الجلوس على المقعد القريب من المتجر أمامنا، فلحقته فوراً بعد ان انحنيت لألتقط حبل طوق بينديكت ليتحرك معي.
رأيت دانيال يبطئ من خطواته تدريجياً ففعلت ذلك ايضاً، ولكنني سرعان ما تعجبت لوقوفه امام المقعد.
أو ربما امام المتجرتحديداً، لمحتُ انعكاسي على واجهة المتجر ثم نظرت الى انعكاس دانيال لاجده يحدق الى انعكاسه.
عقدت حاجباي بحيرة واستغراب لرؤيته يتقدم خطوتين ثم بدى الشحوب واضحاً على وجهه وهو يرفع يده التي سرت فيها رجفة واضحة نحو عنقه.
لمس الجرح بيمناه وقد اقلقني شحوب وجهه لاتقدم واقف الى جانبه: ما الامر!
بقيت انظر اليه بجانبي الاحظ تسارع انفاسه وقد بقي يمسك بعنقه ليهمس بنبرة مشتتة وشيء اشبه بالفزع قد ظهر جلياً على ملامحه: أ. أنا. كيف!
كيف؟!
نفي برأسه ونظر إلى بعدم استيعاب قبل ان يعيد نظره الى نفسه في واجهة المتجر، لآنت ملامحه بشدة يعاود تحريك رأسه ببطء نافياً بتشتت واضح: لماذا أنا! اعتقدت أنني. أقوم بواجبي!
ما الذي يهذي به! بقيت امسك بحبل طوق بينديكت بيدي بقوة وانا اقلّص المسافة بيني وبين دانيال لأضع يدي الاخرى على كتفه اتساءل وقد نال مني القلق والضياع: ما خطبك!
هل لهذا علاقة باضطراب شخصيته يا تُرى؟
ولكن لماذا الان فقط!
تحركت لاقف مواجهة له احاول ايقافه عن النظر الى انعكاسه استنكر ملامح الاشمئزاز والازدراء على وجهه وهو يحدق الى نفسه!
اجفلت لرؤيته يحني جذعه للامام قليلاً وقد همس بصوت مكتوم كما لو تعرقل بغصة تخنقه: لماذا ارى نفسي افعل هذا.! لماذا قمتُ بإيذائه؟!
هدأته بجدية: ما الذي تحاول قوله! اطمئن اولا و لا تت.
عنق دامين! عنقه بسببي انا هو.
تلعثّم يتفوه بكلمات مبعثرة وقد اضطرب بوضوح ينظر إلى بارتياب، فغر فمه قليلا كما لو استوعب امراً!
حينها تفاجأت به كما لو يكبت نفسه وهو يرفع ظهر كف يده قرب ثغره للحظة!
حتى اسرع نحو سلة المهملات المجاورة للمقعد يتمالك نفسه قبل ان اراه يتقيأ فيها!
بحق الاله ما خطب دانيال!
لماذا كل هذا الاشمئزاز الذي انتابه!
ما قصة ذلك التعبير المشمئز الذي أرغمه على التقيؤ!
اسرعت نحوه بتوتر قبل أن أتردد في الاقترب أكثر لأربت على ظهره بعدم فهم.
ولكنه اسرع يبعد نفسه عني يتحاشى النظر إلى يلهث منهكاً! تصاعد في جوفي شعور الارتياب والقلق وبقيت في مكاني اتساءل عما عليّ فعله! أنا. اشعر بالارهاق من تخبط مشاعري منذ وقوع هذه الحادثة! انا حقاً متعبة ولا ادري ما الخطوة التي يفترض ان احذو اليها.
أقصد. هذا يكفي حقاً!
تلطخ قميصه اكثر بدماءه وها انا اقف بلا حيلة انظر اليه وهو يجثي على ركبته اليمنى.
نظرت الى بينديكت الذي تقدم نحوه يحوم حوله وينبح دون توقف محفزاً اياه بقلق.
رفعت رأسي لالتفت من حولي احدق الى الناس والفوضى في المكان.
الى ما خلفته هذه الحادثة من تشتت و ريبة قد عمت في الارجاء!
وإلى المسعفين و الناس القلقة على المصابين.
يا له من شعور مريع! ان ادرك جيداً انني السبب في هذه الفوضى دون حيلة مني لأنهي ما بدأ بسببي أنا.
وضعت كلتا يداي على وجهي اتحاشى النظر إلى أي شيء أكثر!
يكفي.
لا يجب أن يكون هناك المزيد أنا حقاً. لا أستطيع!
كما لو ارتخت ملامحي بعجز تام وخارت قواي انزل يداي بتعب، وانا اقترب من دانيال الذي لا يزال يسند نفسه على ركبته اليمنى.
لا اصدق كم يبدو منكمشاً خائفا ومشمئزاً.! لا ادري ما الذي يتذكره ولا ادري ان كانت مجرد ذكرى حقاً.
كما لا اعلم ان كان يتخيل امراً يقوده الى هذه الحال ولكنني اعلم انه حبيس لافكاره الآن! و اعلم ان دانيال بات صديق يخوض معي معضلة كبيرة لا فكرة لدينا حول تفاصيلها.
اعلم بأنني ورطته في شؤوني الخاصة كما ورطني ايضاً!
وادرك انه. ان لم يكن بحاجتي أنا شخصيا فهو على الأقل بحاجة الى هذا. العناق.
جثوت على كلتا ركبتي أمامه وجذبته نحوي بصمت لأعانقه التزم الصمت تماماً.
أو ربما أنا من. بحاجة إلى عناق يهدئ من روعي!
انا الأسوأ عندما يتعلق الأمر بالمواساة لذا سأطبق فمي وحسب.
صوته مكبوت، كتفيه ترتجفان، و دماءه الرطبة قد شعرت بها تلطخني كذلك.
نظرت الى الفوضى خلف ظهره حيث لازال المسعفين يتولون الأمر قدر الامكان.
ثم انخفضت عيناي نحو الزجاج المهشم في كل مكان وانعكاس اشعة الشمس عليه التي جعلته وبطريقة ما ملفتاً بطريقة مخيفة و. ساحرة!
تنهدت بعمق وقد لا?ن كِلا جفناي عندما شعرت به يسند خده على عاتقي ببطء.
ثم رفع كلتا يديه يضمني اليه! او ربما. يحاول الاختباء وحسب!
ينتابني التخبط، انا تائهة بين مزيج المشاعر الحائرة بين الخوف، والندم، والخيبة، والارهاق.
يصعب التهرب من كوني المسؤولة عن كل هذه الاصابات امامي.
لا ادري اي ورطة تكون تحديداً ولكنني اعلم انها ورطة تسحب من حولي بلا تردد الى عمق ظلام عالمي.
رفعت يدي بتلقائية نحو رأس دانيال لأربت عليه و قد همستُ مهدئة: أياً يكن ما تتذكره او تتخيله انا لا أعتقد أنك شخص سيء، انت لست الرجل الذي سيؤذي الآخرين عمداً.
انا حتى لا ادري لماذا أفتَرِض انه يتذكر أمراً يضعه في موقف سيء! لماذا واسيته بكل ثقة بهذا الشأن! ربما هناك امر اخر مختلف تماما!
علي أي اساس قد اعتقدت ان ذكرى سيئة تتجول في عقله!
بربكم. ما الذي كنت أفكر فيه تحديداً! اي اضطراب لعين هذا.! لماذا اتذكر اشياء لم يكن لها مكان في ذاكرتي منذ البداية! لم اعد افرق بين الحقيقة والخيال.!
أضاف بانهاك وتخبط واضح: هل كنت حقاً من جرح عنقه؟ لم أكتفي بعرجته؟ أي مخلوق أنا! أقصد. مالذي دهاني!؟
جرح عنقه وتسبب في عرجته؟!
يتحدث عن توأمه دامين.
اضاف ويده تشد عليّ أكثر وقد تهدج صوته بشدة: لماذا انا عاجز إلى هذا الحد عن التفريق بين الخيال والذكريات! هل انا الأخ الجيد ام العكس! ان كنت الأخ الذي يتحمل مسؤولية اخوته فما الذي داهم عقلي قبل قليل! لماذا ارى نفسي اتسبب بجرح عنق دامين! لماذا تهاجمني الكثير من المواقف في مخيلتي دفعة واحدة! اين كانت قبل هذا! ما الذي. يحدث لي؟! ربما انا. أفقد عقلي؟! هل يعقل.
قاطعته بجدية: دانيال، هذا ليس الوقت المناسب على الإطلاق، عليك التركيز على نفسك الان فلماذا تزيد وضعك سوءا؟! لتعتني باصابتك ثم قم بتصفية ذهنك جيداً! إن كان هناك أمر ما قد أدركته فستكون بحاجة إلى ذهن صافٍ تماماً!
أنا. لا أفهم شيئاً!
ولا يفترض ان تفهم كل شيء دفعة واحدة، لا تضغط على نفسك، الأولوية الآن لاصابتك لذا لنتحرك!
أرغمته بالفعل على الحركة وبدى يواجه صعوبة في التركيز ويترنح قليلاً قبل ان يستعيد توازنه يسند ذراعه على كتفي، بقي وجهه شاحباً وهو ينظر إلى الفراغ حتى سمعته يهمس محدثاً نفسه: كنت أخدع نفسي قبل أن أخدع الجميع.
شعرت فجأة بثقل ذراعه يزداد على كتفي وقد بدى وكأنه قد نسي نفسه تماماً وهو يحرك ذراعه حتى أمسك بكتفي بقوة وتمتم بشرود يستمر في التحديق إلى الفراغ: طوال هذه السنوات. كان عقلي قد انسلخ عني تماماً، كان المتحدث في حين كنت مجرد أبكم لا يجرؤ على مخالفته، لا يعقل أنني تعرضت للخداع. من نفسي!
دانيال.
لا يبدو بخير حقاً!
نبهته لعله يخرج من هالة الشرود التي تسيطر عليه: لنتحرك لا يجب ان نبقى هنا لوقت أطول و. فلترخي يدك قليلاً!
تحركت مقلتيه نحوي وبدى الوميض الزمردي مجرد شيء باهت قد فقد بريقه! بل تحرك ثغره ليهمس يرمقني بفكر ساهٍ تماماً: اتخذتكِ بديلة لدامين أو أي شخص على تحمل مسؤوليته. استمرارك بالأخطاء والتصرفات الطائشة كان لصالحي وحسب! رغبتُ في الشعور بالقوة، بالإيجابية والمثالية.
ارتفع حاجباي وتوقفت عن الحركة أنظر إليه بترقب واستوعب كلماته جيداً!
تماماً كما قال كيفين مسبقاً عندما نهره كارل ليستوقفه!، لم ألقي بالا او اهتمام خاص بكلمات كيفين وقد ظننته غاضب منزعج من وجودي، كما لا أنكر ان الشكوك قد راودتني ولكنني. أردت ألا أبحر في المزيد من المشاكل فقط!
لم يعد بحاجة إلى شخص مثلي، لم يعد بحاجة إلى التزين بأخطائي أو عيوبي وشخصيتي التي تستفزه! لأنك تبدين الأسوأ في عينيه الآن! الأسوأ والأفضل بلا شك.
غاب صوت كيفين عن ذهني عندما ابعد دانيال يده ببطء عن كتفي.
ليرفعها ويمررها على عنقه قبل ان يرتخي جفنا عينيه وهمس: كنت أهرب طوال الوقت ولكن. شيء في نفسي مُنهك من الهرب! ما تذكرته للتو لم يكن شيئاً وإنما. كُل شيء!
استمر يهذي بصوت خافت وبدى بالفعل شارد الذهن! اعتقد انه. تذكر أمور كان قد نسيها تماماً ويرفض الآن استيعابها! أو ربما. لم يعد أمامه مجال للهرب أكثر! ما مدى سوء. ما يتذكره الآن؟! أنا لا أدري ولكن. يصعب تجاهل الخيبة في كلتا عينيه!
رفع رأسه ينظر للمارة والناس من حوله يطرف ببطء.
كما لو كانت المرة الأولى التي يحدق فيها إلى شيء نابض يعج بالحياة والحركة!
فغر فمه قليلاً وقد داعب نسيم هادئ شعره الأسود حتى أعاد ناظره إلي.
بقي يحدق إلى مطولاً حتى اخفض عيناه كما لو. يتحاشى النظر إلى لسبب ما!
ولم أستغرق وقتاً لاستقبل التساؤلات فلقد وجدته يقول بصوت مليء بالإنهاك والضيق: لماذا اخترتني أنا من بين الجميع. لماذا كنتُ ملفتاً بالنسبة إليكِ بينما أمضيت وقتي أحاول لفت انتباه الجميع لي! ان اخترتني لأجل المظهر فقط فمتى كان من المتوقع ان يختارني شخص ما لأجل سبب آخر.! أقصد لأنني أنا مثلاً، أو لأنني. أستحق ولو لمرة أن.
تلعثم في كلماته وبدى صوته يغرق في الضيق الذي سيطر عليه حتى همس بتشتت: لم تكن عائلتي تتهرب مني! وإنما كنت الوحيد الذي يتهرب ويثقل عاتقهم! لم يكن كيدمان صديق طفولة يقضي وقتاً ممتعاً معي فقط ولكنه. استمر في محاولة توجيهي بالفعل! بحق الإله ما الذي كنت أفعله طوال الوقت! لم يكن كارل يتجاهلني او يلتزم الصمت وإنما يراعي مشاعري ويحرص ألا أستوعب شناعة تصرفاتي دفعة واحدة! أبي. ربما كان يشعر بتأنيب الضمير وعجز عن. و. ولكنني، اعتقدت أنني الأفضل في تقديم الدعم! ثم دامين. من منا كان يحاول السيطرة على الآخر تحديداً!
لم يكن غارق في أفكاره المتخبطة فقط ولا مشتت ويواجه صعوبة في التركيز ولكن دانيال كان.
يستفيق!
كان من الواضح انه يدرك أمراً الآن يثقل صدره ويحاول انكاره جاهداً بلا فائدة.
كما لو. خسر فرصته في انكار شيء ما قد اعتاد على التهرب منه!
منذ اللحظة التي نظر فيها إلى انعكاس صورته على واجهة المحل.
منذ اللحظة التي رأى فيها عنقه ينزف.
انقلب حاله تماماً!
حاولت التفوه ولو بكلمة، حاولت ان اقدم الدعم اللازم ولكنني. الأسوأ في المواساة حتماً.
بقيت ألتزم الصمت حائرة وعاجزة!
توقف عن الهِذيان، وبدأ يَنظر من حَوله بأعين تنم عن. الاحباط والإرهاق!
لفت انتباهي وقوف سيارة سوداء بجانب الرصيف حيث نقف.
ولم تكن سوى ثواني ليترجل منها السائق الذي اسند ذراعه على الباب الذي فتحه وحدق إلينا بتمعن.
كيدمان!
عقدت حاجباي باستنكار ووقفتُ أنظر إليه بترقب.
لا بُد وأن أبي قد أرسله! هذا جيد. على الأقل سيتم التعامل مع الجرح في عنق دانيال بدلاً من الانتظار هنا ل.
دانيال!
نظرت إليه بحيرة عندما ابتعد عني فجأة وعيناه قد تعلقت على مكان ما خلفي!
أسرعت أنظر للوراء بعدم فهم ولكنني لم ألمح أمراً مميزاً.
ولكنني تفاجأت به يتحرك بملامحه المُنهكة التي بدأ ينقشع منها الارهاق ليحل محلها الحنق وهو يهمس بصوت متهدج: هذه المرة. لن يفلت مني.
هاه!
عندما تحرك دانيال كان من السهل ان ألمح من ركض ليهرب من بين الحشود بخطوات سريعة!
هل لمحتُ. ذلك الفتى ضئيل البنية ذو القلنسوة مجدداً!
استوعبت امر دانيال الذي تجاهل أمر اصابته وخرج من عتمة أفكاره السوداوية ليركض خلفه فوراً لتلاحقه نظرات الناس المتعجبة والخائفة، كيف لا وعنقه وملابسه ملطخة بالدماء!
عضضت على طرف شفتي ونظرت إلى كيدمان الذي يحدق إلى دانيال وقلتُ اوجه حديثي إليه بصوت عالي ليسمعني: سألحق به، تصرّف أنت أيضاً.
احكمت قبضتي على حبل طوق بينديكت وقلت أحدثه مباشرة: كُن سريعاً في الركض بينديكت وإلا اضطررت لحملك!
نبح بقوة وحماس فتحركت فوراً بخطوات واسعة لاتبع دانيال وقد القيت نظرة خاطفة للوراء لأرى كيدمان الذي عاد الى السيارة فوراً.
دانيال وذلك الفتى. سريعان جداً!
قواي خائرة جراء ما حدث قبل قليل، ولكن. على ان اتمالك نفسي واوقف دانيال او على الأقل.
أن لا أتركه وحده!
من هذا الفتى ولماذا يواصل مراقبته! أتذكر أنه قام بمنحه هدية في آخر مرة رأيته فيها.
ان كان يمنحه الهدايا فهو يعرفه، ولكن لماذا في الخفاء! ما النوايا التي يحملها تحديداً!
اتسعت عيناي بعدم تصديق أحدق إلى دانيال الذي كان أسرع من المعتاد.!
بحق الإله. هل حقاً لم يستوعب مدى سوء اصابته؟! الم يكن للتو فقط مُنهكاً شاحبا وفي حالة لا تسمح له بتفريغ طاقته؟!
هذه المرة هو مُصر بالفعل ولا ينوي تركه وشأنه.
زدت من سرعة قدماي الهث بتعب واحاول الا يغيب دانيال عن كلتا عيناي.
كنت أركض بأقصى ما لدي، حتى أن عقلي كان بالكاد قادراً على ترجمة كل الأصوات والأشياء من حولي!، لا أدري ما الذي يحركني بهذه السرعة حقاً ولكنني اعلم جيداً أنني لا أنوي ترك دانيال وحده.
ليس بعد ذلك التعبير الذي اعتلى وجهه.
حتى بعد خروجنا من ذلك الشارع زاد الامر غرابة بالنسبة للناس، لما لا وهم ينظرون إلى ثلاثة اشخاص يركضون خلف بعضهم واثنان منهم ملطخان بالدماء!
لحظة لا يمكن ان ذلك الفتى ينوي بالفعل دخول محطة القطار!
اسرعت أحمل بينديكت بين يداي ونزلت الدرج وقد اقتربت كثيراً من دانيال لندخل محطة القطار، لم تكن مكتظة جداً ولكن التحرك فيها لم يكن سهلاً بالنسبة لي وانا اتحاشى الناس لئلا ارتطم في أيٍ منهم.
عندما تمكنت من الجري بجانب دانيال وجدت نفسي أقول بانفاس متقطعة بصعوبة: انه يركض بعشوائية دانيال، هذه المحطة كبيرة جداً ولا يبدو انه سيدخل إلى أحد القطارات.
سألني دون ان ينظر إلى وكلتا عينيه مصوبة نحو هدفه بتركيز: ماذا تظنين؟
بأنه سيخرج من المدخل الجنوبي للمحطة ويخرج إلى الشارع مجدداً، هو يحاول ان يشتتنا وحسب ليفلت منا.
لن يفلت.
دانيال انت تنزف. هذا خطير جداً!
أعقبت بجدية بالكاد اخرج الكلمات من فمي جراء انهاكي من الركض: سنهتم بأمره لاحقاً ولكن قم بمعالجة اصابتك أولاً!
لماذا تتبعينني على أي حال!، يمكنكِ التوقف.
لقد قمت بحمايتي قبل قليل واصبت بسببي فكيف أتركك تعرض نفسك للمزيد من الخطر!
ولكنه تجاهل قولي وقد بدأنا نصعد الدرج للخروج من الجهة الجنوبية للمحطة كما توقعت بالفعل، تباً هذا الفتى. لا يتعب!
لماذا هو سريع جداً!
رأيته يلقي علينا نظرات خاطفة ليتأكد من كوننا نتبعه.
ويبدو انه لم يتوقع ذلك! فلقد كان قد أبطأ قليلاً من سرعته ولكنه سرعان ما عاد ليركض بأقصى سرعته فور ان لمحنا خلفه.!
أنا لا يمكنني. التنفس جيداً! سأموت على هذا المنوال.
بحق الإله هذا مُنهك جداً. قد الفظ آخر أنفاسي حقاً!
انعطف لليسار وقد سألني دانيال الذي بدأت أنفاسه تتقطع أيضاً: أين تعتقدينه يذهب!
ابتلعت ريقي بصعوبة أحاول ترطيب حلقي للتحدث ولكنني لم أستطع اجابته لذا اكتفيت بالنفي برأسي بلا عِلم.
لا أصدق أننا كنا نتبعه منذ ذلك الوقت! فلقد دخل بنا إلى منطقة سكنية يوجد بها الكثير من المنازل التي لا تزال قيد الإنشاء، بل انه سلك ممراً بين المنازل وقد بدأ الشارع يصغر أكثر فأكثر حتى عبرنا زقاق صغير مليء بالصناديق وأدوات البناء!
تقدمني دانيال بخطوات واسعة بل وتجاوز أحد الصناديق في طريقه ليقفز فوقها!
تركت بينديكت ليركض بنفسه وقد قفزت كذلك فوق الصناديق وبالكاد نجحت، ليتبعني بينديكت من الجوانب الضيقة للصناديق.
عندما انعطف الفتى لليمين وسلكنا الطريق نفسه توقفتُ بدوري عن الركض احدق بدهشة إلى المكان امامي.!
زقاق. مغلق!
وقف دانيال يلتقط أنفاسه ويحني جذعه للأمام قليلاً، سلك العرق طريقه نحو جبينه وعنقه وقد بقي يلهث منهكاً حتى قال بصوت متقطع: نهاية مسدودة، هذا ما يحدث عندما تهرب بعشوائية أيها المُغفل.
هذا الفتى. قد علق هنا بالفعل!
اعتقدت انه يعرف الطريق الذي يسلكه ولكن اتضح انه كان يهرب بعشوائية وحسب!
اغمضت عيناي بتعب وانا احني ركباتي قليلاً واستند عليهما. بل أنني جلست على الأرض التقط أنفاسي.
تبعثر شعري حول وجهي فابعدت الخصلات المتمردة خلف اذني ومسحت العرق عن جبيني لأرفع رأسي وانظر إليه وهو يقف في نهاية الزقاق يخفي وجهه ويبدو. متوتراً وهو ينظر للمكان من حوله!
من أنت!
سأله دانيال بحزم وترقب رده ولكن.
الصمت جوابه. ولا شيء آخر!
ألحّ دانيال بحذر: لماذا ترسل الهدايا، من تكون؟!
استمر الفتى ينظر من حوله كما لو كان يفكر بالهرب بأي طريقة ولكن. مُحال! فلا شيء هنا يمكنه تسلقه او استخدامه للهرب حتى!
ويبدو انه قد أدرك هذا أخيراً، فلقد وقف ينظر إلينا. يحكم كلتا قبضتيه بقوة.!
ابقي خلفي.
قالها دانيال بهدوء وهو ينظر إلى الفتى فاستجبت له واستقمت وقد بدأت أستعيد انفاسي التي هدأت أخيراً بينما أمسك ببينديكت.
وعندما أحدق إلى هذا الفتى الهزيل.
فربما.
لا أشعر بالقلق إطلاقاً! كما لو كنت. واثقة بأنه لن يجرؤ على فعل أي شيء!
اقصد. شتّان بين بنيته وبنية دانيال! لا يبدو سوى كائن ضئيل أمامه! أتساءل إن كان مجرد مراهق صغير؟
إلى أين تذهب!؟
ومع أنني لم أكن قلقة بالفعل ولكنني تساءلت عندما استنكرت تقدم دانيال نحوه، ثم اعترضت لاستوقفه: م. مهلاً ماذا تفعل! ماذا لو كان بحوزته سلاح أو ينوي إيذاءك!
انزلت بينديكت أمسك بالحبل بينما اجبرت دانيال على التوقف ممسكة بيده بقوة فقال يعقد حاجبيه يرمقني بجدية: ان كان ينوي ايذائي لَمَا أرسل تلك الهدايا!
هذا لا يعني ان ترخي حذرك!
نظر إلى بهدوء وانتشل يده ليستمر في التقدم، ولا أدري إن كان هذا الفتى أحمقاً أو لا ولكنه حاول الهرب مروراً بجانب دانيال الذي أمسكه ببساطة ليسحبه بعنف بل وأطاحه أرضاً بقوة!
بقوة.
إلى درجة أنه تأوه بألم!
ب. بصوت.
أنثوي؟!
كارل:.
انحنيت لاضع قنينة نكهة الكاراميل الفارغة في الحاوية الصغيرة بجانب قدمي ثم استقمتُ لامسح الركن بالمنشفة الصغيرة لانظف بقايا مَسحوق القهوة، نظرت الى زاك الذي ينظف طاولة الزبون الذي غادر قبل ثواني ثم وجهت ناظري الى مويرا التي تستقبل زبونة برفقة مجموعة من صديقاتها.
اين ذهب ويل!
اخبرني انه سيعلمني كيفية رسم المزيد من الاشكال برغوة الحليب بعد قليل ولكن هذا ما قاله منذ ساعة! تنهدتُ بعمق وتكتفت بضجر انظر الى الركن اتساءل في نفسي عما عليّ فعله.
انتظرت قليلا وفي النهاية وجدت نفسي اتجه الى غرفة الاستراحة، انا لم اجلس منذ ان باشرت العمل اليوم.
كنت انوي ان ارتاح ولو لعشرة دقائق وقد اشرت لزاك بانني ذاهب فأومأ برأسه ايجاباً.
نفيت برأسي بلاحيلة عندما تغزلت احدى الفتيات من المجموعة التي دخلت للتو به وهي تثني على الوشم على ذراعه فأسرع يريها الوشم الآخر القريب من عنقه.
هو و ويل لا يستسلمان حقاً.!
عندما فتحت باب الاستراحة رأيت تاتيانا تجلس على الأريكة وبحوزتها قلم و اوراق و بدت منهمكة في قراءتها.
كالعادة. كل ما ستفعله هو الدراسة في وقت استراحتها!
علي كل حال هي تبذل مجهود كبير حقاً، و اتمنى ان تحصد ثمار جهدها.
جلست على الاريكة البعيدة المقابلة لها و اخذت نفسا قبل ان أزفره وانا منهمك بالعبث بهاتفي.
بالتفكير بالامر! منذ متى انا قادر على التواجد في مكان واحد مع فتاة دون او يتمكن مني ذلك القدر الكبير من الاضطراب؟!
لقد. قطعت شوطاً طويلاً حقاً.!
ابتسمت لنفسي رغماً عني و اكملت العبث بهاتفي.
وبينما افعل ذلك ظهر امامي اعلان لخصومات حصرية في متجر الكترونيات قريب!
ارتفع حاجباي وقد ارسلت الرابط في محادثة مجموعة المنزل وكتبتُ لهم بَعد اسبوع تقريباً، لنتفق على وقت مناسب
امضيت اللحظات القليلة الاخرى في العبث بهاتفي حتى اجفلت لصوتها وهي تحدث نفسها فجأة، نظرت اليها فانتبهت لي ثم قالت بجدية: هيه انت، يوجد خصومات فلكي بعد أسبوع ويوم في متجر الكترونيات الشارع السابع - أ، هذا للعلم فقط.
اومأت بهدوء: صادفني الاعلان قبل لحظات.
رفعت حاجبها الايسر تحدق للحظات ثم همست بازدراء: ولم تكلف نفسك عناء اخباري! فليكن.
هذه الفتاة.
تنهدت بلا حيلة و اكتفيت بالصمت ولكنها سرعان ما تساءلت: هيه أنت. سمعتك تتحدث مع ويل و زاك و قلتَ لهما انك طبيب بيطري!
لم اصبح طبيباً بعد، انا هنا اعدُ القهوة وابتسم لزوار المقهى.
قلتها بشيء من اليأس فانزلت الاوراق من يدها قليلا وقالت بجدية تميء برأسها برضى: اذاً لديكَ معلومات كافية على الأقل.
تساءلتُ بعدم فهم: حول ماذا؟!
اشاحت بنظرها قليلا وقد احكمت قبضتها على القلم والاوراق قبل ان ترمقني بنظرة سريعة وتمتمتْ: بغض النظر عن التكلفة، ما رأيكُ ب.
ترددت بوضوح قبل ان تنفي برأسها وهمست تتراجع: آه أياً يكن، لا شيء.
هاه!
وضعتْ الاوراق والقلم في حقيبتها التي اخذتها من فوق الطاولة، ثم وقفت تتجه الى خزانتها لتضع الحقيبة وقبل ان تتجه الى الباب لتخرج قلت بهدوء: ان كان هناك ما يمكنني تقديم العون بشأنه فلا بأس بأن. تسألي.
وقفت في مكانها للحظة ثم نظرت إلى من فوق كتفها بصمت، اشحت بناظري بعيداً عنها حتى قالت: لا تجبني اذاً بلماذا او كيف وما شابه، امنحني جوابا يتعلق بسؤالي فقط!
اومأت بترقب فامسكت بهاتفها وبدت تكتب شيئا قبل ان تقترب قليلا و ترفع الشاشة امام وجهي وقبل ان الاحظ ما تريني اياه كنت قد لاحظت الكسور في شاشة هاتفها وحالته التي يرثى لها وقد انتابني شيء من الأسى حول ذلك.!
عقدتُ حاجباي لاقول بحيرة: جولدن ريترفر؟
اومأت بهدوء: ما رأيك به؟
اجبتها بتفكير: اجابتي تعتمد على سبب الحاجة اليه!
قلت للتو انك لن تسأل عن اي شيء!
لماذا قد تريني صورة لِكلب يا ترى! هل تحتاجه كرفيق أو. حماية؟
طالما ذلك السّكير يبحث عنها فربما هي بالفعل قلقة!
تنهدت بلا حيلة وتمتمت: انه كلب لطيف.
امتعضت بشدة تعيد خصلة قصيرة متمردة خلف اذنها: هذا كل شيء؟ لا يهمني ان كان لطيفاً! هل هو كلب مطيع ذكي؟ هل يصلح للحراسة مثلاً؟ فقط على سبيل المثال!
فكرتُ قليلا قبل ان اجيبها: هذه الفئة لطيفة وذكية ولكنها ليست الانسب للحراسة! انها فوضوية ومزعجة بكثرة نباحها لذا تخلي عن فكرة شراؤه او تبنيه.
قلبت عينيها بعناد وهي تنفي: م. من قال انني بحاجة الى الحراسة لقد كنت اضرب مثالا وحسب!
ضاقت عيناي: انتِ واضحة جدا انسة تاتيانا، على اي حال.
اضفت بجدية: فئة الجولدن ريترفر لا تعتبر مصدر جيد للتهديد فهي ليست شرسة حقاً، ربما سأقترح لكِ دوبرمان او جيرمن شيبرد.
بدى الفضول على وجهها وهي ترفع هاتفها وبدت وكأنها تبحث بنفسها للحظات حتى ارتخت ملامحها وقالت: لا يبدو انك كنت تكذب حول تخصصك الجامعي.
ازعجني قولها ولكنني تجاوزته في حين اعقبت تنظر الى هاتفها مجددا: اذاً دوبرمان!
وقفتُ اضع هاتفي في جيب بنطالي وقلتُ بينما أتجه الى الباب: احرصي على الا يحاول اي طبيب اقناعك ببتر ذيل الكلب او رفع اذنه باجراء جراحي لقصها. انها مجرد امور تجارية لا فائدة ترجى منها.
فغرت فمها بعدم فهم: ماذا؟ ما الذي يعنيه هذا؟ لماذا قد ابتر ذيله او اذنه؟
رفعت كتفاي وقد خرجت: يمكنكِ البحث في هذا الشأن.
هي تبحث على الاغلب عن كلب من السهل ترويضه وتدريبه لاغراض الحماية!
ان كانت قادرة على شراء او تبني كلب الدوبرمان فسيكون هذا جيدا ولكنني اشك في قدرتها على التعامل معه بسهولة!
كتاليا:
هل كان صوته. أنثوياً أم أنني أتخيل؟!
عندما نظر دانيال نحوي بدهشة وعدم استيعاب وابعد يده فوراً عن الفتى أدركت أنني محقة فيما سمعته!
بل أنه وقف بسرعة وعقد حاجبيه يحدق إليه بينما بقي. أو بقيت تتأوه بألم!
ما الذي.
فغرت فمي بعدم فهم وترقبنا نحن الإثنان ننظر إليها وهي تتألم وتحاول الجلوس حتى اعتدلت تمرر يدها على ظهرها بل وبدت نبرتها باكية وهي تهمس بصعوبة: هذا. مؤلم!
الشخص الذي كان يرسل الهدايا لدانيال. فتاة!
اسندت جسدها تحاول الجلوس، ثم جثت على ركبتيها لتسعل، تركتُ حبل بينديكت وحسمت أمري لاتقدم نحوها بفضول.
انحنيت وقد فاجأتها بسحب القلنسوة للوراء بهدوء فرفعت رأسها تنظر إلى بذهول.
كما.
فعلنا نحن أيضاً!
تناثر شعرها القصير حول وجهها، فغرت فمها قليلاً تحدق إلى بذهولها الذي تغير إلى إدراك ثم سرعان ما ضاقت عينيها لتنظر إلى بحِدة بالغة وهي تدفعني بعيداً عنها فتراجعتُ للوراء واشرت لبينديكت بالتوقف عندما نبح بغضب و تحذير.
وقفتُ باستقامة وبقيت أنظر إليها ثم نظرت إلى دانيال الذي يحدق إليها بعدم استيعاب حتى قال مُتعلثماً بعدم فهم: أ. أنتِ. لماذا كنتِ ترسلين تلك الهدايا لي! أو ربما. كانت لكيفين وأسأتُ الفهم؟ ولكن. كان اسمي مكتوباً عليها! لا يمكن انكِ أخطأت!
سعلتْ مجدداً ربما بسبب وقوعها على ظهرها بقوة، وبدأت تعتمد على نفسها لتقف وهي تنفض الغبار عن سترتها البيضاء التي اتسخت.
بقي دانيال ينظر إليها متفاجئاً بينما اعادت خصلات شعرها خلف اذنها وقالت تنظر إلى دانيال بهدوء: انتقيتها بعناية، لأجلك.
هاه!
نفي دانيال برأسه سلباً وقال يستوقفها بانزعاج وتشتت: مهلاً أنتِ. إيما!، المرة الماضية. قمتُ بضربكِ بقوة عندما دست على قدمك! والآن.
تلعثم وتوقف عن الحديث فقالت وقد رسمت على ثغرها ابتسامة تميل إلى العتاب: ولهذا امتنعت عن المشاركة في مسابقة الجري، لم أكن لأتمكن من الفوز كالعادة لو شاركت فيها.
مسابقة الجري! إنها رياضية بالفعل، لهذا كان من الصعب الامساك بها، على كل حال كيف يكون هذا ممكناً.! لماذا إيما التي اعتقدت انها معجبة بكيفين هي في الحقيقة تقوم بارسال الهدايا إلى أخاه الأكبر وتلاحقه خلسة!
تساءلت بعدم فهم: لماذا. كنتِ تطاردينه في الأرجاء! وما قصة تلك الهدايا؟!
وجهت عيناها نحوي وحدقت إلى بتركيز.
بل أن فكها قد تصلب قليلاً وهي تستمر بالنظر إلى وكم استشعرت حينها شعورها الواضح بالقهر تجاهي!
ارتفع حاجباي عندما تحركتْ نحو دانيال لتقف أمامه مباشرة، ثم سألته بجدية واهتمام: لقد نزفت كثيراً، أنتَ بخير؟ سأرافقك إلى المشفى.
رفع يمناه فوراً وقال يتراجع للوراء خطوة بحزم وبدى مزاجه سيئا جداً: ما قصة تلك الهدايا تحديداً! لماذا أرسلتها إلي!
بقيت في مكانها تنظر إليه بثبات تام، في حين ترقب قولها يعقد حاجبيه بعصبية، ولكن عصبيته قد تبددت في حين فغرت فمي بدهشة لاستجابتها السريعة لتساؤلاته وهي تجيبه بهدوء: لأنني أحبك.
ارتجفت شفتاي بتلقائية وقد انتابتني برودة غريبة في سائر جسدي!
ما هذا فجأة؟ تحبه!
دانيال:.
كما لو كنت في حُلم دام طويلاً! وإن صح التعبير. لم أشعر بأن أيامي الماضية كلها كانت جزء مني!
بالكاد يمكنني استيعاب ما يحدث، منذ ان سالت دماء عنقي وأنا لا اشعر بأنني على ما يرام.
او ربما.
منذ ان ظهر كيدمان ليصرح بكل كلمة قالها حول دامين و. الوهم الذي أعيشه!
التخبط الذي أشعر به لم ينتابني يوماً! أو ربما. كنت أعيش فيه طوال الوقت؟!
لا أدري ما الذي يحدث لي تحديداً، ولكن عندما تحركتْ هذه الفتاة نحوي لتقف أمامي مباشرة لتسألني بجدية واهتمام: لقد نزفت كثيراً، أنتَ بخير؟ سأرافقك إلى المشفى.
تفاجأت بداخلي بشعور مليء بالتهكم، بالإنزعاج، باللامبالاة وحسب!
لماذا لا أشعر بدهشة كافية؟ ولماذا لا أستطيع التعبير جيداً؟ هل أنا مُنهك إلى هذا الحد؟
علي كل حال. ما الذي تريده هذه الفتاة مني!
رفعت يمناي فوراً وقلت اتراجع للوراء خطوة: ما قصة تلك الهدايا تحديداً! لماذا أرسلتها إلي!
توقعت سماع اي اجابة عدى ما تحرك به لسانها وهي تقول ببساطة: لأنني أحبك.
ربما. تماديتُ في تخيلاتي!
هذه الفتاة هل قالت للتو.
انا مشتت الى درجة العجز عن التعبير كما جرت العادة! لم اعد افهم ان كنت غاضبا او حائرا، ان كنت سعيداً او العكس.
الامر فقط بأنني.
خائف!
خائف من نفسي ومشمئز الى اقصى درجة ممكنة!
كل هذا في كفة، وما داهم عقلي اليوم من ذكريات غريبة في كفة أخرى!
بل أنني بالكاد حظيت بفرصتي لأستوعب شيئاً و لا أدري أين كان مسار هذه اللحظات والذكريات في عقلي تحديداً!
ما داهم عقلي اليوم كان شيئاً يصعب تقبله! كان أسوأ من أي شيء قد اتوقعه. فهل تعتقد هذه الفتاة ان اعترافها هذا الآن. سيفاجئني حقاً بما يكفي؟!
لقد تلقيت صدمة كافية اليوم بتذكر أمر قد غاب عن ذهني منذ زمن. ولا أعتقد أنني قادر على الشعور بالصدمة تجاه أي شيء آخر حقاً!
لقد. التهَمتُ نفسي بالفعل منذ زمن بعيد!
كنتُ التهم نفسي حتى شعرت بالتخمة، ولم أعد أحاول انقاذ شيء مني.
لقد قمتُ ببيع نفسي. لنفسي الأخرى التي تحاول التغذي على أي شيء يشعرها بالرضى! لا. بل على العكس! لقد أمضيت كل سنوات عمري في محاولة إرضاء الآخرين بدلاً من. إرضاء نفسي!
ان اعترف لنفسي بمدى تزييف كل ما يتعلق بتفاصيل تصرفاتي ورغباتي يفاجئني إلى حد عدم التفاجؤ بكلمات هذه الفتاة!
بقيت انظر اليها احاول فهم ما على فعله الآن، أن أفهم ما ينبغي لي قوله او كيف من المفترض ان يكون رد فعلي!، نظرت بتلقائية نحو من تحدق الينا بدهشة وعدم تصديق.
بالكاد طرفت بعينيها الرمادية الواسعة قبل ان تعقد حاجبيها لتردد: عفواً، تحبين. من؟ الا يفترض انكِ معجبة بكيفين!
اذاً ما سمعته للتو لم يكن ضرباً من الخيال!
اعدت ناظري اليها مجدداً لاراها تطرف بعينيها العسلية بثقة لتقول بهدوء وثبات: كما سمعتِ، انه الرجل الذي وقعتُ في حبه منذ اكثر من خمس اشهر قبل ان تظهري انتِ في حياته.
خمس اشهر! بعد انتقالنا إلى المدينة بشهر. لا يمكنها ان تكون جادة؟!
عقدت حاجباي ونال مني التعجب والفضول لانفي برأسي وأرفع يداي استوقفها: ماذا عن كيفين! يفترض أنكِ تلاحقينه ل.
قاطعتني بحدة: تلك اشاعة قد التصقت بي!
اعترضتُ بإضطراب: إلى أي مدى كنتِ. تراقبينني لتعلمي عن حاجتي لتلك الأشياء أو كونها ضمن اهتماماتي! ثم مهلا. لقد ضربتك بقوة آنذاك لاوقفك، هل كانت تلك الضمادة حول قدمك آخر مرة بسببي!؟ لا يُمكنك أن تكوني. جادة!
ثم سرعان ما تذكرت أمراً لاقول بتدارك واستيعاب: منذ خمس أشهر؟! مهلا. منذ انتقالي إلى المدينة لم أتوقف عن الشعور بوجود شخص ما يراقبني كلما خرجت للهرولة ليلاً! هل كنتِ.
توقفت عن السؤال عندما ابتسمتْ بهدوء وقالت ترفع ذقنها بثقة: لم أستطع منع نفسي، دانيال لقد وقعتُ في حبك في اللحظة التي رأيتك فيها صدفة، بل عندما قمتَ بمساعدتي دون تردد!
متى قمتُ بمساعدتك! زيارتك لمنزلنا كانت المرة الأولى التي أراكِ فيها طيلة حياتي!
تساءلت احاول تذكر ما تعنيه بقولها، بينما تكتفت كتاليا تنظر إليها بهدوء وترقب لتروي قصتها المزعومة بكلمات مختصرة وهي تحدق إلى وقد لانت ملامحها: قمتَ بحمايتي من الطلاء الذي كاد يلطخ ملابسي بسبب فريق الصيانة لأحد المتاجر.
أ. أنا؟
هل هذه الفتاة تمازحني أم أنها جادة؟!
عقدت حاجبيها وقالت بإصرار: عندما انزلقت حاوية الطلاء من أحد عمال الصيانة استدرت فوراً نحوي وقد اتسخت ملابسك بدلاً مني آنذاك!
حسناً هذا.
جنون!
لا ينقصني الآن شيء سوى المزيد من الأحداث التي. لا أتذكرها!
نظرت إلى كتاليا بعدم استيعاب وقلت لها بجدية ونفاد صبر: هل الاضطراب الذي أعاني منه يسبب فقدان جذري للذاكرة! أنا لا أتذكر بحق خالق الكون كلمة واحدة مما تقوله هذه الفتاة!
ضاقت عينيها قليلاً بتركيز وقالت بنبرة هادئة متهكمة وقد رفعت كتفيها: هل تعني أنها تدّعي حمايتك لها؟
تدخلت إيما وقالت بنبرة عالية بحزم وعدائية غريبة: أنتِ آخر من تتحدث هنا، فأنتِ الامهر في الادعاء وسرقة الرجال!
سرقة الرجال! اي وصف هذا الان؟!
اتسعت عينا كتاليا وقد امتعضت بشدة وبدى الاستنكار والحذر واضحاً على ملامحها، في حين اعادت إيما نظرها إلى وقالت بإنزعاج: لقد حميتني! ذلك اليوم تلطخت ملابسك بالطلاء وغادرت مسرعاً تاركاً دراجتك بجانب الرصيف!
جادلتها بنفاذ صبر: يا فتاة توقفي عن سرد أحداث غير منطقية أنا لا أتذكر أنني. قمتُ.
هاه!
غادرت وتركت دراجتي.
طلاء؟!
مهلاً!
فغرت فمي قليلاً وقد ادركتُ ما تشير إليه لأقول بشك وتركيز: إن كان ما تقصدينه هو اللحظة التي تواجدت فيها أمام جسر المشاة قرب أحد المتاجر واتسخت ملابسي فلقد. كنتُ أقوم بحماية دراجتي وحسب!
طرفت بعينيها تحدق إلى بصمت.
بل أن هذا الصمت قد ساد للحظات طويلة وبدت تقف في مكانها بعدم استيعاب.
في حين تنهدت كتاليا لتكسر الصمت وتقول بفتور: هل ستتراجعين عن ما وصفتني به للتو أم أنكِ ستزيدين الوضع سوءاً وحسب؟
نظرت إيما إليها بجفاء: قطعاً لن أتراجع!
أضافت تنظر إلى بجدية تحرك يديها لتشرح بإنهماك: كان المكان مكتظاً حينها، ر. ربما لم تلمحني او تنتبه ولكنني كنت خلفك مباشرة! لم يصبني الطلاء او تتسخ ملابسي لأنك حجبت الطريق أمامي! حتى وإن كنت تنوي حماية دراجتك ولكن. كانت اللحظة التي وقعتٌ فيها في حبك فوراً ولا يمكنك الاستهانة بها! من الضروري ان تتفهم مشاعري!
أضافت بما هيج بداخلي مشاعر غريبة ودفعني لارفع كف يدي نحو ثغري بتلقائية: انت مميز بالنسبة لي! لم ألتقي برجل بمثل قامتك أو وسامتك أو حتى مبادئك! دانيال أنا جادة وأرى أننا سنكون ثنائي رائع! يوجد الكثير من النقاط المشتركة بيننا، كِلانا يحب ممارسة الرياضة والجري، كلانا يكون نشيطاً أكثر في الفترة المسائية، كِلانا يجيد الطهي، والكثير!
ما الذي.!
أجفلتُ ليد قد احتضنت ذراعي فجأة!
لم تكن سوى كتاليا التي وقفت بجانبي وقالت ببرود تتنهد بلا حيلة: عزيزتي إيما. لسوء حظك أنا ودان نتواعد، ان كنتِ قد أمضيت وقتك في مراقبته دون كلل أو ملل فلا بد وأنك تعلمين هذا جيداً.
ثم رمقتني بطرف عينها كما لو تحثني على التحرك.!
أعتقد أنها. محقة.
الوقت الأمثل للعب دور الثنائي هو الآن فعلاً.!
أومأت برأسي وقلت بهدوء: لقد أسأتِ فهم ذلك الموقف تماماً فلقد نويت حماية دراجتي آنذاك، أياً يكن. سأتظاهر بعدم معرفتي بهويتك، لن أتفوه بحرف حول ما حدث للتو لذا لا داعي للقلق أو.
تلك التي تتعلق بذراعك هي بالفعل مجرد سارقة للرجال ولا تكتفي بجلب المصائب!
هذا القول. مجدداً!
اطبقت فمي أحاول فهم ما على قوله!
أضافت ببرود تُحدث كتاليا التي لا أدري إن كانت قد شدت بيدها على ذراعي عَمداً أو أنها تحاول تمالك نفسها: يبدو أن كارل لم يخبرك بعد، بأنني أدعى إيما هاردي روبرت.
كارل؟!
هذه الفتاة قد أخبرت هويتها لكارل! على كل حال لماذا تتحدث وكأنها تعرفها جيداً؟!
ارتخت يدها من على ذراعي وقد ظهرت بين حاجبيها تقطيبة صغيرة بينما تحدق بتمعن إلى إيما!
بل أنها قد استمرت تردد اسمها بصوت خافت وهي تتأمل ملامحها حتى اتسعت عينيها وفغرت فمها تحدق إليها بدهشة!
كما لو. تعرفها حقاً!
بدت مذهولة للحظات وقد انكفأ لونها بوضوح، حتى ازدردت ريقها و نظرت إلى الأرض مطرقة برأسها وهمست لي بهدوء غريب فجأة: سأغادر، لنرحل. أبي ينتظرنا.
لقد تحركتْ بالفعل وامسكت بحبل طوق بينديكت فتبعتها بصمت لولا انها توقفتْ إثر قول إيما بعدائية: لا تدّعي الغباء! لقد كنتُ صغيرة حينها ولم أتجاوز الثانية عشر من عمري، ولكنني أتذكر رؤية اليسا مكتئبة وحزينة بسببك.
اليسا؟ ما الذي تتحدث عنه!
كان من الصعب رؤية ملامح من تقف خلفي وقد أحكمت قبضة يدها على الحبل لترتجف أناملها بوضوح، بل أنها أكملت طريقها بصمت ولكن إيما صاحت بصوت عالي بغيظ: لن تعيدي الكرة! لن تسرقي مني الرّجل الذي أحبه كما فعلتِ بابنة عمي!
التفتت كتاليا نحوها تنظر إليها من فوق كتفها وبدت تطرف بعينيها بحركة سريعة، ثم القت على نظرة خاطفة واعادت ناظرها إليها لتسألها بصوت متهدج بشدة: هل شاهدتِ البث المباشر الخاص بالمجلة؟!
احتدت ملامح إيما بإنزعاج وقد كان هذا كفيلاً بإجابتها على سؤالها، الحقت قولها بجملتها التي أرغمتني على التحديق إليها: إذاً شاهدتهِ بنفسك يُقبلني، فكيف أكون قد سرقته منك؟
قولها بهذه الطريقة. حسناً لا أدري!
مع أنها محقة، لقد تجاوزت حدودي آنذاك ولكن.
حسناً فليكن!
أضافت تتراجع خطوات صغيرة للوراء لتمسك بذراعي تحثني على التحرك وتمسك بيدها الأخرى حبل الجرو: الرجل الذي تدّعين انك تحبينه مُصاب كما ترين، ويحتاج إلى الراحة حالاً.
اخفضت عيناي نحو يدها التي قادتني خلفها، كانت الرجفة واضحة في كفها الباردة الناعمة، استجبت لها، بل وبقيت أخفض ناظري أحدق دون توقف إلى يدها ولسبب ما. كنتُ عاجزاً عن التفوه ولو بحرف واحد!
أتساءل إن كان تمّسك شخص ما بي بهذه الطريقة أمر يدخل السرور إلى قلبي وإن كان. مجرد تزييف أمام الناس!
ربما الشعور بأنني. شخص مرغوب فيه أمر يخلق في نفسي شيئاً ليس سيئاً على الإطلاق!
رفعت ناظري نحوها انظر إلى شعرها الذي يتحرك حول وجهها بعفوية قبل أن أزدرد ريقي بصعوبة بالغة.
لا أمانع.
أنا حقاً. لا أمانع تمسّكها بذراعي وإن كان هذا مجرد ادعاء وتزييف!
أعتقد أنني أستمتع بتأدية هذا الدور!
هذا مثالي.
مثالي جداً! هذه المرأة. عليها أن تتمسك بي أكثر وحسب، عليها ألا تتوقف عن إظهار رغبتها باستخدامي لمصالحها أو حتى بالتمسك بدورها المزيف! عليها أن تظهر للجميع أنها قد اختارتني بعناية، أنها لن تتخلى عن أي فرصة تجاهي.
تماديت وتجاوزت حدودي لأقبلها عندما كانت تنوي التراجع! خشيت أن ذلك اللارز سيسرق مني الضوء الذي قامت هي بتسليطه علي! ولكن هذا غير كافي، يجب أن.
و. واللعنة ما الذي. أفكر به!
تنتابني أفكار غريبة.
همستُ بهذا أحدق إلى الفراغ بعدم استيعاب وقد توقفت قدمي عن الحركة، استدارت نحوي بنصف استدارة.
القت نظرة خاطفة على إيما التي لا زالت تقف خلفنا، ثم نظرت إلى وقالت بهدوء: أفكار؟
بقيت أنظر إلى الأرض تحديداً نحو الجرو بشرود.
ما خطبي؟! لا يكفي أنني تذكرت تلك الأشياء الشنيعة ولكنني أيضاً.
تنتابني رغبة عارمة مُلّحة في استغلالها وحسب! هذا الشعور يتصاعد في جوفي دون تردد! ما الذي اتخبط فيه تحديداً؟!
ابتلعت ريقي بصعوبة، قبل أهمس بإنهاك غريب قد انتابني فجأة: انتِ تعرفين هذا. بأنني ربما. أقوم باستغلالك حقاً.
تعني لإرضاء نفسك.؟ نعم سبق وان لمحتّ لهذا.
بطريقة ما أنا لا أكتفي! كما لو. ينتابني المزيد من الطمع فجأة!
ما الذي. تعنيه!
أريد الشعور بالرضى وحسب. لا أدري!
التفتت بكامل جسدها تنظر إلى بتمعن تعقد حاجبيها بجدية، ثم همستْ بصوت خافت: لا بأس، أنا أيضاً أقوم باستغلالك.
تنهدتُ رغماً عني كما لو اجتاحني ثقل على صدري، هي لن تفهم ما أعنيه.
ان كانت تستغلني لاجل العمل او مصالحها الشخصية فأنا لا أدري تحديداً ما الذي أحاول الوصول إليه. أنا فقط. لا أفهم!
كدتُ اتحدث لولا صوت إيما التي قالت بجدية: كتاليا فريمان، من الغريب انكِ تتهربين مني وترفضين التعليق على الأمر وكأن شيئاً لم يكن.
تفاجأت بكتاليا التي رمقتها بحزم و اجابتها ببرود يجوبه تحذير: طالما تجاوزتُ قولك الأول فأنصحك ألا تحاولي استفزازي، أي أمر يتعلق بذلك الرجل. لن أسمح بذكره أبداً.
ذلك الرجل.
هل يكون هو. مجدداً!
ابتسمت إيما واقتربت لتتساءل بتهكم كما لو كانت مُصرة على استفزازها و الخوض في هذا الحديث: ذلك الرجل؟ هل تعجزين عن ذكر اسم باتريك! غريب. لم يكن اسمه يفارق لسانك قبل أكثر من ثلاث سنوات! آه صحيح لقد انتشر بالفعل أمر الحادثة التي تورطتما فيها ودخل على إثرها إلى السجن، اعتقد ان اليسا كانت محظوظة!، احيانا السرقة تعود بالنفع على.
ولكنها توقفت مجفلة لقول كتاليا بجمود: بينديكت. يمكنكَ فعل ما شئت.
تفاجأتُ بها تترك الحبل الخاص به وقد اتسعت عيناي بدهشة لرؤيته قد فهم طلبها ليلبيه فوراً وهو يتجه نحو إيما بعصبية وشراسة!
في أقل من ثانية انحنيت فوراً لالتقط الحبل واوقفه عن التقدم نحوها بينما شهقت هي بفزع وتراجعت للوراء بخوف.
بقيت أمسك بالحبل في حين نبح بينديكت بقوة وتحذير ولا يبدو انه كان. سيتردد للحظة في تلبية طلبها!
التفت نوحها بعدم استيعاب ووجدتها تحدق بعينيها المليئة بالحنق ونفاذ الصبر نحو إيما التي اعترضت بدهشة وغضب: هل. هل فقدتِ عقلك! أنتِ. مجنونة! هل رأيت دانيال! هذا ما أعنيه تماماً إنها امرأة خطيرة!
أومأتْ كتاليا لها بوعيد: لذا تجنبي التعامل معي قدر الإمكان.
كتاليا.!
اعترضتُ احاول ايقاف بينديكت الذي جن جنونه: مهلاً توقف، اهدأ أيها الجرو الصغير ما الذي أصابك!
اعقبت انظر إليها بجدية: أوقفيه!
التفتت بحزم وقد كانت تحكم قبضة يدها بقوة وهي تكمل طريقها بخطوات واسعة لتقول دون ان تستدير: اتبعني بينديكت.
هدأ فوراً وقد توقف عن النباح ليستجيب لها! تركتُ الحبل عندما قرر السير خلفها وقد تنفست الصعداء واستقمت أنفي برأسي بلا حيلة!
هذه المتهورة.
ماذا لو قام الجرو بإيذاء هذه الفتاة دون رحمة! قد يبدو ضئيل الحجم ولكنه بحق الإله. لم يتردد ليكشر عن أنيابه وتفجير طاقته!
نظرت إلى إيما التي تحدق إليها وتتابعها بعينيها بتركيز وغضب فقلتُ بهدوء احاول تمالك نفسي: هذا يكفي، سأتظاهر بعدم حدوث أي شيء، ينبغي ان تفعلي هذا أيضاً.
تصلب فكها بقهر قبل ان تنهرني بعتاب: خمس أشهر لم تكن فترة قصيرة بالنسبة لي! ولا هذه المشاعر عابرة تجاهك، أنا حقاً معجبة بك ولن أسمح لها بحشر أنفها فجأة! تلك الفتاة مجرد مُتنمرة شريرة لا تتردد في سرقة أي شيء يعجبها. لا بد وأنك تحت تأثير شرها وسحرها دانيال!
كما لو كان ينقصني ولادة لاري من جديد في هذه الفتاة!
ياللصداع! لدي ما يكفيني بالفعل. أنا مُنهك وأرغب في الحصول على فرصة لاستيعاب كل شيء!
زفرتُ بنفاذ صبر: أياً يكن. لدي حقاً ما يكفيني من مشاكل الآن، لذا غادري وتأكدي من معاينة اصابتك أنا لم أتردد في ضربك بقوة ولا أعتقد ان اهمال ظهرك فكرة جيدة.
أردفت بجدية: لم أقصد إيذائك.
عندما لانت ملامحها ببطء تُحدق إلى بتمعن استدرت لأكمل طريقي وقد تجاهلتُ قولها: أنا لن أسمح لها بسرقتك مني!
مررت يدي على عنقي وقد تمكن مني الشعور بالألم هذه المرة، أعتقد أنني اهملت هذا الجرح أكثر مما ينبغي. ومن الضروري التوجه إلى المشفى.
ابقيت عيناي على كتاليا التي كانت على بُعد مسافة.
لا بأس. أنا أيضاً أقوم باستغلالك
أن تقول هَذا بِبساطة.
هي لا تفهم شيئاً!
انا شخصياً عاجز عن فِهم ما أريده، كل ما أعرفه أنني قلق من تشتت ذهني وأنني. تذكرت أمراً لا أدري ما صحة دقته أو إن كان مُجرد خيال!
إن كان حقيقة.
فربما.
سيكون الأمر مُعقد أكثر مما ظننت!
لماذا قد أكون السبب في إيذاء دامين؟!
كان ما رأيته مقززاً إلى درجة شعوري بالخوف يتصاعد في جسدي! بل. إلى درجة التقيؤ.
إن كنتُ.
قد آذيت دامين بالفعل.
فلماذا لا أتذكر هذا سوى الآن؟! هل من المعقول ان الاضطراب الذي تحدث عنه آرثر قد يكون السبب؟ هل ينسج عقلي ذكرياته بنفسه مثلاً؟ أو. هل أنا.
أتهرب من الحقيقة وحسب!
هناك فوضى غريبة بداخلي، ولكنني ربما بدأت أدركها حقاً.
من المفاجئ معرفة كم يكون الإدراك مُنهكاً.
لا يعقل أنني انتمي إلى أؤلئك الذين لا يجيدون سوى التظاهر بتقديم يد العون والمثالية الزائفة والمبادئ في حين أنني أرتكب في حق الناس أشياء مروعة وأسيء إليهم فقط!
هل هذا يعني أن كل شيء بشأني زائف؟ افعالي وتصرفاتي. تختلف عن أقوالي؟ إذاً ما يتفوه به لساني. تعارضه سلوكياتي! وما يتذكره عقلي. ليس سوى وهم أعيشه! كما قال كيدمان تماما على متن ذلك اليخت!
ربما أنا. شخص منافق! أو ربما عقلي مُنهك من استمراري بالكذب والتزييف وقد استسلم أمام رغبتي؟!
منافق؟! ولكنني. لم أكن لأخون أي شخص يثق بي يوماً!
إذاً. ما أنا تحديداً؟
لماذا أنا خائف من سؤال نفسي أكثر فأكثر والتعمق في ما يجول في عقلي! يا ترى. هل حقيقتي بهذا السوء أم أنني فقط اعتدت.
لعب دور الأخ البطل المغوار!
ذلك الإضطراب الذي قيل أنه قد أصابني في عمر مبكرة ثم بدأ يختفي تدريجياً. أيكون له الفضل في تزييف كل ما يتذكره عقلي والقائي في الوهم؟! هل كان الاضطراب هو ما اصابني واختارني لسبب ما أو أنني من. استسلمت له وتقمصته وحسب؟!
من مِنا.
قد اختار الآخر؟!
إن كنت من لجأ إليه فلا بد وأنني ضعيف إلى درجة اللجوء إلى شيء كهذا! وإن كان قد أصابني بلا حيلة مني. فهذا أسوأ ويعني أنني ربما. أضعف مما توقعت!
مُضطرب إذاً ولكن. لأي سبب تحديداً؟
وميض داكن مليء بالفتور قد التقى بعيناي، جعلني أدرك أنني وصلت إلى نهاية الزقاق لأقابل زوج من العيون الداكنة المتمعنة بي، وقد توقفت كتاليا عن السير كذلك تنظر إلى من وقف يضع يديه في جيب بنطاله يحدق إلى وتحديداً إلى عنقي قبل ان يمرر يده في شعره البني الداكن ليتمتم: لا ادري ان كانت المصائب تتبعكما ام انكما تجلبانها اينما تواجدتما.
رمقته بهدوء حتى وصلت حيث يقف، في حين رمقتني كتاليا بنظرة سريعة قبل ان تنظر خلفي حيث إيما التي ظلت مكانها.
ثم اعادت ناظرها إلى كيدمان وقالت بجفاء: ستأخذنا إلى المشفى؟
ابتسم لها بعبث مستفز وهو يجيبها يتقدم نحوها بخطوات صغيرة: المُهم أنكِ بخير آنسة كتاليا، سيكون والدك قلقاً برؤية هذه الدماء على ملابسك!
أجابته بحدة: إنها دماء صديقك، لنتحرك!
امتعض يرمقني بانزعاج: ليس صديقي!
ولكنها تحركت لتسبقنا فتنهدتُ وتحركت كذلك.
ليس صديقي إذاً، يصعب استيعاب قوله حقا.
وجود كيدمان يعني أنه بالفعل قد قرر البقاء ليعمل لصالح والدها وقد ورده اتصال فور وقوع الحادثة، ربما هو هنا لأنه كان قريباً في الأرجاء في متجر الحلاقة اللعين الجديد! لقد كان يكذب عندما قال ان مهمته قد انتهت.
كيدمان لا يزال يفاجئني باستمرار. حدة طباعه تجاهي، تجاهله اياي، طريقته المليئة بالازدراء والاستفزاز لي، والأهم. القاؤه باللوم على جراء ما حل بشقيقته كلوي.
إن كنتُ السبب في نظره بما حدث لها.
فهل يتهرب عقلي من هذه الحقيقة أيضاً؟ أو أنه. يلومني على ما قام به دامين!؟ ولكنني واثق وبطريقة ما وإن كان الجميع ضدي. أن دامين لم يرتكب فعلة سخيفة كالانتقام من الجميع بافتعال حريق!
ان اراد فعل هذا لفعله منذ زمن بعيد.!
بقيت أحدق إلى كيدمان الذي انتظرها لتتجاوزه ثم تبعها وهو يتجاهلني تماماً.
ان يظهر كيدمان بعد انقطاع ويتهمني بالكثير. أمر أعجز عن استيعابه!
تحذير كارل إياي من التمادي مع كتاليا ورغبته في استمرار علاقتها بي تحت مسمى زمالة عمل، استفزاز كيفين لي كلما سمحت له الفرصة، كل هذا. يوّلد عشرات الأسئلة في ذهني وعلى رأسها سؤال واحد.
ما الذي يشعرون به تجاهي حقاً؟
هل كنت صديق طفولة جيد لكيدمان؟ هل كنت الأخ الداعم لأخوته؟ هل كنت الابن الذي ظننته جيد ومطيع بما يكفي لوالده؟
كيف ينظرون إلى تحديداً؟!
أو ان سؤالي الأخير هذا. يعيدني إلى نقطة الصفر؟ كما لو كنت. ومنذ زمن بعيد جداً.
كل ما يهمني هو.
الطريقة التي ينظر فيها الناس إلي؟! كل ما يهمني هو. أن أكون شخص يحصد الثناء وحسب!
أن أكون شخص.
يلتفت إليه الناس!
لماذا توقفت قدمي عن الحركة؟
لماذا بقيت واقفاً أحدق إليهما وهما يبتعدان نحو السيارة السوداء المتوقفة على بعد عدة امتار. ولماذا يجتاح صدري. ضيق شديد وغصة قوية في حلقي؟!
هل لأنني أدركت مدى. ضخامة الوهم الذي أعيش فيه منذ البداية؟!
كانت كلمات كيدمان واضحة آنذاك. قال بأنني مجرد مزيف ومدّعٍ بارع! بأنني كنت أخنق دامين بدلاً من دعمه! اعايرتُ كارل بمناعته بدلاً من الوقوف إلى جانبه كما ينبغي! بأنني أجلب المصائب لأبي بدلاً من مساعدته!
هل هذا أنا؟
الأحمق الذي يظن نفسه. الأفضل؟ المُخرّب الذي يعتقد نفسه مُصلح! هل انا بهذا السوء او انني فقط اعتدت انني. جيد بما يكفي للآخرين؟!
وفي النهاية كل ما فعلته بعد الانصات إلى كلمات كيدمان على اليخت هو. الاستمرار في لوم وعتاب الآخرين بدلاً من. الاعتراف بما فعلته! في حين كان كارل يراعي مشاعري وكيدمان يحاول جاهداً توجيهي، كنتُ أستمر في اتخاذ الطريق الذي رسمته لنفسي لأضرب بعرض الحائط مشاعر الجميع.
لقد. أدمنتُ التغذي على اهتمام الجميع و لفت انتباههم نحوي.
لجوء أبي إلى منذ البداية ربما كان. فكرة سيئة!
وثق بي لأقدم له يد العون ولكنني في النهاية تماديت في أفكاري وتمكنت مني. الغيرة!
الغيرة؟
يصعب الاعتراف حقاً.
بأنني تسممتُ منذ زمن بعيد بالغيرة تجاه كارل ودامين!
.
.
غارق في الصمت إثر ثقل لساني ولم أنطق بحرف منذ ان جلست في السيارة.
بقيت أحدق بشرود إلى كيدمان الذي يقود السيارة وهو يتثاءب بضجر، ثم إلى من تجلس بجانبي وهي تنظر إلى النافذة وتتكتف تضم يديها إليها، تبدو غريبة منذ ذلك الحين. تنكمش على نفسها بوضوح وقد بدت أكثر هدوءاً!
اخفضت عيناي نحو الجرو الذي يجلس بجانبها يسند رأسه باتجاهها ويغمض عينيه مسترخياً.
رفعت يدي ببطء أتحسس عنقي. بدأت الدماء تجف تقريباً.
ملمس الجُرح.
مُقرف. ومؤلم جداً!
هذا غريب. لم يكن الألم ينتابني قبل هذهِ اللحظة. كما لو كنت منيعاً بشكل مطلق أمام هذه الإصابة!
ولكنني الآن اشعر بحاجة مُلحة إلى العناية بالجُرح فوراً!
دامين.
هل يعقل أنني بالفعل. أنسخ تصرفاته دون إدراك؟ وهل دامين وحده من أقوم بنسخ تصرفاته أم أنني أفعل هذا مع الجميع؟ هل كنت أفعل هذا بلا وعي. طوال الوقت؟!
إلى درجة. تجاهل الألم كلياً دون الشعور به؟!
هل أرغب في أن أبدو رجلاً. لا يُقهر ولا يتأثر بأي شيء؟ قوياً إلى هذه الدرجة؟!
أو ربما مجدداً. نيّل الاهتمام!
الاهتمام؟ بالتفكير بالأمر.
انتابني شعور غريب عندما أُصيب عنقي! فقط برؤيتها كم تبدو قلقة وخائفة نتيجة ذلك. شعرت برغبة عارمة في رؤية المزيد.
المزيد من القلق، والاهتمام. وربما. الاحتواء! ذلك العناق كنتُ.
بحاجة ماسّة إليه!
ما خطبي تحديداً؟! رؤية كيدمان يتصرف معي بعدائية، وكلمات كارل الحذرة تجاهي، واستفزاز كيفين إياي. كل هذا يشير إلى نقطة واحدة وحسب.
هناك تصرفات تبدر مني. قد فاقت الحد فعلاً!
نظرت بأعين باهتة شاردة نحو كيدمان الذي يقود السيارة بينما يدندن لحناً خافتاً.
ليتحرك لساني بتلقائية: إن كنتُ مجرد مزيف مدّعِ وبارع في تقمص الشخصيات ونسخ السلوكيات. فلماذا استمرت صداقتنا لسنوات طويلة؟
صمت قد ساد أرجاء السيارة حتى توقف في إحدى الاشارات الحمراء وشبك كلتا يديه خلف رأسه ليتمتم ببرود: الم يكن كلامي واضحاً في المرة السابقة بما يكفي؟!
بالنسبة لي. لا.
إذاً سأتحدث بوضوح مجدداً، أولاً السخف الذي يُدعى بالصداقة لم يعد يربطني بك لذا لا تدعو نفسك بصديقي! ثانياً. هل يُعقل أنه لا مكان في عقلك لذكريات تتعلق بتحذيري إيّاك ومحاولة توعيتك؟! هل بحق الإله. تمازحني الآن!
هو لن يفهم إن اخبرته أنني بالفعل.
لا أتذكر جيداً! رغم أنني أدركت هذا بطريقة ما.
اللعنة لقد اعتدتَ بالفعل أن تغيّب عقلك عن واقع الأمور، أفق وانظر إلى ما تقوم به! دامين عانى بسببك أنت قبل أن يترك القرية! وصل إلى حده بسببك! لن يتوقف عقلك عن نسج الأحداث والذكريات بما تريده أنت! هذا ما اعتدتَ عليه. هذا ما تريده وحسب!
نعم هذا ما قاله لي على متن ذلك اليخت. كانت كلماته مبهمة آنذاك ولكنها الآن واضحة، عقلي. لا يتعاون معي إطلاقاً! بل ربما كان عدوي منذ البداية!
تمتمتُ بتشتت احاول جمع شتات أفكاري: كل ما أعرفه أننا أصدقاء طفولة ننسجم جيداً.
رأيته يعقد حاجبيه بعدم تصديق ينظر إلى من المرآة الأمامية قبل أن يزفر ويهمس: انت لا تستسلم حقاً.
نفيت برأسي ببطء: أنا حقاً. لا أتذكر! لا أتذكر أي شيء يتعلق بتحذيراتك لي ومصارحتك إياي بأفعالي ومحاولة توجيهي! ولكنني مدرك لها! أعلم أن ما أقوله مبهم وغير واضح ولكنني أدركت شيئاً لا أتذكره جيداً.
ما الذي تتذكره يا ترى!
قالها بإزدراء ساخر وهو يكمل القيادة عندما اشارت الاشارة إلى اللون الأخضر لأجيبه فوراً وشيء أشبه باليأس ينتابني: أنني لم أتوقف عن مساعدتك أنت. والآخرين!
هل يعقل أن هذا هو مُلخص الاضطراب الذي تحدث عنه والدها! هل يختلق عقلي. كل شيء! لا مكان للذكريات التي لا تناسبني؟ هل يرفض عقلي مسايرة كل الحقائق ويحتّم علي. التمسك بأحداث وهمية كاذبة!
إن كان الأمر كذلك.
فأنا بحد ذاتي مُجرد. خدعة!
عندما احكم قبضته على المقود وتصلب فكه بوضوح علمت أن اجابتي كانت مستفزة بالنسبة له!
فأردفتُ أتمالك نفسي: كيد، هل من الخاطئ الآن أن أطلب منك التوقف عن التصرف بعدائية لتتعاون معي؟!
فور توقف لساني عن سؤاله داهمت كلماته رأسي لتجيبني عن سؤالي!
حاولت مرارا وتكرارا ولكنني فشلت! لا يهم كم من الوقت أهدرت بينما أحاول مساعدتك على ادراك الواقع! أنت فقط تستمر في اتخاذ طريق ستؤذي الآخرين من خلاله وتفعل المستحيل فقط لتشعر بالرضى!
عندما القى نحوي نظرة خاطفة من فوق كتفه رأيت كم كان منزعجاً من قولي، لذا أكملت حديثي اخفض يدي واريحها على حجري: قلتَ في المرة السابقة أنني لم أتوقف عن إيذاء دامين وكارل أيضاً، إن كان كارل يلتزم الصمت مراعاةَ لمشاعري وأبي لن يتحدث لعدم ادراكه الطريقة الأنسب للتعامل معي فأخبرني أنت على الأقل التفاصيل! إن كنت ستواصل ادعاء تورطي انا ودامين بشأن الحريق فكن جاداً وتحدث دون تهرب! فأنا لازلت متيقناً بطريقة ما بأن. لا علاقة لدامين بهذه الحادثة أصلاً!
لا علاقة له بماذا؟! هل تسخر مني بحق الإله!
صرخ بغيظ وأوقف السيارة على جانب الرصيف وهو يضغط على الفرامل بقوة، ارتد جسد كتاليا للأمام قليلاً وقد تناثر شعرها بقوة لتنظر إليه بعدم استيعاب وانزعاج: هل جُننت!
كان الجرو قد استفاق كذلك وبدأ يهز ذيله بتوتر دون توقف.
التفت كيدمان وتجاهل قولها لينظر إلى بحزم: بعد كل ما حدث بسببه في القرية وبعد الخسائر الفادحة التي.
قاطعته فوراً بحزم مماثل: لا يمكنني العودة بالزمن لأوقف ما حدث، ولكنني على الأقل بحاجة إلى فهم ما يجري! كما أنني واثق ان دامين كان قادر على الانتقام ممن أراد بطريقة أخرى! هو ليس بهذا السخف كيدمان! دامين لم يكن ليلجأ إلى طريقة كهذه أبداً!
وكيف كان من الممكن ان ينتقم برأيك؟
تساءل وشفتيه ترتجف بقهر واضح! نظرت إليه للحظات مطولة قبل أن أجيبه: دامين الذي رسمه عقلي لم يكن ليفعل هذا، لذا لا يمكنني أن أجزم الآن حقاً ولكن. أنا فقط مشتت! أقصد. دامين لم يكن ينوي ان يمضي بقية حياته في القرية وعندما أخبرته أنني سأخرج منها لأتجه إلى العاصمة لم يكن معارضاً للفكرة حقاً! بل أنني واثق بأنه. كان ينوي ان يتبعني في الوقت المناسب! أعلم أن أبي وكارل لن يتفقا معي ولكن صدقني كيدمان. دامين لا ينتقم بطريقة مماثلة! هناك أمر. خاطئ وحسب!
ها أنت ذا! ستقتنع دائما بأفكارك ومعتقداتك الخاصة ولن تلتفت إلى ما يقوله الآخرين! حتى لو كنتَ السبب بالفعل بزيادة وضع دامين سوءاًو لكن هذا لن يرفع التهمة عن أخاك الذي ارتكب جريمته وفرّ هارباً!
لا يوجد ولو دليل واحد على كونه الفاعل فلماذا يُصر الجميع بحق الإله على ذلك!
ادّعى الكثير من الشهود انه تواجد في وقت الحريق قرب الحقول ثم اختفى تماماً وغادر القرية! ادلى الجميع بشهادتهم للشرطة اليس هذا سبباً كافياً برأيك!
قلتها بنفسك ادّعى ! لا يوجد دليل ملموس حقيقي على كونه مُتورط في هذا الأمر! ثم دامين لم يكن.
تدخل صوت مُترع بالغضب: كلاكما. يكفي!
أضافت تنظر إلى بإنزعاج ونفاد صبر: أخبرتك ان تعتني بإصابتك أولاً، وبعدها افعل ما شئت! وأنتْ. أسرع بقيادة السيارة إلى المشفى أو ترجل مِنها لأتولى القيادة بنفسي!
أيدها بينديكت الذي نبح بقوة وتحذير وما ان كاد كيدمان يتفوه بحرف حتى نبح الجرو بقوة أكبر!
.
.
رفعت يدي أمرر أناملي على الضمادة الطبية حول عنقي، أحدّق إلى المَكان من حَولي بينما أسير إلى جَانب كتاليا التي قامت في المشفى باستبدال ملابسها المُلطخة، كانتْ تمسك بالجرو الصغير بين يديها وقد كانت هادئة أكثر من المعتاد!، انزلت يدي أضع يمناي في جيب بنطالي، فكذلك ارتدي ملابس أخرى بعد ان ناولني السائق آرون كيس يحتوي على الملابس الجديدة لاستبدلها بالأخرى! ولكنه وفور أن أتم مهمته غادر وتركنا مع كيدمان الذي لا يتوقف عن محاولة استفزازي او القاء النظرات الممتعضة نحوي!
هل لقي أؤلئك الناس حتفهم بسبب دامين وحده؟ أفق دانيال لقد تفاقمت حالة أخاك بسببك أنت، اكتفيت من محاولة الدفاع عنك وتحريرك من الظلام الدامس الذي تغرق نفسك فيه باستمرار!
كلمات كيدمان لا تنفك تنهش برأسي وأنا عاجز عن تحليل الوضع الحالي. والسابق! لا يمكنني وصف ما أمر فيه الآن فأنا بالفعل أبدو مثل شخص وجد نفسه في متاهة عليه الخروج منها ويتجه إلى المخرج الذي. سيعيده إليها! والأدهى بأنه يرى نفسه في كل زاوية منها ب. شكل مختلف!
بقيت أنظر إلى كيدمان الذي يتقدمنا ببضع خطوات، بعد العناية بالجرح في عنقي في المشفى اتصل آرثر بابنته ليخبرها أنه في انتظارنا في جناح أحد الفنادق القريبة وحذرنا من التأخر، كما يبدو ان كيدمان قد تلقى الكثير من التهديدات لئلا يتأخر أيضاً فلقد بدى عجولا في قيادته!
هذا الفندق.
يصعب وصف فخامته!
إنها المرة الأولى التي أتواجد فيها في مكان كهذا.! الفندق من الخارج مُزين بواجهات زجاجية تعكس اشعة الشمس، بينما ردهته الواسعة تُضاء بثريات كريستالية تتدلى من سقف مرتفع مزخرف بنقوش فنية.
ولا أعلم عن حقيقة الأمر ولكن يبدو لي انه يعج برجال الأعمال في كل مكان، فحتى ردهة الفندق بدى فيها مجموعة من الرجال الذين يرحبون ببعضهم برسمية.
والدها كان يرغب في مقابلتها في المشفى قبل ان يتأكد انها بخير بالفعل، وفور ان تأكد من هذا قرر أنه سيقابلنا هنا.
علي كل حال وما الجديد! كل ما سيفعله هو تكرار كلماته المبهمة من المرة السابقة وسيرفض تبرير أي شيء. فلقد كان واضحاً انه يتصرف بغموض مع ابنته منذ فترة، وكأنه سيقرر التخلي عن هذا الغموض الآن.
اياً يكن. لا أهتم بأي كلمة قد يصرّح بها، فما أعرفه الآن هو أمر واحد فقط.
ضرورة أن أحرص على ان افهم ما أريده تحديداً!
وعلى ما حلّ بالجميع من حولي طالما يوجد تضارب في فهم الحقائق بيني وبينهم.
لقد قررت بالفعل.
لن ألجأ إلى طبيب نفسي ولن ازور اي عيادة لعينة!
أنا قادر على تخطي الأمر بنفسي!
إن كان عقلي يستمر في محاربتي فلن أقف كالأحمق أمامه عاجز عن اتخاذ أي خطوة! إن استمر في محاربتي. سأحاربه وحسب! وإن كان معرفة المشكلة هو أول خطوة لحلها فربما انا بالفعل. أسلك الطريق الصحيح الآن!
تُركت لسنوات طويلة وحدي كالمغفل رافضاً الاستجابة لمحاولاتهم في توجيهي، سأخرج من عتمة ما أدخلت نفسي فيه.
سأتخطى الأمر وحدي، يمكنني هذا.
ولأفعل هذا سأحتاج إلى أمرّين.
نظرتُ إلى كيدمان الذي يتقدمنا وقد ضغط على زر انتظار المصعد.
الأمر الأول هو تعاون كيدمان معي، أو على الأقل مصارحتي بكل شيء منذ البداية!
والأمر الثاني.
وجهت مقلتاي نحو من تقف بوجهها الشاحب منذ ذلك الحين، لا زالت تحافظ على هدوئها وتتمالك نفسها رافضة خوض أي حديث!
الأمر الثاني ينحصر على ان اكمل عملي معها بجدية تامة!
فكل شيء قد بدأ بالتغير منذ اللحظة التي عرضت فيها العمل على لتقول لي بأنه سيكون من السهل لي لفت الانتباه .
انا واثق ان كل شيء قد بدأ حينها!
كلماتها رنانة في عقلي و قد جذبتني إلى حد الموافقة! إن كان ما أحاول فعله هو لفت الانتباه حقاً. فعلي ان اكمل وحسب لأرى ما أريده وما أحاول الحصول عليه!
أنا لا أريد المزيد من الخسائر.
بقيت حبيساً لأفكاري وخططي حتى عندما سبقني الاثنان بدخول الرواق المؤدي الى الجناح في الطابق الثامن والعشرين، تبعتهما وقد رفعت يدي بتلقائية مجدداً نحو الضمادة على عنقي.
بقيت عيناي تحدق إليها وهي تنزل الجرو على الأرض وتربت على رأسه.
الأهم هو تأدية الدور المطلوب مني.
لم أكن لأسمح لها باللجوء إلى ذلك اللارز.
لم أكن لأشعر بالراحة الكافية وهي تحصل على مساعدته هو. بدلاً مني أنا!
ولكن لماذا.!
أيعقل أنني. لن أتقبل فكرة لجوءها إلى شخص آخر بعد الحاحها علي؟
هل أود ان اكون المنقذ وحسب! هل هذا حقاً يشعرني بصنع قيمة خاصة بي؟ هل هذا ما يجعلني أكون راضٍ. عن نفسي؟!
عندما رأيت بريقاً رمادياً يحدق إلى باستنكار ادركت انني كنت أقف منذ خروجي من المصعد لأحدق اليها دون ان انبس بكلمة! انزلت يدي من على عنقي وقلت انظر من حولي: لماذا قد يقابلنا والدك هنا، هل كان من الصعب التحدث في مكان آخر!
الارضية مغطاة بالرخام اللامع، وفي بداية ردهة الجناح مرآة ضخمة طولية تمتد على الحائط قد انعكست عليها صورنا، أمامها طاولة أنيقة عصرية قد وُضع عليها صينية فواكه ترحيبية وشمعدان أسود أنيق، شموعه مُشتعله مسبقاً.
اجابتني تزفر بينما تمرر يدها في شعرها: لا يشعر بالأمان والطمأنينة في الأماكن العامة بما يكفي، أياً يكن تمالك نفسك نحن لا نريد اهدار الوقت بالشجار والجدال.
هذا يعتمد على مدى استفزازه لي!
ويعتمد على تمالكك لأعصابك أيضاً.!
اين كيدمان على أي حال.؟
أشارت بابهامها للخلف: لا أدري ما الذي كنت الشارد الذهن فيه إلى هذه الدرجة، لقد عاد ادراجه للتو ولكن يبدو انه سيعود، لنتحرك.
ثم قالت للجرو مداعبة إياه ومحفزة: هيا بينديكت لندخل. كُن لطيفاً مهذباً أنت أيضاً.
انا لم انتبه لمغادرة كيدمان!
تحركت لتسبقني بينما نظرت إلى الجرو بإدراك، أنت أيضاً؟ هل تقوم بوضعي في مقام مماثل لمخلوق كهذا!
دخلتْ حيث الجناح ولكنني توقفت عندما وجدتها تقف لتسد المدخل فقلت بهدوء: ما الأمر؟
نظرتُ إلى الداخل حيث تحدق وقد عقدت حاجباي بعدم استيعاب قبل ان اطرف بعيناي بإستيعاب لأهمس اتجاوزها لأدخل على عجالة: أبي!