قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

أصبح ينظُر له بهدوء مُريب وهو يضع يديه في جيبي بنطاله، بينما الأخير ينظر إليها مع قوله الوجل:
-دا مين يا رنا جوز...
قُطعت عبارته بلكمةٍ قوية في صدغه يليها صوته الشرس:
-متنطقش إسمها يا (، )..!

ارتد محمود للخلف وهو يتحسس فمه بأنامله حيث سال على شفتيه خط رفيع من الدماء، ابتسامة حمقاء تشق ثغره الآن وهو ينظر إلى يزيد مُزيدًا الطين بلا بكلماته السّامة:
-فاكرها محترمة؟ يا باشا دي متجوزاك عشان الفلوس وبس وكل دا متسجل معايا صوت وصورة، والنهاردة هي جيالي بإرادتها و...

مرة أخرى جعله يبتلع لسانه حيث هجم عليه وغضب الدنيا يحتل كل جزء من جسده، يقبض على تلابيبه ويستديرُ به مُلصقًا ظهره في سيارته وينهال عليه بركلاتٍ ولكمات عنيفة، لم يستطع محمود أن يقاوم قوته وغضبه الآن، فقط كان يحاول الهروب لكن هيهات، لقد أحكم يزيد السيطرة عليه وبات يضربه ضربًا مبرحًا وكأنه فقد وعيه وبالفعل كلماته أشعلت النيران، نيران أحرقته هو أولاً..

تصل سيارة الخاصة به ويترجل منها رجال شداد البنية، يقتربون من رئيسهم لكنه يُشير لهم بيده كي يبتعدون، ترنح محمود يمنى ويسرى في يديه إلى أن سقط على ركبتيه بإنهاك شديد، تركه يزيد والتقط هاتفه اللعين الذي يضم صور زوجته وكل الذي يهددها به، فيدفعه بعد ذلك إلى الخلف مُشيرا له بسبابته في صرامة قاتلة:
-دي قرصة ودن صغيرة، لو فكرت تقرب تاني هدفنك مكانك لو عاوز تلعب في عداد عمرك، قرب!

يتراجع للخلف فورًا جاذبًا إياها من ذراعها بعنف اخافها، ادخلها السيارة بقسوة وراح يركب ويقود على أقصى سُرعة، ابتلعت ريقها بخوف شديد، ربما لم يكن الخوف من بطشه إنما من صورتها أمامه وكلمات الغرام التي حتمًا سيقرأها عبر هاتف ذاك اللعين!
ظلت تنظر له بتوتر رهيب تارة وتنظر إلى النافذة تارة أخرى، تفرك يديها ثم تعاود النظر إليه وتنطق بخفوت:
-يزيد!

تعابير وجهه كانت جامدة وساكنة, وصمته المخيف ازاد ارتباكها، لكن كعادتها تتحلى بالشجاعة وتستطرد:
-أنا قولتلك على كل حاجة وعرفتك بالمقابلة دي فليه الغضب دلوقتي؟
يلتفت لها فجأة بعينين حمراوتين من شدة الغضب ويصيح بها:
-اخرسي!
انتفضت في مكانها وهي مازالت تحدق به، بينما هو ينتبه إلى الطريق ضاغطًا على نواجذه بشراسة...

في مركز الشُرطة.

حيث يجلس الرائد وليد خطاب بهيبته المألوفة، تتابعه زهراء بنظراتها الخجلة، حيث في خلال أربعة وعشرون ساعة فقط استطاع أن يحصل على المتهم ذاك المُتعدي عليها، لم يتركها وشأنها بعدما تقدمت ببلاغٍ رسمي إنما أمر العسكري أن يحضرَ المُتهم إليه، وبالفعل بعد مرور دقائق دفعه العسكري دفعًا أمامه، فراحت نظراته تنغرس فيه كالسهام تمزقه وقد أخشى النظرات فماذا إذا نهض من مكانه كما يفعل الآن بالضبط!

تراجع المُتهم للخلف بتوجسٍ، وفي حقيقة الأمر لم يختلف حال الجاني عن المجني عليها!
فتلك نظرات وليد المريبة وشكل المتهم المخيف أصابها برجفة خوف عنيفة..

ليصلها صوته الجهوري كأنه أمر وجب عليها تنفيذه:
-خُدي حقك منه!
نظرت له بصدمة، كيف تأخذ حقها؟ جحظت عيناها وبللت شفتيها بتوتر شديد، فيصيح بها وكل أعصابه تحترق:
-بقول خدي حقك!
ويستطرد وهو يتقدم من المتهم:
-الواطي دا كان خاطفك لسبب دنيء زيه وهو إنه يغتصبك!

تشعر بأن ساقيها لم تعد تحملاناها، صوته القوي يجبرها بشدة على الانتقام، أخذت تتنفس بصعوبة وهي ترمق ذاك الوضيع بعينيها الشرستين رغم وجل قلبها!
تقدمت منه بخطوات متعثرة وصدرها في علوٍ وهبوط، يدها تمتد رغم ارتحافها بصفعة مدوية، تراجع المجرم للخلف مصدومًا لكنه لم يستطع الهرب فلقد اصطدم بالحائط من خلفه!
وكالمجنونة التي فقدت عقلها انهالت عليه بضرباتٍ قوية، ماذا لو كان هتك عرضها؟

فقدت السيطرة على نفسها وسددت له اللكمات والصفعات المُتتالية، تنتقم لذاتها بشراسة..
كان وليد يشاهد رد فعلها بارتياحٍ وهو يجلس على سطح مكتبه وبدا وكأنه يستمتع بما يحدث!

-خاين!
قالتها الآن ودموعها تأخذ مجراها على خديها، ثم تعود لقراءة تلك الرسالة ثانيةً...
(جوزك متجوز عليكي، فوقي بقى من النوم في العسل)
أمسكت موضع قلبها تعتصره بقبضتها، اللعنة على هذا القلب فلولا لما كانت هُنا، تحت سيطرته!
هل ستصدق دون دليل؟.
أم أن رصيده في خيانتها سابقًا هو أقوى الأدلة؟!
عليها التيقُن مما أُرسل إليها، وحينها ستقوم العاصفة، تلك العاصفة التي ستقضي على علاقتهما المُميتة...

لاحقًا.
عندما وصل يزيد بصُحبة رنا وصعدا معًا إلى غُرفتهما، وأغلق الباب خلفه بهدوء قاتل، صمت تام يسيطر عليهما، تنظر هي إليه في ترقب وخوف، ولم ينظر هو إليها نظرة واحدة حتى!
كان يستجمع بعض من اتزانه، وقد تحرر من صمته دون النظر إليها:
-منتظرة منّي عقاب مش كدا؟

رمشت بعينيها عدة مرات وقد خفق قلبها وحُشرت الكلمات في جوفها، وهو تابع ساخرًا:
-العقاب دا كان ممكن أعمله لو أنتِ واحدة مهمة أوي عندي، أو أنا أصلا باقي عليكي!
نظرت له بصدمة ولم تستطع كبح ردها:
-يعني إيه؟

ونظرة قوية أرسلها إليها وهو يُخبرها:
-يعني أنتِ من طريق وأنا من طريق يا بنت الناس، والحمدلله إن مافيش لسة حاجة حصلت بينا، مجرد جواز على ورق وبس، تقدري بعد كدا تعيشي حياتك وتبدأي مع حد تاني غيري لكن مش أنا، مش أنا يا رنا!

ترقرقت العبرات الحارقة في عينيها وهي تُطالعه بنظرة تترجاه بأن لا يفعل، بأن لا يتركها تعاني مع والديها ثانيةً، بأن يسامحها على هذا الخطأ خاصتها..
تنحى جانبًا كي لا تُضعفه نظراتها الآن ودموعها، هو لا يُريدها معه وقال هذا عن إقناع، ولكن قلبه لم يتفق مع عقله أبدًا في هذا!

اقتربت منه خطوة واحدة وهي تتابع بصوت مختنق:
-بس أنا حكيتلك كُل حاجة ومكذبتش عليك تاني.
عاد ينظر إليها بعصبية مع قوله:
-آه حكتيلي، بس أنا مش قادر أبلع علاقتك بالزبالة دا حتى لو العلاقة دي انتهت، مش قادر أتخيل إنك كنتِ بتبعتي له صورك كدا عادي بمنتهى البساطة، وبتسمعيه كلام جميل!، كنت فاكر إن اللي ما بينكم اعجاب أو كلام عابر مجاش في بالي إنك بالأخلاق دي أبدا!

ابتلعت تلك الغصة المريرة في حلقها، واقترب خطوة أخرى منه فالتصقت به هذه المرة، أثرت عليه بالطبع لكنه لم يظهر ذلك إطلاقا ولم يتحرك قيد أنملة، فتتابع وقد تدفق دمعها أكثر:
-ممكن تديني فرصة؟، أنا آسفة!
فما كان منه إلا أن تركها وانصرف في سرعة خوفًا من أن ينصاع لضعفها!

-مالك؟
سألها بجبين مُغضن، فمنذ أتى وهي على هذه الحالة، حالة من الصمت المهيب..!
-مافيش..
ردت ببرود عليه وهي تُرتب ملابسه الذي ابدلها الآن، تنهد بضيق وهو يستطرد:
-قولي مالك على طول في إيه؟
-مافيش حاجة يا مازن صدقني! مخنوقة شوية بس من قعدة البيت.

زفر الهواء بعنف قليلا قبيل أن يعود لرشده ويبتسم قائلا:
-طب ما تقولي كدا!, عشان أخرجك وأعمل معاكي الصح يا قلب مازن..
ضحكت، حقًا لقد أضحكها، وكلما نطق كلمته الأخيرة يضحكها!

يحسبُ أنها سعيدة لقد كان غافلا عن تلك العبرات الحبيسة التائهة بين ضحكاتها الساخرة..
-جهزي نفسك بكرة هاخدك وهخرجك اليوم كله خروجة متحلميش بيها أوك؟
فأومأت برأسها مبتسمة وهي تُكرر كلمته:
-أوك..
قبّل وجنتها بحب قبيل أن يهتز هاتفه برنين عالي يعلن عن اتصال ما نظر إلى شاشة الهاتف وارتبك بشدة ماذا سيفعل الآن!!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة