رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعة وستون
حينما كانت مراهقة، حمقاء، ساذجة
كانت تتمني أن تأتي ليلة زفافها في أقرب فرصة
لتعيش هي وحبيبها في منزلهم السعيد كما لو ظنت نفسها أميرة وزوجها أمير بحصانه الأبيض لتذهب لقلعته
الأمر العجيب هنا
لما حصان أبيض؟
أهذا تحيز عنصري؟ الحصان الأسود أكثر جمالا من الحصان الأبيض
ثم لما الأحصنة من الأساس؟ ماذا إن قرر الحصان أن يكون في مزاج عكر يوم زفافها؟! ستنتهي ليلتها وقتها اما اسفل حوافره أو في المشفى!
تنهدت جيهان بسأم وهي ترتشف عصير الليمون المنعش لتنظر نحو الفتيات اللاتي اصطحبتهن لجلسة استرخاء وتدليل انثوي بعيدًا عن مشاكل العمل، أو الحياة
فقط استرخاء وفتاة بأيدي ناعمة تدلك بأصابع سحرية..
رأت الجميع في حالة استرخاء تام، وهي تكاد تبكي من فرط المسؤولية التي ستقع بها
الزواج أمر كبير، بل شئ تعدى مجرد فستان من مصمم وزينة وجهه من شخص خبير وقاعة زفاف تكلف ثروة صغيرة وهي بالكاد ستقضي بها ثلاث ساعات.
تمتمت بحنق تخرج ما يموج داخل صدرها من قلق وخوف بل وارتباك
-لا لا انا مش قد المسؤولية يا جماعة الغوا الفرح
لقد اليوم السابق بسؤال علي جروب شهير عن مشاعر الفتاة ما قبل الزواج وبعده خاصة من حبيب عمرها
نص التعليقات انتهت بالطلاق والمحاكمات، والأخريات تنوعن من تغير شخصيته من ثاني شهر زفاف ومن تغير من ليلة الزفاف وقتها، بل والفجيعة الذي شعر أنه تسرع في قرار الزواج بعد ارتباط وخطوبة دامت لخمس أعوام.
أي تسرع هذا الأحمق وقد دامت الخطبة لخمس اعوام؟!
لكن من وسط كمية التشاؤم وجدت تعليق اثنين ثلاثة ربما اربعة انهم كانوا رجالا معهن ووفوا بوعدهم
إلا أن تعليقات النساء أخبرهن بحذف التعليق خشية من الحسد!
وانتهي الأمر تعاني السهاد والأرق وقد خفت تحمسها لليلة النساء القائمة على تدليل أنفسهم من مأكل وملبس وعناية جسد وتصفيف الشعر.
رفعت شادية رأسها من على حاسوب جهازها قائلة بحدة مزمجرة.
-اهدي يا مجنونة، فرح ايه اللي يتلغي والباشا صارف مبلغ محترم على الفرح اللي شغالة فيه
تعلم شادية نوبات العرائس قبيل الزفاف، لكن شقيقتها لم تكن من ضمن تلك الفئة بل كانت من أكثر العرائس المتحمسات لتنقية كل ما يخص يوم حلمها كما وصفته تحديدًا
زمت جيهان شفتيها بعبوس وهي تلقي نظرة حادة تجاه وجد وآسيا اللتين لم تنبسن ببنت شفة لتعيد نظرها تجاه شادية قائلة بإقرار.
- بصي عليا وقوليلي انا هل انا بتاعت مسؤولية وجواز لا الغوا
انسلت ضحكة خافتة من شفتي وجد التي رفعت هاتفها تجاه جيهان، لتكشر جيهان ملامحها بعبوس مزمجرة في وجهها قائلة
- بتضحكي علي ايه انتي كمان
غمزة ماكرة ثم بعده ظلت تعبث وجد في هاتفها قائلة
-ببعت احلى فيديو لعريسك يا عروسة
قلبت جيهان عينيها بملل وهي تشعر بالحنق تجاه عدم اعلامها تجاه وجهته مع الرجال.
لقد أخبرها بجفاء أنه سيحتفل ليلة عزوبته كما تحتفل هي مع الفتيات لكن بصحبة الرجال
فقط لو انتهى بهم الأمر في ملهى أو مكان مشبوه سيكون دليل دامغ لألغاء الزواج
هي بذاتها لا تصدق والدها الذي كان يؤجل أمر الزفاف كثيرًا بحجة شادية
وشادية الحمقاء بدلا من ان تصمت قالت ببرود انه لا حاجة لهم بتأجيل الزفاف بسببها، فهي الأخرى سيأتي يوم وتتزوج!
غمغمت بحدة
- قال يعني هخاف.
تمتمت وجد وهي تربت علي بطنها وقد اقترب ميعاد ولادة الصغير كما أخبرها الطبيب
- وسيم لو شاف الفيديو ده ممكن يجيله ذبحة صدرية باللي هيسمعه ده منك
غمغمت هي بيأس محاولة أن يتفهموا حالة الذعر التي انتابتها منذ ذلك المنشور المشؤوم
- يسمع انا بردو معترضة، يا جماعة افهموني انا مش هعرف اكون ام وست بيت وزوجة ومسؤوليات وعيال.
توقف يدا شادية عن النقر في هاتفها، وهي تشك، بل أكيدة أن الأمر متعلق بخطيبها الذي أصبح متذمر صغير كونها تحالفت مع والدته لإجباره لمتابعة العلاج وتقسم لو فعلها هذا الأحمق سيأخر من انهاء ترتيبات زفافها وسيترتب عليها قتله!
تمتمت وجد وهي تمسد بطنها المتكورة محاولة الاسترخاء على ظهرها لتتنهد قائلة
- حيلك حيلك لحقتي جبتى العيال امتي
عينا جيهان الوقحتين نحو بطنها جعلت وجنتي وجد تتورد خجلاً وجيهان تهمس بمكر.
- اومال الجواز ايه يا ست العريف
تغلبت على خجلها متمتمة
-الجواز ببساطة اتنين قرروا يكملو حياتهم مع بعض لانهم شايفين انهم مكملين بعض ولو حاسة انك مش مستعدة للعيال ممكن تأجلو الخلفة شوية مش مشكلة
ضحكة آسيا المنفجرة جعلت جيهان تشاركها في الضحك، لتزيل اسيا قطعتي الخيار عن عينيها مغمغمة
- اه بامارة اللي في بطنك دي، مش كنتي قولتي مفيش عيال الا بعد سنة جواز عشان تعرفوا طباع بعض وانتو لازقين بوزكم في بعض.
نظرت وجد بيأس تجاه شادية التي ربتت على ظهرها، فُتح باب غرفتهم الخاصة لتصطحب فريال ابنتها أسيل والمشاغبة الصغيرة شمس التي لفت رأسها بمنشفة صغيرة ورداء حمام أبيض يلتف حول جسدها الصغير، غمغمت وجد بحنق
- انا مقولتش بوزكم
غمزت جيهان نحو آسيا بمكر التي تستمع بذهن شارد، مفضلة عدم المشاركة ولكن منصتة لجميع عبث الفتيات لتمتم جيهان بمكر.
- وقتها كنتي مبتقوليش الالفاظ دي، بس بركاتك يا دكتور بقيتي مصرية اصيلة مش بنت نايتي
زمت وجد شفتيها بحدة وهي تشعر ان جيهان بها ما يؤرقها، تحاول مداراة هذا الأمر بمزاح ومشاكسة غليظة، لكن ستجد وقت تنفرد بالفتاة وستحاول معرفة ما ألم بالمجنونة!
استقامت من مجلسها قائلة ببرود
- تصدقي انا غلطانة اني قاعدة وسطكم
اتخذت فريال وشمس مقعد وجد التي ادعت الغضب والحنق، لكن جيهان تعلم أنها مجرد ذريعة لتعود إلى زوجها.
حمقاء، تمتمت بها جيهان سرًا لتضع عيناها نحو الصغيرة شمس، ابتسمت قائلة بحماس
- شموس مش عايزة تيجي تحط المونيكر زي كل مرة
زمت الصغيرة شفتيها بعبوس واضح متمتمة بنفي تام
- لا
عقدت جيهان حاجبيها بريبة، لن تنكر أن الفتاة مزاجها أصبح كريه كأبيها بعد أن أصيب بطعن في جسده، لكن الرجل كالقط ماشاء الله تبقي لديه ستة ارواح.
فتح الباب مرة أخرى لتعود وجد جالسة على مقعد متباعد وبيدها حاملة هاتفها، يبدو ان زوجها أعجب بليلة العزوبية التي يستمتع بها زوجها المستقبلي!
سرعان ما عاد تركيزها تجاه شمس التي اندست في جسد آسيا التي نظرت تجاه جيهان بتحذير صريح ألا تتمادى في حديثها، لكنها تجاهلتها كليًا متسائلة نحو الصغيرة
- ليه بس يا شموس.
ترقرقت الدموع من عيني الصغيرة هامسة بنبرة أوجعت قلب آسيا لتضمها بقوة تقبل رأسها بامومة والصغيرة متشبثة بجسدها كالعلقة
- بابي مش عايز يجي البيت، كل مرة يقولي انه ورا شغل وانا زهقت
ألقت جيهان نظرة تجاه فريال المتشاغلة بصغيرتها أسيل قائلة
- البت بتتكلم ولا كأنها مراته مش بنته
تأوه موجع كانت من نصيبها حينما لكزتها فريال بقوة مغمغمة بحنق وعينيها تتألمان لبكاء الصغيرة بين أحضان خالتها.
-اتلمي يا جيهان مش وقت ظرافتك دلوقتي البت مضايقة ابوها مختفي من بعد ماخرج المستشفي
تأففت جيهان بحدة قائلة
- يا ست دي المفروض تزغرد وتعمل فرح، هو حد يتنكد لما بوز الاخص ده يمشي
ثم بخبث اخرجت أحمر الشفاه جديد الذي تحب الصغيرة ان تضعه من خاصتها قائلة
- تعالي احطلك روج جبته جديد يا شموس
رغم كمية الإغراء وتوقف الصغيرة عن البكاء وهي تمسح الدموع بكفيها الصغيرتين الا انها تمتمت بعبوس.
- بابي قالي محطش روج عشان كدا غلط
تلك المرة نظرت آسيا بعجب تجاه الصغيرة شمس، يبدو الصغيرة تحب أن تتمرد فقط تحت أنظار والدها، ابتسمت وهي تطبع قبلة على رأسها وهي تربت على ظهرها
الصغيرة رغم تمردها البرئ والجامح في عيون البعض، إلا أن بعض الحدود التي رسمها لها والدها بغض النظر عن كونها لا تطيقه، إلا أن الصغيرة لا تتعداها في غيابه
وهذه نقطة تحتسب لهذا الأحمق رغم هجره الغبي لصغيرته!
عقدت جيهان حاجبيها قائلة.
- وانتي فجأة بقيتي تسمعي كلامه من امتي
والصغيرة كشرت ملامحها بعبوس امام وجه جيهان قائلة
- مش هحط
لمعت عينا جيهان بشيطانية وهي تضع احمر الشفاه على شفتيها مغمغمة بتلذذ
-ده بطعم الشوكلت جبته مخصوص عشانك
رمشت الصغيرة جفنيها عدة مرات، لتنظر تجاه آسيا والتردد جعل جيهان تكاد تنفجر ضاحكة، تقدمت الصغيرة بعد مشاورات عقلية نحو جيهان لتمتم جيهان بنصر
- ايوا ارجعي لتمامك، قال بابي قال.
وضعت الصغيرة احمر الشفاه على شفتيها صائحة نحو تمتمة جيهان الخافتة
-ملكيش دعوة ببابي
انتفضت جيهان من مجلسها وهي تضع كلتا ذراعيها على خصرها قائلة بطفولية
- بت انتي يا مفعوصه انا اجن منك وأعيل منك
رفعت شمس حاجبها باستنكار تام، لتشيح بوجهها عنها وهي تعود مرة أخرى إلى حضن خالتها، لتنفجر فريال ووجد ضاحكتين خاصة وجد التي تضحك بشماتة لتزمجر جيهان بغضب
- شايفة يا فريال
هزت فريال رأسها قائلة.
-تستاهلي عشان تحطي دماغك بدماغ طفلة
همت جيهان بالصراخ في وجه شقيقتها الا انها وجدت مكانها شاغرًا، عبست ملامحها قائلة
-شادية راحت فين
تمتمت وجد بنعومة
-حبيب القلب اتصل
زمت جيهان شفتيها، وحتما ذلك الرجل وضع في اللائحة السوداء
اللعنة الرجل كمصاص دماء يستحوذ على كامل اهتمامها، وعواطفها
وأين هي؟
أليست لها الأحقية خاصة وهي عروس متوترة، تكاد تنطق بفسخ أمر الزفاف برمته، لولا فقط الثروة الصغيرة التي دفعها الرجل في المنزل وفستانها هو ما يثبط الغاء امر الزواج، لتمتم بحنق
- هو ده وقته نحنحة، ما قولتلها قبل كدا تقفل التلفون عشان تفضي نفسها ليا
تدخلت فريال تلك المرة قائلة
-اومال لو كانت جوازة مصلحة كنت عملتي ايه، ده انتي هتاخدي واحد كان لازق في بيتكم اكتر من عندنا.
تنهدت جيهان وهي تمرر أناملها على خصلات شعرها تكاد في لحظة فرط جنون او غباء تنتزع خصلات شعرها لتقول
- ده اللي مجنني ومطمني في نفس الوقت، بيقولوا ان وش الراجل الحقيقي بيبان بعد الجواز وانا الصراحة قلقانة من وسيم.
لم تلتفت اسيا كثيرًا لحديث الفتيات، كل شغلها هو إعطاء دعم كبير وحب غير مشروط تجاه الصغيرة التي تعكر مزاجها بسبب والدها الذي ما ان انتهي أمر التحقيق وتأكد من خروج طليقته من الشبهة حتي غادر نهائيًا، وتتمني أن يكون نهائيًا حتى تستطيع هي وشقيقتها تربية صغيرتهم كما كانت في أمريكا...
وهذا أمر صعب في الوقت الحالي، لأن الوضيع استحوذ علي عقل وقلب الصغيرة وتبكيه ليلاً حينما يهاتفها مكالمة الليل حتي تستطيع الصغيرة النوم ومكالمة الصباح، وكأن هذا سيعوض غيابه المتعمد الأحمق!
تمتمت وجد بمشاكسة وعينيها معلقة على آسيا ترمي إليها الحديث
- اذا كان علي الاشقر متخافيش منه، ده قلبه طيب، الدور والباقي علي التانين
لكن جيهان استغلت الوضع وهي تسأل آسيا خاصة كونها أقرب من تعلمه من فسخ خطبته.
- بمناسبة فسخ الخطوبة، ايه الحوار ناس كتير كانوا بيقولوا لايقين على بعض رغم اني مشوفتش كده
هزت آسيا رأسها بلا مبالاة
- محصلش نصيب
تمتمت جيهان بتعجب
- حالا كدا بعد الخطوبة تفسخيها، حسيتي بالفرق بينهم مش كدا؟!
اتسعت عينا وجد بجحوظ وهي ترى جيهان تدخل نطاق محظور مع آسيا التي ناظرتها بتعابير مبهمة لتهدر وجد بيأس
- بطلي قلة ادب انتي وهي
صاحت جيهان بحدة وقد سئمت من مقاطعتها لاسئلتها.
- ببطنك قد البطيخة دي ده اكتر دليل ان فيه وقاحة حصلت
اتسعت عينا وجد وهي تضع يديها تحمي صغيرها من سماع كلمات وقحة خاصة من زوجة ابن عمها المستقبلية لتهدر بخشونة
- ملكيش دعوة ببطني، بطني وابني وانا حرة
انفجرت جيهان ضاحكة وفريال تهز رأسها بيأس لا تصدق مدى عقلية جيهان وهي التي توشك علي الزواج، تتمني أن يلهم زوجها الصبر على ابتلاءه لتغمغم بمشاكسة
- وطلع للقطة ضوافر.
كشرت وجد ملامحها بعبوس مصطنع تجاه فريال التي ارسلت لها قبلة في الهواء، لتهز آسيا رأسها بيأس وقد ظنت أن الجلسة النسائية ستقتضي ثرثرة كالتي في منزل توحة لكنها مخطئة، أما جيهان فتمتمت بيأس من ظهور شادية في الصورة
-شادية اتأخرت كل ده ليه.
وقفت شادية أمام مرآة الحمام وعيناها تتفحصان الفرق الذي بدا على قسمات وجهها الذي اكتسب بعض النضرة والدهون المكتسبة
عينيها هبطت تحديدا الي منحنيات جسدها الذي ظهر عليه كما تسمى جيجي المخبولة بعضًا من النعم تنهدت بيأس وهي تستمع الى تذمرات رجلها
الرجل لا يكف عن اثارة قلقها ورعبها، بل وصل به الحد نحو فقدان كامل قواها العقلية ومن المفترض أن تتعامل بحرص وهدوء وحكمة أم مع شقيقتها المخبولة وخطيبها.
خرج صيحها المستنكر حينما قرر أنه سيؤجل العلاج، تبًا له لقد حسبته يمزح منذ قليل عبر مراسلتهم إلا أن شكها أصبح يقين حينما تأكدت من والدته التي عاجلتها بارسال رسالة تطلب بها إيجاد حل لعدول عقل هذا اليابس نحو أمر العلاج!
-سرمد كف عن جنونك هذا اقسم ان لم تعتدل وتسير على العلاج.
قاطعها سرمد بخشونة وبيده يمسك الهاتف والأخرى يستند على الحاجز وقد بدت التمارين الفيزيائية تلقي صدي جيد لجسده الذي يشعر بالإرهاق ولكن ليس للحد المؤلم الذي يجعله يطلب اتكاءه على رجلين كالسابق
- شادياااه اللعنة انتي لا تصرخين في وجهي
وصراخه هذا لم يزيد سوي من انفجار ضغطها الأعظم هادرة في وجهه
- سأصرخ في وجهك يا أحمق وإن احتاج الأمر أكثر من الصراخ سأفعله.
ابتلع سرمد سبابات علي وشك الخروج أمام برتقاليته وبدي يشعر أن أمر تأجيله للعملية وخاصة قرب زفاف شقيقتها يستهلك أعصابها، ارتمي بجسده علي الأرض دون مقاومة ملتقطًا أنفاسه اللاهثة ليغمغم بنبرة دافئة، تلين عزيمتها وقوة شكيمتها.
- لن استطيع رؤيتك يا حمقاء، أتدرين هذا العذاب، لا أرغب العودة في غرفة العمليات لقد ضقت ذرعا بالجلسات الفيزيائية ليأتي طبيب آخر يخبرني سنخضع لجراحة صغيرة ستسبب تحسن أكبر للسير علي ساقي
قلبها خفق بجنون لسيل كلماته المغوية، تعلم طريقته حينما يشعر انه محاصر بين مطرقة والدته وسندانها، لا تستطيع أن تكذب عليه وتخبره أنها تشعر بالالامه الجسدية ولكنها تشاطره في عذابه النفسي للأمر.
اغرورقت عينيها بالدموع لتسحب نفسًا عميقًا وتزفره على مهل قائلة بجدية
- أتريد الزواج أم تتسلى بي؟
عقد سرمد حاجبيه بعبوس وبدي سؤالها فخ
فخ ناعم مميت يستنفذ منه أعصابه ليتركها تتحكم به
وهذا ما كان على وشك التفوه به، لكن نبرتها قاسية، جامدة، ليس بها خجل أو غضب أنثوي منها يستطيع أن يخمدها
همس بعبوس وتقطيبة جبينه كانت قوية
- ما دخل هذا بحديثنا؟
من بين كل الإجابات التي انتظرتها شادية.
لم تتوقع أن تكون إجابته جافة هكذا؟!
أو هي التي تتخيل؟!
بغض النظر كانت اجابته من المفترض أن تكون واضحة صريحة، متبجحة متلونة بالوقاحة كتبجح كلماته الجريئة
زمت شفتيها بجنون وهي تهدر في وجهه بحدة
- استمع يا احمق انا ارغب بعائلة واطفال ولست فتاة صغيرة السن لانتظرك أعوام سأخسر بها فرصتي للانجاب العديد من الأطفال.
فغر سرمد شفتيه واتسعت بؤبؤ عينيه ليرفع الهاتف من اذنه وهو ينظر إلى رقم المتصل يتأكد انه لم يصاب بهلاوس سمعية
او شقيقتها الخبيثة تضعه في اختبار وفخ سيكون هو خاسره
ود أن يسأل إن كانت برتقاليته البريئة الخجول هي من تهاتفه أم تلك الشيطانة شقيقتها!
لكن اللعنة يستطيع يعلم صوتها، وانفاسها الحارقة التي تصله عبر الأثير، أغمض جفنيه ليجلي حلقه وبصره يخيل إليه برتقاليته في منزله.
ترتدي فستان صيفي برتقالي يشبهها وبطنها متكورة بارزة تصرخ انها حاملة طفل له في رحمها
جرت حمم لاهبة تسري بين أوردته ليشعر بإرتفاع درجة الحرارة وبداية تفصد جبينه بالعرق ليهمس بصوت أجش يشي تأثير جموح تفكيره نحو طريق وقح جرته تلك المرة البرتقالية إليه...
- عجبًا عجبًا عجبًا برتقالتي تتحدث عن أمر وقح كهذا امامي
ولم تكن الصدمة فقط علي سرمد بل نحوها وهي لا تصدق ذلك الهراء الذي تفوهت به أمامه.
ماذا سيقول هذا المخبول الوقح عنها؟
لن تنكر انه يحافظ على وعده منذ آخر مرة
لا حديث وقح، لا تلميحات غير بريئة، مجرد حديث ودي، وبعض كلماته المداعبة الوقحة التي صنفتها في قاموسه أن مجرد غزل عفيف لم يصل للفحش
لكن الآن
وما نطقت به، أخرجت المارد الحبيس من عرينه
حافظت علي صلابة ورباطة جأشها وهي تقول بجدية
- اي امور وقحة يا غبي، الزواج يأتي بعده اطفال وتربيتهم الجميع يعرف هذا والا لما قدموا على الزواج.
ضحكة مجلجلة القت صدي مزلزل لقلبها الذي ابتسم رغمًا عنها، لتخفت ضحكاته تدريجيًا قائلاً بمكر
- اااخ يا بريئة العقل، ترغبين بأن تصبحي أم، لكن في عقولنا نحن نحقق أقصى طموحاتنا المنحرفة
زمت شادية شفتيه وهي تسب داخلها، اللعنة عليك يا غبية، الأحمق ما صدق أن وجد ثغرة كي يستطيع أن يطرب اذنيها بأعذب كلماته العابثة، تنهدت بيأس وهي تعلم أن جرت معه في حديث كهذا.
لن تخرج سوي وهي خاسرة وربما ستغضب ولن ترد علي مكالماته ووقتها الأحمق سيتخذها حجة ومبرر للقدوم إليها وسيضرب أمر علاجه في عرض الحائط!
تمتمت بيأس
- هل بدأت تتخلى بوعدك معي؟
لكنه سرعان ما انتفض جسده قائلا ببراءة
- انا برئ تلك المرة، انتي هي الوقحة المتبجحة التي تطالبني بوضع اطفال فى رحمك
اتسعت عينا شادية جزعًا لتشهق وهي لا تصدق ما تفوه به الأحمق
تمتمت اسمه بخجل وعتاب
- سرمد.
ارتسمت ابتسامة واسعة وقرر أن يستغل تلك الفرصة جيدًا، ففرص كتلك لن تأتيه كل يوم خاصة انه برئ تلك المرة من أي اختراق لعهده
- أجل تلك هي فتاتي الخجولة، نعم حبيبتي اخبريني اتودين ان ننجب الاطفال دفعة واحدة أم نتريث بين السنوات، لعلمك لقد استشرت الطبيب عن امر الزواج وقال لا بأس بالزواج دون الإجهاد.
كتمت شادية صيحة جزعة خشية أن يستمع اليها العاملون في المركز الصحي لتنظر نحو السطح العاكس وهي لا تصدق ان وجهها أصبح كثمرة طماطم طازجة حان وقت ينعها!
أرهف سرمد أذنيه السمع إلى أي صوت يصدر منها بعد تلك الشهقة جراء ما تفوه به
ماذا؟
لا تضعوا اللوم عليه، لقد ألهبت رجولته بما تفوهت به، وما من انتصار يحققه عاشق سوي وهو يرى اندماج جسديهما والناتج تكوين طفلاً يحمل مزيجًا بينهما
هل تمادي؟
شعر بالذنب وهم بالاعتذار ليسمع صوتها الخافت
- يا قليل الادب
انفجر ضاحكًا حتى دمعت عيناه، وود لو يخبرها أنها هي عديمة الحياء والتهذيب
كي تجرأ أن تهاجر بما طلبته؟!
الا يكفي انه يعاني من السهاد كونها بعيدة عنه، والمكالمات الليلية لا تثني ولا تغني من جوع!
والآن رجولته استثارت لفكرة طفل، طفل سيظل ينغض أحلامه حتى يحقق الأمر لها، طالب بوقاحة
- ارسلي لي صورتك وانت خجولة الآن.
زمت شادية شفتيها وطفق يظهر عبوس على جبينها قائلة
- لا
تنهيدة عميقة كادت تفضحه وهو يشعر ان مقاليد قلبه تحفظها الماكرة عن ظهر قلب
تعلم نقاط ضعفه وتستأثر به، وهو لا يملك شيئا سوى موافقتها وتركها تنال ثأرها حتى الرمق الأخير!
طالب بإلحاح
- ارسلي يا شادياااه أود رؤيتك، وتتشبع عيناي برؤيتك
تنهدت شادية وهي ترخي رأسها علي الحا البارد مساومة إياه
- وافق على العملية و سأبعثها.
فغر سرمد شفتيها وهو موقن أن برتقاليته بها شئ غريب، لم تكن من النوع المساوم أو النوع الجريء ليتمتم بغيظ
- إذا لا ارغب
سمع تنهيدة منها ثم همست بصوت متوسل
- حبيبي
هلك
هلك سرمد نهائيًا جراء كلمة التحبب الأولي التي لفظتها هكذا بجرأة في الهاتف
سب نفسه بقوة، وحمم جسده اتخذت مسار الحديث ليغمغم بأنفاس حارة.
- اللعنة علي ضعفي، هيا اطربي اذن حبيبك لا عجب أن لا ارفض طلب لك الان بعد كلمة حبيبي تلك، اشتهي تقبيل تلك الشفتين اللتين نطقتهما لي
لو كانت برتقاليته كسابق عهدها وسمعت أمنيته لتقبيل شفتيها لاتخذت الأمر حجة كي لا تعلن خصام غير معلوم الأجل
ورفعت شعارات رنانة عن كونه متحرش، عابث، عديم التربية، وهذا أمر متفق عليه
هو يظهر أسوأ ما به أمامها، وهي تقبلته.
والآن حينما تظهر بثوب جرئ لامع كيف يطلب أحد منه أن يحافظ علي جانبه المتعقل الذي لا يملكه من الأساس؟!
وان كان هذا الغرض من الدلال والغنج والفاظ التحبب التي كانت محرمة عليه لغرض ما في نفسها.
اللعنة لكل شئ يجب أن يستغل تلك الفرصة التي لن تتكرر ربما حتى بعد الزواج!
سمع همسها المتوسل له
- وافق ارجوك حبيبي
كان على شفا الموافقة والإذعان لطلبها
يقسم لسانه علي وشك اعطاءها ما ترغبه
لكن عقله.
تبًا له كيف يتدخل في الوقت الحالي ليتشرط هو الآخر أمام شروطها
- بشرط
سمع زمجرة خشنة وهي تهدر في وجهه
- هل سنضع شروط الان، لعلمك انت الذي سيحدد أمر الاطفال لا انا
ماذا تفعل تلك المرأة به؟
إنها تستأثر منه
تبًا لها
تستأثر منه بأكثر الطرق وضاعة
تتبجح في الحديث معه عن أطفال مستقبلين، ولها جرأة عالية لتخبره عن أمر متأكد أنها في حالتها وظروفهما الطبيعة ما جرأ لسانها عن التفوه بها كما الآن!
خبط الأرض بقبضة يده والعروق برزت واستفحلت من جلده
الوحوش الهاجعة
وحوشه التي يهذبها تطالبه الذهاب والسفر إليها ومطالبتها بإعادة كل ما تفوهت به
ثم يقسم أن يختطفها إلى موطنه وليذهب وعده في عرض الحائط!
زمجر بخشونة أرعدت بدن شادية
- توقفي عن دفعي لذلك الطريق الوعر، اقسم انك الوحيدة الهالكة في هذا الأمر
أن سمعها أحد خاصة شقيقتها ستكون في عداد الموت
لكنها يائسة لدرجة موافقته على القيام بالعملية الجراحية.
والدته طمئنتها والطبيب لكن صاحب الرأس اليابس هذا بحاجة إلي صفعة تفيقه من طور جنونه
تمتمت بنبرة خفيضة تحمل بؤسًا علّ قلب ذلك المتحجر يلين
- جميع من اعرفهن تزوجن، منهن من انجبن اطفالا ومنهن في طور الحمل، وأنا أرغب بطفل تلك الحاجة تشتد كل يوم يا سرمد
لقد أغراه أمر هذا الطفل
رغم انه يعلم والدها سيكون عقبة كبيرة خاصة أنه من قدم أنه سيتزوجها بعدما يستطيع السير باعتدال دون حاجة لعكازين.
ووعد برتقاليته، لكن مهما اغرته تلك المرأة يجب أن يكون صاحب مبدأ!
سألها بمراوغة
- إلى أي حد؟
خرجت كلماتها سريعًا دون تحفظ
- سأتزوجك بعدما توافق القيام بالعملية
لقد جنت المرأة بسببه
اتسعت حدقتا عينيه بجحوظ وهو يتمتم
- وابيك؟ هو الآن غير موافق على أمر سفرك لبلدتي
وهي قاطعته قائلة بثقة
-لقد جهزت جميع الخطط بحيث اكون بين البلدين وخاصة عملي لا تقلق
اغمض سرمد جفنيه وكل مسببات التأخير قد اختفت.
يجب أن يوافق على جنون طلبها
هذه فرصته
همس اسمها بصوت أجش
- شاديااااه
عضت على باطن خدها وهي تترقب رده
- نعم
غمغم وهو يعبث بخصلات شعره بهمس مغوي
- انتي اكثر امرأة مكرًا قابلتها بحياتي، اللعنة رغم اغراء عرضك لكني اعلم انه فخ ناعم
عقدت شادية حاجبيها بعبوس
أهذا يعني هذا الأحمق رفض عرضها
كتمت صراخها بشق الأنفس وهي تسمعه يغمغم.
- لعلمك بزواجك مني غير مسموح لك بالطلاق في عرفنا، لكن بمجرد وضع طفلي في رحمك فالموت هو خلاصك مني
سألته بغيظ
- هل تخيفني منك؟
ضحكة خافتة خرجت من شفتيها وهو يهمس بنفي
- لا، أحيطك بكافة الأمور
زمت شفتيها بحنق وهي لا تصدق الغبي رفض عرضها
أيعلم ذلك الأحمق ما كانت ستقوم به ليوافق والدها؟!
هذا الخاسر الأحمق
يبدو أن أمر الخطبة تعجبه
فليهنأ بها!
تمتمت بحنق
- ومن أخترع هذا العرف؟
همس دون أن يشعر
- انا وداو...
ما ان اوشك على نطق باقي حروف اسمه حتى تدارك ما يفعله، مما جعل شادية تهمس بفضول تجاه علاقة هذان الرجلان
- قريبك داوود اممم
زم شفتيها بحدة وهو يلعن نفسه
- توقفي
لكن الماكرة لم تدع الأمر يمر مرور الكرام لتهمس بفضول القطط
- يبدو في الماضي كنتما مقربان جدًا
اجابها بحدة
- ربما.
هزت شادية رأسها وعلاقة سرمد بقريبه تثير فضولها بطريقة مثيرة تجعلها تود النبش في الماضي، حبيبها الأحمق متأثر بعلاقتهم المتوترة وان لم يعترف بها
ويبدو الأحمق الآخر كذلك، يجاهرون بكراهيتهم لكن القلوب تهمس بعكس ذلك.
تابعت تغمغم بفضولها
- وشئ سيء حدث قلبت الأوضاع بينكما
وهو ما زال عند وضعه مغمغًا بوجوم
- ربما
سألته بحماس
- وهل قريبك مرتبط بامرأة؟
بدأ يشعر بالانزعاج وهو يشعر أن كامل اهتمامها انتقل من أمر الزواج الى داوود اللعين هذا
تبًا له
ليدع امرأته وشأنها، ويهتم بشؤونه هو الآخر
سألها على مضض
- لما؟ هل رأيتيه يحوم حول الشقراوات؟
عبست ملامحها قائلة
- هل يحب الشقراوات؟
لوى شفتيه بحنق قائلاً بحدة
- يحب جميع النساء بلا استثناء طالما أثارت رجولته
شهقة ناعمة خرجت من شفتيها جعلت شبح ابتسامة تظهر على ثغره.
لقد استطاع الآن أن ينسيها ولو مؤقتا أمر داوود ليعود كامل اهتمامها ينصب عليه!
سمع زجرتها اليائسة من اعتداله
- لا تتحدث بوقاحة معي
غمغم بحدة
- انتي من جلبتي اسم ذلك الثور بيننا، تحملي مزاح الذكور حينما تكون النساء محور احاديثنا
هزت رأسها بيأس، لا فائدة ترجى من هذا الأحمق وغيرته، همست بيأس
- هل ستقوم بالعملية؟
يبدو أنه لم ينجح بخطته، زفر بيأس مغمغمًا باشتياق ينضح بين كلماته.
- يا حمقاء انتي تعملين سيكون في موعد زفاف شقيقتك الأمر صعب، لقد حجزت تذكرة لرؤيتك
زمجرت بعصبية لتنفجر في وجهه قائلة
- حسنا انا ايضًا اسحب عرض الزواج المبكر، افعل ما ترغبه
هدر بغضب
- ايااااااكِ
التمعت الدموع في مقلتيها، لتزيل الدموع بأناملها قائلة باختناق
-ماذا
لانت نبرته وخفت صوته هامسًا برقة
- لا تبكي يا برتقالة سرمد، عودي للفتيات وامرحي معهن
تنهدت بيأس ويبدو جميع محاولاتها أضحت بالفشل، لتهمس قائلة بقلق.
- عقلي سيكون مشغول قلقًا عليك
اغمض جفنيه بيأس وهو يعلم البرتقالية س تبكيه، همس برقة وود لو كان أمامها
لما تلك الحمقاء لا تتفهم
رؤيته لها أهم بكثير من أي علاج سيعرقل فرصته معها
لقد اشتاق لتتشبع عينيه وجسده امامه
تلك المكالمات والرسائل لا تزيده سوى سخطًا وتلهفًا للقائها
همس بصوت أجش، عابثًا بأوتار أنوثتها
- لا تقلقي سأكون بخير، قبلي وجنتك نيابة عني حتى رؤيتك.
زمت شفتيها بحدة وهي تنظر نحو شاشة هاتفها بيأس، غمغمت بحنق
- غبي مش عارفة حبيته علي نيلة ايه.