رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثة وستون
في المشفى،
أشعة الشمس شحيحة بالكاد تزور نافذته وتخشى أن تتسلل اشعتها على غرفته..
شبح ابتسامة حطت علي شفتيه، وجسده يقف كالجبل المنحني
لقد انهزم
تلك، تلك المرأة طعنته بكل خسة منها، الحقيرة
اشتدت قبضة يده على الحامل ليتأوه بوجع ناحية مصدر إصابته
الطبيب يعترف له انه كان محظوظًا كون المهاجم لم يصل للعمق لتعرض حياته للخطر.
لقد استدرجته نحو فخها، وأحكمت حصاره حتى لم يعد منيعًا ضد مقاومتها.
السبية استطاعت أن تجد مخرجًا من بطشه
انامله وضعت علي الضماد الطبي تجاه خاصرته، وداخله يموج بنيران الثأر ورغبة بإخضاعها ذليلة مكسورة تحت جناحه
قطرات دمائه التي أهدرت على فراشها سيجعلها تذيق عذابًا مضاعفًا
لكن بعيدًا عن أعين الجميع
هي وهو فقط!
كيف تجرؤ الوقحة على الشروع بقتله
وماذا عن ابنته؟ من سيربيها؟ هل والدتها ستعتني بها وهي على وشك وضع ابنها الغالي؟!
ام بين ذراعي أخيه، ورغم كونه متأكد ان شمس لها جانب عزيز وغالي داخل نفس وقاص وإلا لما أقدم على جعلها شريكة بنسبة لا يستهان بها في أسهم مجموعتهم، لكن كل هذا لا يقدر بأهمية من يهتم بها حقًا و يستطيع أن يقلب العالم رأسًا على عقب من أجلها هي.
ارخي رأسه علي الحائط وعينيه التقطت قطة تعبر الطريق صوب الطعام الذي القاه رجل بلا مبالاة على قارعة الطريق.
لكن انتهى الأمر بتجمع عدد من القطط كل يساهم بأخذ أكبر قدر من الحصة، والمسكينة يبدو لم تكن مثلهم بل أكثر خوفًا وجبنًا من أن تأخذ الطعام من أفواههم
انتهى بها الحال وحيدة على قارعة الطريق، تموء بصوت ضعيف حتى تقدمت امرأة تعطي باقي شطيرتها أمامها التهمتها بجوع دون ان تفكر حتى بشكرها..
تلك القطة حالها مشابه كثييرًا لقطة اعتني بها في منزله، اغدقها بالمال والاموال ولم تتسنى شكره، بل هي أول من مدت يدها لطعنه
شئ خبيث داخلي يوسوس له لقد كنت علي وشك الاعتداء عليها، ماذا ترغب منها أن تفعل؟ أتستسلم لك وهي محرمة عليك؟ أم ستعتدي عليها وتكون هي وسادة للتنفيس عن غضبك
وماذا بعد؟
لقد أثارته وهي تقابل كل جنون بصدر رحب
اتقدت عيناه لمشاعره الفائرة، والتي من المفترض أن لا يشعر بها في الوقت الحالي.
يجب أن يظل ساخطًا، ناقمًا، غاضبًا، طالبًا للثأر
يجب أن يستغل كل هذا وأكثر حتي لا تتكون بداخله نطفة من المشاعر تجاهها
لقد تعادلا
هو عبر عن غضبه يوم الطلاق
وهي عبرت عن ثورتها بطعنه
لما الآن يشعر بالمرارة في حلقه؟!
ارخي اهدابه والرؤية تتحول لضباب، تنقله إلى ملكوت آخر، حيث هو ونفسه الآثمة فقط.
فتح الباب بغتة لتتقدم أسرار بحدة وغضب يستطيع سماعه من دقات كعب حذائها العالي، الا ان صخب حذائها توقف لتصبح النغمة هادئة، لحن ناشز قليلاً عن السرعة القديمة
أحس بوجودها ورائحة عطرها المختلط بعطر رجولي جعل شبه ابتسامة تزين شفتيه
لم تكن ساخرة كعادته، ولا متهكمة كلما ذكر الأمر تجاه زوجها البوهيمي
زوجها ما زال يرغب أن يدمغها بكل طريقة ممكنة والآخرين مستسلمة له ببساطة.
لما لم يفكر قبلا هكذا مع قطته المشاكسة؟!
ربما ستعتبره جن ليجعلها تضع عطره او بكل بساطة يرغمها عليه بكل الوسائل الوقحة الإجبارية إن امتنعت!
همس أسرار الهادئ وهي تضع يدها على كتفه
-نضال
صوتها خرج مختنقًا، مذبوحًا، وهذا جعله يمسك كفها بقوة وهو ينظر تجاهها بقلق
وجهها الشاحب، والدموع التي تبكيها لأجله
هو لا يستحق ابدًا ان تذرف دموعًا من أجله
اقترب مزيلا دموعها بانامله وهي تتمسك به بقوة هامسة برجاء.
- وحشنا وجودك وسطنا، أنت سندى يا نضال
ود يسألها وماذا عن زوجها، وبطبيعة الأمر سيحول الأمر لمزاح ثقيل
لكن لم يجد القدرة على المشاكسة
روحه أثقل بكثير من أن يتعامل كما لو يحدث شيئًا
تمتم بصوت أجش وهو يهز رأسه نافيًا
- بعيدة دي يا أسرار عني
زمت أسرار شفتيها بعبوس طفولي، جلب البسمة لشفتيه، أزاحت يده عن وجهها متمتمة بحدة
- بس لو تفهمني ليه بتعند
اسند جسده علي الحامل محافظًا على الوقوف بثبات، ليجيبها.
- انا مش بعاند، انتي مش عايزة تفهمي ليه أنا مختلف
وأسرار رفعت رأسها بسخرية قائلة
- صدقني كان عندك الف طريقة وطريقة تقدر ترجعها لو هي فعلا تهمك
ترغب فقط في فهم تلك النقطة
ما الذي يخشى منه؟ يخشى أن يضعف؟
هي لم تخشي مطلقًا، بل سارعت بالقاء نفسها بين امواجه المتلاطمة...
فقط لو يتوقف الأحمق عن العزلة الخاصة التي شيدها بمفرده، حتي ابنته لم تستطيع ان تخرجه من قوقعته تلك المرة
الفتاة ترجوه العودة.
تبكي كثيرًا بين ذراعي والدتها التي عجزت عن استمالة رأسه الصلدة، ووقاص رفع يديه تمامًا عنه، متوليًا مسؤولية الصغيرة دون أي تذمر
والأحمق يستغل هذا الأمر، لو ابقي ابنته عند اخيه لعشر أعوام لن ينبس وقاص ببنت شفة، وستراعها فريال كأبنتها المدللة أسيل...
سألها نضال بنبرة جامدة، خالية من روحه الساخرة
- برضه لسه عايشة فى احلام الرومانسية
اجابته بفظاظة
- عرفت اكسب سراج بيه.
هز نضال رأسه بلا مبالاة مغمغمًا بصوت هادئ
- سراج، سراج، سراج، مفيش اي كلام ما بينا الا وسراج داخل في النص حتى لو مجبناش سيرته
واللبؤة التي تدافع عن زوجها انتفضت قائلة بحدة
- سراج ميزاني يا نضال، تفتكر ليه اتخلقنا ست وراجل فى الدنيا دى؟ ليه ربنا خلق حواء من ضلع ادم
اغلق نضال جفنيه، وتحرك تجاه الفراش ليجلس عليه مغمغمًا بنبرة الاكتفاء من الحديث
- أسرار.
لكنها لم تصمت كالمرات السابقة كما تركته، متفهمة وضعه الحرج، وافاقته، وتحقيق الشرطة معه رافضًا بل مستنكرًا من رؤيته لطليقته في شقتها، مصرًا علي لص طعنه حينما اتصل به بواب العقار قائلاً انه زوجته السابقة لم تأتي للمنزل لكنه يسمع ضجيجًا يخرج من شقتها.
ورغم أن الرواية كانت مبتذلة بعض الشئ، ولم يصدق الضابط أي كلمة مما تفوه بها، لكن تعابير وجه نضال الهادئة مع اي سؤال مستفز جعل التحقيق يبعد دائرة الشكوك الأولي عن طليقته وإن كان التحقيق مازال جاريًا طالبين حضور طليقته في التحقيقات حتي تعطي أقوالها وتثبت بدليل قاطع عن عدم وجودها أمام الحادث.
صاحت أسرار بحدة
- الست والراجل شقين مكملين لبعض، الست عمرها ما هتقدر تعيش بدون راجل ولا الراجل يعيش بدون ست.
اغلق نضال جفنيه وبدا امر دراسة الرجل والمرأة ودورة حياتهم إصابته بالصداع ليغمغم
- ويقعدوا يخلفو بقي ويطلعو عاهات للمجتمع مش كدا
تجمدت أسرار وهي تنظر الى وجهه الشاحب، سألته بتردد
- مش قادر تسامحها
ورده كان قاطعًا، لم يحتاج وقتًا للتفكير أو التردد
- ابدا، صدقيني لحد اخر نفس مش هقدر، اللي خلفتني دي شيطان وانا مكمل سكتها
عضت باطن خدها وهي تشعر بالألم الذي ترك غائرًا مسببًا قيح شديد مقزز، تمتمت بتساؤل آمل.
- وشمس؟
وتلك النظرة في عينيه
نظرة رجل تشبث في انبثاقة الامل ك غريق يتشبث بشقته الأخيرة
غمغم نضال بابتسامة دافئة
- شمس من اسمها، مش هتاخد حاجة مني، هتبقي كل حاجة انا اتحرمت منه
اقتربت من الفراش تجلس عليه، تمسكت بيده متسائلة عن سبب غضب وقاص وشكوكها ورغم انها في ظهره قلبًا وقالبًا
لكن يجب أن يريحها
سألته بخجل طفق علي وجنتيها
- حاولت تقرب من فرح بطريقة مش..
قاطعها ببرود
-قصدك اعتديت عليها.
رفعت رأسها وشهقة مستنكرة خرجت من حلقها، إلا أن النظرة في عينيه ألغت أي صياح غاضب منها
لقد أقر بها بكل جراءة
تجمعت الدموع في حدقتيها وصوت حاد خرج من فمها أشبه بصراخ، وضعت كفها على فمها وهي تنظر تجاه نضال تهز رأسها بنفي
لكنه ببرود اغمض جفنيه غير متأثرًا بما فجره في وجهها
رغبة عنيفة كصفعة تجتاح كل خلية من جسدها، ولم تتردد يدها مطلقًا لتصفع وجنته.
فتح جفنيه اثر شعوره بالألم في وجنته اليمني لينظر اليها بعينين محتقنة بالغضب، وزرقة عينيها كانتا كالجليد تمامًا وهي تقترب منه تمسك قبة قميصه لتجذبها ناحيتها صارخة بهدر
- حرام اللي بتعمله بنفسك ليها
شعور بالحرقة تؤلم باطنه وخده وهو ينظر الي عينيها الباكيتين
ليس متأكدًا ان تلك الدموع من أجله
ربما لقطته القاتلة وليس له
تمتم بصوت مازح ساخر لكنه خرج أجشًا مريرًا كمرارة حلقه
- ايه رأيك توديني السرايا الصفرا.
صفعة اخري سددت علي وجنته الاخري، ثم القت بجسدها بين ذراعيه منهارة بالبكاء
وكان بكائها اثبط عزيمته على تسديد صفعتها الثانية علي وجهها، تأوه بوجع حينما لامست جرحه لتنتفض مذعورة وهي تلمس جرحه ليبتسم في وجهها وهو يطمئنها بعينيه لكنها انهارت ببكاء هستيري
- غبي، هتفضل طول عمرك غبي
أرخى رأسه ليديه ثم تمتم بنبرة قلقة
- خايف أأذي شمس بدون قصد يا أسرار، عشان كدا مش عايز ارجع
مسحت اسرار دموعها وهي تمتم بسخرية.
- انا افتكرتك مش هتفوق من غيبوبتك دي، كويس انك فايق
لكن لم يتماشى نضال مع مزاحها
هو قلق
بل يخشى ويكاد يموت قلقًا إن أذي صغيرته، سيكون امرًا خارج نطاق سيطرته، كما فعل معها!
اشتدت قبضة يده بعنف حتي ابيضت سلميات يديه، طاقات غضبه لا يستطيع أن يسيطر عليها
بل يعجز علي تحجيمها
ولا يريد صغيرته أن يطيلها الأذى الأخري، ستكون نهايته.
دقات على باب غرفته جعل اسرار تعتدل في مجلسها لتستأذن له بالدخول، ليطل وقاص بعينيه المشابهة لأسرار وان كان عينيه قاسيتين، لا تحمل أدنى مواساة أو شفقة هو في غني عنها، وضع جميع مشاعره داخل ابتسامة متحفظة واسرار تنادي اسمه
- وقاص، حصل حاجة في البيت
عينيه طمأنت أسرار، ليعطي نظرة تجاه الآخر قائلا بجفاء
- حد طالب يزورك
عبس نضال وهو ينظر اليه بحيرة
لم يكون اي علاقة سليمة مع أي شخص باستثناء ابنته وأسرار.
ومن بين زخم أفكاره جاءت صيحة أسرار المستنكرة
- عمو مهيب
رفع رأسه بحدة لتقع عيناه نحو الرجل الذي عزز لما أصبح عليه اليوم
والده!
انتهى النزال
وما عادت تعلم من المنتصر ومن المهزوم
فالجروح متكافئة
والنزالات متعادلة
فمن طعن الآخر بخسة، ردها الثاني له
ومن جرح قلب الأول، لا يعلم أأستطاع ازالة وشم اسمه من قلبه
أم تظاهر بذلك؟!
وإن كان النزال انتهى حقًا
أم مجرد خدعة
والحرب ما زالت قائمة؟!
بعد مرور عدة أشهر،
الشتاء يزحف ببطء نحو المنطقة، ورغم أنها تعاني منه من نزلات برد وارتفاع درجة حرارة جسدها، إلا أنها شعرته مؤنس لوحدتها المزعومة.
وهي، فرح بذاتها علمت أنها من تصنع قرار الصحبة أو العزلة
رغم تلك الغصة في حلقها
الشعور باليتم ووالدتها لم تفكر بالبحث عنها، أو التقصي عن أخبارها، وحتي وإن فعلت فسيكون الأمر عن طلب مال
مال هي لن تعطيها قرشًا واحدًا منه
لقد باعت طهرها وبراءتها مرة، وما زالت تعاني من توابع هذا الأمر
أغمضت جفنيها وقطرات المطر تتساقط على جسدها، فاتحة ذراعيها كجسد يريد التطهير..
لقد استدعتها الشرطة في أمر طعن نضال، وكانت ستعترف بكل بساطة أن الرجل حاول انتهاكها
لكن محامي وقاص رفض
قائلا أن الأمر لن يتأثر علي سمعته فقط بل على سمعتها خاصة وهي انها شخصية عامة ومؤثرة على صفحات التواصل الاجتماعي.
رفضت بل ثارت
وكانت علي وشك ان تهدم كل المعبد فوق رأس الحقير، ولتحبس فلا يهم، تستطيع الإتيان بمحامي وستفوز بالقضية، لكن ما منعها شمس.
لثاني مرة تلك الطفلة ما ذنبها ان تكبر وذنوب والدها كالأغلال حول عنقها
طلبت استشارة وقاص والرجل لم ينطق بحرفًا، وحتي وإن تظاهر بالبرود والجفاء تجاه أمر أخيه لكن تبقى أمر العائلة وصورتها هو مسؤول عنها
حاولت استشارة من بقت معهم لفترة من الوقت خاصة العم صلاح، لقد فرت هاربة من المنزل حينما طعنته واستنجدت به
ولم تشعر سوى أنها في مكتبته ولسانها ينطق بكل ما حدث بجفاء وبرود
والرجل حرفيًا ذعر.
بل اقترب من جسدها البارد ولم تشعر بعدها سوي بالظلمة الحالكة
لأيام بقيت في منزل غالية
والأيام أصبحت اسابيعًا
والمرأة تصر وتعند انها لن تغادر وتبرح من مكانها
وتعللت انها ستستأجر أي شقة
لكن المرأة اعترفت بكون منزلها هي وأطفالها المجانين لا يوجد من يزورها به كثيرًا
ومع الحاح الصغيرين واصرار غالية التي اتخذتها صديقة وبدأت تنفك شفرات حياتها الغامضة مع زوجها، معذرة طليقها كما تقول غالية..
الأب محافظ على مهاتفة أطفاله مكالمات مرئية، والأطفال متعلقين بوالدهم كثيرًا
وكلما تنتهي أي مكالمة والاب يعتذر عن أمر وعده بهم، يأتي يوسف الصغير يبكي بين أحضان والدته والأم تكتم ثوراتها وغضبها وتجذبه نحو مطبخها لصنع قوالب الحلوى التي يحبها أو وعدها بجلب علب تلوين غالية الثمن، تقسم انها تكلف ثورة صغيرة لطلاب فنون جميلة
ولكن الحق يقال الفتي منظم جدًا ومحافظًا على جميع اشيائه حتي الصغري منها بعكس يحيي.
يحيي المخالف لطبع أخيه الرقيق، الفتي ينزوي ويبتعد حينما يأتي المرهف بين أحضان والدته، تقترب منه وتشاكسه بل وتصر أن يتنافسا على العاب البلايستشن
ولكون غالية منشغلة بالعمل خاصة في هذا الوقت من العام، تصطحب الأطفال معها في الملاهي في منتصف الأسبوع.
بل وحين تصوير فيديوهاتها التي بدأت تنشرها بإنتظام بل وتحضر مناسبات التي تقوم بها شركة الدعايا المسؤولة عن صفحاتها، يقتحم الطفلان البث المباشر بل ويفعلان امور صبيانية امام متابعيها الذين اصبحوا ينتظرون البث المباشر بفارغ الصبر
الأم لم تجد سوى الإذعان مع إصرار يحيي علي الظهور معها، خاصة كون يحيي لا يصدر أي رد فعل حزن أو غضب تجاه والده واخلافه لوعده.
وبدأ الصغير يشتهر وكون رابطة محبين له حينما تنزل مقاطع فيديو صغيرة لتيك توك معه.
انتبهت على صوت غالية المزمجر بغضب أمومي كما اعتادت سماعها تجاه أطفالها
-وقوفك في المطر هيسببلك نزلة برد، وصدقيني احمدي ربنا دور البرد عدي علي خير المرة اللي فاتت
فتحت عينيها وهي تغمز بشقاوة تجاه غالية قائلة بمتعة وهي تشعر بزخات المطر تتساقط على وجهها بانتعاش
- متقلقيش مش هيجيلي دور برد.
عقدت غالية حاجبيها بحدة لتزم شفتيها بحدة قائلة بغضب حينما تفشل في اصغاء الطفلين لأوامرها
- انتي حرة انا مش هسهر طول اليوم، انا ورايا مذاكرة للعيال
تحركت غالية متوجة المطبخ لتقرر فرح اكتفائها من المطر هذا القدر وتتوجه نحو الداخل تلحق بها، الأجواء هادئة سوي من صياحات الأطفال داخل غرفتهم
نظرت نحو الساعة لتعلم أن اليوم هو موعد اتصال هاتفهم اليومي
نقطة لصالحه رغم انه خارج البلاد في الوقت الحالي.
وجهت عينيها تجاه غالية المتظاهرة ببرود بصنع كعكة البرتقال التي يحبها يحيي ويقين داخلي يعلمها أن الأب سيخذلهم في إجازة منتصف العام ولن يصطحبهم معه كما وعدهم
تمتمت اسمها بهدوء
- غالية
إنتفض جسد غالية وكادت المكونات تقع على الطاولة الرخامية، إلا أنها تداركت الأمر سريعًا وهي تنقذ الأمر في آخر ثانية
مسكت يدي غالية مغمغمة بإهتمام وحشرجة صوتها وشي أن دموعها ستغلب سيطرتها
- شكرا.
لوت غالية شفتيها وهي تضربها علي ذراعها قائلة بحدة أم توبخ أطفالها
-شكرا علي ايه يا عبيطة، ربنا يعلم انا بعزك زي اختي قد ايه
وانتهي حديثها بزحف الدموع نحو مقلتيها، لتزيلهم بحدة وهي تعود لصنع كعكة الصغير باهتمام لتسقط عيناها فوريًا تجاه باقة الورد التي يحرص طليقها لرأب الصدع بينهما والجبارة، الجبارة ترميها بلا اهتمام على رخام المطبخ حتى تذبل كأخوتها.
او تترك يوسف يجمعهم ويقوم بتجفيف اوراق الورد لغاية في نفسه
لمعت عينا فرح بمكر وهي تراها بين كل فينة والأخرى عينيها تقع نحو الباب المغلق ورغم مشاعر وجهها الهادئة الا انها تري التوتر خاصة مع ارتجاف يديها او طريقتها العنيفة مع ادوات المطبخ
تمتمت بمشاكسة
- مقولتليش سي روميو بتاعك هيبطل كل يوم هدايا ولا لسه
وعينا غالية سقطت تجاه باقة الورد لتهز رأسها بلا مبالاة
- سيبك منه.
انتفضت من مجلسها وتوجهت تجاه باقة الورد لترى الهدية التي بداخلها، مغمغمة بفضول مشاكس
- قوليلي جابلك ايه المرة دي
زفرت غالية بحدة وهي تلقي أسهم نارية قاتلة لكن فرح تجاهلتها كليًا وهي تفتح الكيس المغلف لتشهق بحدة واستنكار
- جيلي كولا! انتى بتهزرى
ظنت ان غالية لن تعير هديته أمرًا كهداياه السابقة الباهظة الثمن، لكنها في حركة واحدة اقتربت منها كمصاص دماء وانتشلت الحلوي من يديها قائلة بفظاظة.
- ايدك مش هتتمد عليها، ثم انا بحبها
انفجرت فرح ضاحكة وهي تراها تفتح الكيس بعنف لا حاجة لها به، وتضع واحدة في فمها، لتتنهد فرح بحالمية مشاكسة اياها
- شقطتيه ازاي ده، ده حلم البنات وخلي بالك المطلقات والأرامل بردو
وضعت غالية قالب الكعك في الفرن، والتفتت اليها قائلة بلا مبالاة
- ما انا سيباه ليهم، خليهم يشبعوا بيه.
غمغمت فرح من بين انفاسها، وهي تري القلق بدأ يزحف حرفيًا تجاه وجه غالية وهي تستشعر الصمت البالغ من الأطفال
- من ورا قلبك يا غالية، من ورا قلبك
استندت غالية واضعة كلتا كفيها على رخام المطبخ وهمست بصوت خفيض، تخرج قليلاً مما يعتمل داخل صدرها وتفضي بمكنونات قلبها العليل
- انا وابو العيال منفصلين من سنين كتير، يمكن من قبل ما يتولدوا العيال.
رغم ان فرح تعلم هذا الأمر وإن لم تنطق بها غالية صراحة، بل تكتفي بوضع بكونها امرأة حرة معها طفلين أعز ما تملك
تمتمت بهمس هي الأخري كي لا يستمع احدي الطفلين بالصدفة لحديثهما
- والعيال تأثيرهم من الموضوع ده ازاي
تنهدت غالية بابتسامة حزينة مغمغمة
- واحد فيهم معتبرني اني بنته، والتاني ماشي ورا اخوه ساعات وساعات بيحن لأبوه
علمت أن الأول هو يحيي والأخر يوسف، زمت غالية شفتيها بحدة قائلة بإرهاق.
- انا بحاول اخليهم ميكرهوش، بس كرهي ليه بجد مخليني عارفة اني هفشل
اغتصبت فرح ابتسامة وهي تري غالية تبث شكواها، وهي التي توقعتها جبلا لا ينكسر
لكن الجبل من الداخل موجوع ومنكسر وان احتفظت اسبابها لنفسها كما هي احتفظت بعض اسرار انكسارها لنفسها
اقتربت منها وهي تربت على يدها قائلة بغصة.
- طول ما هو بيديهم وقته وطاقته ومجهوده اوعك تفرطي في إي وقت يقضيه مع العيال، انا تقريبا فشلت ان ابقى بنت بارة باهلي، تقريبا العيب فيا!
نحنحة رجولية تبعها دخول العم صلاح الذي لحق آخر جملتها قائلا بنبرة عتاب
- واحنا روحنا فين
التفتت تجاه العم صلاح والدموع تنهمر فوريًا من مقلتيها مغمغمة اسمه باستجداء
- عمو صلاح.
والعم صلاح اكتفى بنظرة داعمة وهو يقترب تجاه الطعام الذي من المفترض تناوله لولا مكالمة الأب التي قطعت وجبة طعامهم، اصدر عم صلاح اصوات تلذذ وهو يمد يده خلسة تجاه طبق أصابع البطاطس المقلية لتزجره غالية بحدة كأم تزجر طفليها
-صلاح ايدك متتمدش على البطاطس مش عارفة هجبها منك ولا من القرود اللي جوا.
عدل صلاح من وضع نظارته بحرج وطوي جريدته التي تظل بصحبته طوال اليوم قائلا بعجب وهو يلاحظ عدم وجود أصواتهم المشاغبة كما لو يعيشون في ساحة حرب
- هما لسه مخلصوش مكالمة مع ابوهم
هزت فرح رأسها بنفي وغالية شعرت أن الأمر أصبح مقلقًا وقد اكتفت من الوضع المشاهد الصامت وحينما همت بالتحرك تجاه غرفتهم، فتح يوسف الباب وخرج باكيًا وبكاء الطفل أوجع قلب فرح.
ما بالك بوالدتهم التي تخشب جسدها وصغيرها الكبير يحيي يخرج هو الآخر ودمعة واحدة سقطت من عينه سارع بإزالتها ليلحق بتوأمه
سقط قلب فرح بين قدميها ولم تملك سوى ان تشارك حزنهم بصمت وعم صلاح هز رأسه بيأس مغمغمًا
- باين انه مش هيقدر ياخدهم الرحلة اللي وعدهم بيها من اول السنة، شغله ضاغط عليه
-هدي أعصابك يا بنتي، عشان تعرفي تتعاملي مع العيال
وتلك المرة قد بلغ غالية صبرها منتهاه.
وكأن كلمات العم صلاح أزاد من الحريق المتشعب داخل صدر غالية التي توجهت سريعًا تجاه الغرفة التي خرجا منها واغلقت الباب خلفها بعنف، لتمتم فرح بهمس خافت ومازالت تبهرها تلك القصص الحب الرومانسية الناجحة
- باين ان لسه في مشاعر حب ورا القسوة والجفا
واقترب العم صلاح يسرق اصابع البطاطس بل ويشرك فرح معه التي قبلت جريمته بصدر رحب وهو يغمغم بنبرة ذات مغزى
- الحب لوحده مش كفاية في علاقتهم يا فرح.
توقفت اصابعها عن التقاط أصبع البطاطس لتهمس بحزن
- اذاها للدرجة دي؟
والعم صلاح بسط كفيه بيأس قائلاً
-لدرجة عمرها ما قالتلي هو عمل فيها ايه، وهي عمرها ما خبت عني حاجة
ثم بكل سهولة ويسر انتقل بحديثه قائلا بمشاكسة
- قوليلي بقي اتبسطي هنا
اومأت رأسها عدة مرات، لتشبك اصابعها بحرج.
- جدا، انا اسفه لو ازعجتك لقيت كل الابواب اتقفلت في وشي وملقتش غير بابك اخبط عليه، بس صدقني دي اخر مرة اطلب من حد مساعدة، محتاجة وقت اعرف اتخطى كل اللي حصلي
والعم صلاح كان يهز رأسه بتفهم وعينيه تتفهمان تخبطها، بل عجزها وقلة حيلتها ليغمز لها بمكر
- خدي وقتك، مش مستعجلك على الإيجار.
انفجرت وقتها ضاحكة وهي تتابع سرقتها الصغيرة معه، ليحل على سمائهم غيوم رمادية تبث القلق في الصدور وغالية محتقنة الوجه تسبه مرة وتتابع حديثها الحانق
- غبي، لو راجل ما كان خليه يبقى قد كلامه، العيال لوت بوزها من وقت ما قالهم وكله بقي علي دماغي، والبيه ولا داري علي باله.
بل الغضب عماها ولم تشعر بسرقتهم لاصابع البطاطس وكانت تحضر الأطباق للطفلين وفرح تساعدها بصمت تسمع سبابها له وتكتم ضحكها هي وصلاح، وتجهز طاولة الطعام، أما العم صلاح استقام من مجلسه قائلاً
- انا هستأذن بقي قبل ما ما تتحول
زمجرت غالية بحدة وهي تلقي الطبق على رخام المطبخ الذي أصدر صوت مدوي قائلة بحدة
- صلاح انا حضرت الغدا
وصلاح قرر أن ينفذ بجلده مع غضب التنين وترك فرح أسيرة لديه قائلاً بمشاكسة.
- هاكل مع الاميرة
اختفي الغضب وان كان العبوس ما زال يحتفظ داخل تقاسيم وجهها الأنثوي، لتزمجر بغضب
- انا مش فاهمة لازم تنشف دماغها، ماله لو جت اكلت واتغدت هنا، ولا هي عجبها الشحططة
لم تكمل فرح باقي سجالهما اليومي، حيث ان رنين هاتفها تصاعد لتغادر بصمت وهي تري رقم خاص ينير شاشة هاتفها
تعلم من صاحب هذا الرقم
وتعلم جيدًا أن النزال الذي اعتبرته انتهي ما زال قائمًا
لانه ببساطة لا يعترف بالهزيمة.
ولن يتوقف تمامًا سوي اعترافها له
بخسارتها وفوزه
أن تعزز من غروره
و تسقط علي ركبتيها ك عبدة لسيدها وتنتظر أمر عقاب سيدها لمخالفة أوامره برضا تام، دون اصدار ألم
دون إصدار صراخ
بل تبتسم وهي تلتقي سوط عذابه بأدب بالغ.
تركت الهاتف يرن حتى انطفت شاشة هاتفها، لتركن رأسها على الحائط
وندم عميق يستحفل بجسدها.
ألم يكن عليها حقًا أن تنفذ ما يمليه عقلها بدلا من ذلك المحامي الغبي، وتردد ما لقنه لها قبل أن تتمثل أمام النيابة
شتمت المحامي وشتمته هو شخصيًا ليعاود اتصالها مرة آخري
وتلك المرة أجابت، فهي لا تملك رفاهية الرفض
لأنها لو استمرت علي الرفض والتجاهل تلك المرة سيظهر أمام عتبة منزل غالية، ومشاكلها لن تتأثر بها غالية مطلقًا ولا أطفالها وأن عني هذا اجابة الوحش..
- اعتقد مش سايبك كتير لوحدك.
كان هذا أول جملة نطقها نضال بتهكم بالغ، لتندفع هي صائحة بغضب
-انت فاكر نفسك...
قاطعها بحدة قائلا ببرود وسيطرة يحاول اكتسابها ضدها
- من غير أي كلام، زي الشاطرة نتقابل
وهي صمتت تكاد تهزأ من أحرف كلماته الآمرة، أجن الرجل أم انها يريد اصطحابها لركب جنونه
والصمت بينهما ما زال قائما، كتحدي أعصاب ينتظر أي طرف منهما سيخسر به
وهو يزفر بحدة
وغمغم بنبرة وإن كان في أسلوبه أمر، إلا أنه عاجلها بأسلوبه المتبجح.
- فرح شغلي عقلك شوية، انا المرة دي هخليكي تشوفي وش مني عمر حد من أعدائي شافه
وهي لفت خصلة حول اصبعها وبرودة أعصاب اكتنفتها وهي تغمغم بجفاء
- وقت ما استعد اني اقابلك هبعتلك الوقت والعنوان
وهو يعلم أنها لن تقابله
ولن تعطيه شرفها حتى
زمجر بعصبية هادرًا في الهاتف.
- ده كان زمان، اااه (صوت تأوه خافت تابعه انفجار غضبه تجاه الشخص الذي يداوي جروحه التي لم تلتئم أثر عناده والقاء كلمات الطبيب في عرض الحائط)، يا غبي مش تاخد بالك
وليكمل باقي سلطته وذعر الممرض هدر بهمجية بدائية كما لو كان ينقض على فريسته
- انت حر لو اتفك الجرح تاني، صدقني ليلتك نيلة
سب ببذاءة لدرجة جعلت وجنتي فرح تشتعلان حرجًا وغضبًا ليزمجر بصوته الكريه قائلاً
- معايا ولا قفلتي.
شعرت بحمائية تجاه المغصوب على أمره والذي يعالج جرحه، تتمنى فقط لو طعنه المريض وتركه تجاه وقاحته معه
هسهست بحدة غاضبة في وجهه
- خلي اسلوبك محترم يا نضال وانت بتتعامل مع شخص محتاجله
وهو لم يترك أي فرصة تسنح له ليغمغم لها بهمس ماكر
- عايزاني اترجاكي مثلا!
قلبت عينيها بملل حقيقي، وبدأت تشعر بالملل تجاه والحصار الذي لا طائل منه
هو يعلم جميع أن بطاقاته أحرقت.
وأساليب مكره وخداعه لم تعد تجدى نفعًا أو تلقي أثرًا لتهمس ببرود
- مش عايزة منك حاجة
وهو بكل جلافة وبرود نطقها
- بس انا لسه عايز
ضحكة ساخرة ترددت في الغرفة لتقول
- عايز ايه
وهو بوقاحته وجرأته التي عهدتها قال بعبث
- دماغك الحلوة دي اوعي تروح سكة عيب، صدقيني انا لا صحيا ولا جسديا أقدر اجاوبك عليها.
اختفت ملامح المكر والتسلية من عينيها وبهتت وهي تسمع ما هتف به هذا الأحمق، أي فكر ذهب به هذا الأحمق بعيدًا عن الموضوع الرئيسي
أيمزح معها الآن؟
هسهست بوحشية
- تصدق المرة الجاية هجيبها في قلبك
أصدر تعليقًا بلسانه آسفًا ليغمغم بأسف
- يعني قصداها
زمجرت بوحشية وتود لو كان امامها الان
ستقتله لا محالة
ستتأكد خروج روحه من جسده
غمغمت بصلابة
- اومال كنت بلعب.
وهو ما زال على نفس إصدار ذلك الصوت الأسف من فمه السخيف ليتمتم
- وتروحي اعدام؟! يخسارة ده حتي شمس تتيتم
الوضيع
هسهست بها وهي تحافظ علي ابتلاع لسانها من ذكر أي شتائم لا توفي بحق هذا الحقير البائس
أهذا ما كانت تخشى أن تعاني شمس من غيابه؟
بل غيابه أفضل من وجود هذا المريض السادي، لتتربي بين كنف عمها وزوجة عمها أفضل من أن تتربى بين يدي مختل عقلي سيزيد من عدد المجانين على تلك الأرض.
هدرت بقوة في وجهه وقد سئمت من تلك اللعبة التي يظنها مسلية، هي لن تعود له وإن عني هذا موتها وهو لن ينسى أنها قد طعنته وسيثأر منها حتى وان خادعها في البداية
إلا أن تعلمه
لن ينسى ثأره أبدًا!
- نضال انسي اي حاجة في دماغك اعملها، واضح الطعن مداش التأثير اللي عايزاه عشان تفهم ان الابواب مقفولة بالضبة والمفتاح
ظنته سيزيد من المراوغة إلا أنه فاجأها حينما غمغم بجمود واعتراف ضمني لما يحدث جديًا بينهما من عبث.
- عارف، عشان كده عايز اشوفك
واتخذت وسيلة المماطلة لتجيبه
- وقت ما احس ظروفي اتحسنت هفكر
تمتم بعدها بجفاء
- مش هكون موجود وقتها
أنهت المكالمة لتسب ذاتها وهو بحدة، رفعت عيناها لتتفاجئ بغالية عاقدة ساعديها تنظر اليها بعدم تصديق، هزت غالية رأسها بيأس مغمغمة
- تصدقي انك مهزقة.
واستدارت خارجة لتتبعها فرح نحو المطبخ، حيث أصبح مقر اجتماعهم ومشاجراتهم وصلحهم ليس معها فقط بل مع الطفلين، المطبخ لم يكن لها سابقًا سوى غرض فقط لإشباع جوعها
لكن مع غالية اكتشفت انه بوابة العطاء والدفء الأسري!
تمتمت باسمها قائلة
- غالية استني بس اسمعيني
وغالية القت المنشفة جانبًا ليرتفع الرأسان الصغيران عن طبقهما اللذان يتناولهما بتلذذ وهي تزمجر بعصبية.
- انتى مجنونة، وانا مجنونة اكتر لأني متحملة جنانك ده، بس تيجي انتي والعيال وفوقيهم ابوهم ده كده كتير
واستدارت راحلة من المطبخ، ليميل يوسف بهمس خافت لها
- متقلقيش مامي دايما بتبقي كدا، حاجة متعودين عليها
عيناها سقطت تجاه يحيي الذي توقف عن تناول طعامه وهو ينظر بصمت تجاه والدته
الأطفال يعانون بصمت
فقط لماذا ذلك الغبي طليقها يهتم بها دونًا عن أطفاله.
إن كان حقًا يرغب رأب الصدع بطاقته رابحة تجاه أطفاله الذين يحبونه، بل وهي تعلم أنه ربما تخلي عن وعده لرحلة اجازتهم لكن يقين داخلي أعلمها أن الأمر ربما حقًا خارج إرادته، وحينما يعود سيحاول تعويض الأمر
لكن يكفيه شرف المحاولة
صدح صوت الأم قائلة بحدة
-سمعاك كويس يا قرد انت، شوف مين دي اللي هتخرجك، خلي ابوك ينفعك
انتفض يوسف من مجلسه راكضًا تجاه والدته بصدمة
- يا ماميييي.
هز يحيي رأسه بلا معنى ليرفع عينيه تجاه فرح التي أعطت له قطعة الشوكولاته التي يحبها داخل جيبه، ربما ان علمت غالية ستقتلها لا محالة وهي تضع جدول غذائي صارم لهم، لكن لمعة عيناه بامتنان وابتسامته الواسعة كان يستحق العناء.