رواية أرواح مشوهة للكاتبة شيماء أبو زيد الفصل الخامس عشر
ايام ثقال تجعل المرء يحترق يتجاهل يحن يلتقم غصته يلملم احزانه داخل ثنايا قلبه بكبرياء دون بوح و السؤال الملح الى متى
اسبوع كامل قد مر بسلام ظاهري ايامه كانت خفيفة على البعض ثقيلة على البعض الاخر ففي منزل اياز عادت والدته بعد ان مكثت اسبوعا اخر و وهي بصحبة ابنة اختها رنيم دلفتا الى المنزل
وقالت احسان مرحبة:
اتفضلي يا بنتي البيت بيتك.
دلفت رنيم بخجل وهي تقول بعد ان ارتمت على الاريكة بارهاق:.
الا نبض فين وحشتني.
تلاقيها نايمة مااحنا جينا بدري هروح اصحيها ارتاحي انتي.
توجهت احسان الى غرفة نبض قصد ايقاظها مدت كفها تضعه على كتف نبض تهزها قليلا مستغربة نومها على الارض دون السرير:
نبض حبيبتي اصحي انا جيت انتي فارشة عالارض ليه.
تصلب جسد تلك الغافية لوهلة و انتفضت من مكانها تنكمش على نفسها بخوف امعنت النظر فاذ بها والدتها كسى الجمود ملامحها و عادت تغطي نفسها مدعية النوم وهي تذرف دموع القهر لم تنسى يوما واحدا مما عاشته في هذا الاسبوع.
نبض يا بنتي قومي انا رجعت ومعايا رنيم.
استقامت نبض بصعوبة وارتمت داخل احضان والدتها تتشبث بها
بخوف عاجزة عن قول كلمة واحدة مسحت احسان على راسها
بعد ان شعرت بارتجافها تقول:.
اهدي تعالي معايا رنيم عايزة تشوفك ماتكسفنيش انتي تعبانة يا بنتي ولا ايه.
اومئت بهدوء دون التفوه بكلمة واحدة وسارت خلف والدتها
صافحت واحتضنت رنيم بصمت وبرود وعادت الى غرفتها كانت احسان ستوبخها على برودها لكن قاطعها دخول اياز يقول:
ماما عايزك شوية على انفراد تعالي.
سارت خلفه الى المطبخ تقول:
خير يا ابني في ايه واختك مالها عاملة كده ليه.
ادعى الاسف و تصنعت ملامح وجهه الحزن يجيب:
اقعدي يا ماما خليني احكيلك.
جلست بقلق تنتظر ان يفرغ ما في جعبته تنهد مليا ثم قال:
نبض بقت خرسة يا ماما عشان كده هي تعبانة.
لطمت احسان على صدرها تقول:
يا لهوي خرسة حصل ايه يا اياز الدكتور زمان قال منخليهاش تتصدم تاني في ايه.
والله ما انا عارف انا ماقلتلكيش عشان ماتقلقيش او تتخضي شفتها مخنوقة قلتلها خليني افسحك لاني حسيتها فعلا مخنوقة وديتها لمطعم رحت غسلت ايديا ورجعت لقيتها متخشبة و بتترعش و بتهمهم بكلام مافهمتش منو الا كلمة ابويا جبتلها الدكتور قلي متعرضة لصدمة وفحالتها مكنش لازم يحصل كده وده لي ادى لانها تفقد النطق واديكي شايفة حالتها وانا فكرت انها شافت حد يشبه ابويا الله يرحمه مش عارف صراحة بقيت مش فاهم تصرفاتها مرة رجعت مالقتهاش و باتت عند ام اباء.
كلماته كانت تقطر صدقا لم تشكك فيها ابدا اتجهت الى غرفة ابنتها تحتضنها حزنا على حالتها زاد تشبث نبض بوالدتها وهي ترى اياز يقف امام الباب يرسل لها نظرات ذات معنى وهي خير من تفهمها:
نامي يا بنتي ارتاحي واهي رنيم معاكي لو احتجتي لحاجة تعالي نامي عالسرير.
هزت راسها بعنف بعد ان داهمتها بعض الذكريات من الاسبوع الفارط وهي تحكم الغطاء على نفسها فقالت احسان:
زي ما انتي عايزة يا بنتي لو انتي مرتاحة هنا معلش.
دثرتها جيدا و غادرت الغرفة تاركة اياها مع رنيم التي بقيت تمسح على راسها تتلو بعض الايات القرانية لتهدئها وخرجت بعد مدة تقول:
هي نامت دلوقتي.
اومئت احسان بايجاز بينما قال اياز وهو ينظر لتلك التي تقف خلف والدته تفرك يديها بحرج:
انا طالع دلوقتي عايزين حاجة.
ربتت على كتفه بفخر تردف:
سلامتك يا ابني.
غادر قاصدا منزل براء وهو يفكر في كلام والدته.
استيقظت وتين وهي تشعر بشئ ثقيل على يدها نظرت فاذ به راس كيان وهو نائم وراحت تتذكر ما حدث قبل 4 ايام.
Flach Back:
اتجه كيان لاطمئنان على وتين انتظر اذنها للولوج لكن لم يسمع
شئ بدا القلق يتسرب لداخله ودخل فوجدها ترتجف:
وتين حبيبتي فيكي ايه.
لسعته تلك الحرارة منبثقة منها مد يده يتحسس جبينها انها تحترق وبدأت تهذي بكلمات متقطعة اتجه الى الحمام بسرعة البرق محضرا سطلا به ماء بارد وكمادات بدأ يضعها على جبينها باستمرار وعلى ذراعيها و بطنها علها تخفض حرارتها انتظر ساعتين واتجه الى المطبخ بعد ان قام بتسخين ذلك الحساء دنا منها و عدل وضعية استلقائها وهي مستسلمة بين يديه
هتخفي يا حبيبتي هعمل معاكي لي اتمنيت ماما تعملو معايا.
سيعطيها الاهتمام الذي تمنى الحصول عليه عندما كان صغيرا اثناء مرضه غطس تلك الملعقة في صحن الحساء وراح يطعمها بحذر حتى انتهى دثرها جيدا لثم جبينها ونام بجانبها جالس على الكرسي ولم يسمح لاحد من والديه التدخل بقي يعتني بها 4 ايام متواصلة رغم صراع الاصوات بداخله ان يتوقف عما يفعل حتى عادت حرارتها الى طبيعتها.
Back.
ارتسمت ابتسامة حب على ثغرها و عينيها تلتمع بسعادة على الاقل وجدت من يحبها بصدق مدت يدها بحذر تنادي باسم بخفوت وهي تلكزه بهدوء:
كيان اصحى روح ترتاح في اوضتك انا بقيت كويسة.
فتح عينيه بتثاقل وقال وهو يتفحص حرارتها بكفه:
انتي بقيتي كويسة.
اومئت بايجاب و لا زالت تبتسم دنت منه تحضنه وهي تردف:
مش عارفة هوفيك حقك ازاي يا كيان.
داعب انفها بسبابته وهو يشدد من احتضانها يقول:.
يا هبلة مفيش شكر بين الاخ واختو. تنهد بارتياح وتنفس الصعداء وقال:
قلقتيني عليكي يا وتين بس الحمد لله خفيتي.
روح ارتاح في اوضتك يا كيان انت باين عليك تعبان.
ابتسم بصعوبة و خرج متوجها الى غرفته على فراشه بدأ شعور
كريه يتسرب داخله صوت بعيد يعلو:
تعبت نفسك وهتميت بيها ليه هي زيهم اول ماتتجوز هتنساك
هي انانية زيهم انت غلطت غلطة كبيرة
هز كيان راسه يمينا و يسارا يحاول طرد ذلك الصوت مد يديه.
بارتجاف الى ذلك الدرج يتناول دوائه تجرع ذلك الكوب من الماء
يحاول ابعاد تلك الافكار السامة التي قد تودي به الى هلاك محتوم ثم خرج من المنزل قصد استنشاق بعض الهواء النظيف.
تمسكت بيدها تترجاها تكاد تقبلها واردفت برجاء:
والله ما هطول ومش هعمل حاجة اروح وارجع على طول.
صاحت بانزعاج واجابت:
يوووه صدعتيني ماشي بس مش لوحدك هبعت معاكي حد من لي برة دول انتي مش مضمونة.
التمعت عينيها بسعادة تهز راسها بالايجاب وهي تقول بخضوع:
انتي عارفة اني معنديش مكان اروحلو والله مش ههرب.
هاهي استقلت السيارة وقلبها يدق بعنف هل ستحظى بلقاء انتظرته سنوات طويلة لاول مرة ابتسمت ابتسامة صادقة.
اسندت راسها على زجاج النافذة وصلو بعد مدة زاد ضغطها على حقيبتها ونزلت مع ذلك الحارس عدلت من وضع شعرها المستعار
و نضاراتها لم تعلم ان قدومها الى هنا سيفتح عليها جراحا تمنت لو تندمل بلا انفتاح سارت بتردد وهي تفكر هل عليها العودة من اين اتت همست بخفوت:
يا ريتني ماكنت جيت.
ضغطت على شفتيها بتوتر واخذت نفسا وتابعت سيرها وما ان خطت خطوة اخرى حتى سحب ذراعها مع حقيبتها التي كانت بين يديها تبثها بعضا من الامان صاحت بلا شعور منها. كان شاردا فقطع شروده صوت صياح انثوي ولم يستغرق الكثير حتى يفهم
ما الذي حدث غامت عينيه بضلام حالك و راح يركض خلف ذلك
السارق فمن يجرئ على السرقة امام ظل الحي الاسود وما هي ثواني الا وقد اوقعه ارضا يكيل له اللكمات بغل وهو يصيح:.
انت لي جنيت على نفسك يا.
سحب منه الحقيبة بعد ان طلب من الناس هناك ان يمسكوه
توجه الى تلك الواقفة بخوف و قال بهدوء دون النظر اليها:
اتفضلي يا انسة دي شنطتك.
لم تحرك ساكنا انه هو واقف امامها بكل قوته ازدادت ضربات ذلك
القابع بين اضلعها بعنف رفع راسه اليها ليرى سبب عدم تحركها
وقال بصوت مرتفع نسبيا تشوبه الحدة وهو يراها تتفرس ملامحه دون خجل:
يا انسة انا بكلمك انتي معايا.
افاقت من تامل صفحات وجهه باشتياق بعد ان اخترق صوته الخشن الصارم اذنيها رغم بساطة كلماته الا انها تشعر به كأن قلبها من يستقبل كلماته لا اذنيها زفرت كمحاولة بائسة منها في تهدئة نفسها وحاولت امساك حقيبتها دون ملامسته لا تريد تدنيسه و اضافت بصوت مرتجف مغلف بالامتنان:
شكرا لحضرتك. كادت تغادر فاوقفها صوته الهادئ يناديها:
لحظة بس يا انسة.
تسمرت مكانها خشية ان يكون قد تعرف عليها لكنها تنهدت بارتياح بعد قوله الاخير:
لو تحبي تشتكي عليه ده حقك.
هزت راسها بالنفي تقول بخفوت:.
لاء انا مش عايزة شكرا انا لازم امشي. وابتعدت تحاول استعادة انفاسها التي سلبت منها في حضرته هيبته تلك و هدوئه المغلف بالحدة جعلها تخاف سارت متراجعة للوراء تعود ادراجها الى السيارة و قلبها يخفق بعنف مجيئها الى هنا كان خطئا. عاودت النظر اليه و السيارة تتحرك وهي تلوح بيدها ببطئ تودعه لاخر مرة تهمس بحزن:
مع السلامة يا شرطييي هتوحشني.
عضت على يدها في محاوله منها كبح رغبتها في البكاء.
بينما عاد هو الى ذلك السارق يرمقه بنظرات نارية امسكه من تلابيب قميصه يصرخ به:
هو انت مش عارف انو لي بيسرق هنا فحارتي عقوبته ايه.
ابتلع الاخر ريقه بخوف يقول:
والله انا مجبور يا بيه.
نظر اليه بتفحص شاب صغير السن قد لا يتجاوز التاسعة عشر سنة فكرا مليا ثم قال بجمود بعد ان بدا يتذكر انه كان مثله سابقا:
هديك عنوان هناك هتلاقي لي يساعدك ويوفرلك شغل.
ضغط على كتفيه واكمل بصرامة:.
بس والله لو سمعت انك رجعت لسرقة تاني.
قاطعه الاخر بسرعة وامتنان يقول:
والله مش هرجع اصلا كانت اول مرة وهتكون اخر مرة.
اسند راسه على الكرسي وضغط على قدح القهوة الذي يحتسيه
ناظرا امامه بحيرة تنهد بقلق هامسا:
يا ترا هتحبيني زي ما انا يا براءة و لا تسيبيني زي غيرك.
انكمشت ملامح وجهه بالم وهو يفرك قدمه لقد وقف اليوم كثيرا
مما تسبب له في تورم على مستوى ركبته سار يسحب قدمه وتمدد على السرير رافعا بنطاله و ملامحه لا تدل على اي تاثر
وهو ينزع تلك القدم البلاستيكية.
ماقدرتش اقولك عشان خفت اخسرك.
دلفت والدته على حين غرة ورؤية انكسار ابنها بتلك الطريقة
يؤلمها دنت منه فسارع لتغطية قدمه وهو يشيح بنظره عنها حتى لا ترى تلئلئ عينيه بالعبرات فهو مذ فقد قدمه لم يدع احد يراه على حالته تلك ادارت وجهها اليه تقول بحنان:
محمد مالك يا ابني صاير دايما سرحان و بتقعد لوحدك
تنهد بثقل يقول:
حاسس اني غلطت غلطة كبيرة عشان خبيت عليها يا ماما.
ضغطت على كفه بمواساة و اردفت:.
كده احسن يا ابني انتو الاتنين محتاجين بعض صدقني ولو عايز نصيحتي بلاش تقولها.
نظر اليها بتردد و اضاف:
بس كده انا بستغلها يا ماما انا فعلا حبيتها و مش عايز ابدأ حياتنا بكذبة مصيرها هتتكشف.
لاء يا ابني زي ماانت رضيت بيها هي مجبورة ترضى بيك.
نظر اليها بعتاب يقول:
انتي عارفة انو انا مش بفكر بالطريقة دي انا حبيتها لروحها الحلوة يا ماما.
هي كمان هتحبك لروحك صدقني كده احسن يا ابني.
رحلت وتابع هو الغرق في بحر افكاره حتى حسم امره.
ما تقول مالك يا عم انت في ايه.
نطق بها براء وهو يلكز اياز الشارد امامه افاق الاخير من شروده
يقول:
بفكر اصل ماما لقيالي عروسة بس مش مقتنع.
نظر اليه براء بتهكم يقول:
يعني عايز تقنعني انو شحط زيك مش قادر يقولها لاء.
بادله اياز نظرات تدل على ضيقه و اضاف:
مش كده بس انا عايز استقر انما العروس كبيرة شوية.
نظر اليه براء باستفسار:
فهمني في ايه و هي مين.
شرد اياز في مكالمة والدته قبل عودتهو قص ما جرى لبراء.
Flach Back:
خير يا ماما عايزة حاجة عشان اتصلتي دلوقتي.
قالها اياز بنعاس وهو يحاول التركيز معها فاتاه صوتها ينهره
ولد اناا اتصل وقت ما احب المهم ركز معايا انا جايبة معايا
ضيفة.
استشعر الخبث في صوتها فقال مستفسرا:
ضيفة مين وتيجي ليه.
رنيم جاية تقعد عندي كذا يوم انا هخطبهالك يا ابني.
صاح بعصبيه يقول:
نعم! هو انا عيل تمشيه زي ما انتي عايزة ولا ايه.
حاولت استعطافه فاردفت:.
يا ابني انا عابزة افرح فيك واشوف عيالك وبعدين لما نبض تتجوز انا هفضل لوحدي مين هيساعدني امانة فكر يا ابني.
فاجابها باقتناع:
ماشي هحاول بس رنيم كبيرة يا ماما.
كبيرة ايه دي 29 وانت قريب 32 يعني
دي اكثر وحدة تناسبك وهي لي هتفهمك لانها بنت راكزة.
Back.
اهو ده ل حصل.
وهي دي لازملها كل التفكير ده.
نظر اليه اياز بحيرة فقال براء مؤكدا:
انت عايز تستقر و عايز امك تبطل زن عليك في موضوع جوازك
و كمان البنت مش هتصدق حد دق بابها وعبرها بعد العمر ده مش هترفضلك طلب خدها صورة وواجهة اجتماعية و بعد الجواز انت حر هتعمل لي انت عايزو وهي هترضى باي حاجة المهم تتستر. اكمل كلامه بغمزه فكر اياز مليا واجاب باقتناع:
والله معك حق.
نظر اياز الى هاتفه بعد ان استمع الى رنينه
بكرا جاي اطلب ايد نبض
اعتلى ثغر اياز ابتسامة ماكرة وهو يهمس:
تشرف بيتك ومطرحك.