رواية بحر العشق المالح للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثالث والأربعون
بعد مرور يومين.
صباح
بمنزل الشردى
بغرفة ناهد، إستيقظت لم تجد وفيق جوارها
تمطئت بيديها تتثائب قائله بسخط: أكيد صحى وراح يطمن على أخته اللى ربنا بلاني بها هي كمان كنت نقصاها أما أقوم أخد دوش وانزل أفطر وبعدها أبقى شوف أيه الجديد.
بالفعل بعد قليل خرجت ناهد من الحمام، توجهت نحو دولاب الملابس وفتحت الناحيه الخاصه بها، جذبت بعض الثياب لها، لكن وقعت منها إحدى الثياب على الارض إنحنت وأخذتها ثم إستقامت وضعتها بمكانها بالدولاب مره أخرى، لكن تصادمت يدها صدفه مع ذالك الشئ الصلب، جذب ذالك المنديل وفتحته ونظرت الى ما بداخله قائله: مش عارفه أيه السبب في تطنيش الحيزبون ماجده وكتمت إن في حاجه إتاخدت من الصيغه دى، متأكده إنها عرفت بس يا ترى أيه سبب سكوتها.
أجابت ناهد على سؤالها بعد تفكير: سكوت ماجده وعدم أفصاحها عن ضياع الانسيال أكيد خوف عشان ميتفضحش كدبها قدام وفيق.
شعرت ناهد بزهو بنفسها قليلا، ولامت نفسها لما لم تأخذ أكثر، فبالتأكيد كانت ماجده ستكتم ولن تبيح بذالك حتى لا يعلم وفيق بذالك الأمر ويكتشف كذب والدته عليه، ربما سبب مقنع لكن أيضا وربما هنالك حقيقه آخرى.
من أحدى غرف المنزل
خرج وفيق حين دخلت تلك الطبيبه الى الغرفه.
تقابل مع ناهد التي تبدو إستيقظت للتو من النوم تتثائب قائله: صباح الخير يا وفيق، صحيت من النوم ملقتكش جانبى قولت أكيد جيت لهنا تطمن على سحر، أزيها دلوقتى.
نظر وفيق لها بضجر قائلا: سحر تعبت شويه وطلبنا لها الدكتوره وجت وهي دلوقتي بتفحصها جوه في الاوضه.
تنهدت ناهد قائله: مش عارفه أيه السبب اللى خلاها تستعجل وتطلب تخرج من المستشفى.
قبل ما تكمل علاجها، كنت عاوزه اقول بلاش تخرج دلوقتي من المستشفى بس خوفت لتبرر خوفى عليها غلط، و إنى مش عاوزها تجى هنا، أنا كان غرضى صحتها.
نظر وفيق ل ناهد بتفكير قليلا، يطن برأسه حديث فاديه أن من المستحيل أن يكتمل الحمل قبل أخذه للعلاج المناسب له، نزلت عيناه نحو بطن ناهد، حقا لم تمضى فتره طويله على الحمل لتنتفخ بطنها وتظهر علامات الحمل، لكن أيضا دخل الشك الى عقله، فقال بمفاجأه ل ناهد: ناهد بما إن الدكتوره هنا في البيت خليها تكشف عليك، وتطمنا عاالجنين.
إرتبكت ناهد وتعلثمت وهي تضع يدها على بطنها الخاويه قائله: مالوش لازمه، الحمد لله أنا بخير وأكيد الجنين بخير.
شعر وفيق بإرتباك وتعلثم ناهد دخل الى عقله شك قائلا: مش هنخسر حاجه أهو زيادة إطمئنان، كده كده الدكتوره هنا، أما تخلص مع سحر تكشف عليك.
زاد إرتباك ناهد وقالت: بس أكيد الدكتوره مش هتبقى عامله حسابها إنها تكشف عليا، انا هبقى أروح لها العياده آخر النهار، حتى أكشف سونار.
رد وفيق بمحاوره: مش مهم السونار المهم تطمنا عاالجنين، إنت الفتره دى متغيره شويه.
إرتبكت ناهد قائله: متغيره إزاى، أنا الحمد لله كويسه جدا.
تفاجئت ناهد ب رد وفيق: ما هو ده السبب إنى بقولك الدكتوره تكشف عليك، مش ملاحظ أى علامات للحمل عليك.
تعلثمت ناهد قائله: قصدك أيه بعلامات الحمل، انا لسه مكملتش شهرين ونص حامل غير أنا جسمى مش بيبان عليه الحمل غير في الشهور الأخيره، حصلى كده في المرتين اللى خلفت فيهم.
نظر لها وفيق قائلا: مش قصدى إنتفاخ بطنك، قصدى العلامات التانيه، اللى زى الوحم والغثيان.
تنهدت ناهد براحه قائله: الوحم مش عارفه ليه نفسى رايحه دايما للموالح وبحاول أسيطر على نفسى عشان بتعب من الموالح، إنما الغثيان آخر كشف ليا عند الدكتوره كتبتلى على نوع كبسولات باخدها لما بحس بالقئ، إطمن إنت ربنا هيجبر بخاطرنا
نظر لها وفيق يزيد بعقله الشك وكاد يتحدث لولا خروج الطبيبه من الغرفه وخلفها ماجده.
لتقول الطبيبه: الوجع اللى حست بيه المدام ده
أعراض طبيعيه في الحالات دى، أنا هكتب لها نوع مسكن للآلم ومع الوقت هيزول، إستئصال الرحم عمليه مش سهل الجسم يتقبلها بسهوله، غير الآلم اللى في الجزء اللى موصل للرحم المدام هتحتاج وقت طويل شويه على الإستشفاء، والمفروض كانت فضلت كمان شويه في المستشفى إستعجلتوا في خروجها، كمان العامل النفسى وأنا شايفه المريضه حالتها النفسيه سيئه جدا.
أحنت ماجده رأسها وتدمعت عينيها، بينما زفر وفيق نفسه بشعور الآسى، مع ذالك كاد يتحدث الى الطبيبه ويطلب منها الكشف على ناهد، لكن بنفس الوقت صدح رنين هاتف الطبيبه أخرجته من حقيبتها ونظرت له ثم لهم قائله: أنا مضطره أمشى فورا عندى حالة ولاده بس حاولوا تساعدوا المريضه نفسيا اللى هي فيه مش سهل على أى ست تتقبله، عن إذنكم.
قبل أن تغادر الطبيبه نظرت الى ناهد وأمائت لها راسها ببسمه ثم غادرت.
تنفست ناهد الصعداء حين غادرت الطبيبه المنزل.
بينما بداخل الغرفه، بدأت سحر تستسلم لذالك المخدر يفصلها عن واقع آليم صعب للغايه، إنتهت كإمرأه بداخلها أنثى إنتهت أنوثتها، ليتها كانت فقط إستئصلت الرحم، كان الامر سهلا عليها وتقبلته، لكن هي أصبحت مثل الأرض البور.
أرض بور، هكذا وصفها عقلها، كم مره لمحت بتلك الكلمه أمام فاديه تستفز بها مشاعرها، تعايرها عن قصد منها هي رغم أن لديها أطفال لكن أصبحت أرض خاويه، حقا العلاقه بينها وبين فاروق كانت تشعر دائما ان فاروق معها خاوى المشاعر فقط وقت لإطفاء رغبه بلا مشاعر كآنه يقضى وقت حميم مع عاهره بمجرد أن تنتهى العلاقه كانت تشعر بعدم الأحتواء منه، ظهر كل ما كانت تشعر به وتخشى منه الآن تأكدت أن فاروق كان بحياته إمراه أخرى مولع بها، ومن تلك المراه كانت زوجة أخيها التي كانت تغار منها دون درايه لسبب مقنع، لكن يبدوا أن القلوب لا تشعر بالبغض من فراغ...
إنتهت مهتمها كزوجه، لكن لم تنتهى أمومتها، أبنائها، أين هم، بل السؤال الاهم
أين كانوا سابقا لم تكن تهتم بهم فقط كانوا بحياتها مثل إكسسوار يجمل الهيئه...
تذكرت وجه صابرين حين خرج عواد بها من المنزل بعد أن وضعت لها دواء الإجهاض، ملابسها التي كانت تعتصر من دمائها وقتها، سخرت من نفسها.
صابرين فقط فقدت جنين سهل ان تعوضه مستقبلا بغيره، بينما هي أيضا خرجت من منزل زهران يحملها وفيق وهي تنزف وتصرخ من قسوة الآلم، لكن الآن صعب أن تعود أنثى وزوجه، فقط أصبحت مثل قطعة الإكسسوار لا فائده منها سوا تجميل المنظر الخارجى.
بمنزل التهامى
بغرفة تحيه
كانت الدموع والآهات المكتومه هي سبيل حالها
بلحظه كل شئ بحياتها يهدم، مثلما كان سابقا حين تظن أن الحياه تعطيها أملا جديدا، سرعان ما يتبدل ويتلاشى.
ألم يكفيها فاجعة غيداء، بل الماضى عاود بفجيعه اقوى واشد غلاظه.
طفل فقدته صغير وحزنت وقتها وتألمت لكن كان هنالك عواد كان مثل نسمة الهواء بحياتها، إرتضت به وأعطته كل حنانها ودعمها لكن هذا كان كثير عليها هو الآخر لم يغفر لها أنها تزوجت من غير والده القاسى لامها ولم يريد معرفة أنه كان سبب ذالك الزواج، تحملت قسوته بل نستها بالكامل حين دخل عليها المنزل يسير على قدميه، طالت بينهم سنوات الجفاء لكن في الفتره الأخيره شعرت أن ذالك الملح الذي كان عالق بالمياه بينهم بدأ يزول وربما تعود العذوبه مره أخرى، بعد أن وقع في عشق صابرين وبدأ يشعر بلذة الحياه، لكن كل شى بلحظه يهدم.
غيداء طفلتها التي كانت زهرة حياتها من رجل أحبته واختار القدر تفريقهم ما إن إجتمعا معا مره أخرى نبتت ورده بأحشائها منه كانت لها مثل قطرة الندى سقطت على أرض قاحله حقا لم ترويها بالكامل لكن يكفى أنها مازال بها جزء حي بسببها، لكن جفت تلك قطرة الندى أيضا، بخطيئه لا غفران لها، سارت خلف وهم زين لها، وكان هذا بالحقيقه إنتقام منها دون سبب.
دموع تسيل وتنهيدات قلب ينبض بآسى...
لكن جففت تلك الدموع بأناملها.
حين فتح فهمى باب الغرفه ودخل ينظر إليها، أحادت بصرها عنه، أصبحت غير قادره على تحمل لوم ولا آلم أكثر من ذالك، يكفى، بل ويفيض.
لكن جلس فهمى لجوارها على تلك الآريكه، ووضع يده يضمها من كتفيها لصدره يتنهد هو الآخر بآسى، حبيبة حياته ذاقت من الآلم والآسى ما يكفى، ليت القدر كان تبدل من البدايه، ضمها لصدره ووضع رأسه على كتفها يقول بيأس: مش عارف أعمل أيه في موضوع غيداء.
تنهدت تحيه قائله: في رايي.
فى حلين بس الأتنين أسوء من بعض.
تحير عقل فهمى قائلا: وأيه هما الحلين دول؟
ردت تحيه بتفسير: الحل الاول، إن غيداء تجهض الجنين ده، وده مش بس حرام، كمان جرم وتكبر على نعمه ربنا بيعطيها بشكل غلط وحرام...
والحل التانى إننا نقبل بجواز فادى من غيداء حتى لو لفتره قصيره وبعدها تنفصل عنه، لأن معتقدش إن غيداء بعض اللى حصل من فادى هتقدر تغفر له وتكمل معاه مشوار حياتها، بس الأهم دلوقتي إن فادى بنفسه رايد يتجوز من غيداء حتى لو تصحيح غلط كفايه هنتجنب فضايح قدام الناس، حتى لما تطلق بعد فتره صغيره مش هتبقى فضيحه لو أتوقفنا قصاد فادى، ومامته اللى جايه بكل فظاظه منها تقولى...
توقفت تحيه عن الحديث، لكن حثها فهمى على الحديث قائلا: طبعا جايه تتشفى وتتأمر وتتشرط علينا؟
هزت تحيه رأسها ب لا قائله: ياريت كان أهون على قلبي، أنا بقول نوافق على جواز فادى وغيداء.
نظر فهمى لعيني تحيه الداميه قائلا، بإستفهام: ومامت فادى
وكانت جايه ليه بقى؟ متأكد قالتلك شئ وصلك للحاله دى.
تنهدت تحيه بسآم وآلم صامته
لكن ألح فهمى عليها الى أن سردت له عن قولها أن مصطفى هو ولدها.
تفاجئ فهمى قائلا: أكيد بتخرف؟
تنهدت تحيه قائله: ياريت كانت بتخرف، دى الحقيقه يا فهمى الحقيقه اللى قلبى كان حاسس بيها وكنت بكدبها، من يوم ما جه مصطفى هنا ورفع السلاح على عواد، حتى وقت موته حسيت بوجع كبير، حتى صورته شوفتها ومقدرتش أطلع فيها، قلبى كان خايف وبينكر الشبه، مصطفى كان قريب الشبه جدا لأمى.
ذهل فهمى قائلا: طب إزاى وصل مصطفى ل ساميه؟
ردت تحيه بعدم معرفه لكن خمنت قائله: يمكن حصل غلط وإتبدل الطفلين في الحاضنه.
بغرفة غيداء، رغم تحسن حالتها قليلا، كانت تجلس على الفراش.
تقضم أظافرها بقهر، فادى كان معها وغدا أكثر من الازم، وأستغل برائتها وعطشها لتشعر أنها أصبحت صبيه تحب، وهمها بمعسول الرسائل الورديه، لا تنكر أنها أخطأت بحق نفسها، وزال في قلبها سطوة الحب الأول الكاذب و الفاشل، لكن آن الآوان أن ترد كرامتها وتسحق كبرياؤه كما فعل معها، آتت بهاتفها
وفتحته على أحد التطبيقات الحديثه وأرسلت رساله إليه فحواها.
هزمنى الحب الاول الكاذب، ليتك تكون قد شفيت غليلك وإنتصرت بحصولك على الإنتقام، لكن لا أعتقد إنك إنتصرت أنت أيضا هزمت وتدنيت بنظرى أصبحت مثل ثقاب الكبريت الذي إشتعل مره واحده لينطفئ الى الأبد
بمنزل سالم التهامى
بغرفة فادى...
أستيقظ من النوم على صوت تلك الرساله
تنهد براحه حين رأى إسم غيداء.
فتح الرساله وقرأها فهم ما بين السطور، غيداء تعلن النهايه، لكن لا. لن يتقبل تلك النهايه التي هو من قدمها في بداية الطريق
فأصعب شعور حين تصحو من غفوه
تجد أنك أغرقت سفينتك وأصبحت حطام بين أمواج عاتيه وأنت أصبحت وحيد بين تلك الأمواج بلا شراع تشعر أنها تعتصر جسدك.
هكذا كان شعور فادى الذي يكاد لا يفقد عقله فقط، بل يفقد معه قلب يآن بشده، بعد أن أكد له جمال أنه تأكد من صحة إجراء تلك التحاليل، من معمل التحاليل المكتوب إسمه على المغلفان، وأنه سيقطع الشك باليقين سيقوم بإجراء تحليل الچينات الوراثيه بينه وبين إبنة مصطفى
شعر أنه لو بقي بالمنزل وقت أكثر قد يعجله التفكير ينتحر
بالفعل توجه نحو باب المنزل وخرج غير مبالى لنداء ساميه له.
وقفت ساميه تشعر بزيادة بغض ل صابرين تلك الحمقاء التي كشفت عن حقيقه هي نفسها إكتشفتها مؤخرا، لكن من أين علمت بتلك الحقيقه المخفيه، لامت حماقتها هي الأخرى حين ذهبت الى منزل زهران وأخبرت تحيه بذالك علها تحصل على سبب رفض زواج فادى من إبنتهم لكن لم تعرف السبب وكان هنالك سبب آخر برأسها أن تبعد عنها الشبهات أنها كانت تعلم بذالك الامر، لكن غريب حقا هو القدر.
أن تربى هي إبن جاد زهران الذي رفض الزواج بها ذات يوم، حقا لم يكن لديها له أى مشاعر لكن نسب عائله زهران غايه كان يسعى لها معظم عائلات البلده، حتى أنهم فضلوا إبنة عمها عليها وقتها لتشعر أنها الأفضل منها، لكن هي لم تنتظر كثيرا وتزوجت من جمال التهامي الذي كان يتفوق على جاد زهران فقط أنه صاحب شهاده جامعيه ولديهم صهر مع عائلة زهران، لا تنكر أنها أرادت جاد أكثر من جمال الموظف بينما جاد كان من ذوى الصيت والأملاك، لكن هو القدر، القدر من أرسل لها طفل عائلة زهران ليعيش ولدها، لامت ساميه نفسها قائله: هتكدبى على نفسك يا ساميه، مش القدر هو اللى جابلك إبن جاد زهران، ده البدل، أيوا البدل اللى أخوك عمله، مصيبه إن مصطفى يطلع إبن عيلة زهران، وأكيد بعد اللى حصل وكشف حقيقة مصطفى ممكن يحققوا في الماضى ويا خوفى يفكروا إنى أنا اللى بدلت الأطفال، لا طبعا مستحيل يفكروا في كده أنا كنت وقتها تعبانه من الولاده، بس كويس انى سبقت وقولت ل تحيه بنفسى وهمتها بالدموع أن قلبى محروق أكيد صدقت انى مكنتش أعرف.
بعد قليل
بالمشفى
بغرفة صابرين
خرجت والداتها وتركت عواد وحده بالغرفه معها
نهض من على تلك الاريكه، وجلس على الفراش التي تنام عليه صابرين منذ يومان وهي نائمه مثل أميرة الحكايات، أجل هي أميرة حكايته الذي كان لا يريدها بحياته، لكن بلحظه تبدل كل شئ
تذكر قبل يومين
أثناء نقلها من تلك الوحده الصحيه الى المشفى
بسيارة الإسعاف
رغم شعور الالم الذي يزداد عليه لكن تناسى كل هذا، وصعد خلفها بالسياره.
لكن في ذالك الأثناء، وبسبب إهتزاز السياره تحرك انبوب التنفس عن أنفها وصفر للحظات كانت تفقد فيها الحياه، نهض فورا ووضع جهاز التنفس على أنفها ينظر لوجهها أين إختفت ملامحها الرقيقه، عاش نفس الأحساس المر مره أخرى أثناء نزولها من سيارة الاسعاف للدخول الى المشفى، تحرك جهاز التنفس عن أنفها، لكن هذه المره كادت أن ترحل لولا التدخل الطبى السريع وصعقها الى أن عادت للحياه، وهي بغرفة العمليات وهو جوارها يرى كل ذالك وإنشغال الأطباء معها، لكن بعد عودتها للحياه، طلب منه أحد الأطباء الخروح من الغرفه من أجل سلامتها، بمضض منه خرج من الغرفه، لأول مره يشعر بالندم أنه ترك دراسة الطب ربما كان ظل معها بالغرفه وما وقف أمام ذالك الباب الزجاحى يرى هذا التجمع حولها وهو بعيد عنها...
كان الوقت طويل لا يمضى، دهور من الزمن وهو ينتظر خروج الطبيب يقول له لا تقلق...
لكن أمنيه واهيه حين خرج الطبيب ووجد سالم يتهجم عليه بالصفع، لكن حين رأى الطبيب ترك عواد وذهب الى الطبيب قائلا بترقب خائف: بنتى.
تنهد الطبيب قائلا: بصراحه مش هخبى عليكم، المريضه.
عندها كسر في إيديها الشمال، وفي كسرين في ضلوع القفص الصدري الناحيه اليمين، وكمان في كسر في ضلع في الناحيه الشمال وده كان ضاغط عالقلب بس الحمد لله إن العضمه مخترقش القلب، غير كان في ميه في الرئتين سحبناها، وشوية رضوض في جسمها مش خطيره الرضوض دى، المريضه هتفضل الليله في العنايه المركزه، وياريت بلاش خناقات هنا بعد أذنكم.
[عوده].
عاد من تلك الذكرى الآليمه، ينظر لوجه صابرين التي زالت قليلا الكدمات من عليه وعادت تظهر ملامحها مره أخرى، لكن مازالت بسطوة غيبوبه، ليتها تشعر بقسوة ما يمر به وتفتح عينيها ترى إنهزامه أمامها
إنحنى على إحدى يديها الموصول بها آنابيب.
مغذيه، يقبل يدها دون شعور منه نزلت دمعه من عينيه على يد صابرين، قائلا بندم: صابرين حبيبتى، أيوا حبيبتي عارف إنك كنت دايما بتضايقى من كلمة حبيبتى وبتفكرى إن بقولها لك غيظ وإستفزاز منى ليك، لكن صدقينى كنت بقولها وأنا حاسس معناها، فعلا إنت حبيبتى، صابرين مكنش أول لقاء لينا في محطة القطر زى ما قولتلي قبل كده، أنا كنت عارفك ودايما متابع أخبار البنت اللى إتمنت ليا الموت، هعترفلك بسر إنت كنت السبب الرئيسى اللى خلانى أقاوم عشان ارجع أقف على رجلى مره تانيه، كلمتك كانت دايما بتطن في دماغى صوتك كان مرافقنى كنت عاوز أقف على رجليا مره تانيه عشان أجى لعندك وأقولك أنا أهو منهزمتش، بس أنا أنهزمت يا صابرين وحبيت البنت الشقيه اللى كنت براقبها من بلكونة جناحى الخاص، إتألمت كتير لما عرفت إنك إتخطبتى لأبن عمك، وكمان إتكتب كتابكم، حاولت أوئد الشعور ده في قلبى، كنت بلهى نفسى عشان مفكرش فيك، حتى لما عرفت إن تم تحديد ميعاد جوازك مقدرتش اتحمل وقتها وسافرت، مش الأرض هي اللى رجعتنى وقتها يا صابرين، أنت السبب رجعت وكنت مخطط إنى أخطفك، بس مش مساومه عالارض، صابرين سامحينى، أنانيتى سحبتك في بحرى المالح.
صمت عواد وسريعا جفف دموع عينيه حين عادت شهيرة الى الغرفه مره أخرى لكن لاحظت دموع عين عواد الذي وقف قائلا بهروب: هطلع أتصل على ماما تجيب لى معاها غيار.
أمام غرفة صابرين
للصدفه الغابره
فتح عواد باب الغرفه ليخرج منها
ليصتدم بعد خطوات ب فادى بالممر
نظر له بغضب ساحق يحاول كبت لجام يديه حتى لا يضعهما حول عنقه ويخنقه، ربما يشفى غليله
بينما فادى لديه نفس الشعور وأكثر، لكن حاول التجنب الى مر من جوار عواد.
لكن نظر عواد خلفه بفضول رأى إتجاه فادى نحو غرفة صابرين وطرق على الباب كاد يضع يده على مقبض الغرفه، لكن
توقفت يده قبل أن تصل للمقبض بعد أن أمسك عواد ساعد يده قويا ونظر له بإستهجان: إنت جاي هنا ليه؟
إحتدت نظرة فادى له قائلا: جاي أطمن على صابرين بنت عمى، ولا مفكر آنى صدقت الكدبه اللى هي قالتها، حتى لو كلامها صحيح وإن مصطفى يبقى أخوك بالنهايه هتفضل بنت عمى.
إحتدت نظرة عواد له وتعامل أن حديث فادى مجرد هراء منه لا أكثر، وقال بحنق: حلوه دى كدبتك الجديده، مصطفى يبقى أخويا، طيب إنسى إن أسمح إن تدخل الأوضه وتشوف صابرين.
شعر فادى بغيظ من عواد فقال بإغاظه: والله مش انا اللى قولت إن مصطفى أخويا يبقى للآسف أخوك، اللى قالت كده هي صابرين نفسها حتى جابت تحليلين dna إثبات أنا نفسى مش مصدق، مصطفى يبقى أخويا الكبير ومش ندمان آنى أخدت بحقه من اللى قتله، واللى بتمنى يطلع كلام صابرين كدب، والا وقتها هتبقى قاتل أخوك...
قولى يا عواد لو اللى قالته صابرين طلع هو الحقيقه هتقدر تعيش بعد كده إزاى مع صابرين اللى كانت مرات أخوك اللى إنت قتلته عشان تفوز إنت بها.
بغضب وغيظ لكم عواد فادى بآنفه.
إرتج جسد فادى للخلف قليلا وضع يده على أنفه ونظر الى تدفق تلك الدماء من أنفه، ثم رفع وجهه ونظر الى عواد وبلا تفكير هجم على عواد ولكمه.
فى البدايه تفادى عواد لكمته لكن كرر فادى لكمه في وجهه وكاد يلكمه مره أخرى لولا رؤية أحد عمال المشفى لشجارهم من البدايه وذهب يخبر أمن المشفى الذي آتى سريعا وتدخل للفض بينهم، لكن مازال شجار بالألسن بينهم، كذالك حضور.
تحيه مع فهمى الى المشفى بنفس الوقت، وسماعها لقول فادى الذي يحر به عواد يتثير غضبه لا أكثر: تعرف بتمنى أن فعلا إن مصطفى يطلع أخوك، عشان تعيش بقية حياتك في ندم أنك قتلت أخوك عشان تخطف مراته.
شعرت تحيه بآسى ووجع قلب لكن إتجهت ناحية عواد قبل أن يتهجم على فادى مره أخرى وضمته بحضنها باكيه تقول بنفى: كدب مش عواد السبب في موت مصطفى، إصابة مصطفى صحيح كانت قريبه من الرئه بس مكنتش خطر على حياته، اللى قتل مصطفى شخص تانى وقتله وقتها عمد عشان يورط عواد ويتسجن، بس ربنا خيب أمله، أنا كنت حاسه وقت موت مصطفى فعلا بوجع جامد في قلبى عليه، حتى مقدرتش وقتها أستحمل أنظر لصورته اللى كانت متعلقه عالحيطه، حتى لما روحت بيتكم مره تانيه قلبى مقدرش يبص للصوره غير نظره خاطفه، حسيت وقتها قلبى بيتقطع، بس أنا شوفت صورة مصطفى وإتمعنت فيها لأول مره، إزاى خال عليا ملامح الشبه الكبيره بين مصطفى وبين أمى، مصطفى يبقى إبنى اللى حسيت بوجع فقدانه مرتين.
ذهل عواد من تأكيد تحيه بأن مصطفى هو بالفعل أخيه، لم يعد قادر على تحمل الوقوف على ساقيه أكثر من ذالك لولا حضن تحيه له لكان سقط أرضا يصرخ ليس بسبب آلم جسده، بل وجع روحه المضني
والكلمه التي يتردد صداها برأسه: إنت قتلت أخوك حتى لو كان بالخطأ، لكن بالنهايه قتلته.
كآن تحيه شعرت بآلم عواد، رغم آلمها لكن تمسكت بجسد عواد تضمه بين يديها ليس الآن وقت ضعف لن تفعل كما كانت تفعل دائما وتنحنى للموجه حتى تمر من فوقها، ستقف ضد الموجه وتقاوم الغرق التي تراه بعينى عواد اللتان إختفى لونها وتوهجت بعين يغشاها الدموع والندم والقهر.