قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل التاسع والثلاثون والأخير

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل التاسع والثلاثون والأخير

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل التاسع والثلاثون والأخير

قبل بضعة أشهر
لم يدرك أيّن منهم من مُحتواها شيء إلا المستشفى، حيثوا تنقلوا بين أروقة المستشفيات، كما كانوا يفعلون بالمنزل يوميًا.
فبذلك اليوم اضطر مالك لضرب رصاصةٍ، كي يوقف ذالك الشيطان والذي علم من نظرته أنه لن يدع أحد يُمسكه اليوم.

ولم يكن الأفعى بالأحمق فأطلق رصاصة هو الآخر، فبالأساس لا يهتم إن مات الجميع، وبحركة صغيرة ارتكزت الرصاصة بجوار قلبه وليس ذراعه، وها هو يقضي أيامًا بالمستشفى لا يُدركها.
وقد قرر ترك ذلك الجسد البالي لعصام يتألم قليلًا، وها هم ينتظرون شفاءه جسديًا حتى يبدأ رحلة العلاج النفسي والقضاء على الأفعى.

كان ذلك اليوم من تلك الأيام التي تجعلك تقرر قتل ذاتك، حيث أفاق الأفعى بجسد عصام.
فتح عيناه بمللٍ من ضوء الغرفة وذاك الوجه الذي لا يجد سواه ح، يث مليكة تجلس جواره وفور ما التقت عيناهما، أردفت بحنان ممسكة يده: صباح الخير يا حبيبي.
رمقها بعدم اهتمام وأدار عيناه، لتُدرك هي وقد اعتادت على فعلته تلك هاتفة: صباح الزفت، إيه اللي جابك يا أفعى؟

ابتسم لوضوح تعكر مزاجها، قائلًا باستفزاز وابتسامته تزداد اتساع: جيت أضايقك يا ملوكة، المهم قومي هاتيلي فطار.
أنهى حديثه بلهجة أمرة، أثارت فتيل غضبها، حيث صرخت به ناهضة بانفعال شديد ونظراتٍ حادة بالنسبة لنظراتها الطبيعية، أما بالنسبة له فتلك نظرات عادية.
حد قالك إني شغالة عندك؟!

ابتسم يُطالع السقف وبنظرات شاردة وكأنه سيسرد عليها ذكرى سعيدة بينهما، وما كانت إلا: عارفة يا مليكة، واحشني أوي الأيام اللي كنتي بتخافي مني فيها وبتقعدي تعيطي كتير وتزهقيني.
طالعته بدهشه تعود بأقدامها للخلف، هاتفه بخفوت وصدمة تسيطر عليها: مريض والله هقول إيه!
دخل حينها أحد الممرضين متحدثًا: لو سمحتي ممكن تستني بره،.

طالعت ذالك الممرض والذي يُخفي نصف وجهه بإحدى الكمامات، وطريقته تلك، فمعظم التمريض لم يعد يطلب منها ذاك الطلب.
لكنها قرىت الانسحاب بهدوء، فلا تطيق ذاك الأفعى من الأساس، ولكي تُهاتف سيف كي يحضر للتحقيق.
خرجت مليكة بعدما رمقت الأفعى باشمئزاز، تكره تلك اللحظة التي قررت فيها قبول حبيبها على عيبه، فما لها ولذلك العذاب الذي عاشته طوال الأعوام الماضية!

رفع عيناه لذلك الممرض يتفحصه من أعلى لأسفل دون اكتراث، وما كادت عيناه تبتعد عنه، حتى أفصح عن وجهه هاتفًا بحماس شديد وهو يتقدم من جسد عصام:
طالما بصتلي كده، والمدام مش طايقة نفسها تبقى الأفعى.
ارتسمت بسمة جانبيه على محياه، وهو يرى خلدون يمتثل أمامه، ذراعه الأيمن.
أطال كلاهما النظر ببعض، ثم هتف خلدون بقلة حيلة ويأس: حاضر، همشي أنا بس جيت أقابلك وأودعك لآخر مرة،.

لم ينطق بأيٍ من الكلمات، والآخر لم ينتظر فقط عانقه واستدار ليرحل، ليسمعه قائلًا بلكنته الأجنبية:
أكمل حياتك يا خلدون، فلن أعد مجددًا، فور أن ينتهي العلاج الجسدي سوف أوافق على التنحي وترك عصام يقود حياته، بالأساس فسدت تلك الحياة ولا أعد أهتم بها.
استدار خلدون نصف استداره، ثم أكمل طريقه للخارج رافعًا غطاء وجهه.

بالعودة ليوم انتهى كل شيء؛ فتح خلدون تلك الرسالة يقرأ ما بها وملامحه تتغير بين الكلمات، يرفع عيناه ويتلاقى بعين الأفعى في الخلف، ثم يعود يستكمل بملامح مقتضبة.
«قد كنت يدي اليمنى، ومن يعلم كل شيء عن حياتي وحياة ذاك الصعلوق، لذا لا مانع من اخبارك، فور أن ينتهي اليوم من يتبقى من الرجال سيغادر البلاد، أم أنت فلن تحضر معي اليوم.

خلدون، أنت سترحل فور أن نصل للاسكندرية، أريد منك الرحيل فورًا، هذا اليوم هو النهاية، لقد قررت أن أعطيهم ما يريدون، وإن كان ذاك الجسد الخاص بي.
لذا أمنت لك كل شيء، ولا أريد منك اعتراضًا، تلك وصية الأفعى لك، ».

ارتسمت ابتسامة على وجه آسر متطلعًا لفريقه من خلف قناعه قائلًا بعدما استدعاهم لخبر مهم...
أنا عارف إن الفرحة مش سايعة الجمهورية كلها بقالها كام شهر، خصوصًا بعد خبر القبض على الأفعى ورغم إننا مأعلناش هو مين، لكن الشعب هدي وخاصة لما اتحكم على ماجد الغريب، بس،
تطلع ليريا «ألماس» إليه هاتفة بانفعال، بعدما كانت مبتسمة بفخر لما فعلوه: بس إيه؟ إحنا حتى الصغيرين بنلم فيهم!

كانت تقصد الفاسدين المختفيين، فتنفس بعمق وارتسمت ابتسامة دلت على يأسه منها، يستدير للبقية فما استطاع أحدهم مقاطعته يومًا عداها، فلا تهوى إلا مقاطعته:
بس لو حد فيكم ركز هيع،
قاطعته نور هاتفة بحماس، وقد وصل أحدهم لما توصلت له بعقلها: إن الأفعى هو اللي استسلم صح؟
حسنًا كلتاهما فقط من استطاع مقاطعته، خاصةً نور التي يتبدد احترامها له، أحيانًا يظن هو أنها في تلك اللحظة قد تذكرت أنه آسر...

تطلع لسيف، الذي هتف بانفعال وعدم فهم لنظراته تلك فما شأنه هو: إيه!
ابتسم سوارين ابتسامة مقتضبة، ثم هتف من بين أسنانه: خد الكور دي وروحهم، خلاص الهانم بتاعتك قالت اللي عندي.
قد كانت كلتاهما انتفخت بطنهما وبان الحمل عليهما، ولم يتأخر سيف، فبالأساس يود النوم بشدة، لذا نهض يمد يده لزوجته بابتسامة في مشهدٍ رومانسي وكأنهما لم يُطردا لتو:
تسمحيلي يا هانم؟

ضحكت تتطلع لسوارين، ثم أجابت بخفوت وهي تستند على يديه بدلال: أكيد،
ولّى سوارين نظره عنهم دون اهتمام، قائلًا: تقدروا تتفضلوا وزودوا الحراسة،
نهض الجميع عداها وحين طالعها، هتفت قائلة بابتسامة حمقاء: قوم قومني.
ضحك ينهض يُساعدها أثناء قوله: معلش روحي مع السواق، لسه عندي شغل،.

وبالعودة للوقت الحالي، حيث هدأت الأوضاع ورضخت الحياة لهم.
كانت ألماس بالمستشفى من الصباح ينتظروا الوقت المناسب كي تلد، كانت مستلقية على الفراش تُطالع السقف وهي تتذكر كيف علمت جنس المولود.
تطلعت ألماسة لخالتها نور، هاتفة بسعادة شديدة: يعني ماما متعرفش هي هتولد ولد ولا بنت؟
أجابت نورسين بابتسامة تُعانق تلك الصغيرة، قائلة: لا يا حبيبتي أنا ونور عرفنا، وهنقولك وأنت اطلعي قولي لماما وبابا.

أمسكت ألماس يد آسر تميل على ذراعه برأسها هاتفة: تفتكر ولد ولا بنت؟
طبع قُبلة أعلى رأسها، قائلًا بحنان ويده تعانق يدها: اللي ربنا يجيبه رزق، ومحدش يقول لرزق لأ، كفاية إنه هيكون حته منك يا حبيبتي.
كادت تجيبه لكن صغيرتهم طرقت الباب وبعد الإذن، دخلت بحماس شديد.
وقفت في المنتصف بينهما، بعدما اعتدلا بحماس هما أيضًا لتهتف ألماسة قائلة: guess!
تطلعت ألماس لابنتها بضيق هاتفة بفضول شديد: يلا يا لولي!

صرخت ألماسة بحماس، بعد لحظات من تركهم لحماسهم قائلة: ولد!

كانت ألماس في العمليات منذ نصف ساعة تقريبًا، وحتى الآن لم يحضر مهند ونورسين، على عكس حضور الجميع حتى لافيرا والدة إياد وإياد.
أخرج سيف هاتفه مبتعدًا يهاتف مهند، يتسائل عن سبب التأخير خاصةً وأن حبيبة هنا: أيوة يا مهند! إيه الصويت ده في إيه عندك ومجتش ليه؟
صرخ مهند يُحاول إبعاد ذراعه عن فاه زوجته: يا بنتي استني لحظة!
صرخت بألم، قائلة بانهيار: مش قادرة يا مهند!

كتم ألمه فما ألمه أمام ألمها هذا مولّي اهتمامه للمكالمة، قائلًا وهو يسمع سيل من الأسئلة متدفق من فاه سيف: أنا جاي في الطريق يا سيف بس نورسين كانت تعبانة،
طالعها وبكاءها، فاسترسل: وما زالت، الدكتورة بتقول ممكن يكون طلق فأنا جاي المستشفى.
لم يسمع من سيف، إلا آخر الكلمات حيث قال: لما تيجي بلغني.

اقتربت نور من زوجها، قائلة بتوتر وعيناها تُطالع الغرفة من خلفها: خير يا سيف، نورسين مجتش ليه؟
نورسين بتولد.
قالها بابتسامة حمقاء بصوت وصل للجميع، فتطلعوا إليه بعدم فهم وانهالت عليه الأسئلة من الجميع، عدا آسر المتابع للغرفة بخوف أن يحدث شيء لزوجته...

كانت ألماسة متوترة لا تفهم ما تمرء به والدتها لكنها قلقة عليها، يجاورها رِفاقها، فأردف أحمد مُحاولًا تخفيف توترها: لولي تيجي ننزل نقعد تحت شويه على ما خالتو تطلع؟
رفعت عيناها له دون حديث، فابتسم مُردفًا وهو يعود جالسًا جوارها: خلاص خلينا.
تطلع تامر لألماسة مُتحدثًا في نية لتخفيف التوتر: هتسموه إيه؟
أسد آسر الأسيوطي.

خرجت إحدى الممرضات بطفل صغير مُقدمة إياه لمهند قائلة: مبروك يا فندم، الولد.
تطلع لذلك الصغير بعدم فهم، لكنه مد يده حاملًا إياه مُرددًا بخفوت: بسم الله، صغير أوي يا ياسو.
اتفضل البنت.
رفع عيناه بصدمة، قائلًا: البنت؟
التقطتها حبيبة بسعادة هاتفة: آه، نورسين كانت حامل في توأم.

ظل يتطلع لصغيران بصدمة وعدم فهم لما حدث، فهو ونورسين قررا عدم معرفة نوع الجنين، ومن عرفت كانت حبيبة، فعلمت هي بأنهم اثنان لكنها لم تخبرهم.
ورغم الانتفاخ المبالغ به لنورسين، إلا أن عقله لم يخيل له وجود طفلان!

ومرورًا بشهران تقريبًا:
علت صراخات نور بألم للمرة الثالثة بذات الأسبوع، فقد ابتدأ الشهر الأخير من حملها، وها هي كلما أصابها الوجع تصرخ وتقلق منام البيت بأكمله.
وعلى ذكر صراخها بدأ أسد أيضًا بالصراخ يتنافسان أيّن منهم سيوقظ الحي بأكمله.
انتفض سيف عن الفراش، هاتفًا: نامي يا نور مش كل شوية نلم الحاجة ونروح المستشفى!
بكت بشدة هاتفة من بين صراخها: أنا بولد يا ابني!
لأ لأ، المرة دي مختلفة، كله منك أنت،.

ظلت تصرخ ببعض الكلمات، وهو نهض يفتح الباب لألماس، التي هتفت بفزع: في إيه؟ بتولد تاني؟
كلمولي أبويا يجي يشوفكم وأنتم بتعذبوني التعذيب ده،
صرخت نور بها، فهتفت ألماس بانزعاج تجلب لها ثياب: جهز يا آسر العربية، ما خلاص الهانم خدت على المستشفيات،
ضربت نور ألماس، هاتفة بها بدهشة: حتى أنتِ، هقول إيه واحده بتولد قيصري، هتفهم إزاي!

كانت نور بعمليات منذ مدة، والجميع بالخارج في انتظارها، في جو مشحون بتوتر ياسر وسيف فقط، أما ألماس ونورسين وحبيبة كانوا يحاولون تهدأت الأطفال، والذين حينما اجتمعوا بمكان وبدأ أحدهم بالبكاء شاركه البقية.
استند مهند على الحائط من خلفه، مُردفًا لآسر المجاور له: عايز أروح أنام.
استند آسر هو الآخر، قائلًا: ومين سمعك، أنام من غير ما حد يعيط جمبي،.

صمت، ثم أضاف باستيعاب لوضع مهند: ده أنت اتنين كمان؟ الله يعينك يا ابني.
تطلع مهند للأوضاع حوله، ثم أردف: لولا فين صحيح؟
نايمة عند مليكة وملاك، مش بتعرف تنام وفي مدرسة الصبح.
تطلع مهند له مجددًا، ثم قال: بكره هيتقدم الإثبات إن عصام كان مريض نفسي،
الأفعى لسه موجود؟
تسائل آسر، والذي ترك تلك العملية للبقية يهتمون بها ينجز عمليات ومهمات أخرى، فلا وقت لديهم وفريقه ناقص حيث ألماس ونور بأجازة وكذلك ليلى.

لم تاتي الفرصة للجواب حيث خرجت الممرضة بطفلة مُعطية إياها لسيف، وقبل أن يجتذبها ياسر أهدته الممرضة أخرى.
تطلع كلًا من ياسر وسيف لبعضهما لإغاظة بعض، ليرى كلّا منهما طفلة بيده.
تطلع سيف لألماس بصدمة هاتفًا: هي كانت حامل في توأم!
هتفت ألماس وهي تنهض لمشاهدة الأطفال بلا مبالاة: أيوة بس مقالتش ليك أنت وياسر.
تطلع سيف لابنته هاتفًا بحنانٍ وحب: عيون بابا يا نيروز.

الكثير والكثير من الأطفال وصراخهم يملأ المكان حيث اجتمع الجميع بمنزل آسر لحفل صغير احتفالًا بإضافة ثلاث أطفال لعائلة الأسيوطي ولد يحمل اسم الأسيوطي وفتتان.
ومولدان لآل المجد فكان الحفل حار، خاصةً بقدوم عزام وليلى على يد كلًا منهما صغير، زياد والذي أكمل العام، وزين الذي أكمل بضعة أشهر.
تحركت ألماس بصغيرها تدور حول ذاتها بحثًا عن ابنتها: ألماسة؟ ألماسة، ما شوفتيش ألماسة؟

تحركت ملاك قائلة: كانت في الحديقة هي وأحمد والأولاد، ناديهم بقا.
خرجت ألماس تبحث بعيناها، فلم تجد أحد فتحركت متعمقة بالحديقة، حتى وصلت لغرفة زجاجية كانت تتجمع بها هي وزوجها ورفاقها، ابتسمت حينما وجدت ابنتها وأصدقاءها اتخذوها مقر لهم.
تقدمت هاتفة بعتاب لتأخرهم: أنتم هنا وإحنا بنلف عليكم، قوموا أجهزوا يلا.
نهضوا جميعًا بالفعل للخارج، عدا نادر الذي وقف أمامها قائلًا: هاتي أسد، أنا جهزت.

تطلعت للحماس بعيناه ومن ثم لصغيرها الصامت مُردفة: هتعرف تسكته؟
ما كاد يُجيبها، حتى قاطعه أحمد جاذبًا الطفل من يدها قائلًا: معلش بس أسد بتاعي أنا.
لم ينتظر رد بل غادر فورًا بخطى بطيئة، كي لا يسقط من يده في حين رفعت ألماس عيناها صارخة: هو لعبة يا ابني؟ هات يا أحمد الواد!

لَوى نادر ثغره تاركًا إياها متجههًا للداخل يأخذ أي صغير آخر، في حين تحركت ألماس بخطى صغيرة للداخل محدثة ذاتها: الواد مكوش على العيلة كلها، أسد بتاعه ولولا بتاعتي أنا بس، وأنا اللي أقولها لولا!
كانت تتحدث محاولة تقليد نبرته أثناء شجاره معها منذ أيام...
رفعت عيناها على امساك ابنتها ليدها، فابتسمت في حين أردفت ألماسة: هنخرج بعد الحفلة؟
ابتسمت أكثر بحماس، قائلة: ممكن بعد 12 وأهو يكون أسد نايم.

كانت الحفلة بردهة القصر، حيث حلوى وكعك والكثير من البلالين والأطفال الرضع.
حطوهم بالترتيب،
هتفتها نور وهم يضعوا الأطفال على الفراش.
فاقتربت ليلى حاملة زين قائلة: يبقى زين الأول.
ثم اقتربت ألماس بابنها واضعة إياه قائلة: وحبيب عين ماما، أسد التاني.
لوى آسر ثغره بانزعاج، في حين ابتسمت هي بسماجة لمضايقته.
تلتها نورسين قائلة: ياسين حبيب ماما الأول.

فتبعها مهند واضعًا صغيرته بحنان شديد: وفيروزة بابا التانية.
تطلعت نور لهم، ثم اقتربت دون كلام كثير تضع ابنتها: نيروز ثم نيرة.
قالت الأخيرة وهي تجذب ابنتها الأخرى من يد زوجها برفق، فعلق سيف ضاحكًا على فعلت نور خاصةً وهي تطلع للآخرين من الأعلى للأسفل:
عيون بابا دولا.
وفور أن وضعوا الصغار تحرك زياد ابن ليلى وعزام اتجاههم، كي يراهم ولكنه سقط بالقرب منهم، حينما اختلا اتزانه.

جعظت أعين الجميع واقترب عزام سريعًا يحمل صغيره، كي لا يبكي جوار الآخرين، لكنه تأخر لثوانٍ كان صرخ بهم زياد ومن بعده البقية...
ترقرقت الدموع بعين كلٍ من الأمهات، تطلعت كلًا منهما لزوجها، فارتسمت ابتسامة صغيرة على محياهم بقلة حيلة.
اقتربت كل أم تحمل صغيرها ومنهم من ساعدها زوجها، وعلى جانبٍ تحرك أحمد برفقة أصدقائه للخارج، واطمئن إياد أن والدته تعتني بزياد وهي منسجمة وسط الوضع، فرافقهم.

جلسوا خمستهم على هيئة حلقة بالحديقة، ومن خلفهم ذاك الجدار الذي رسموا عليه من قبل رفقة نور.
ابتسم إياد متحدثًا يقطع حالة تأمل السماء تلك: بابا بعتلنا دعوة وهنسافر أسبوعين أو شهر فرنسا.
انتبه له الجميع، فتساءل نادر أولًا: امتى الكلام ده؟!
طالعه إياد مُجيبًا إياه بعد برهةٍ: بعد عشر أيام هنسافر، هتوحشوني أوي في الفترة اللي هسافر فيها.

تساءلت ألماسة بابتسامة، ترسم عالمًا ورديًا بذهنها: هتقابل والدك أخيرًا،
طالعها سريعًا بحماس شديد، قائلًا: أيوة أخيرًا هشوف بابا وعمو أمير و إليان وطنط مريان.
تساءل تامر بعدم فهم قائلًا: أمير ده عمك؟
هز رأسه بالرفض موضحًا: صاحب بابا وجارنا اللي ساكن هناك، وحشني بيتي في فرنسا.
هنا وتساءل أحمد خاصةً مع نبرة الحماس لدى إياد: أنت متأكد إنك هتقعد شهر بس؟

بدأ الجميع ينتبه لذلك، فأردف إياد يلاحظ نظراتهم: إن شاء الله، عمومًا مش هعمل زي تامر وأقرر أستقر بعيد عنكم.
أنهى حديثه ضاحكًا، فضربه تامر بانزعاج في حين سألت ألماسة: صحيح والدكم عامل إيه؟
رمق نادر تامر ثم أردف بهدوء: كويس، يعني اللي سمعناه إنه هيبدأ علاج،
قالها بابتسامة، متذكرًا كيف استمع لوالدته وهي تُناقش آسر عن أحواله...
تطلع إياد لأحمد قائلًا: وعمو مالك عامل إيه؟
الحمد لله بيتحسن برضو،.

هتفها أحمد بخفوت، وذهنه شارد بحاله هو.
طالع إياد ألماسة وكلًّا منهما لا يجد حديثًا لقوله خاصةً بعدما رآه الثلاثة، لكنهما تسائلا معًا وبخفوت:
والأحلام؟
طالع الثلاث بعضهم بهدوء، فتخطى أحمد الإجابة قائلًا: بس أنت هتلعب معانا يا إياد الماتش الجاي.
احترم خصوصيتهم ورغبتهم بعدم الحديث عن ذلك الأمر، هاتفًا بحماس: أكيد، لازم أسافر وأنا فايز،.

اندلعت الأحاديث حول تلك المباراة الخاصة بكرة القدم، وعن مباريات الملاكمة الخاصة بكلًا منهم.
كما اندلعت الحرب بأذهانهم منذ أُطلقت النار على مرمى عيناهم واخترقت أصواتها أذانهم، تلك كانت نقطة فاصلة انولدت منها شخصياتٍ أخرى باضطراباتٍ لم يُفصح أيّ منهم عنها، اضطرابٍ يُهلِك أو تُهلكه، تلك المباراة الحقيقية.

اقترب ياسر من إحدى الصغار وكانت فيروز يحملها من مهند، أثناء قوله بانفعال: أخرج بره يا مهند، أنت مش نافع.
طالع مهند يده الفارغ، ثم رفع عيناه لظهر ياسر هاتفًا: لولا إنك راجل كبير يا ياسر أنا كنت،
صمت دون إيجاد لقول، وخرج ممتثلًا الضيق وفي الحقيقة هو في أشد مراحل سعادته، أن أخذ أحدهم تلك الصغيرة منه، فقد فاض صبره وهي لا تصمت.

رمق ابنته وهي بيد جدها كيف صمتت فورًا، وزفر خارجًا يحاول فهم كيف تصمت مع جدها ولا تصمت معه.
لا يدري أن للأجداد سحرٌ خاص وحنان يفوق العالم بأكمله.
ابتسمت حبيبة وهي تُلاحظ محاولات سيف المستمرة لإصمات صغيرته، ولا فائدة من محاولاته، فهتفت: هات يا سيف أنت كمان وأطلع بره.

طالعها سيف، ثم صغيرته واتجه يجلس جوارها، فصرخت الصغيرة مجددًا، حينها نهض مُردفًا: مش راضية تسكت، أنا بحاول افتكر الكتاب كان بيقول نعمل ايه لما تقعد تعيط كتير كده.
ضحكت تجذب الفتاة من يده قائلة: مش هي لسه راضعة؟
هتف سريعًا يُعدد على يده: رضعتها، أقصد نور يعني، وبعدين غيرتلها ولبستها قطن وخفيف عشان متضايقش.
خلاص روح أنت، روح يلا!

هتفت بالنهاية بسبب وقفته أمامها، فانصاع مبتعدًا وهو يُراقب ماذا ستفعل، وجدها تقلبها على معدتها وتُمسد على ظهرها...

كانت لافيرا تحمل زين بعد أن أرضعته أمه وانشغلت بزياد، فراقبت لافيرا الصغير بحب، متذكرة إياد بذات العمر.
قاطعها جلوس نور جوارها وبيدها نيرة قائلة: ده زينو؟
ابتسمت لافيرا تومء لها أثناء قولها: نعم، إنه زينو، صغير جدًا، يذكرني بإياد قد كان صغير هكذا.
تحدثت نور، متسائلة بفضول حاولت تجميله: مش ناوية تجيبي نونو لإياد؟

انحرجت لافيرا ولم تُجب، بل أجابت عنها ألماس التي جلست جوار لافيرا: خليكي في حالك يا نور.
صمتت، ثم استرسلت وهي تطالع أسد ثم تطالعهما: وبعدين مين قال إنها مش ناوية، دي مسافرة شهر لجوزها.
صرخت نور، حتى كادت صغيرتها تستيقظ: ومقولتلناش!
هتفت لافيرا بدهشة من صوتها قائلة: اصمتي نور، سيستيقظ الأطفال ما بك؟ ثم تأدبا أنتِ وهي، لا أظن إياد يود صغير بحياته.

أجابتها ألماس تلك المرة: مين قالك الكلام ده؟! ألماسة كانت فرحانة وبعدها بقت تعيط عشان هتنشغلوا عني وهتحبوا النونو أكتر وكلام كتير وفي الآخر، أديكي شيفاها فرحانة بيهم إزاي.
احمرت وجنتا لافيرا أكثر فهتفت بخفوت وحرج: بدلا ذاك الموضوع رجاءً!

خرجت نورسين من الغرفة بعدما تركت صغيرها وأخيرًا غفى، لتلتقي بليلى تحمل زياد وتدخل به لغرفة مجاورة، رافقتها قائلة: نام أخيرًا!
طالعتها بعدما وضعت ولدها بالفراش: اه الحمد لله، من بعد الوقعة وهو مبطلش.
خرجتا من الغرفة، فأردفت نورسين متسائلة: مش يمكن اتعور؟
نفت ثم أردفت مغيرة الحديث: فين الباقي؟
أردفت نورسين متحركة: تقريبًا بيضايقوا لافيرا، تعالي نشوفهم،.

أردف ياسر رافعًا نظره عن الصغيرة بيده: حفيدتك نامت.
انتبهت حبيبة له فأردفت: وحفيدتك كمان،
طالع الصغيرة عن بعد فتسائل: نيرة ولا نيروز؟
اعرف أنت مش أنت جدها؟
لمح نورسين متحركة اتجاه البقية فناداها قائلًا: نورسين، خدي فيروزة عشان نامت.
ثم طالع حبيبة ومن بيدها وأردف: وقولي لنور نيرو نامت.
تركهم وخرج لرجال بالخارج، فابتسمت حبيبة فبالفعل نيروز من كانت بيدها.

ها هي بقية الليلة منقضية بالملاهي بالنسبة لآسر وزوجته وابنته، خشى أن تُلهيه الأيام عنها وخاصةً مع انشغاله بمفرده بكلا العملين وكذلك سيف ومهند.
وانشغال ألماس ورفيقاتها مع الأطفال، لا يستطع رمي ابنته على حبيبة يخشى أن تتعب أكثر...
لذا قررا ترك الصغير بالمنزل وليقضيا الليلة باللعب مع ابنته وفرحته الأولى تلك.

جذب آسر ألماسة لأحضانه يُشاركها الضحك وهو يُدغدغها، فتعلقت بعنقه صارخة من بين ضحكاتها: هقع يا بابا!
فتحت ألماس عيناها تُطالعهما وهما يلعبان حولها بالحديقة، بعدما أنهوا ألعاب الملاهي، تنفست بعمق تُغلق عيناها وهي مُستندة على كف يدها.
ركضت ألماسة تُعانق أمها صارخة: بس بقا يا بابا! الحقيني يا ماما.
عانقتها والدتها، قائلة لآسر وهي تضحك: خلاص يا آسر!

ودغدغتها هي، تفحص آسر المكان من حوله وحينما اطمئن لخلوه اقترب يدغدغهما.
تعالت ضحكات الثلاثة بسعادة، وفي النهاية ارتكزت ألماس على ذراع آسر تُحاول الارتياح قليلًا وابنته غفت بأحضانه.

رغم أنها تعدت منتصف الليل إلا أنها لم تستطع أن تمرر الليلة دون زيارة زوجها، رافقها ابنها وانتهى المطاف بهما أمام غرفة مالك.
فتح مالك عيناه، ليبتسم وهو يلاحظ دخولهما، فاقترب أحمد لمالك يُعانقه بحماس.
براحة يا أحمد.
قالتها ملاك وهي تتقدم من الفراش تُعانق زوجها هي الأخرى.
ابتسم مالك هاتفًا: سيبيه براحته يا ملاك، وحشتني يا ميدو.
ابتسم أحمد مُجيبًا: وأنت كمان يا بابا، هتخرج امتى؟

مسد على خصلات ابنه هاتفًا: قريب يا حبيبي،
ساد الصمت لبعضٍ من الوقت فقطعه أحمد قائلًا: بابا،
عاد بعينيه لابنه يحثه على الحديث، فاسترسل يفرك يديه: عايز عربية، مش دلوقتي أكيد بس أنت هتجبهالي امتى.
ابتسم مالك مُردفًا بحنان: هجبلك عربية في ثانوي، بس هعلمك لما أخرج من هنا.
انتفض صارخًا بحماس: بجد يا بابا.
ظلت ملاك تدور بعيناها بينهما بسخرية أي تعليم هذا الذي يُعلمه، في أحلامهما.

أحيانًا تكن الأحلام واقع، أسرع من الواقع بنفسه.

تمدد تامر على الأريكة يُطالع السماء من النافذة وجلس نادر على الأريكة الأخرى، بينما كانت مليكة تجاور فراش زوجها تُريه صور اليوم.
تحدث نادر متسائلًا بما يشغل ذهنه: بابا،
انتبه له الجميع فتساءل بتوتر: أنت خلاص بقيت كويس والأفعى مشي؟
تنفست مليكة بعمق، لكنها لم تُجب، بل تحدث عصام بحنان: مش عارف، خلينا في اللحظة دي وإننا متجمعين، تعالوا نتصور.

نهض نادر بحماس متسائلًا: ونلعب؟ أنا معايا لعب على التلفون ينفع نلعبها.
وافقه عصام ومليكة، أما تامر طالعهم، فوجدهم ينتظرونا انضمامه، وقرر في النهاية الانصات لهم، فلن تتكرر الفرص كثيرًا.
لا تكن أحمق وتشبت بالفرصة، كفرصة الاعتراف...

صفنت متذكرة حديث الطبيب لها اليوم، قبل أن تسحبها سحابة النوم.
مدام حبيبة، الحمد لله، نتيجة التحليل سلبية، حضرتك انتصرتي على المرض، مبارك.

تابع سيف دخول زوجته للغرفة، بعدما ذهبت للاطمئنان على صغارها وتركت معهم مُربية.
رغم اعتراضها عن تدخل أحد بتربية صغارها، إلا أنها تحتاج واحدة أحيانًا كي تغفوا معهم بذات الغرفة، كي تتابعهم أثناء اليوم في حين انشغلت هي بأمور المنزل.
اقتربت من زوجها، ليمسك يدها قائلًا بحنان: عيون بابا ناموا؟
ابتسمت تومء له قبل أن يجذبها للشرفة، وقفت تستند على السور وهو يُعانقها من الخلف مستندًا على منكبها.

ضمت ذاتها لصدره مُردفة: كنت دايمًا تيجي تقف قدام بطني وتقولي عيون بابا عامل إيه.
أدارت وجهها له قائلة: وجم اتنين فعلًا.
عيون بابا فعلًا،
أعادت النظر له متسائلة بابتسامة وعشق بان عليها: وأنا؟
طبع قبلة على وجنتها، يضمها لصدره أكثر قائلًا: أنتِ قلبي من جوه.
حرّك يده على بطنها ثم أردف متسائلًا بعبث: مش نفسك نخاويهم؟
تطلعت إليه بصدمة هاتفة بعدم فهم: نخاويهم؟!

ابتسم ببراءة يزيد من ضمها: آه، نجيب أخ أو أخت كده.
انتفضت مبتعدة عنه، هاتفة بصدمة، فأولادها لم يكملوا شهر بعد!
سيف!
تحرك مقتربًا منها، قائلًا بذات الملامح البريئة: استني بس،
بس أنت!
صرخت تدخل للغرفة مُغلقة باب الشرفة من خلفها هاتفة:
خليك عندك لحد ما تِعقل الكلام.
ضحك هاتفًا: نور! طب والقناصة؟ مين هيدربك عليها انهارده؟ نور!
هل رأيت البحر هادئ يومًا وصافٍ كبحر نور؟ هكذا هي منذ أن أحبته.

أرجو أن تكن النهاية سعيدة بكِ ومعكِ، هكذا ردد يومًا، واليوم وباقي العُمر شاهد على تحقق أمنيته.

دخل غرفتهما، فوجدها تجلس على الفراش وعيناها على الصغيران بفراشهما.
السلام عليكم يا حبيبتي.
التفتت متطلعة إليه بابتسامة، ترد السلام، ثم نهضت له.
ترك مهند الأكياس بيده على الفراش، مُعانقًا زوجته مُردفًا: جبتلك كل اللي في المطعم.
ضحكت بشدة مُقبلة وجنته، ثم اقتربا من فراشا أولادهما يُطالعهما.
هتف مهند بخفوت متسائلًا: ممكن حد فيهم يطلع بيحب الأكل زيك؟

ضحكت بخفة كي لا يستيقظا، هاتفة وهي تجلس على الفراش، تُفرغ الأكياس: وماله، كده كده أنت بتصرف، مجتش على أولادك يعني.
ضحك يجذب طعامه قائلًا: عندك حق،
تعالي نقف في البلكونة؟
نهضت تحمل الطعام تتبعه للشرفة يُطالعان القمر أثناء أكلهم.
بحبك.
هتفها بعد الكثير من الصمت وانشغالهما بالطعام، هي تُراقب القمر وهو يُراقبها هي.
ابتسمت تطلع إليه للحظات، ثم اقتربت مُعانقة إياه هامسة: وأنا بحبك يا مهند، أكتر من الأكل.

تطلعت لزوجها بابتسامة تجذب خوذة رأسها مستعدة لسباق من سباقات ليريا وسوارين الخاصة.
فبالرغم من أن اليوم كان طويل بما يكفي، إلا أن الليلة بهدوءها وهواءها استفزت هواة الدراجات النارية، فقرر خوض سباق صغير، فقط لمدة ساعات...
ضحك يرتدي خوذته هو الآخر قائلًا بحب: مع احترامي لليريا ومهاراتها، بس أنا اللي هكسب يا ميمو.

تحركت بهدوء وكذلك هو أثناء حديثها: حبيبي مع احترامي ليك بكل شخصياتك، أنا اللي هفوز، محدش يقدر عليّا، غير عينيك.
أنهت حديثها بنبرة أهدأ سمعها هو لخلو الطريق، فضحك بشدة غامزًا إياها قائلًا: الثبات على المبدأ ده غريب جدًا.
ضحكت هاتفة وهي تُطالعه بحب: آسر أنا من يوم ما عرفتك وأنا ثابتة على مبادئي، كفاية إني حبيتك،
تشارك الضحك، فكلًا منهما أقسم ألا يُحب الآخر وأسقطتهما أقنعة ليريا وسوارين بالعشق.

أسرعت ألماس قليلًا بابتسامة خبيثة، فصرخ بها آسر قائلًا: اللي هيوصل الأول، التاني هينفذله أي طلب.
كانت تلك كلماته الأخيرة قبل أن يُعلنها حربًا عليها منطلقًا بأقصى سرعة، تبعته هي ضاحكة وخلفها خصلاتها.

صباح جديد يروي بدواخله شيئان، إما ما لم يستطع الماضي إخفاؤه أكثر من ذلك، أو ما سيوضحه المستقبل.
كانت تجلس ألماسة بالحديقة، تنتظر قدوم رفاقها لتشاركهم الذهاب لمباراة اليوم.
كانت شاردة الذهن، يأكلها القلق من الداخل، يرتجف قلبها كثيرًا...
قاطع حالتها تلك صوت أحمد مناديًا إياها بحنان اكتسبه من والده: لولي؟ لولا، يا لولا!
انتبهت له في نهاية حديثه، فابتسمت بخفة ناهضة أثناء قولها: صباح الخير يا أحمد.

ابتسم بقليل بالدهشة من حالتها، هاتفًا: صباح الورد، مالك؟
تطلعت إليه بدهشة تفرك يدها بتوتر من تركيز نظره عليها هكذا، فأردف هو: لسه تامر ونادر بيجهزوا، قاعدة هنا ليه وكنتي سرحانة في إيه؟
تنهدت جالسة مجددّا وهي تهمس: حلمت حلم غريب يا أحمد،
جلس جوارها يُطالعها بعدم فهم، فاسترسلت هي: كل العيلة أو مش كلها، مش فاكرة بس كانوا ماشيين وأنا واقفة بتفرج عليهم،.

طالعته قليلًا وأردفت: وأنت، أنت كنت ماسك ايدي وبعدين سبتها يا أحمد!
اجتمعت الدموع بعيناها، لا تفهم الحلم ولا هو، لكنها تخاف الأحلام.
أمسك أحمد يدها قائلًا بهدوء، رغم عدم فهمه: بس أنا مش هسيب ايدك يا لولي، أبدًا.
وبعدين ماما قالتلي إن الأحلام مش حقيقة، متركزيش فيها.
أنهى حديثه ناهضًا يجذبها، فابتسمت تنفض تلك الأفكار من عقله متجهة معه للخارج.

صديق واحد، إما أن يكفيك عن العالم بأسره، أو يجعلك بحاجة لنفسك من الأساس!

اجتمع خمستهم في ذلك النادي بعد فوز فريقهم في مباراة كرة القدم.
ابتسمت ألماسة تُطالع الأربعة وهم مستلقون على العشب وكأنه فراش، فهتفت قائلة: إحنا هنفضل نتجمع دايمًا صح؟
اعتدل إياد جالسًا وهو يهتف بالفصحى، وكم يروق لها ذلك: بالتأكيد، لا تقلقوا بشأن سفري، لن أجلس أكثر من شهر وهكذا كل عام، وفي النهاية أنا معكم حتى نكبر بالعمر معًا.

اعتدل أحمد مُطالعًا إياه بانزعاج قليلًا، لكنه أردف مبتسمًا يُطالعها: أنا عند كلامي، أنا عمري ما همشي يا لولي.
اعتدل كلًا من تامر ونادر، فهتف نادر: أنا دايمًا موجود، موجود مع الأطفال.
أنهى حديثه بابتسامة واسعة، فهو أكثر من تعلق بالأطفال من بينهم.
ضحك تامر هاتفًا بسخرية: وأنا محاولاتي للبعد، فاشلة زي ما أنتم شايفين.
ضحك الجميع على حظه هذا، فحاول الابتعاد والذهاب لوالده، فأعاده والده وعاد.

مد إياد يده لمنتصف الدائرة: على العهد، باقون؟
مد الجميع يده فوق بعض هاتفين: باقون.

بعد أكثر من عشرة أعوام
مد إياد يده هاتفًا بحماس: على العهد، باقون؟
فمد الجميع يده وهتف نادر: باقون لحد ما نبقى اتناشر.
هتف أحمد باعتراض: لا يا عم عشرة بس.
ضحك الجميع وغمزه نادر وهو يعلم مقصده، فأردف تامر ضاحكًا: تمانية بإذن الله.
طالعته بغضب وانزعاج تلعن ذاتها التي طالعته على سرها.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة