قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عشقها أحياني الجزء الثاني للكاتبة إسراء علي الفصل الثالث والعشرون

رواية عشقها أحياني الجزء الثاني للكاتبة إسراء علي الفصل الثالث والعشرون

رواية عشقها أحياني الجزء الثاني للكاتبة إسراء علي الفصل الثالث والعشرون

-بنت ال بتلعب بيا كورة
قالها بغضب جم ذلك الرجل الأربعيني ذو ملامح غليظة وشعر أسود تآكله الشيب الخفيف في بعض الأماكن وجسد عريض رياضي لا يتناسب مع عمره و طول فاره.
أمسكه صديقه يُحدثه لكي يُهدئ من نوبة الغضب التي أصابته
-أقعد بس يا جلال و فهمني عملت إيه بس!
-ظل يهز قدمه بعصبية مُفرطة: مفكرة لما تنزل مصر هتهرب مني؟ بس وديني وما أعبد مش هرحمها
-خرجت حروف صديقه مُتهكمة رُغمًا عنه: طب مش لما تخف الأول؟

نظر له جلال بنارية كادت أن تحرقه ف صمت الأخير ليعود ويتحدث من جديد
-وبعدين إزاي وصلك وأخد منك الورقة؟
-مسح جلال على وجهه بعنف وقال: معرفش. معرفش. أنا واثق إنها مفتحتش بوقها هي أجبن من إنها تقوله. لكن ال دا شكل معارفه كتير وجابني بسهولة
-حك صديقه طرف أنفه وسأله بتحير: طب هو عمل كدا ليه؟
-نظر له بتهكم وقال: ودي محتاجة فقاقة! أكيد بيحبها المحروس.

ثم عاد يضع وجهه بين كفيه وصديقه يرمُقه بنظرات متفحصة حتى رفع رأسه من جديد وقال بتصميم وعزم مُخيف
-بس ورحمة أمي ما هسيبها ولا هسيبه. بسنت ملكي وبتاعي ومش هتكون لحد غيري
توجس صديقه من ذلك العزم والتصميم التي غلفت حروفه التي تقطرت من بين شفاه ليسأله بقلق
-ناوي ع إيه يا جلال!
-ربت على كتفه بقوة وقال: أحجزلي أقرب طيارة نازلة مصر.

ثم نهض للإستعداد تحت نظرات صديقه المشدوهه. بينما أكمل هو طريقه ناحية غُرفته وهو يُردد بصوت هامس ولكنه يحمل التصميم
-هترجعي يا بسنت. هترجعيلي و رجلك فوق رقبتك...

-يلا يا روجيدا يا حبيبتي. بقالك ساعة جوه
-طيب يا جاسر. خرجت أهو
قالتها روجيدا وهي تخرج من المرحاض تُهندم ثيابها المُكونة من بنطال قماشي أسود يعلوه كنزة بيضاء يتداخل معها الأسود. ينتهي طرف الكنزة ب أربطة عقدتها على هيئة أنشوطة. تطلع على هيئتها ب إعجاب ثم تقدم منها بضع خطوات وإبتسامة مُحبة تُزين ثغره. وقف أمامها ثم مد يده يُحيط كتفيها وإقترب من أُذنيها يهمس
-ف الصمت في حُرم الجمال، جمال.

سار بشفتيه على وجنتها بنعومة أسرت ب قُشعريرة لذيذة في كامل جسدها ليجدها تقبض على منكباه العريضان. ليُحيط خصرها بيده يُقربها منه بشدة حتى ألصقها به. أفلت يده وحرر خُصلاتها من قيدها وتركها سائرة تسير في نفسه الجنون. همس ب إسمها في عذوبة
-روجيدا!
-ردت عليه بشرود: هممم
-إقترب من شفاها وهمس: فتحي عنيكي
وفعلت ما قال لتلمح نظراته القاتمة الموجهه ناحية شفاها. تضرجت وجنتيها بحمرة خجل. وهمست بتلعثم
-ج. جاسر.

-قبض على خصرها بقوة وقال بنبرة حادة: قولتلك متحطيش روج. ليه مصممة تعصبيني
حاولت الحديث لكنها لم تستطع إذ قبض بقوة أكبر على خصرها ف أطلقت تأوهًا بدلًا من الحديث. لتجده يتحدث بتهديد أفزعها
-أخر مرة أشوفك حاطة الزفت دا. ماذا وإلا مش هيعجبك عقابي يا روجيدا. سامعة!

قال الأخيرة بصراخ. لتنتفض هى. ثم أماءت عدة مرات وعيناها تلمعان بدموع هددتها بالنزول رغم مُحاولاتها في كبحها. حاولت الفكاك من براثنه. إلا أنه قال بجمود ماكر
-رايحة فين قبل ما تمسحي القرف دا؟
-رفعت حاجبيها بذهول وهي تُردد بتحشرج: رايحة أمسحه
-لأ أمسحيه هنا
أمالت رأسها بذهول. ليميحه هو بشفتاه. الأخرين، إبتعد بعدما تأكد من إزالته ليقول بصوت أجش
-خلاص.

-إستندت بجبينها على خاصته وقالت بصوت خافت: أنت عملت كل دا عشان تمسحه؟
ضحك بخبث لم تلمحه. ليقول بصوت أصبغ عليه الجدية بشكل مُذهل
-لأ طبعًا. أنا محذرك قبل كدا يا روجيدا. مبحبش مراتي تحط روچ. فهماني!
أماءت برأسها. ليُبعدها عنه ثم قال
-طب يلا عشان نمشي
-طيب
قالتها ثم توجهت ناحية الفراش لترتدي حذائها. فحدثته وهي تنحني لتُنهي ما تفعله
-طب خد جُلنار وإسبقني
-ليصطنع عدم السمع: إيه؟

-إعتدلت في جلستها وقالت بجدية: بقولك خد جُلنار وإسبقني عما أخلص
-ليرد عليها بتوتر: آآ. إيه؟ أه. في حد بينادي هطلع أشوف مين!
-نهضت روجيدا تلحقه وهي تقول بتعجب: جاسر؟ أنت يا بني!
ولكنه لم يستمع لتقف على أعتاب الباب وهي ترى ظله يختفي. لتردد هي بذهول بين طيات نفسها
-معقول يا جاسر؟

مُرابقًا لخطواتها حتى وصلت أمام ذاك الشارع الجانبي الذي يختبأ به. ليجذبها من ذراعها ويُكمم فاها عن صرخة كادت أن تُطلقها ليقول بهمس مُطمأنًا
-بس أنا أمجد متخافيش
نظرت بعنياها المذعورة له. لتتأكد من ملامحه فكان فعلًا هو. لتتحول من الذعر إلى الغضب والحدة. وأخذت تتلوى حتى تبتعد عنه ف صاحت مُزمجرة
-بعد عني. جولتلك بعد
-فرد عليها ب إصرار: لأ مش هبعد. لأمتى هفضل أفهمك إن اللي حصل مليش ذنب فيه. لأمتى!

-أجابته وهي لا تزال تتلوى: وأني مش عاوزة أفهم يا أمجد. هملني لحالي.
أمسكها من كِلا منكبيها بقوة وحدق فيها بنفس القوة وقال
-مش كفاية بعاد يا عنيات! مزهقتيش؟ أنا زهقت ورجعتلك وأنتي مش عاوزة تفهمي إن كل دا غصب عني
-ومين جال إكده! أني مصدجاك
-فعاجلها بلهفة مُتعجبة: طب ليه القسوة!

-قالت بيأس وهي تضع يدها على يده لكي تُزيحها: مش جسوة يا أمجد. مش جسوة. لكن الجلب تاب. تفتكر هجدر أحب بعد اللي حوصُل! مجدرشي يا أمجد
-قرب وجهه منها وقال ب عناد: كدابة. كدابة. عنيكي بتقول حاجة وأنتي بتقولي حاجة. وأنا بقى مصدق عينيك
أخفضت عيناها عن تأثير عيناه التي لم تفقد سحرها مهما تقدم عمره. لتسمع نبرته الجدية تقول
-هنتجوز يا عنيات. هتنجوز وهنعوض اللي فات.

قال تلك العبارات ثم تركها ورحل في ثقة تعجبت لها فهو يثق تمامًا بحبها له وأنها ستصبح زوجته قريبًا...

-صابر أنا لو مش واثقة فيك مكنتش سبت بسنت داخلة خارجة من غير رابط رسمي
وضع هو قدح القهوة من يده على الطاولة. ثم نظر لها وقال بثقة
-من غير رابط إزاي! طب قراية الفاتحة دي كانت إيه!
-هزت رأسها بموافقة وقالت: مقولتش حاجة. بس الناس متعرفش. وكون إنك تاخدها من سبعة الصبح ترجعهالي نص الليل وشياهالي. لأ كدا ميصحش. وبعدين كنتوا فين؟
-رد بصراحة: كنا ف المنيا.

-ردد ما قاله بدهشة حقيقية: المنيا! بتعملوا إيه هناك؟
إرتشف من قدح القهوة بضع رشفات. ثم وضعه وعاد ينظر لها وهو يضم بيده ويضعها فوق قدمه وقال بهدوء
-كنت واخدها تشوف روجيدا أختها
تجمدت أطرافها التي إمتدت لتأخذ قدح القهوة خاصتها. لتنظر لها وعيناها مُتسعتان بشدة. ليبتسم هو ويُكمل حديثه
-متستغربيش يا مدام هاجر. راحت وشافتها وبقوا زي السمن ع العسل
-ب. ب. بتتكلم. جد!

-أماء بقوة وقال: أيوة يا مدام هاجر. وهي قضت اليوم كله معاها مرتضش أحرمها من حاجة نفسها فيها
إغرورقت عيناها بدموع. دموع السعادة إتسع على إثرها شفتيها ب إبتسامة لتُردد هي بصوت خافت ولكنه مسموع لصابر
-الحمد لله. الحمد لله يارب وأخيرًا حققتلك اللي كنت هتموت وتحققه يا جمال
-وصلها صوت صابر يتسائل: لدرجادي بتحبيه؟

-نظرت له وقد غيمت عيناها بمشاعر صادقة: جمال أنقذني وأنقذ حياتي. أه محبنيش بس كفاية أنه إداني بسنت. ومحسسنيش لحظة إني غلطة. ولا قالي إني إستغيلته وجبت بسنت. بالعكس هو حبها زي روجيدا بالظبط لا إحتقرني ولا إحتقرها. طب تصدق إنه كان بيقولي لو معرفتش أجمعهم. جمعيهم أنتي يا هاجر
حدق بها وهو يرى تلك اللمعة في عيناها ثم أكملت
-بس مقدرتش أنت اللي قدرت.

-ربت على يدها وهو يبتسم بحنو: أنا عملت كدا عشان بسنت. بحبها لدرجة إنها لو طلبت نجمة من السما. هجبلها القمر. ولما حسيت إنها هتموت وتشوف روجيدا مقدرتش أقولها لأ. نفذت اللي هي تطلبه
-سعدت هاجر بشدة لذلك الحديث فقالت: ربنا يخليكوا لبعض
-يارب.

نزلت بسنت ثم إتجهت إلى الحديقة على إثر صوت الضحكات التي قدمت منها وهي تعلم علم اليقين من هو سبب ذلك الضحك. لتتحرك في خطوات بطيئة حتى وصلت إلى والدتها وإنحنت تُقبلها برقة
-صباح الخير
-قبلتها هاجر هي الأخرى وقالت: صباح النور يا حبيبتي
-ليهتف صابر بمرح: ومفيش ليا صباح الخير وآآآ
-لتُزمجر بسنت بحدة: يا قليل الأدب. وبعدين إيه اللي جايبك ع الصبح كدا؟ مش عندك شغل يلا روحه وهوينا!

-ليقول صابر بحزن مُصطنع وهو ينظر إلى هاجر: يخلصك كدا يا حماتي؟ بتطردني
ضحكت هاجر وهي تنهض ثم قالت
-لا ميرضنيش. وأنتي أقعدي صالحي خطيبك
-دبت الأرض بقدميها وهي تقول: متقوليش خطيبي
ولكن لم ترد عليها هاجر وتركتها ورحلت. ف نهض صابر يجذبها له وهو يقول بحب
-وحشتيني
-فردت هي بتهكم: يا راااجل؟ دا أنا لسه سيباك من كام ساعة
-ما أنتي وحشتيني الكام ساعة دول
جلست وهي تنفخ شدقها بضيق. ف أمسك يدها وقال بحزن مصطنع.

-بقى دي مُقابلة تقابليني بيه بعد اللي عملتهولك إمبارح! مكنش العشم
ثم أشاح بوجهه بعيدًا عنها. لتعض على شفتيها بخجل فحقًا هو أسعدها أمس وكيف هي تُقابله اليوم؟ تلعثمت وهي تقول بخجل
-آآ. أنا. أسفة
إستدار لها بذهول. لتعض على شفتيها بقوة أكبر. ثم أخفضت رأسها وأكملت
-ش. شكرًا يا صابر
وضع يده أسفل ذقنها ثم رفعه وحدق بقوة في عينيها وقال بصدق.

-أنا معملتش كدا عشان أسمع شكرًا يا بسنت. أنا عملت كدا عشان بحبك ومستعد أعمل أي عشان خاطر أشوف عنيكي مبسوطة
وضحكت الصبية بنعومة. ضحكة أطاحت بالبقية الباقية من عقل ذاك المجنون. ليرد هو بمزاح
-زمان كان فيه مجنون ليلى. دلوقتي بقى فيه مجنون بسنت
-ضحكت وهي ترد عليه بمزاح: قصدك ممحون بسنت
وضحك كِلاهما. غافلان عن تلك الأعين الحادة التي تُراقب. ف أسرع ذاك الشخص يتصل بسيده
-أيوة يا جلال بيه.

-ليرد جلال ب إمتعاض: ها إيه الأخبار!
-فرد الرجل: هما دلوقتي مع بعض. والعملية مليطة خالص
-زمجر فيه جلال بحدة وهو يصرخ: أخبارك شبه وشك. أقفل يا بومة
ثم أغلق في وجهه الهاتف وهو يكاد يعتصره بين يده. ثم هتف من بين أسنانه وعيناه تلمعان بوميض مُخيف
-ماشي يا بسنت كلها يومين وأرجعلك. وهقلب الترابيزة عليكي و عليه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة