قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عشقها أحياني الجزء الثاني للكاتبة إسراء علي الفصل الثاني والعشرون

رواية عشقها أحياني الجزء الثاني للكاتبة إسراء علي الفصل الثاني والعشرون

رواية عشقها أحياني الجزء الثاني للكاتبة إسراء علي الفصل الثاني والعشرون

إن الحب في نظري هو التعويض العادل عن كل بشاعات هذا العالم، وحماقاته، وجرائمه.
تجمد الحاج عبد الرحيم مكانه. وظل صامتًا عدة ثوان يستوعب ما أُلقي على مسامعه. ليسأل بعدها بصوت متوجس
-خيتي! (أختي). مالها سناء يا واد صياد؟
-رد عليه جاسر بنبرة جامدة: أختك المصون غلطت معايا غلطات كتير وأنا صبري عليها خلص. وجه وقت الحساب.

-قال عبد الرحيم بسخرية: وهو أنت مخادتش إبتارك؟ جاتل چابر زينة الشباب. والجصر اللي حرجته وحرجت جلبها وياه! كِلاتهم مش حساب!
-أجابه جاسر بجفاء: جابر كان راجل موصلكش أنا خلصت عليه ليه؟ ولا الست أختك اللي حاولت تقتل بنتي اللي مكنتش لسه شافت النور ولا لما قتلت واحد من رجالتي!
نهض جاسر وهو بقذف بملفٍ ما وقال بنبرة تهديدية
-يتعمل اللي هقولك عليه يا إما تودع كرسي المجلس. أهو ياخده حد يستحقه.

هم جاسر بالرحيل إلا أن عبد الرحيم أمسكه سريعًا عقب تهديد الأول. ف جاسر الصياد يُنفذ بلا تردد. ليقول عبد الرحيم ب إبتسامة متوترة
-أنت عتمشي ليه؟ الكلام أخد وعطا
-أخفى جاسر إبتسامة ماكرة كادت أن تفلت منه ليقول بجمود: أنا قولت اللي عندي
-وأنا رجبتي سدادة. أجعد بس
عاود الجلوس بعنجهية ولم يمنع ظهور إبتسامة ظافرة ليقول بعدها بهدوء أجاده.

-الملف دا في بلاوي أختك وجوزها سليم الله يجحمه. زي الشاطر كدا تروح تسلم الورق دا للنيابة
مد يده وكاد أن يتفحصه إلا أن يد جاسر منعته وقال بخبث
-لأ مش دلوقتي. بعدين
-كيف ما تحب
قالها عبد الرحيم بتنهيدة. لينهض بعدها جاسر. أغلق أزرار سترته ورحل بصمت حتى دون نبث حرف...

جلست بسنت بجانب شقيقتها وقالت بهدوء
-روجيدا؟
-نظرت لها روجيدا: نعم
-تنحنحت بسنت وتساءلت بتلعثم: آآ. هو. هو. آآ. أنتي يعني. ليه غيرتي. رأيك!
-إبتسمت روجيدا ثم حدقت ب إبنتها وقالت بعذوبة: أول لما جت ومسكتها بين إيديا حسيت بحاجة غريبة. مش عارفة هو إحساس قالي خليكي نقية عشان بنتك
-ذمت شفتيها بحنق وقالت بضيق: يعني أنتي سامحتيني عشان خاطر بنتك.

-ضحكت روجيدا وقالت: أولًا أنا مش كنت مخصماكي عشان أسامحك. ثانيًا أنا مش عاوزة أكدب عليكي. وبعدين دي بداية حلوة
-إبتسمت بسنت بحماس وقالت: عندك حق
-إستدارت لها روجيدا وتساءلت بمكر: الأ خدي هنا. إيه حكايتك أنتي وصابر؟
وعند ذكر اسمه. أجفل جسدها وسارت قُشعريرة لذيذة على طول عمودها الفقري. كما تخضبت وجنتيها ب إحمرار ناتج عن سخونة مُهلكة إجتاحتهم. لتتسع إبتسامة روجيدا وهي تستمع لصوتها المُتلعثم.

-ح. حكاية. إيه؟ م. مفيش الكلام. دا
-ردت روجيدا بخبث: وطالما مفيش حكاية. ليه إتكسفتي كدا!
-تنهدت بسنت بقلة حيلة وقالت: مش عارفة. أول مرة أبقى حاسة إني مش عارفة أنا عاوزة إيه
-إبتسمت روجيدا وتساءلت ب إهتمام: بتحبيه!

-رفعت رأسها لها سريعًا وقالت ب إندفاع: مش حب لأ. كل الحكاية إن أول مرة حد يقتحمني بالشكل دا. صابر دخل حياتي على غفلة بيتحكم فيا ودي أكتر حاجة بكرها. بس ف نفس الوقت مستمتعة ب دا. مش بحبه. بس هو بقى بيشكل جزء كبير من حياتي
قالت جملتها الأخيرة ب إبتسامة شاردة. لتشرد هي الأخرى في حياتها حتى جاسر إقتحمها بنفس الطريقة. بلا مُقدمات. بلا قيود. وبلا حدود. عدو تحول إلى حبيب. لتقول روجيدا ب إبتسامة عاشقة.

-زي اللي حصل معايا. دخل حياتي بدون سابق إنذار
-إنتبهت بسنت بما قالت. لترد ب إمتعاض: جاسر! ودا يتحب إزاي؟ دا شرير وقاسي
-ضحكت روجيدا بقوة وقالت بحزم مصطنع: متقوليش عليه كدا. جاسر قاسي مع الكل ما عدا أنا. بيخاف عليا من الهوا وبيكون أحن حد ممكن تشوفيه
حدقت بها بسنت ببلاهة وذهول عمن تتحدث تلك المعتوهه! لتُكمل روجيدا حديثها ب نبرة عذبة
-طب تصدقي. جاسر بيعوضني عن غياب بابا...

-صابر خد الورق دا للمحامي
قالها جاسر ثم صعد إلى السيارة ف تبعه صابر مُتسائلًا
-إيه دا!
-رد جاسر وهو يُدير المُحرك: دا ورق أملاك سناء الهوراي.
-ردد صابر بذهول: أملاك سناء الهوراي!
-أماء جاسر دون النظر إليه: أه أملاكها اللي كسبتها بالحرام
تفحصها صابر وملامح الدهشة لا تختفي عن ملامحه وهو يرى كم الأموال الهائلة المُدونة أمامه. ليرد بذهول حقيقي
-يا دين النبي. كل دي فلوس!

-إبتسم جاسر بتهكم وقال: بنت ال هي و جوزها كانوا شغالين مع إبن ال التاني اللي اسمه مصطفى
سقطت الأوراق من يده وعيناه ترمشان عدة مرات من كم الصدمات التي تعرض لها في دقائق. وبالرغم من عدم رؤية جاسر لصديقه ولكنه إستشف صدمته ليُتابع قبل أن يسأل صديقه
-هتروح يا صابر للمحامي يتصرف ف الفلوس دي. جزء منها يرجع للدولة والجزء التاني يروح للمستشفيات والجمعيات الخيرية.

-أماء صابر عدة مرات ولا زال الذهول يُسيطر عليه: حاضر
صمت جاسر قليلًا يُتابع الطريق. بينما صابر يُلملم الأوراق وهو لا يزال في دهشته إلا أن صوت جاسر جعل حواسه تنتبه لحديثه
-أه وعاوزك تقول للمحامي يحيل شوية نسوان من التخشيبة اللي هتشرف فيها الست المصون عليها. خلوها يسقوها المُر شوية
-رد عليه صابر بعدما أُزيلت الصدمة: تمام. يعني أنت خلاص هدخلها السجن!

-رد جاسر بجمود: أه. خليها تعيش أخر أيامها مذلولة. يكش تتحرق بجاز
لم يرد صابر وخيم الصمت عليهما حتى وصلا إلى المشفى...

ظلت في أحضانه فترة طويلة لا تعلم مُدتها ولكنها حقًا تُعاني الصدمة والخوف. عقب رؤيتها لتلك الجثة المُلقاه أمام باب المنزل وهي تشعر بأنها في كابوس مُخيف. أبعدها سامح عن أحضانه وقال بحنو
-خلاص يا حبيبتي إهدي مفيش حاجة. إحنا إتصرفنا وكل حاجة عدت.

لم ترد عليه ولكن عيناها مُذبذبة تشي بما داخلها من خوف ف ضمها مرة أخرى إلى صدره وهو يُمسد على ظهرها بحركات دائرية مُنتظمة لتجعلها تسترخي. ف أكمل حديثه بجدية
-متفكريش بعد اللي حصل دا إني هسيبك هنا يوم
-إبتعدت عنه وقالت أخيرًا بعد صمت صادم: يعني إيه؟
-إبتسم وقال: يعني في حد دلوقتي بيلم هدومكو هينقلها عندنا القصر. ما هو مينفعش نسيبكوا كدا بعد اللي حصل.

-نظرت بعينيه بقوة وقالت بنبرة مهزوزة: أنا خايفة يا سامح
-مسد على وجنتها اليسرى بحنو وقال: تخافي وأنا معاكي! طب أنا لازمتي إيه؟ أنا هنا عشان أحميكي حتى من روحي
إبتسمت وهي ترى عيناه تفيضان بصدق لتعود وتحتضن خصره مُشددة عليه
-ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك
-قبل أعلى رأسها وقال بحب: ولا منك. إعملي حسابك فرحنا ف معاده مش هيتأجل
-سألته وهي لا تزال بداخل أحضانه: يعني مفيش تأجيل!

-عاتبها وهو يضرب مُقدمة رأسها: حرام عليكي تأجيل! لسه عوزانا نأجل؟ أنا خللت يا نادين
إبتعدت عن أحضانه سريعًا وقالت ب تبرير
-لا والله مش قصدي
-أومال قصدك إيه؟
-هتفت ب نبرة هادئة: يعني أكيد كلنا أعصابنا تعبانة من اللي حصل ف أكيد يعني هنعوز وقت نفوق
أمسكها سامح من منكبيها بقوة وهتف بجدية أخافتها.

-طب لعلمك بقى لو الفرح إتأجل تاني. أنا هخطفك ونروح ع بيتنا. بلا فرح بلا بتاع. الجواز إشهار وكله عارف إننا متجوزين
كادت أن تتحدث ولكنه قاطعها بحدة مُصطنعة
-بس أسكتي. وتعالي ف حضني تاني
جذبها مرة أخرى إلى أحضانه. فعلت إبتسامة على وجهها إنتقلت إليه بالتدريج. ليتنفس براحة وهو يشعر ب وجودها بجانبه. فحينما حدثته ظن أن مكروه ما قد أصابها ليهرع إليها ك المجنون...

وصلت سيارة جاسر إلى المشفى ليترجل منها هو و صديقه ثم صعدا إلى غُرفة روجيدا. ليجدا كِلتاهما نائمتان ب أحضان بعضهما. نظرا إلى بعضهما وإبتسامة تشق وجهيهما الوسيمان. دلفا بخُطى بطيئة حتى لا يوقظهما. ليحدثه جاسر بصوت هامس
-خد بسنت روحها عشان تلحق توصلها قبل ما الوقت يتأخر
-أماء بخفوت وقالت بهمس مُماثل: طيب.

تحرك صابر ناحية بسنت وجاسر ناحية إبنته كي يطمأن عليها. حرك صابر جسد بسنت برفق وهمس بجانب أذنها بعذوبة
-بوسي! حبيبتي؟ قومي يلا عشان أروحك
فتحت بسنت جفنيها بنعاس إثر تلك الهزات الرقيقة التي أصابتها. لتعاود غلقهم مرة أخرى دون الحديث. ضحك صابر بصوت خفيض ثم قال
-مبدهاش بقى.

وضع يده أسفل رُكبتيها والأخرى أسفل ظهرها وحملها برفق كي لا يُوقظها. على إثر حمله لها إلتفت يدها عفويًا حول رقبته. ليتهز بدنه كله بسبب تلك الفعلة. وما زاد وجعل الدماء تسري كالعسل الدافئ بجسده أنفاسها التي دفنتها بجانب نحره. ورأسها التي تتحرك بنعومة كما تتحرك القطة بصاحبها. ليقول في نفسه بيأس
-يارب أربعة وعشرين قيراط صبر ع اللي هتقصف عمري بدري دي
تحرك بها خطوات قليلة ثم همس لجاسر.

-أنا ماشي ولو إحتجت حاجة كلمني
-إعتدل جاسر بجذعه وإلتفت إلى صديقه قائلًا: طيب. بس روح أنت عشان متتأخرش
ثم إتجه ناحية الباب وفتحه له لكي يدلف إلى الخارج. ليعود ويغلقه ثم تحرك بخطى مُتعجلة ناحية الفراش القابعة فوقه تلك الملاك. تمدد بجانبها ثم وضع رأسها على صدره وإلتفت يده حول خصرها. والأخرى تُداعب خُصلاتها الكستنائية. ليشعر بها تضع قُبلة على ذقنه هامسة بنعومة
-وحشتني.

أبعد رأسه قليلًا حتى يستطيع رؤيتها ورد هو الأخر بنبرة عاشقة
-وأنتي أكتر. بس أنا صحيتك!
-همست ب: لأ
طوقت خصره بيد والأخرى. تعبث ب لحيته التي إستطالت قليلًا ف أعطته وسامة وجاذبية مُهلكة. ثم أكملت حديثها
-بسنت نامت ومش رضيت أقوم عشان متصحاش. حرام هي من الصبح هنا وكمان السفر مُتعب
-قبض على ذقنها وقال بمزاح: لك دخيل قلبي شو حنونة.

ضحكت روجيدا على تلك اللهجة التي يتحدث بها وطريقة نطقه لها. لتقول من بين ضحكاتها
-لأ حلوة
-همس بعبث: لأ عشان أنا اللي قايلها
-إرتفعت بجسدها وقالت بنبرة تحمل الدلال: طبعًا يا روحي أنا قولت غير كدا
ثم طبعت قُبلة رقيقة بجانب شفاه. كادت أن تعود إلى وضعها إلا أنه أمسكها وقال بخبث
-رايحة فين! هو دخول الحمام زي خروجه. عقابًا على جرأتك دي لازم تدفعي ضريبة
-تضرجت وجنتيها بحمرة خجلة وهي تقول: ضريبة إيه؟

-همس أمام شفتيها بشغف: دي
ثم مال يلتهم نكهة الفراولة الخاصة بطعم شفتيها المُهلك. وكأنه يستطعمه لأول مرة. تلك الجاذبية التي تجذبه لشفاها ليست بجاذبية نيوتن. بل جاذبية خاصة بها. حطمت مفاهيم و قوانين الجاذبية المعروفة.

قبّل كِلتا وجنتيها ب خفة. ثم عاد يُلثم جبينها. يقتله الشوق ليعود إليها ويجذبها إلى صدره ليرتوي من قُربها. فنهرها لا يجف ومنبعها لا ينضب. وهو لا يرتوي. أبعدته عنها وضربات قلبها كادت تصُم أُذنيها ومن ثم هتفت بتلعثم
-خ. خلا. ص. ك. كفاية
-إستند بجبينه على خاصتها وقال بصوت أجش: ميتشبعش منك أبدًا
وأخذ يتحسس وجنتيها برقة تُخالف خشونة أنامله. ثم همس مرة أخرى بصوت عذب
-بعشقك يا فراولتي.

-وضعت يدها على وجنته قائلة بحب: وأنا بموت فيك.
قبل وجنتها بقُبلة عميقة. ثم جذب رأسها مرة أخرى على صدره. وأخذ يُعيد ترتيب خصلاتها التي بعثرها أثناء هجومه. فسألته هي سريعًا
-هو أنت رحت فين؟
كان حريص ألا ترفع رأسها وتنظر إلى وجهه وهو يُجيب حتى لا تكتشف كذبه بسهولة. فهو امام عيناها لا يستطيع إلا قول الحقيقة. تنهد لكي يُحافظ على هدوءه. ثم قال.

-حصلت مُشكلة ف الشغل. المشكلة كانت هتكلفني ملايين. عشان كدا مشيت بسرعة وكنت متعصب عشان مشغل أغبية
صمت ينتظر قولها ب أنه كاذب إلا أنها قالت
-وعرفت تحلها؟
-زفر براحة وقال بهدوء: أه الحمد لله عدت.
-ردت وهي تُغلق عيناها: الحمد لله
ولكن بداخلها تُردد تلك العبارة أنا عديتها بمزاجي يا بن الصياد. أما أشوف عملت مصيبة إيه؟
تفاعل حلو علشان انزل الجزء الثاني من الفصل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة