رواية عشقها أحياني الجزء الثاني للكاتبة إسراء علي الفصل السادس والعشرون
وفي عشق أجمل النساء، أنا المالك و المملوك
أخذت تدور بعينيها وتبحث عن شقيقتها. وضعت يدها أسفل فاها وتساءلت
-الله! هي راحت فين؟
لتجد من يهمس في أُذنها بنبرة ساحرة
-هنا ف قلبي
شهقت ف تراجعت. لتكون يده ك الكِلاّب على خصرها. ظلت تتلوى حتى تنجو من أسره ولكنه كان ك الملتصق بالغراء. ليقول هو بنبرة مشاكسة
-يا بت إهدي بقى. خليكي ف حضني كدا
-وضعت يدها على صدره قائلة بتذمر: يا صابر عيب. إفرض حد شافنا؟
-غمزها بعينه اليسرى وقال: ساعتها هبقى لازم أصلح غلطتي
لم تستطع كتم ضحكاتها وأخذت تضحك بملئ فاها. ليبتسم هو الأخر على ضحكاتها. صمتت بعد فترة قائلة بنبرة مازحة
-أنت مصيبة ع فكرة
-ضرب رأسها برأسه وقال بمشاكسة: منا عارف ع فكرة
وقبل أن يتسنى لها الحديث سمعت صوت أقدام تخطوا إلى المطبخ لتقوم ب ضرب وجنتها بيدها قائلة ب فزع
-يا نهار مهبب. في حد جاي
-هششش.
ثم جذبها ليقفا في أحد الزوايا الغير مرئية ولكنها ضيقة. وما أروعها بالنسبة إلى صابر. فهكذا اصبحت أقرب إليه وبداخل أحضانه. فوجدها تقول بتذمر هامس
-ملقتش حتة أضيق من كدا!
-ليرد هو بخبث: كان على عيني بس مفيش وقت. وأسكتي بقى ليسمعونا
صمتت على مضض وهي تنظر له ب حنق. ليُرسل لها قُبلة في الهواء جعلتها تشهق بخجل ولكن صابر قام بتكميم فاها وإقترب من أُذنها قائلًا بهمس
-وطي صوتك هتفضحينا.
-تشدقت هي بتوتر: طب إبعد شوية
إنتبه صابر إلى ذلك القرب المميت منها. فلم يشعر بدقات قلبه المتسارعة وتهدج أنفاسه. تلك الحالة التي تُصيبه كلما إقترب منها. ولكنه إستشعر نبضات قلبها الهادرة أيضًا. ويكاد يُقسم أنها ستقوم بتحطيم قفصها الصدري. كاد أن يتحدث ولكنه سمع صوت سامح يقول ل نادين بحنق
-إيه يا نادين! حرام عليكي دا أنا تعبت بسبسة
-منا مخدش بالي يا سيدي.
-فحدثها هو بنزق: ما أنتي مش راحمة نفسك. من رقص ل رقص
ضيقت عيناها بحدة ولم ترد عليه. بينما هو ضيق عيناه بخبث قائلًا
-بس إيه الحلاوة دي يا بنت عمو مدحت!
قامت ب الإلتفاف حول نفسها بما ترتديه كما روجيدا تمامًا. ثم قالت بسعادة
-بجد عجبتك!
-جذبها له بحنو وأحاط خصرها. ثم قال: عجبني! إلا عجبني
ضحكت هي بغنج ليقول هو بحماس
-اللهم صلي. اللهم صلي. بقولك إيه يا قلبي؟
-أحاطت عنقه وقالت بدلال: قول يا بيبي.
-شدد على إحتضانها قائلًا بخبث: لأ بيبي دي مش دلوقتي. عشان مخليش الدخلة النهاردة وأنتي حرة بقى
-ضحكت وهي تقول ب إستسلام: خلاص. خلاص. قولي بقى عاوز إيه؟
-حك مؤخرة رأسه وقال: أنا عاوز من الحاجات دي ف ليلة دخلتنا
-شهقت نادين بخجل ثم زجرته بعنف: بطل قلة أدب يا سامح بدل ما أسيبك وأمشي
-رد عليها بتعجب: دي قلة أدب! أومال اللي هعمله دا اسمه إيه؟
وقبل أن تستفهم كانت شفتاه ترد عن شفتيها ب قُبلة رقيقة داعبت أوصالها. بينما تلك المُختبأة ما أن رأت ذلك المشهد المُخزي. حتى ألصقت رأسها في صدر صابر. الذي أستقبلها ب رحابة صدر وقال بصوت خفيض
-إيه دا؟ مش يعملوا حساب الناس المستخبية هنا.
تحركت بخطى مُتغنجة وهي تقوم ب تجربة ذلك الثوب الذهبي على جسدها. وهي ترسم في خيالاتها ما سيحدث. لتدلف عليها سيدة في الخمسون من عمرها أخرجت مايسة من تفكيرها وهي تقول
-وأخرتها إيه يا مايسة!
-نظرت لها بعدم فهم وقالت: أخرة إيه يا مامي؟
وقفت أمامها والدتها وقالت بثقة
-اللي بتعمليه دا مش هيجي ع دماغ حد غيرك
-ربتت على منكب والدتها بحنان وقالت: متقلقيش يا مامي. انا مش بعمل حاجة غلط.
-تنهدت والدتها بقوة وقالت في محاولة لإقناع إبنتها: يا حبي إسمعي كلامي وقابلي العريس اللي جايلك دا
-تأففت بضيق وقالت بنفاذ صبر: يا قلبي. مش هقابل حد ومش هتجوز غير اللي أنا أختاره
هنا وفلتت زمام الهدوء من والدتها وقالت بغضب وبنبرة حاسمة
-بصي بقى أنتي الذوق والحنية مش هيجيبوا نتيجة معاكي. ف إسمعي إعملي اللي تعمليه تخربي بيت سامح ع بيت أخوه ميهمنيش. والعريس هتشوفيه ومش عاوزة كتر كلام.
-صرخت مايسة بغضب وحدة: مش هيحصل. صدقيني مش هيحصل
صفعتها والدتها بقوة وأشهرت سبابتها في وجهها وقالت بتهديد
-مسمعش صوتك تاني يا بنت شوقي. الظاهر انا معرفتش أربيكي عشان تعلي صوتك عليا. وصدقيني أنا مبهزرش يا مايسة هتشوفي العريس و هتوافقي عليه. وإلا قسمًا بالله لهوريكي أيام متتخيليش أنك تشوفيها.
ثم خرجت والدتها صافعة خلفها باب الغرقة بقوة إهتزت لها الجدران. لتقع مايسة على رُكبتيها وبدأت شهقاتها تعلو وهي تضع يدها على وجنتها مكان صفعتها دون حديث...
كانا يُتابعان الأحداث من خارج القرية في إنتظار خروج جاسر الصياد. فتحدث أحدهم بعدما أخرج لُفافة التبغ وقام ب إشعالها
-إلى متى سنظل ننتظر؟
-رد عليه الأخر بفتور: إلى أن يخرج جاسر الصياد من جحره
-تأفف الأخر وقال بضيق: ومتى سيخرج؟
-لا أعرف
أخرج ذلك الرجل سحابة رمادية من فمه. ثم نظر إلى الأخر الجالس ببرود وتشدق بجدية
-سأقوم ب الأتصال بالسيد مارتن
-نظر له الأخر ب إهتمام وقال: ولما؟
-رفع الأخر منكبيه وردد: أخبرني ب أن أقوم ب الأتصال من آن لأخر لمعرفة الأوامر الجديدة. وكذلك إخباره بالمستجدات
-حسنًا
أخرج الرجل هاتفه ثم قام ب الإتصال ب مارتن. إنتظر بضع ثوان حتى فُتح الخط فقال الرجل سريعًا
-سيدي مارتن؟
-رد عليه مارتن بهدوء: ما الأخبار؟ أهناك جديد؟
-هز رأسه بنفي وقال: لا سيدي. ولكن كنت أسألك هل هناك أوامر جديدة!
-رد مارتن بتأكيد: نعم. ستقوم بما أمرتك به من قبل بالقاهرة وليس أمام قريته.
-تشدق الأخر بطاعة: حسنًا سيدي كما تأمر. ولكن لما!
-رد عليه مارتن بحقد: أناس كثيرون يعرفونه جيدًا وبالتالي سيفشل مخططنا. وأنا لا أُريد أخطاء
صمت مارتن قليلًا ثم تابع بجدية
-وسأقوم ب إرسال بضع رجال للمساندة إذا لزم الأمر
-حسنًا سيدي
-جاءه صوت مارتن يقول بتحذير: لا أُريد أخطاء
-لا تقلق سيدي
ثم أغلق الهاتف ليجد رفيقه ينظر إليه بتساؤل. ف تحدث الأخر بهدوء
-تم تغيير الأوامر
-ما الجديد؟
-ستتم العملية بالقاهرة وليس هنا. كما أن سيد مارتن سيُرسل الدعم هناك
-رد الأخر بعدم إهتمام: لا يهُم. فكل ما أُريده هو الإنتهاء من هذا الهراء.
أفاقا من ثُباتهما المؤقت على صوت جاسر
-مش يلا من هنا عشان الجو برد
-اماءت بخفوت وقالت: يلا
أخذ قميصه ثم وضعه على منكبه. وأمسك خصرها ليُساعدها على النزول. فتأوهت بخفوت ليتساءل هو بقلق
-في إيه؟
-أجابته وهي تضع يدها مكان الألم: مكان إيدك بيوجعني
تذكر جاسر قبضته على خصرها التي كادت تفتك به. وضع يده مكان الألم وقام بتدليكها. ثم إنخفض فجأة وقبّل موضع الألم. شهقت روجيدا وقالت بخجل
-بتعمل إيه؟
-إرتفع بجذعه وقال بمرح: بصلح غلطتي. أنا أسف يا روحي
-وضعت يده على وجنته وقالت بحب: ولا يهمك يا جاسر
وضع يده على خصرها وضمها له فتساءلت
-حبيبي هتمشي كدا! مش هتلبس قميصك؟
-قام بنزع قميصه و وضعه عليها وقال بجدية: وأسيب الناس تتفرج عليكي صح؟
-قالت بنفي: لأ بس أنت كدا هتتعب
-جذبها من خصرها له ثم قال وهو يتلاعب بحاجبيه: ملكيش دعوة بيا.
ولكنها إبتعدت عنه ونزعت عنها القميص ثم مدت يدها به وقالت بنبرة لا تحمل المُزاح
-مش همشي من هنا إلا لما تلبسه. إحنا ف الشتا يا جاسر وأنت هتتعب
-إقترب منها بخطوة وقال بتهديد: روجيدا. متعصبنيش وإلبسيه.
ولكنها إبتسمت بمكر. ف إقتربت منه بدلال وأمسكت قمصيه وقربته منه تحت نظراته المذهولة. ليجدها تساعده على إرتداؤه بطريقة مُثيرة جعلت جسده كله يرتجف بلمساتها الرائعة. ولكنه لم يملك القدرة ل الإبتعاد أو حتى الإعتراض. ف إنتهت سريعًا وقالت ب إبتسامة نصر
-خلصت
-أحاط خصرها بقوة وقال بمكر: محدش يتحداني يا روجي. وكدا لازم تتعاقبي
-فاجأته بالرد قائلة: وأنا موافقة
-رفع حاجبيه بدهشة. ثم قال بمرح: كدا! خلاص إستحملي.
ثم تحركا خطوتان لا أكثر ف قام جاسر بحملها لتتعلق بعنقه بعفوية. بعد أن أطلقت شهقة قصيرة تبعها تساؤل منها
-طب ليه؟ أنا هعرف أمشي
-ضم رأسها إلى صدره وقال بهمس بجانب أُذنها: خلخالك بيجنني
ضحكت روجيدا بخفة. ليبتسم هو الأخر ثم دلف بها خارج المخزن و توجه بها خارج محيط منزل مدحت السيوفي. أكثر ما أسرى الراحة بنفس جاسر أن الطرقات فارغة تمامًا ف الجميع مُجتمع بقصر الصياد. ف جاء صوت روجيدا المتساءل بحيرة.
-جاسر وهو أحنا ليه خرجنا بره فيلا انكل مدحت؟
-غمزها جاسر ثم تشدق بمداعبة: مفاجأة يا بيبي
-عقدت ما بين حاجبيها وقالت: مفاجأة إيه؟
-يا ستي إصبري
ثم أكمل طريقه دون نبث حرف تحت نظرات روجيدا المتساءلة بضيق. ولكن جاسر كان يُقابلها ب إبتسامة لعوب. سار جاسر حاملٌا إياها مسافة ليست بقصيرة. حتى وصلا إلى منزل ريفي مكون من طابقين. أنزلها جاسر برفق ولكنه لم يتخلى عن خصرها ثم قال بحماس
-وصلنا.
-تساءلت روجيدا و هي تُشير إلى المنزل: إيه دا!
-همس وهو يجذب يدها: مملكة الأحلام
ثم جذبها ناحيته. أخرج جاسر مفاتيحه وقام بفتح المنزل. دفعها برفق لكي تدلف إلى الداخل. أضاء الأنوار لتنبهر روجيدا بروعة ذاك المكان. رغم بساطته إلا أنه يخطف الأنظار اثاث بسيط وألوان هادئة تبعث في النفوس السكينة. إلتفتت له وقالت ب إنبهار حقيقي
-الله. جميل أوي يا جاسر. بتاع مين؟
-أدارها ليُحيط جسدها من الخلف وقال: بتاعي.
إستند بذقنه على منكبها وأكمل حديثه
-أنا اللي بنيته. كان أول حاجة أعملها ب إيدي هنا. و وعدت نفسي إن مفيش غير اللي قلبي إختارها هي اللي هتدخله
-أراحت رأسها عليه وقالت بهمهمة: يعني أنا اللي قلبك إختارها
أدارها له مرة أخرى. وأخذ يسير بوجنته المشذبة على وجنتها الناعمة وأكمل بهمس
-مش قلبي بس. دا قلبي و عقلي و روحي. كلهم إختاروكي وأنا كنت زي المنوم مغناطيسي ماشي وارهم.
إبتعد عنها وأخذت عيناه تتأمل ملامحها بشغف. وهي مُغمضة العينين ف سمعته يُكمل
-عارفة كنتي زي جنتي ع الأرض. النور اللي بيبقى أخر طريق عتمة. كنتي حلم لما كنت أنا جوه كابوس
إستند بجبينه على منحدر أنفها وأكمل بنبرة هائمة
-أنتي وبس اللي خلتني بني أدم. لو عشت عمري كله مش هقدر أوصفلك بعشقك أد إيه. حتى العشق ميقدرش يوصف مقدار ذرة من اللي جوايا ليكي.
-وضعت يدها على وجنته ثم قالت: أنت حياه يا جاسر. الداء الوحيد اللي مش بتبقى عاوز تخف منه. خليك معايا
ضمها بقوة إلى صدره. ثم دفن رأسه في عنقها يُقبله بشغف ثم قال
-أنا معاكي. أصلًا مينفعش أكون ف مكان غير معاكي...