قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل الثامن والثلاثون

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل الثامن والثلاثون

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل الثامن والثلاثون

ابتسم آسر بهدوء بعدما جلس، وجواره زوجته تُطالع رِفاقها بدهشة من حديثهم، وأي تهديد هذا الذي قد تُعرض إليه، بالله من يخيل له تهديدها ويستطع!
وبذكر تهديدها، صفنت لثوانٍ تتذكر تلك المكالمة التي أتت لها منذ ساعة تقريبًا:
مرحبًا ألماس، أم أُخبرك ليريا؟
تسائل بنبرة مُتهكمة، فقلبت عيناها تُجيب بالعربية بعيدًا عن سؤاله بالإنجليزية، وكأنه يستفز روح ليريا بداخلها.
عايز إيه يا عصام.
قوليلي يا أفعى بحبه أكتر.

قالها باستفزاز شديد، يستشعر ضغطها على أسنانها وتنفسها بعمق كي تهدأ، فاستكمل هو: عرفتِ يا ألماس إللي الأفعى الوحش هيعمله؟
تنهدت تُحاول الصبر هاتفة: هيعمل إيه ال naughty ده؟
ابتسم وهو يمسك إحدى الأقلام، يُعلم بجانب إحدى الكلمات وكأنه أنجز مهمة ما: هيسلم شُحنة مُتكاملة من كل حاجة، وتخيلي فين؟ في قلب مركز شركة الأسيوطي.
صمت للحظة: هتقولي لآسر وتحذريه إزاي؟ ولا هتقولي لسوارين؟

هيرضى يسمع لواحدة موقوفة عن العمل!
ثم تسائل ضاحكًا: صحيح أنتِ اتوقفتي ليه يا ليري؟!
كانت يستفزها وقررت جعله يظن فوزه، فأغلقت هاتفها تُطالع زوجها، الذي ابتسم متسائلًا: إيه؟
ابتسمت هاتفة: فاكر هيستفزني، ضحك.
أفاقت من ذكراها على طلب آسر وهو يمد يده لها، قائلًا: بطاقتك يا ألماس.
تطالعت ليديه وللجالسين، ثم تسائلت قائلة: بطاقة إيه؟!
البطاقة الشخصية.

كررها بإصرار ونبرة جادة أوحت لألماس بجدية الموقف، لتجذب حقيبتها من الأريكة المجاورة تعبث بها للحظات، والجميع يتابع الوضع حيث كلًا منهم ما زال بموضعه، لكن أنظاره على موضع آسر وألماس.
أخرجت بطاقتها تُسلمها لزوجها وعيناها تدور بين سيف ومهند، وكلٌ منهم يسأل الآخر ذات السؤال؛ ماذا ينوي آسر؟

أخرج آسر بطاقته و وضع الاثنان على الطاولة من أمامهما، ثم أردف يرأف بحال الجميع ويمحو حالة عدم الفهم التي احتلت المكان تلك: تعالي يا نور أنتِ ونورسين،
أشار بعيناه أن يجلسا على الأرائك المُقابلة وفور ما حدث ذلك، أشار مجددًا للبطاقات.
تطلعت نور للبطاقات للحظات، ثم أمسكت واحدة ونورسين الأخرى تُطالعها.

دارت عيناي نور على معلومات آسر، ثم قلبت البطاقة تستكمل البيانات لتقف أبصارها على تلك الكلمات التي توقفت أبصار نورسين عندها.
هتفت نورسين بخفوت شديد مسموع بسبب حالة الصمت تلك: قوات خاصة؟!
وقبل استيعاب أي شيء كانت تُضع بطاقات أخرى تنص على رُتبهم التي لمحتها نور فورًا.
«الرائد ألماس.
المقدم آسر رأفت.
لم يكد أحد يفهم الوضع، حتى لمحت شيء آخر ببطاقات أخرى.
الرائد ليريا ميكي.
المقدم سوارين موري.

كانت الأجواء متوترة بشكل غريب ونور ونورسين في حالة عدم فهم لما حدث، وكيف ذلك!
قطع تلك الأجواء، صوت مهند مبتسم بعدم فهم هو الآخر: أنت ناوي تقتلهم ولا إيه؟
ابتسم آسر واستقرت عيناه على نور: لأ أنا بقيت بثق في نور ونورسين وقررت أظهر الشيء المخفي عنهم في العيلة، عشان نور تبقى مطمنة لوجود ليريا في حياتها.
أخبرها بإجابات كل الأسئلة التي سألتها وتسألها بذهنها يرأف بها.

صدر صوت سيف معترض على ما يحدث وبشدة، فلقد أُبصمى وأقسم وكتب ورقًا بألا يفشي بسر آسر، ثم بعد كل ذلك بأيامٍ أخبره أنه قُبِلَ بالحربية.
والله! يعني إيه؟ مش فاهم!
ثم تطلع لمهند، في حين ظنت نور ونورسين أنه أيضًا لم يكن يعرف ذاك السر:
ده قالهم عادي، بدون أي حلفان إنهم مش هيطلعوا سره بره ولا ورق اتكتب ولا اتبصموا على كل فلوسهم ولا أي حاجة!
ده أنا اتْكَتِبت ورقة بيع كل ما أملك ليه!

طالعه آسر ساخرًا وتشدق: قال وأنت كان حيلتك حاجة ساعتها، دي كلها عربية.
طالعه سيف من أعلى لأسفل، يرفض أن تعرف زوجته هكذا بهدوء أن أخيه يعمل لدى الشرطة في شكلٍ متخفي منذ أعوام.
رفعت نورسين عيناها لهم، ثم تنفست بعمق قائلة: أهلًا وسهلًا بمجلة ميكي، بس أنا جعانة.

تحركت بخفة تُماثل الفراشات كما يُخبرها دومًا وبيدها فنجان من القهوة صنعته خصيصًا له، ثم قدمته وما كادت تبتعد حتى جذبها واقفًا يضعها بين أحضانه.
أنا آسف.
رفعت أناملها تُلامس ذقنه هاتفة: آسف على إيه يا مالك؟ في حاجة يا حبيبي؟
طبع قُبلة على جبينها، هامسًا لها: أنا عارف إني قصرت معاكي كتير الفترة الأخيرة، بس خلاص كل حاجة قربت تتظبط.

أحاطت عُنقه تتطلع له بابتسامة هاتفة: مالك أهم حاجة عندي إنك معايا أنت وأحمد، حتى لو مشغول كفاية إنك قدام عيني وبتحبني.
كاد يقترب منها، إلا أنهما ابتعدا بصدمة حينما فُتح الباب وأتى صوت أحمد هاتفًا: مالك يلا عندي تدريب!
ظلت ملاك تتطلع لزوجها بدهشة من فعلته، فقد أبعدها بقوة وكأن أحدهم سيمسكهم متلبسين!
حمحم مالك يستجمع ذاته قائلًا: اسبقني يا أحمد وأنا جاي أهو.

تطلع إليه بضيق ثم هتف لوالدته قبل أن يرحل: مالك في إيه، شوفتي فار!
قالها ساخرًا يتطلع لوالدته، فما قد يصدمها هكذا؟!
اغلق الباب خلفه، فابتسم مالك بتوتر؛ لتهتف ملاك بهمسٍ: أنا بشك فيك،
وعادت نبرتها طبيعية، متسائلة: أنت خايف تتقفش معايا! أنت بتخوني يا مالك؟
اقترب منها هاتفًا: لا والله يا حبيبتي، أنا بس اتخضيت من دخلت المباحث بتاعت ابنك دي.

صرخت بوجهه بدهشة شديدة، فعله ومبرره أقبح من بعض: حتى لو الأداب نفسهم! أنا مراتك يا مالك.
يا حبيبتي حقك عليا، أنا آسف.
ابتعدت عن طريقه هاتفة: روح وصل أحمد يا مالك بس أنا، أنا مش مصدقاك.
تركته ورحلت ليبدأ بسب ذاك الصغير الذي افتعل تلك المشكلة بهدوء أعصاب.

بغرفة نورسين حيث تجلس هي على الفراش وتجلس نور على الأريكة المواجهة لألماس، والصمت يعم المكان يخدشه صوت أكياس الطعام بيد نورسين.
صرخت ألماس بنفاذ الصبر، تُنهي عتاب الأعين الدائر بينهن: ما تسكتي بقا يا نورسين!
رمشت نورسين بدهشة هامسة: جعانة!
تثاءبت نور هاتفة وهي تنهض: هنتكلم ولا هنقضيها نظرات زي كل يوم.
رمت بحديثها عن اليومين الماضيين، حيث لا حديث بينهن فقط نظرات.

تنفست تتطلع إليهم متسائلة: ليه مجتوش كلمتوني؟
تحركت نور من محلها تجلس جوار ألماس، ثم أردفت تُخبرها كل شيء من البداية في حين نورسين لم تكن مهتمة بكل ذلك، فقط تتصفح هاتفها تُحاول إيجاد تصميم يُرضيها لغرفة طفلها.
بدأت نور حديثها بابتسامة خافتة وهدوء تنتقي كلماتها كي لا تزيد الطين بلةٍ:.

ألماس أنا عارفة إن الموضوع حصل بشكل مش حلو، ولو كان فعلًا في مصيبة أو غيره بتِمُري بيها، كان الحوار باظ خاصةً إن آسر سمع واضطر يقول كل حاجة عشان ميبقاش عليكي غُبار.
بس صدقيني أنا شوفت إن سيف ومهند هيعرفوا يتكلموا معاكي أكتر، وعلى فكره دي حاجة تضايقني، تضايقني كصاحبتك وكمرات سيف، بس أنا كنت خايفة عليكي وخاصةً إنك كنتي بتكذبي.

ضربتها ألماس على ساقها هاتفة بعتاب: أنتِ في حاجة في دماغك! نور أنتِ وكيس البطاطس اللي بياكل ده أقرب ليا من سيف ومهند أكيد، هما آه صحابي من بدري، بس برضو أنتم الأقرب، وأنا معدش ليا دور في حياة حد منهم طالما اتجوزوا، وحتى لو ليا أنتِ اللي صاحبتي يا نور.
صدح صوت نورسين تتحرك عن فراشها متجهة للخارج: كيس البطاطس هيروح يجيب أكل.

تحرك ذهابًا وإيابًا بغضب يتملك منه وضيق شديد، حتى صدح صوت مهند هاتفًا: أنا دوخت.
صرخ سيف مقاطعًا إياه: أنت إزاي هادي كده؟ ده وثق فيهم عادي، وأنا! أنا ماضي شيك!
يا ألله!
خرجت من فاه آسر يعتدل بجلسته على إحدى الأرائك يُطالع أخيه، ذاك الصغير الأحمق المنزعج من أمر ثقته بزوجاتهما!
أشار لأخيه أن يجلس جواره أثناء حديثه: إهدى يا حبيبي عشان ميحصلكش حاجة، وتعالى أقعد.

ارتمى على الأريكة صارخًا: طب ليه وإزاي!
سيف كلمة كمان وهمشي، بلاش شغل عيال.
تحدث بها آسر يهدد أخيه أن يكف عن حماقاته تلك، فهتف الآخر: أنا عيل،
طالعه آسر بضيق من حديثه وتنهد متحدثًا: سيف الوضع مختلف حاليًا، أنت بنفسك اللي قولت نور يتوثق فيها، صح؟
دي حقيقة، نور أنا بثق فيها أكيد دي مراتي على فكره، كل الحكاية اشمعنا دلوقتي؟

أنا محتاج تركيز الكل دلوقتي، عصام لما يقع هيوقع الكل وراه وبكده نكون نضفنا الدولة والعالم شوية، حتى لو بنسبة 1%.
نور مركزة في حاجة واحدة، وهي إنها تعرف هوية ليريا اللي قريبة من الكل، وبتتكلم عن آسر براحة غريبة قدام سيف، وحد بعقلية نور مينفعش يدخل الأيام الجاية مشتت، أنا كده اللي بخسر.
حمحم سيف، متحدثًا يذكر أخيه: آسر متنساش إن نور أجازة، نور حامل يا آسر وأنا مش هضحي بيها!

أردف آسر وهو يعتدل لمواجهة أخيه، وليس الأحمق الصغير كما كان منذ دقائق: نور أجازة، بس عقل نور مش أجازة وده اللي محتاجة، نور وألماس في أجازتهم عادي، بس مش هنسيبهم يقعدوا في البيت، هما أجازة من الاشتباك بس.
وإن شاء الله يلحقوا يرجعوا،.

ابتسم الطبيب يجلس أمام مهند، متحدثًا بعملية ودون إطالة، كي لا يُثير توتر الآخر: زي ما قولتلك، إحنا لسه في المراحل الأولى وده أمان بإذن الله، هنلتزم بالدواء لو مجابش نتيجة هنلجأ للكيماوي، بس ده احتمال بعيد إن شاء الله.
اطمأن مهند على والدته بعد حديث طويل مع الطبيب المشرف عليه، ثم نهض يشكر الطبيب، يخرج لوالدته وزوجته بالخارج، حيث الأخيرة كانت تتابع كشفها.

تحركت السيارة وبها الثلاثة حيث إحدى المطاعم.
كنت روحتني أنا وخرجتم أنتم.
هتفتها حبيبة كي تتركهما معًا، فأجابتها نورسين من الخلف: ليه يا بيبة زهقتي مننا؟
استدارت لها مُتحدثة بود وحب: زهقت من الواد مهند ده، لزقلي لازقة!
ضحكت نورسين تُطالع زوجها، الذي يُرافق والدته كظلها، يُريد الاطمئنان عليها وتوفير لها كل ما تريد، ابتسمت وهي على يقين أن أخيها ياسين لو كان حيًا، لكانت أُسعفت أمها على الأقل...

فحين ابتسم مهند بهدوء مُردفًا بمرح: ولا بيأثر فيا، عادي.
حيث بعد خبر مرض والدته وحمل زوجته، أقنع والدته أن تظل معهم بالقصر، حيث هو الأقرب لمنزل الأسيوطي ولكي يظلوا معًا، مُعللًا أن تهتم بزوجته.
لكنه فقط أرادها جواره يخشى أن يفقدها بسبب تقصيرها بالدواء أو الطعام، فأصبح رقيبًا عليها تحل محله نورسين في غيابه.
لم يكن ذالك يُضايق نورسين، فلم تكن حبيبة من هؤلاء الحموات يومًا، بل تعاملها كوالدتها.

أنفاسٌ مضطربة وصدورهم تعلو وتهبط سريعًا من المجهود المبذول، حيثوا أنهوا تدريبهم للتو يقفون أمام مدربهم، جميعهم من كل الأعمار ليتم الاختيار من بينهم.
طبعًا أنتم عارفين إن في مباراة آخر الأسبوع والفترة اللي فات تم تدريبكم كلكم، بس للأسف اللي هيروح المباراة هما 6، اتنين تحت ال12، اتنين تحت 18 واتنين أكبر.
وقف يتطلع إليهم، ثم استرسل: بنت و ولد من كل مرحلة، هقول على طول عشان موتركمش زيادة.

تطلع لأعين كلًا منهم على حدى، ثم أردف: تحت ال12: نادر عصام وألماسة آسر.
ارتفع تهليل الأربعة بحماس شديد فرحين لبعضهم واستكمل المُدرب...
رفع نادر هاتفه متصلًا بأخيه يُخبره بذلك الخبر وبعد لحظاتٍ تلقى الإجابة: نيدو وحشتني.
وأنت كمان، عندنا مباراة بين الأندية والفائز يتصعد لبين المحافظات، توقع المدرب اختار مين؟
متقولش، اختارك!

صراخ من الجانبين بحماسٍ شديد، فجذب إياد الهاتف سريعًا يسب تامر لعدم وجوده في وقتٍ كهذا.
انتهت المكالمة بقول تامر ضاحكًا: هاجي يوم الخميس عشان أشوف لولا وهي بتضرب.

يوم الخميس حيث نهاية الأسبوع أو نهاية كل شيء، النفوس منتظرة على أحر من الجمر، كل شيء سينتهي اليوم أو لن ينتهي.
تحرك من غرفته وبيده ظرف أسود يُشابه طلته، حتى استقر بسيارته يلمح بعيناه استقرار الجميع بسيارتهم في انتظار صغير عصام وخليفة الأفعى.
ارتكز تامر بالأريكة الخلفية جوار الأفعى هاتفًا: إن شاء الله مش آخر مرة تستناني.
تطلع الأفعى لذلك الصغير وابتسامته المستفز وأجابه وهو يُشير للسائق بالتحرك:.

أنا مش هستناك العمر كله يا تامر؛ أسهل ما عندي أرجعك لأمك.
ورغم خوفه من تركه بالإسكندرية لدى والدته، إلا أنه هتف دون اكتراث وببرود: بس يا أفعى بس.
أنهى الحديث بعدم اهتمام مصطنع يرفع هاتفه يُهاتف رفاقه.
أخرج الأفعى ذاك الظرف من جيب بذلته مقدمًا إياه لخلدون المرتكز على المقعد الأمامي: امسك يا خلدون ده.
التقطه يحيد بعيناه عن الطريق ومراقبة الأوضاع: تمام يا باشا، كله اتحرك.

لمح إماءة الأفعى بالمرآة، ففتح ذلك الظرف يقرأ ما به.

تامر دي خامس مرة تكلمني تسألني، أنت وصلت؟
أتاه الرد من تامر وبوابة الاسكندرية تلوح أمام عيناه: أنا داخل من البوابة أهو أنتم في النادي؟
تحركت أعين إياد على تلك الغرفة الذي يجلسون بها هاتفًا: آه أنا وماما ولولا ومامتها ونادر ومامتك وأحمد ومامته.
مليكة موجودة؟!
سأله بدهشة ورغبة في الانسحاب وعدم الذهاب، ولكن أتاه الرد من أخيه بعدما سحب الهاتف:
تامر متتأخرش عليّا.

ابتدت المباراة وبعد الافتتاحية ارتكزت ألماسة بمحلها مناظرة خصمها، تتفادى جميع اللكمات بمهارة وهذا ما توقعته ألماسة، فلم تتوقع أقل من ذلك ممن قد يواجهة، انحنت سريعًا تتفادى هي الأخرى اللكمة وهي تستعيد كامل تركيزها وتضعه بالمباراة فقط فلا مجال لخسارتها.
قد وعدت والدها أن تفز اليوم وطُبعت على طِباعه؛ إذا لا مجال لخلف وعدها.
وها هي ألماسة وبعد مباراة كاملة كانت المسيطرة بها، ها قد أُعلنت الفائزة.

توالى الفوز لنادي «كلاي» بعدما فاز نادر هو الآخر بعد معركة عنيفة مع خصمٍ قوي.
وعند صديقهم الثالثة ها هو الفوز يُحالفه وبعد الكثير من التهليلات والصراخ أُعلن فوز نادي «كلاي» بأربع نقط من أصل ستة.
تحركت بعيدًا عن الحشد تُجيب بتساؤل: أيوة يا مالك، في حاجة ولا إيه؟
ردّ مالك بحنان بعد ما تفقد الساعة، قائلًا: وحشتيني.

ضحكت بخفة تتطلع خلفها، ليخترق سمعها صوت نور هاتفة: اخلص يا عم الحنين!
ضحكت ملاك وهي تستمع لصراخ زوجها بسيف: يا سيف ابعد مراتك عني!
تطلع سيف لنور بابتسامة حنونة، ثم أردف: تعالي يا نور جمبي، دولا كل ما حد يتضايق يقول نور السبب.
نقل عينه لمالك وأردف: وبعدين ما تخلص صحيح!
تدخلت فريال والتي كانت موجوده معهم قائلة: ممكن ننجز شويه؟!

أغلقت ملاك مع زوجها متجه للبقية وهتفت: يلا نروح؟ أنا ومليكة هنروح الشركة نمضي ورق وهنيجي على البيت.
أردفت نورسين تأخذ بيد حبيبة والتي ودت مشاركة الأطفال: وأنا هاخد «بيبة» والأولاد؟
تحركت ألماس بعدما هنأت صغيرتها وتركتها تُبدل ثيابها قائلة: أنا همشي عشان عندي شغل، سلام.

لم تُعطي أحد الفرصة، بل سحبت حقيبتها وتحركت، لا بد أن تتجهز سريعًا، فبعد نقاشات طويلة سمح لها آسر أن تُشاركهم اليوم الأخير، دون أي تشابك منها، فقط تكن موجودة بأرض المهمة الأخيرة والتي ستقضي على بعض الرؤوس الكبيرة بالبلد، هؤلاء من نشروا الفساد بأرض الوطن وخرجوا بثوبٍ أبيض وغفلوا أنه مُلطخ بالدماء مهما حاولوا الإخفاء.

ها قد تحركت سيارة نورسين برفقة حبيبة، يتبعان لافيرا ومعها إياد وألماسة، أما عن نادر وتامر وأحمد فقد رافقا ملاك ومليكة إلى مقر شركات الأسيوطي.

وبمقر شركات الأسيوطي كانت التجمع مبكرًا يجلسون بإحدى غرف التجمع يستمعون لإحدى التسجيلات للمرة الأخيرة وبها تعليمات من صقر.
أما آسر فقد كان بغرفة أخرى يُرتب كل شيء بذهنه حتى أتاه مالك هاتفًا: نص ساعة بالكتير وملاك ومليكة يكونوا هنا، هيمضوا توكيل ليا وبعدين يمشوا، قبل ما الأفعى يفكر يعمل أي حاجة.
متقلقش هو كده كده هيمضي، وخلال ما إحنا مجتمعين المفروض رجالته تبدل البضاعة تحت.

تحدث بها آسر وأسر بذاته البقية: والبضاعة مهمة الرجالة تحت.
نظر لهاتفه وأرسل إحدى الرسائل والتي كان مضمونها: استعدوا،
أُرسلت لجميع الحرس بما فيهم قوات الشرطة المتنكرة بزي حارس.

ماما إحنا هنقعد نلعب هنا لحد ما تخلصوا شغل.
لم ينتظر أيّن من ثلاثتهم الرّد، بل ركضوا للداخل حيث ساحة الانتظار.
ابتسمت ملاك قائلة وهي تتجه للمصعد: سيبيهم إحنا مش هنتأخر.
ركبتا المصعد متجهتان للأعلى، حيث الجميع وقد وصلت ألماس منذ دقائق.
ركضوا للداخل وعرقل ركضهم وقوف أبائهم معًا، لم يكونوا معًا بل في مقابلة بعضهم.
كاد أحمد أن يتقدم، فأوقفه تامر فور ما انتبه للنظرات الدائرة بين الاثنان.

كان النقاش مُشتعل، حيث لكم مالك عصام بوجهه دون قدرة على التحكم بذاته أكثر صارخًا: أنت ح يا عصام، أنت بتعترف إنك أنت اللي عملت كل ده؟!
ارتد جسد عصام للخلف قليلًا كما حدث مع ثلاثتهم ولحظهم لم يصدر منهم صوت، انتبه تامر يُنصت لِما يحدث بشغف مُدركًا أن ذاك الأفعى لن يترك حقه.
مسح عصام بجانب شفتاه مُبتسمًا بسخرية متشدقًا: وفيها إيه يا مالك! آه أنا اللي دخلت أي نوع مخدرات آخر خمس سنين، فين المشكلة؟

حكّ رأسه بمللٍ من سذاجة الآخر وهتف: مالك، أنا طالع كسبان مهما حصل.
أنهى حديثه بابتسامة جانبية ساخرة، فازداد انفعال الآخر ماسكًا إياه من تلابيب قميصه متخليًا عن احترامه له: أنت معندكش دم! طالع كسبان إيه أنت طالع متكلبش!
أزاح عصام يد مالك عنه برفقٍ وابتسامة لم تُفارقه، مُجيبًا بهدوء: متكلبش، بس رايق.

تنفس باهتياج يشعر بأن عقله سينفجر من مُحاولات فهم الآخر، ابتعد خطوات وصدره يعلو ويهبط في مُحاولة للهدوء، انتبه لهدوء الآخر وحديثه البارد وكأنه يضمن سلامته، لتو انتبه لذلك!
رفع عيناه يُطالع عصام الذي يُرتب هيئته باستكانة، متسائلًا بخفوت وعلى حين غفلة: طالع كسبان إزاي؟

ابتسم تلك المرة ابتسامة أخرى، ليست ساخرة بل مُستمتعة بذالك السؤال؛ لذى بدأ برفع أكمامه بتروي أثناء حديثه وهو يُشير لرجاله بأن يبدأوا تبديل تلك الصناديق.
أنا ممضتش يا مالك على حاجة باسمي، كله باسمك أنت.

بهتت ملامح مالك والذي كان يعرف أن بعض الأشياء البسيطة في تاريخ أخيه باسمه، لكن صُدم بالواقع، والآخر لم يكن يهتم، فقط ازدادت ابتسامته، مُسترسلًا حديثه يُشير لرجاله بأن ينتهوا من تبديل بضائع الأسيوطي الخارجة برة البلاد ببضاعته.
نادرًا ما يتم تفتيش سيارات الأسيوطي، فلا منفذ إلا قذف بضائع الأسيوطي بالبحر أو سرقتها وتبديلها ببضاعات ممنوعة.

وحتى لو تم الإثبات إن عصام ورا كل حاجة، أنا مش عصام يا مالك، أنا الأفعى،
حالة من الصمت سيطرة على المكان، وبإحدى الأركان المخفية، كان الثلاثة يجلسون أرضًا، لا يفهمون معظم الكلام ولكن ما فُهم صدمة.
اندلعت الحرب بالخارج تقريبًا، حيث هدد رجال آسر باستسلام ولم يجد رضوخًا، فبدأت حالة الهجوم بالخارج.
نظر الأفعى لخلف مالك ليُدرك أن عليه الاختفاء الآن، فلذى تحرك قائلًا: أشوفك بعدين يا مالك،.

كاد ينسحب كما يفعل دومًا، إلا أن مالك أمسكه مجددًا من تلابيبه وتلك المرة كانت أقوى وأعنف لاكمًا إياه بوجهه صارخًا: أنت إيه يا ابني؟! أنت شيطان!
لم يصمت تلك المرة، بل ردها بقوة هاتفًا بنفاذ صبر يُريد أن يخرج من هنا قبل أن تُحكم الأيادي عليه: أنت مالك أنت، عامل فيها بريء وخايف على أخوك أوي، متضحكش على نفسك يا مالك أنا في حياة عصام بسببك،.

كانت يده تعرف محل وجه مالك، حيث فمه يتحدث ويده لا تُفارق وجه مالك، إلا للحظات.
سقط مالك أرضًا والآخر يُشرف عليه من الأعلى، يُطالعه بتمعن، ثم هتف قائلًا بالإنجليزية: حقًا لم أكن أنوي إيذائك، فقط إداعك بالسجن.
كان تامر وأحمد كلا منهما يُمسك نادر ويكممان فاهه، كي لا يُصدر أي صوت وكلا منهم يحاول، ألا ينظر كي لا يضعف، مُدركين ثلاثتهم أن ذالك الحوار لم يكن يجب عليهم سماعه.

استدار الأفعى مُتحركًا وعجزت قدماه عن استكمال الطريق بسبب وجود الجميع أمامه، حيث كانت أصوات الرصاصات كالدافع لهم كي يهبطوا للأسفل، منهم من هبط لإنهاء الأمر ومنهم من يبحث بكل خلاياه عن صغيره.
وقبل أن يستوعب، كان مالك يُهاجمه مجددًا من الخلف، تدخل سيف جاذبًا مالك عن الأفعى بقوة وبعد محاولات نجح.
أردف مهند مُتقدمًا من الأفعى برويدًا: سلم نفسك يا أفعى، الحكاية خلصت هنا،.

قاطعه وقاطع سيره سلاح الأفعى الذي صُوب اتجاهه، انتفضت مليكة صارخة: عصام، عصام يا حبيبي عشان خاطري بلاش السلاح.
نظر لها مبتسمًا بسخرية ثم ولى وجهه عنها هاتفًا: أنا مش عصام يا مليكة، ومش هكش بالكلمتين بتوعك، خليكي في جمب.
تدخلت فريال مُتقدمة بحذرٍ شديد، قائلة أثناء حركتها: خلينا نتفاهم أحسن يا أفعى.
طالعها من أعلى لأسفل، ثم استدار بسلاحه موجهًا فوته على مالك قائلًا:.

أنا دي مش نهايتي، أنا أمشي وقت ما أحب، وبما إن اللي حضر العفريت يصرفه،
طالع مالك كثيرًا وارتكز بعيناه في عين الآخر، ورويدًا ابتسامة ساخرة ارتسمت، وهو يُلاحظ مالك يُخرج سلاحًا هو الآخر ويصوبه عليه...
أنت وعيلتك، سبب من الأسباب إني أكون هنا يا مالك،.

زفر مالك بقوة صارخًا بانفعال يرفض أن يُصوب سلاحه على أخيه، حتى وإن كان شيطان: نزل سلاحك عشان أنا مش هنزل سلاحي يا أفعى، لو أنت شايف إني بوظت حياة عصام وجبتك، فدي حاجة أنا وهو نحلها، وطول ما أنت موجود أنا سلاحي مرفوع،
كُلًا منهم يُهدد الآخر، رغم محاولات الجميع بحجم غضبهم ولا مفر.
تم السيطر على الأوضاع الخارجية، وها هي أيدي تامر وأحمد تتساقط عن نادر بصدمة لما يرونه ولحظاتٍ...

لحظات كانت الفارقة في كُل شيء، لحظات حددت مصير أشخاصٍ وحددت مخاوفهم المستقبلية، كان كل شيء هادئ رغم كركبته، وفجأة على صوت طلق النار وصراخٌ بالأجواء أجبرت الأنظار للالتفات لصاحبها وانتباه الحشد بأكمله على وجودهم.
بابا!
أحيانًا تكن أكبر أخطاءك هي استراق السمع، ذاك الحديث الذي من المفترض ألا تعرفه، يصبح أكبر كوابيسك ومخاوفك بالحياة، أحيانًا يكن خطأك السمع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة