قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل الرابع والثلاثون

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل الرابع والثلاثون

رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل الرابع والثلاثون

صوت ضجيج ممتع ومُحبب للجميع يصدع من غرفة الطعام حيث يجلس الجميع حول المائدة الكبيرة، آسر وأسرته رفقة أخيه وزوجته بأسرتها ياسر ومهند بأسرته بالإضافة لكرم ومالك بزوجته وابنه وأبناء أخيه ومليكة.
الجميع يتحدثون بذات الوقت تقريبًا وعن مواضيع عِدة، لكزت نور رفيقتها ألماس حيث تجلس جِوارها ثم مالت عليها متسائلة عن سبب شرودها: مالك يا ميمو؟ أنتِ متخانقة مع جوزك ولا إيه؟!

انتبهت لها لتهز رأسها بالرفض متشدقًا: لا خالص، تعبانة شوية وبعدين أنا مش بتخانق مع أسوري.
قالت الأخيرة بضحكة خافتة؛ كي تصرف انتباه نور عنها، فسخرت نور قائلة: لا والله!
أماءت قائلة وهي تُريها الخاتم: بصي جابلي إيه، أصل انهارده ذكرى جوازنا،
بجد! طب وأنتِ جبتيله إيه؟
ترددت وهي تحك عُنقها قائلة: لا ما أنا، أنا كنت ناسية أصلًا.
ضحكت نور متشدقة قبل صرف نظرها عن ألماس مؤقتًا: شاطرة، تتهني بالخاتم يا شاطرة.

التقت عيني نور ب‌ نورسين التي أخبرتها في بادية الأمر بشرود ألماس فرفعت منكبيها بعدم معرفة بأمر ألماس لكن أشارت لها بالانتظار قليلًا...
أثناء هذا كان يدور حديث ممتع بالنسبة للأطفال بينهم وبين حبيبة وياسر أجدادهم تشدقت ألماسة بدهشة: يعني بابا مكنش هادي وهو صغير؟

هزت رأسها بالرفض قائلة بضحكة: خالص، محدش فيهم كان هادي، يمكن مالك كان عاقل شوية، شوية مش أوي، محدش كان بيصدق من تصرفات مالك وعصام إنهم أخوات بس الشبه كان دليل.
استرسلت حديثها: مالك وعصام وآسر كانوا مع بعض لحد ثانوي كده وبعدين مالك سافر واتبقى عصام وآسر واتصاحبوا على ناس تانية، بس عمرهم ما كانوا هاديين، الزمن اللي هدّهم دلوقتي.

أنهت حديثها ضاحكة ليشاركها الأطفال وهم يسمعون بشغف طفولة كل الحاضرين تقريبًا عدا نورسين وألماس تقريبًا و‌ نورسين فترة شبابها مبهمة بالنسبة لهم.
وعلى مقربة حديث دائر بين كرم ومهند ونورسين، حيث تشدق كرم بحماس يتلو عليهم آخر ما وصل إليه رفقة حسين أخو خطيبته ريهام: حسين ال وافق أخيرًا والفرح الشهر الجاي بإذن الله.
احتضنته أخته بحماس شديد قائلة: مبارك يا كروم يا حبيبي.

فرقهما مهند بابتسامة سمجة بواسطة يديه قائلًا: ممنوع اللمس دي.
ضحك كرم ثم أردف بحديث آخر: وفريال أخيرًا فرحها في نص الشهر، صحيح أنتم هتقطعوا شهر العسل ولا نظامكم إيه؟

نظرت نورسين لزوجها منتظرة رأيه فهي لم تعرف حتى الآن ما ستؤول إليه الأحداث ومواعيد عملهم، تشدق مهند: احتمال أسبوع أو اتنين ونرجع لسه هنحدد إمتى لما سوارين يحدد موقع ونية الأفعى، أنت عارف وكده، وبعدين هقابل صحاب ثانوي في حفلة لواحد منهم فهنحدد لسه هنرجع امتى،
مالك يا ميسو سرحانه في إيه؟
تسائل آسر ممسكًا بيد ألماس محاولًا فهم ما بها، لتنفي ألماس سريعًا قائلة:.

مفيش حاجة يا حبيبي، أول مرة نتجمع بالشكل ده.
علقت نظراتها بخاصته قائلة: عيلتنا كِبرت يا آسر!
جالت عيناه على الجميع بسعادة لتجمعهم هذا داعيًا ربهم بأن يظل شملهم مُكتملًا دومًا.
قاطعته ألماس جاذبة انتباه بمنادات اسمه ليجيبها فسألته بخفوت بينهما: أنتَ مش عايز نخلف تاني؟

تحدثت بتوتر واضح فابتسم ممسكًا يدها مقتربًا منها يُحدثها بذات النبرة الخافتة: مين قال كده يا حبيبتي، أنا عايز أكيد طالما منك، بس مش مستعجل عادي، بتسألي ليه، أنتِ حامل؟
توترت قليلًا حتى أردفت بتيهٍ: مش عارفة، يعني أنا بسأل بس عشان الحمل الكاذب اللي كان بيتكرر.

حبيبتي متشغليش بالك بالموضوع ده وربنا يقدم الخير، وبعدين لو حاسه بحاجة نروح نكشف ونعمل تحليل بعيدًا عن الجهاز، أصل مش دايمًا نتايجه صح، مش أنتِ قولتي كده؟
أماءت بابتسامة تسرد ما تود قوله دون حديث، تحمد ربها على وجوده ودعمه.
هي شو حلو حبيبي شو حلو، هل القمر ولا يا القمر؟
نظر سيف لنور متسائلًا يلفت انتباهها له فهي تتحدث مع الجميع عداه تقريبًا.
ضحكت بتهكم قائلة: قديمة أوي؟!

ضحك بدوره قائلًا: يعني، أهو أي حاجة نلفت انتباهك بيها، يمكن نشغل البال،
محدش شاغل بالي وقلبي غيرك.
قالتها مُسلطة عيناها على خاصته بحب؛ لتشق الابتسامة وجهه تارك عيناه تتمتع بالنظر إليها.
قاطع الجميع صوت آسر الذي صدح بالغرفة واقفًا؛ كي يصمت الجميع ويستمعوا له، فَ‌هم أنهوا وجبة الفطور منذ نصف ساعة فأكثر ولم يتحرك أحدهم من مَحله يتحدثون بشغف عن كل شيء تقريبًا.
ممكن لحظة سكوت،.

صمت الجميع بالفعل وما كاد يتحدث حتى قاطعته صغيرته ألماسة ناهضة من مقعدها واقفة عليه كي تراه بوضوح أثناء حديثها: بابا هو أنا شبه تيتا ليلى فعلًا؟!
ابتسم الجميع فلو كان شخص آخر غير لولا للَقى نظرة أخرصته، ابتسم آسر يومي لها أثناء قوله: آه يا حبيبتي، شبه ليلو.
نظرت سريعًا ل حبيبة وياسر تتأكد من صِدق حديثهم عن مشاغبة أبيها ونداءه للجميع دون تكليف، تشدقت بتهكم: ليه هي تيتا كانت حلوة كده؟

علت ضحكاتهم فهم يتابعوا الحوار بشغف وكأنه إحدى المسرحيات، بادرت مجددًا بالحديث متسائلة ونظرتها تشمل والدتها: يعني أنا مخدتش منك حاجة خالص يا ماما؟
ابتسمت ألماس مُردفة: عيونك شبهي وأحلى يا لولا.
عادت لمجلسها بضيق فأحمد اكتسب لون عيناه العسليتان من والدته، ونادر خصلاته الحريرية ولونهما البني من والدته، حتى تامر خصلاته من والدته! الجميع عاداها!

أشار آسر لألماس بأن ترى أمر ابنتهما هي، ثم أردف: ممكن نستعد عشان نتحرك خلال ساعة بالكتير!
أماء الجميع ناهضًا إلا مالك ومليكة اللذان هتفا بذات الوقت: عايزك نتكلم،
نظر الاثنان لبعضهما وكلٌ منهما يُدرك أن عصام لم يُحدثه وحده، تشدق آسر مشيرًا للخارج قائلًا: تعالوا نتكلم في المكتب.

اقتربت ألماس من صغيرتها تحتضنها قائلة: أنتِ شبهي في كل حاجة حلوة يا لولا، في عيوني وفي طبعي وفي قلبي، حتى زعلي، أنتِ جميلة حتى لو مش شبهي.
ابتسمت مبررة: أنا بس اتضايقت إن كلهم شبه مامتهم وأنا لأ، وتامر قالي إن اللي بيحب مامته بيبقى شبها.
تقلصت المسافة بين حاجبها متحدثة بسخرية: دي نظرية اخترعها هو يعني؟!
ثم تسائلت بخفوت وتهكم: وبعدين هو تامر بيحب مامته أصلًا؟!
هتفت بدهشة: ماما!

أطلقت ضحكة تضمها أثناء قولها: مقصدش يعني، وبعدين يلا نجهز شنطتك،
توقفت ألماسة أمام والدتها تفرك يديها بتوتر كحركة تفعلها ألماس أيضًا في توترها...
ماما، ممكن أفضل هنا مع ولاد عمتو؟
توقفت ألماس عن ضبط الحقيبة قائلة: ليه يا حبيبتي، مش عاوزه تكوني معانا؟
ااا، مش كده بس كنت عايزة أفضل معاهم وإياد هيجي لينا وبعدين ممكن ننزل المدرسة عشان المسرحيات والألعاب وأنا كنت حابه أفضل معاهم،.

هبطت ألماس تجلس رفقة البقية لتُردف ببعض الضيق: لولا مش هتيجي معانا،
هتف مهند هو وسيف بتهكم وسخرية يحدقونها بضيق: بتفهم والله، مش زي ناس!
ضحكت بخفوت ساخرة وهي تتجاهلهما، تعلم أنهما قد يتضايقا من وجودهما هي وآسر معهم لكنها من حقها قضاء بعض الوقت رفقته خاصةً بعد أعوام الفراق...

عصام كلمني وقال إنه في مصر،
أماء مالك يُؤيدها بالحديث ليتشدق آسر قائلًا: حلو كده، أهو قرب مننا، متقلقوش كل حاجة سيف وفريقه هيظبطوها، وأنا مهمتي إني أحميكي يا مليكة، هو كده كده مش عايز الولاد فتمام الأمور من نحيتهم تمام.
بس هو لو عرف إني قولتلك حاجة هيكون هنا الخطر،
أيدها بقوله: بالظبط،
ثم استرسل: بس هو هيعرف منين؟! إلا لو حد منكم قاله، وسيف مش فاضي يواجهُ دلوقتي،.

الحراس معاكم دايمًا وإحنا هنراقب عصام متقلقوش.

قد يكن ظهور مليكة أفضل شيء حدث الآن وخاصةً بعد اعترافها بكل ما فعله اللعين عصام، سأُرسل لكرم المعلومات الكافية كي يُحدد موضعه ويضعه تحت المراقبة، ولنستمتع لحين وقوعه بالشباك.
ابتسم سيف بعد قراءة تلك الرسالة من قائده سوارين دالفًا لتلك الغرفة أو الجناح الخاص به هو ونور.
اقترب منها بابتسامة متشدقًا: فرح وزياد جم وكل أصحابي تقريبًا عشان جيمي صاحبنا عنده حفلة بكره،.

استدارت له بعد أن رتبت الثياب قائلة: متحمسة أوي أحضر حفلة معاك، وكمان أسمع صوت جيمي صاحبكم.
ابتسم بهدوء وهو يرى حماسها اتجاه أصدقائه ورؤيتهم، عقد حاجبيه متسائلًا وهو يتذكر ما حدث صباحًا: هي ألماس كويسة؟ أصل الصبح كانت هادية وفكرت إنها شادة مع آسر بس لقيتهم بيتكلموا عادي.
أنا برضو فكرتها متخانقة معاه بس قالت لأ، عمومًا شوية وهنتجمع إحنا التلاتة وهنعرف مالها،.

أشار لها بعيناه بأن تُجاوره المجلس فاقتربت بابتسامة تجلس بأحضانه يُتابعان الغروب من النافذة، تشدقت قائلة: تفتكر إيه اللي جاي؟
زاد من ضمها مُردفًا بابتسامة يُناظرها: كل الخير بإذن الله، عمومًا إحنا مع بعض، صح؟
زاغت بعيناها بابتسامة لعوبة متشدقة بخبث: مش عارفة، على حسب الشوق هيجيبني ولا.
ضحك الاثنان؛ ليجذبها أكثر يود ادخالها بضلوعه مُتشدقًا بضحكة: بشوقك بكره الشوق يجيبك كده كده.

تَجول بمكتب أخيه فاحصًا كل الأدرج لمدّة ساعة تقريبًا حتى جلس بابتسامة ساخرة ارتسمت على محياه متشدقًا بسخرية لاذعة لذاته:
أحمق، فاكر عصام هيسيب وراه حاجة.
جذب خصلاته بشدة يصك على أسنانه بشدة يُحاول التحكم بغضبه اتجاه ذاته وأخيه، أطلق صرخة مُنفعلة دافعًا المقعد من أمامه بقدمه، لمَّ كل الأبواب مُغلقة أمامه...

استند برأسه على ذراعيه فوق قدمه لاهثًا من فرط الانفعال، استمع لطرقاتٍ على الباب فأذن بالدخول، تقدمت ملاك بابتسامة تليها إحدى الفتيات المسؤولة عن كل شئون العائلة تقريبًا، تُدعى رانيا.
استند بجسده للخلف يستمع لحديثها: أهلًا بحضرتك مستر مالك نورت مملكة الشمراني.
شكرًا يا رانيا.
هبدأ أحضر لحضرتك المواعيد المهمة وفريقك هيكون قدامك في المكتب الساعة تسعة الصبح.

اكتفى بالإيماء لتسترسل ناظرة لملاك ومليكة التي انضمت للتو: مدام ملاك بالنسبة لرصيد حضرتك خلال السنين اللي فاتت موجود هتروحي بكرة مع فؤاد البنك تستلميه، أم حضرتك يا مدام مليكة فأكيد عارفة إنه بيترحل على حساب عصام بيه.
وقفي، وقفي تحويل أرباحي وحوليها على حسابي عادي.

قالتها مليكة بقوة ظاهرية رغم ارتجافها من الداخل إلا أنها تحتاج لأقل جنية حاليًا فحساباتها البنكية تقريبًا فارغة بسبب تحويل معظم الأموال لحساب عصام.
تمام يا فندم، بالنسبة لآخر الأخبار يا مستر مالك،
نادته فانتبها لها مشيرًا بالحديث فتشدقت:.

فتحنا مصنع جديد وبنستورد القطن والقماش، بس آسر باشا مقفل الدنيا علينا شوية، بس هتصرف أشوف ناس جديدة، أرباحنا قلت بعد الحريق اللي حصل أكيد في الثلاث أماكن الخاصة بينا، بس أنا عندي خطة تسويق نستغل الحريق في زيادة المبيعات.
أجابها معتدلًا بجلسته يُفكر بكل كلمة قبل قولها فهو كان بعيدًا عن الإدارة لمدة ليست بالقصيرة!

أعرضي خطتك على مليكة بكرة في الشركة، وبالنسبة لآسر والقماش أنا هتصرف وأنتِ برضوا شوفي ناس جديدة، عايزين شغل جديد.
أماءت بابتسامة وهي تكاد ترحل: تمام يا مستر كل حاجة هتبدأ ترجع من بكرة، بالإضافة لتغير بعض طاقم العمل.
أماء لها فتحركت كي ترحل ثم عادت مجددًا مُتشدقة: احم عندي لحضرتك خبر،
أماء مُردفًا بإذن الحديث: اتفضلي.

ابتسمت ابتسامة صغيرة من حديثه بأدبٍ، ثم أردفت بعملية: عصام بيه موجود في مصر من امبارح الساعة عشرة ونص وخمس دقايق، واتحرك على إحدى الفِلل الخاصة بيكم هنا في القاهرة.
أشار لها بالخروج دون حديث فامتثلت لأمره، فورًا أن خرجت جاورته مليكة الجلوس بهمٍ شديد على عكس ملاك التي هتفت بهما بدهشة من عدم صدمتهم حيال وجود عصام بالبلاد:
أنتم كنتم عارفين إن عصام هنا!

أماء مالك دون حديث وصمت لدقيقة تقريبًا ثم أردف بما سيحدث: عصام مش هيعرف حاجة عن اللي مليكة قالته وطول ما هو مش عارف إحنا في أمان، هنركز على الشركات لحد ما هو يجي بنفسه، أنتم الاتنين شُركاء معانا بأسهم وعشان اسم الشمراني يرجع مكانه لازم نشتغل، وأنا هتفق مع آسر يبطل شغل التدمير بتاعه ونصيب عصام احتمال أوقفه والمكسب يتحول لمليكة ونادر وتامر لسه مش عارف هعمل إيه في الأمر ده.

صمت يلتقط أنفاسه ويفكر قليلًا ثم أردف: مليكة خطة التسويق شوفيها وفكري في غيرها وأنت يا ملاك التصميمات اللي حضرتيها قبل كده تطلع وعايز نعمل عرض أزياء بعد شهرين بالكتير، الشركة اسمها وسُمعتها لازم يرجعوا وهتفق مع مهند على المبيعات عنده وخلال ده هلاقي حد تاني برضو وهشوف ناس في باريس وأوربا عمومًا،
أماءت كلتاهما وقررا الرحيل وقبل خروج مليكة تشدقت ساخرة: مش هتلاقي حاجة تِدينه هنا،.

مُحقة كل الحق فلا شيء يدل على وجود عصام بالمكان من قبل، قلِب المكتب رأسًا على عقب تقريبًا ينقصه فقط ذاك الدرج الذي أرسل أحدهم لمنزله كي يجلب مفتاحه، قد كان المفتاح معه ولا يدري ما به أساسًا!

ابتلعت الطعام بسعادة بالغة فقد كانت تشعر بجوعٍ شديد رغم أنهم أكلوا بالطريق إلا أنها تشعر بالجوع، عادت للخلف تستند بجسدها على الأريكة جوار مهند الذي جذبها لأحضانه قائلًا:
مش مصدق إنك معايا،
أمسكت يده التي تُحاوط خصرها مُردفة: معاك لآخر العُمر يا مهند أنتِ اللي بقيلي في الدُنيا واللي ضامنة وجوده في ضعفي قبل قوتي، أنا بحبك أكتر مما تتخيل.

مال برأسه مُستندًا على رأسها مُتشدقًا: وأنا كمان بحبك يا نينو، عارفة أنا كنت غبي أول ما اتعرفت عليكي،
قاطعته ضاحكة وهي تتذكر حينما تعارفوا: عارفة يا حبيبي.
خبط رأسه بخاصتها قائلًا: بس يا بنت أنا بس اللي اشتم نفسي، وبعدين سيبيني أقولك السبب!
ضحكت وهي تلتفت له متحدثة باهتمام كما يفعل معها: قول يا حبيبي سمعاك،
تشدق ضاحكًا: حبيبي بقت سهلة على لسانك الحمد لله.

شاركته الضحك فهي بالفعل أصبحت سهلة على لسانها رفقته، تتحدث معه دون ترتيب وبما يجول بخاطرها وهذا ما يجعلها سعيدة لانهدام كل الحصون بينهما...
كنت غبي لما اتكلمت معاكي وحش وسيبتك تمشي عشان الشغل، ما يُولع الشغل! بصراحة، كنا أغبية إحنا التلاتة، أنا وسيف ونور، سيف ونور كانوا هيعترفوا لبعض بمشاعرهم أيامها بس خافوا بسبب المهمة!

وأنا بعدت عنك بفظاظة، بس ثانية هو أنتِ أي حد يقولك تعالي معايا حفلة تروحي عادي!
لكزته ضاحكة وهي تُردف ببعض الخجل: أكيد لأ، إيه اللي بتقوله ده، كل الحكاية إنك كنت لافت نظري وكنت حابة أتعرف عليك عادي،
رفع حاجبيه بابتسامة جانبيه لتلكزه بمعدته صارخة به وقد تحولت ل فراولة كما يقول دومًا: متبصش ليا كده!
ضحك يضمها قائلًا: خلاص متقلبيش فراولة كده، أنا أصلًا وافقت تيجي معايا عشان كنتي لافتة نظري برضو.

رفعت أنظارها له مُتسائلة بخفوت: بجد!
أماء مُبتسمًا وهو يدري ما يجول بخاطرها لينحني قليلًا مقتربًا بوجهه منها قائلًا: كنتي جميلة كعادتك وقوية، ومُلفتة بل وتتحبي كمان يا حبيبتي، أنتِ جميلة يا نورسينَ وتستاهلي الحب، ثقي في نفسك وخليكي واثقة إني مش بقول كلام، أنتِ جميلة وتتحبي.
أنتِ جميلة وتتحبي،
ظلت تتردد بعقلها بل تشعر أنها طُبعت بعقلها ولن تنساها أبدًا...

سارا معًا على شاطئ البحر بأيدي مُتشابكة يتحدثون عن كل ما مروا به وما ينتظرهم، بادرت بسؤاله عما تفوه به منذ قليل ل سيف ومهند.
عصام نزل مصر بجد؟
أماء وعيناه مُرتكزة على الفراغ من أمامه مُتشدقًا: عصام خلاص مش هيسافر تاني، ده لو الأفعى هو اللي جه، لكن لو عصام فأول ما الأفعى يظهر هيسافر تاني لو مش مستعد يواجهنا.

تشدقت بكرهٍ حملته له دون قصد، فقط أفعاله ما أوصلتهم لتلك النقطة: الشخص ده وجوده مُصيبة حقيقية، لازم نخلص منه، لازم فعلًا يتعالج،
هنشوف كل ده، أهم حاجة أول ما نرجع كل حاجة تمشي زي ما متخططلها يا ميمو.
عيب عليك يا باشا أنا مش تلميذة.
ارتفع حاجبه الأيسر يُناظرها فتشدقت سريعًا: أقصد أنا تلميذتك. اا.

ضحك يضمها لأحضانه مُردفًا بخفوت وصل لها وهي تُحاوط خصره بتملك: أنتِ النابغة بتاعتي يا ميسو، كل اللي اتعلمته وعلمتهولك نجحتي فيه، حتى الحب نجحتي وتفوقتي عليا فيه بس هفضل بحبك أكتر من حبك ليا مهما حاولتي.
ضحكت بخفة تزيد من ضمه فهو مُحق مهما فعلت بعلاقتهما فهو يسبقها بخطوة.

ارتمت نورسين تُجاورهما الأريكة في شرفة ألماس المُطلة على البحر، أردفت وهي تسحب إحدى أطباق التسالي من ألماس: ها يا ميمو مالك بقا يا ستي.
ضربتها ساحبة الطبق مجددًا وهي تهتف: ما تمدي إيدك تاخدي طبقك ده أنتِ.
نبست ببرود وهي تعتدل بجلستها تسحب الطبق الخاص بها والتي أعدته ألماس لها، فقد أعدت لكلا منهم طبق: مكسلة يا بنتي الله!
بلاش استهبال يا ألماس، مالك مش متظبطة انهارده ليه؟

هتفت نور بحدة طفيفة تُحاوط الأخرى بنظراتها.
أردفت بثقة اصطنعتها ونجحت بها قائلة: مفيش حاجة، أنا كويسة.
ألماس!
هتفت نور بحدة لتتدخل نورسين مُردفة بحنان:
ألماس يا حبيبتي مالك، إحنا ملاحظين إنك متغيرة وفيكي حاجة، وعلى فكرة مش إحنا الاتنين بس، ده مهند وسيف كمان وملاك سألتني الصبح برضو، أكيد مش كُلنا بنتهيأ ولا إيه؟!

تنهدت بحزن شديد سيطر على ملامحها تنقل نظراتها بينهما حتى انفجرت باكية؛ ضمتاها بقلق يُهدآنها قليلًا بالكلمات الحنونة كما يفعلان دومًا معًا.
هدأت ألماس قليلًا وقد تبدل حالها قليلًا وكأنها كانت تحتاج للبكاء بأحضانهما، تشتكي لهما مرار يومها كما كانت تفعل سابقًا فأردفت: ممكن نتجمع مرة كل أسبوع أنا وأنتم على الأقل.

صرخت بها نور قائلة: أنتِ عاملة كل ده عشان نتجمع؟! يا بنتي أنا يومين وهاجي أنا وسيف نقعد على قلب جوزك ال،
قاطعتها بحدة قائلة: نور! ممكن تشيلي جوزي من على راسك شوية؟!
أنهت حديثها ساخرة فقابلتها الأخرى بنظرات ساخرة، قاطعتهما نورسين متسائلة: أيوة برضو مالك يا ميمو؟!
أردفت بكل ما بعقلها من أفكار ومخاوف أقنعها بها شيطانها الصغير: أنا خايفة مخلفش تاني، وخاصةً بعد الحمل الكاذب اللي حصل أكتر من مرة،.

فقد كانت ألماس تشعر بوجود حمل وكلما فحصت بذلك الجهاز أخبرها بصحة الحمل، تتجه لتحاليل الدم فلا تجد لها أي صحة.
يا حبيبتي بطلي تركيز في الموضوع ده، وربنا يقدملك الخير، بس أنتِ كده بتوهمي نفسك.
نظرت لنورسين قليلًا تستوعب حديثها المقارب لآسر فانتشلتها نور قائلة:
إيه رأيك لما نرجع نروح للدكتور؟
أردفت بتفكير في الأمر: مفيش مشكلة بس أنا وآسر هنفضل أسبوعين هنا نخلص شوية شغل أو أسبوع ونص لسه مش عارفه،.

ثم استرسلت: آسر قالي نروح لدكتور فعلًا، بس أنا مش عارفة أخَرج الموضوع من دماغي خاصةً بعد،
توقفن عن الحديث أثر الاستماع لحمحمت الشباب وقدومها من ناحية الشرفة فقد كانوا بإحدى المطاعم...
أردف آسر مُتسائلًا: مش كفاية قعدت البنات دي وتيجوا معانا؟
مش عايزين.
قالتها نور بسماجة مقاطعة الأُخريات قبل الموافقة.
صرخ بها مُقتربًا من سور الشرفة: يا بنتي بقا متعنديش معايا يا نور!

وقفت صارخة به بسخرية: هتعمل إيه إن شاء الله لو عاندت يعني؟! هتمنعي من المصروف!
صرخ بها بحنقٍ شديد مُحاولًا تمالك ذاته فنور الوحيدة القادرة على إفلات أعصابه تقريبًا!
يا بنتي بقا لمي لسانك، أحسنلِك!
ولو ملمتوش.
نبستها ببرود متقدمة قليلًا من السور فصرخ بها:
هجيبك من شعرك يا بنتي!
أردف سيف ببرود مُتدخلًا بالحديث: أقولك، اقتلها ولا أقولك أضربها بس، في إيه أنتَ وهي!

صرخ بهما وهو يفتح ذاك الباب الخاص بالشرفة الذي يجعلك بالحديقة؛ متقدمًا من نور جاذبًا إياها بعيدًا عن أخيه.
صعد الاثنان الأخران والنظرات بين آسر ونور لم تنتهي فصرخت نورسين بها: خلاص بقا يا نور، ده آسر زي أخونا الكبير.
قوللها يا عاقلة يا مرات أخويا.
قالها آسر بفخر بتلك التي تحتَرِمه على عكس نور، فاسترسلت نورسين حينما شاهدت الامتعاض على وجه رفيقتها:
يا ستي في مقام أبونا برضو.

صرخ بها بدهشة ساببًا إياها: يا بنت ال،
قاطعته ألماس وهي تتقدم منه تُعانقه: سيبك منهم يا حبيبي، دي عيال مش متربية.
ابتلع مهند الطعام بفاهه بعدما جلس رفقة نورسين يأكلون: بغض النظر عن إن مفيش فينا حد شم ريحة التربية، بس في قاعدة حلوة على البحر، تحبوا نروح؟

بعد قليل من الوقت كانوا يجلسون على هيئة حلقة على وسائد وحولهم ضوء وجوارهم البحر بصوته المُحبب لقلوبهم.
أردفت ألماس بحماس مُتناسية أمر حملها الكاذب ذلك؛ مقررة الاستمتاع بوقتها: تيجوا نسأل بعض أسئلة؟
جراءة وصراحة؟!
تسائلت نورسين بعدم فهم لتوضحه لها قائلة:
لأ كل واحد يسأل سؤال والكل يجاوب،
وافق الجميع وابتدأوا بها، بما أنها صاحبة الفكرة: إيه هي هدية الفرح؟

سألت ومن حقها اختيار من أين تبدأ الإجابات فأشارت لمهند بالبدأ: سلسلة عليها اسمها و وجبات طبعًا!
ضحكوا بخفوت وبعدها أردفت نورسين فهي يمين مهند: مجبتش حاجة، أنا الهدية.
علت الضحكات أثناء ضمِهِ لها فاسترسلت: خليته ياكل من الأكل بتاعي.
كريمة أوي.
نبسها سيف ساخرًا فألقته بنظرة ساخرة متشدقة:
خليك في حالك يا أبو الكَرَم كُله.

أردفت نور فهي يمين نورسين وحتى تُنهي الجدال قبل احتدامه: جبتله مشاكل مع آسر، وأتخانق مع ناس في الاستراحة بسببي،
كانت تتحدث بابتسامة بريئة مُتحركة يمينًا ويسارًا، لتعلوا الضحكات من صراحتها متنبئين بمشاكلٍ جمّة لسيف بعد تلك الزيجة.
بادر سيف: قناصة محفور عليها اسمها،
ابتسمت نور بسعادة فكلما تذكرت الأمر زادت سعادتها، بينما هتف الجميع بصدمة: نعم!
تشدق آسر ساخرًا: متوقع إيه يعني!

صرخت نور به: يا ابني خليك في حالك بقا!
أردفت ألماس سريعًا وهو دورها: يوم الفرح جبتله دبلة تانية بتاريخ الفرح، لكن ذكرى جوازنا كان انهارده، مجبتش حاجة.
أنهت حديثها ضاحكة وهي ترى الدهشة على وجوههم بعدما تحمسوا لمعرفة هدية ذكرى الزواج.
سبها كلٌ منهما فأجابت بهدوء: الشتمة تلف تلف، وترجع لصاحبها.
تشدق مهند ساخرًا: إيه شُغل ابتدائي ده!

تجاهلته ناظرة لزوجها الذي تشدق: يوم الفرح جبتلك طقم دهب أبيض كان عاجبك وأول شغل ما بينا.
ابتسمت متذكرة ذاك العمل، كم تعشق تفاصيل قصتهم المخفية...
تشدق آسر حيث دوره بالسؤال مُردفًا: هنمشي بالدور يعني مهند اللي هيجاوب برضو، اختار شخص من الموجودين واتكلم عن مشاعرك اتجاهه، معادا شريكك.
أنهى حديثه ببسمة خبيثة وهو يرى أمال مهند تتحطم؛ خاصةً بعد حماسه للتحدث عن نورسين كعادته.
رِخم.

نبسها مهند بضيق يُوَلي وجهه عن الآخر...
صمت للحظات مُتشدقًا بحماس مجددًا: ومحدش يقرر، تمام؟
أماء الجميع فنبس بذات الحماس: سيف، أخويا اللي مجبتوش أمي،
لوهلة قد تضحك وأنت تتخيل لهجته الهمجية لكنه كان يتحدث بهدوء جعلهم يكفوا عن الضحك...
أكتر شخص وقف جمبي واستحملني، أنا فاكر كويس في فترة كنت بكلمه الساعة اتناشر مثلًا، سيف أنا تعبت، سيف أنا فاشل، سيف أنا هبقى وحش،.

ضحك مسترسلًا: أو أقوله تعالى ننزل نُصاية، والحمد لله كنا بنقعد بالساعتين والتلاتة، أكتر شخص مش عايز في يوم يزعل مني هو أنت يا سيف.
أردف سيف مجيبًا إياه بعاطفية: أنت عارف إني بحبك صح؟ يمكن أكتر من آسر شخصيًا.
علت ضحكاتهم مع ارتفاع حاجب آسر متشدقًا بسخط: والله!
هتف مهند من ببن ضحكاته ماحيًا تلك الدمعة التي كادت تفر من عيناه من فرط المشاعر: لا طبعًا ده أنت الخير والبركة،.

صرخ به آسر بضجر: إيه الخير والبركة دي، أنت بتكلم أبوك!
يا آسر باخده على قد عقله، ده أنت حبيبي برضو.
قالها سيف محاولًا تصليح ما أفسده مع أخيه، فأفسد مع مهند!

بعد خمس دقائق أو أكثر من نِزاع الثلاث شباب ها هم هدأوا فبدأت نورسين الحديث: ميمو، ال best، الحقيقة هي مش ال best أوي بما إني معنديش صُحاب يُعتبر، لكن ألماس ونور كانوا أخواتي بجد، بالنسبة لألماس فهي كانت بتمارس الأمومة علينا بجد، وهتفضل ألماس أكتر شخص أنا بثق فيه وبحبه.
ابتسمت ألماس بدموع تتجمع بمقلتاها مُتشدقة: أنا بحبك أوي.
أصلًا! عادي، أنا كده كده مبحبش غير سيف.

قالتها نور بضيقٍ مصتنعًا وهي تُولي أنظارها عنهما أثناء ذهول سيف من اعترافها فصاح لنورسين وألماس:
كل الشكر ليكم، هأكلكم خمس مرات في فرحي، ااا.
أُطلقت الضحكات وهو يُحاول استيعاب ما تشدق به أثناء حديث مهند: حافظ مش فاهم،.

تحمحمت نور مُردفة: جه دوري، وبما إني قدرت أحدد هدف اللعبة، فخليني أقول، آسر، أنا فعلًا مش بحمل ليك أي مشاعر كُره، كل الحكاية حابة أعاندك، أضايقك، وخاصةً بعد ما عرفت إن نادرًا ما حد يضايقك، فبستغل ده أكبر استغلال بصراحة،
ضحكت مُسترسلة: أنت فعلًا أخ بالنسبة ليا، ومهما حصل يعني، فللأسف عم عيال.
أنهت حديثها ضاحكة فشاركها آسر ساخرًا: غصب عنك على فكرة.
أماءت وهي تضحك مُردفة: للأسف عارفة.

استرسلوا اللعبة حتى أتى دور نور للسؤال فتشدقت: إمتى أول مرة حبيت شريكك، أو لفت انتباهك؟
أردف سيف مُحاولًا التذكر: بدون كذب، يوم الحادثة لَفتِي نظري وبعدين طنشت وكده عشان مُعاملتك كانت سُكر بصراحة!
أنهى جملته بسخرية أضحكت الجميع ثم استرسل: بس واحدة واحدة بقيت أقلق عليكي، شاغلة بالي، كده يعني.

أجابته مُردفة وقد كان السؤال خاص قليلًا ولكن الجميع الآن يسترق السمع: لما كُنا في المكتب وترتني ولبختني كده، بس خلاص.
أنهت حديثها ضاحكة وهي تُورِي وجهها بخجل فأسعفتها نورسين بحديثها:
ممكن في الحفلة عشان كنت بتلمح وكده بس مش فاكرة إمتى بالظبط،
استرسل مهند حديثها مُتذكرًا أول لقاء: لفتي نظري جامد أول يوم شوفتك في المحل.

انتقلت جُل الأنظار لذلك الثنائي المُتبقي وفعلت ألماس المِثل وهي تنظر لآسر تنتظر حديثه عن أولِ مرة.
حك آسر عُنقه وتحدث بعد لحظات من الصمت: مش هحور وأنا قولتلك قبل كده إني قاصد أوقعك يوم الحفلة، احم بس في إيه؟!
تسائل بالنهاية بسبب نظراتهم المُسلطة عليه وكأنه لم يُجيبهم بعد؛ حتى تشدقت نور بتساؤل:
أنهي حفلة؟ الحفلة اللي اتقابلتم فيها؟! والوقعة كانت بالقصد؟

أنهت حديثها ضاحكة بخفة وهي تنظر لآسر، أكان مُندفعًا لتلك الدرجة؟ فتاة رآها وأعجبته يُحاول التعارف عليها حتى لو بالعرقلة؟!
طالعها بحنق شديد فتشدقت نورسين تلك المرة مُفسرة دهشتهم: يعني شخصيتك تبان تقيل وكده، ااا.
صمتت بتلعثم ولا تجدد مُبرر لصدمتها إلا أن شخصيته قوية لا تظنها انجرفت وراء النساء قط!

وهذا هو المُضحك بالنسبة للثُلاثي اللذين كبتوا ضحكاتهم بصعوبه واضعين أعينهم أرضًا، وما كانوا إلا ثلاثي التهور والجلطة القادمة لآسر، زوجته وأخيه وابن عمته.
هز آسر رأسه بابتسامة ساخرة ينقل عيناه بين الثلاثة متشدقًا: ماشي، اضحكوا.
وكأنه أعطاهم التصريح بالضحك؛ فانفجروا ضاحكين دون رقيب وهو يُطالعهم بابتسامة جانبية؛ حتى ارتكزت عيناه عليها، كيف فعلت ذلك به؟

قد كان (كاريزما) كما تقول نورسين وثقيل على الفتيات بالفعل إلا هي، كان رغم رؤيته لها على أنها مجرد طفلة تصغر أخيه الصغير، إلا أن ذلك لم ينهي أو يُنكر الشعور الداخلي له حينها بالتعرف عليها، إغاظتها، تقضية جُل الوقت تقريبًا معها! حتى أعلن الراية البيضاء أمام عيناها الخضرويتان.

أردفت نور مُنتشلة آسر من شروده بما فعلته تلك الفتاة به قائلة: مش قادرة أصدق بصراحة كل اللي سمعته عنك، حتى فرح وزياد قالوا إنك أنت اللي معرفهم على الحفلات والهيصة، بس برضو مش مصدقة.
أنهت حديثها ضاحكة بخفة فأردف: حقيقة لا يُمكن إنكارها، كنت بايظ بس قد المسؤولية برضوا، شايل الشركة مع بابا بس بلعب من وراه حفلات وخروج.

قاطعت نورسين تلك الأجواء وهي تضع قطعة من الفراخ بفاهها، تلك الوجبة الذي جلبتها من إحدى المطاعم متشدقة: وأنت يا ميسو؟
ابتسمت ألماس تُطالع زوجها بأعين لَمِعت من فيض المشاعر المكنونة بقلبها لذات الشخص مهما مر الوقت، أردفت وعيناها مُرتكزة عليه تحفظ تفاصيل وجهه للمرة التي لا تعلمها:.

كنت بتوتر جامد من وجودك اللي بيتكرر في الخروجات، وخاصةً لما اشتغلت معاك في الشركة، بس أول مرة كنت مطمنة معاك في أول مرة نزلنا بعد التدريب والحمد لله لاغينا الشغل ورجعنا،
ضحكت متذكرة كيف كانت متوترة بشدة ذالك اليوم واطمئنت معه ولِحظِها أُلغيَ العمل ذلك اليوم.
ظلوا يتحدثون عن ذاك الماضي وعن كيف كان آسر وكيف أصبح حتى تشدق هو بخبث: أنتم عارفين أنا كنت مسميهم إيه؟

تسائل موجهًا حديثه لنور ونورسين؛ فتشدقت نورسين بسؤال هي الأخرى: الثلاثي المرح؟!
لا غيره، كل واحد كان ليه اسم،
ابتسامة ماكرة كانت تُزين ثغره، جعلت ثلاثتهم يُقسموا على انتهاء أعمارهم على يديه الآن!
أردفت ألماس بلين ودلال تُتقنه حينما تود الفَرار من عِقاب ما: آسر، بلاش فضايح يا حبيبي.
أطلق ضحكة ساخرة وهو يُطالع نور ونورسين يُشاهد الفضول يقفز من عينتاهما فأردف: فسيخة، مُلوحة، رِنجة.
إيه؟!

صدرت من كلتاهما بدهشة وعدم فهم.
في حين أن الثلاثة وَلَوا أنظارهم عن الاثنتين، ألماس في أقسى حرجها من ذاك اللقب أمام صديقاته، وكُلٌ منهما من إفشاء ذاك اللقب أمام شريكته بالعمر.
استرسل آسر حديثه مُبررًا: التلاتة كانوا أصحاب، وكل شوية مشاكل ودوشة، فسميتهم التلاتة وشوية وبقوا يذلوا بعض بالأسماء دي.
هتفت نورسين بحماس مُتجاهلة نظرات الضيق بأعين الثلاثة قائلة: استنى إحنا نخمن،.

هتفت نور بتفكير: ألماس دايمًا بتقول إن الفسيخ رخم كده، ومش بتحب الرنجة وإن مفيش أحلى من المُلوحة، تبقى ألماس مُلوحة.
تركزت النظرات على ألماس من سيف ومهند بحنق شديد فابتلعت لُعابها قائلة: إيه مش باكل فسيخ ورنجة!
فسيخ ورنجة برضو؟!
خرجت من كلاهما فقاطعتهما نورسين بتخمينها:
مهند فسيخ؟
صدتها نور بسخرية: ده عشان بتحبي الفسيخ وكده؟!

منّ عليهم آسر بإفشاء اسم كل شخصية منهم؛ حازمًا ذاك النقاش العنيف الذي دار بين الثلاثة، حول مُنذ متى ولا تطيقهم وأنهما أيضًا لا يُحبان الملوحة.
ميمو ملوحة فعلًا، ومهند فسيخة، وسيف رنجة.
وأنت؟
تسائلت نورسين فأجابها بغمزة خفيفة وثقة قائلًا:
أنا الريس.

فتح عيناه يناظر تلك الغُرفة بدهشة، ليست ذات الغرفة التي استيقظ بها المرة الماضية!
حاول تذكّر ما حدث وكل ما تذكره هو إصرار شيري على أن يقضي اليوم معها وفي المساء تحرك بسيارات الحراسه، كان عددها هائِلًا صدمه بشدة، لا يدري ما حدث بعد ذلك قد غفى بالطريق وها هو يستيقظ الآن.
نهض عن الفِراش نازعًا ذاك القميص المليء بدخان السيجارة الخاصة ب‌شيطانه، مُتجههًا لدورة المياه.

خرج بعد دقائق وغاب بغرفة الملابس لدقائق أخرى حتى خرج ببنطال كلاسيكي أسود وقميص أبيض دون الجاكت.
لاحظ هاتفه على تلك الطاولة جوار الفراش فسحبه فاتحًا تحديد الموقع كي يرى أين هو بعدما عجز من المعرفة من الشرفة.
ارتسمت بسمة خافتة على ملامح عصام وهو يرى أنه بالقاهرة! القاهرة، كيف؟ هل قرر شيطانه العودة لأرض الوطن حقًا؟!

لا يهم، هكذا نبس بذاته وهو يسحب تلك المحفظة والمفاتيح بالتأكيد هم مِلكه، ركض للأسفل كي يرى زوجته وأولاده قبل أن يحتل جسده ذاك اللعين مجددًا.
أشار لإحدى الرجال فتقدم سريعًا بِخُطى ثابتة مُردفًا: تحت أمرك يا باشا، اللي طلبته امبارح هيتنفذ خلال ساعة.
عقد حاجبيه بعدم فهم ولكنه تجاهل مُتشدقًا بأمر: جهز العربيات بسرعة عشان عايز أوصل اسكندرية خلال ساعة.

طالعه ذاك الشخص وما كان إلا خلدون الذراع الأيمن للأفعى تلك الفترة، أماء مُعرفًا ذاته: خلدون يا باشا، اتفضل العربيات جاهزة.
تحرك أمامه على مضض مُشيرًا إليه باتباعه، لا يدري ما يجب فعله إلا أنه سينفذ الأمر حتى يعرف ما يُريده ذاك الشخص، فهو على عِلم بمرض عصام.
تحركت السيارة بجوف الليل باتجاه الاسكندرية تشق الطُرق بسرعة شديدة تحت أمر عصام.
أردف عصام مُتذكرًا نظرات خلدون فسأله:
إيه اللي هيتنفذ خلال ساعة؟

نظر له قليلًا ثم صمت دون إيجابة فتسائل عصام بحدة: بقولك إيه اللي هيتنفذ خلال ساعة!
تنهد بهدوء دون النظر إليه بالخلف: معنديش أوامر بنقل الكلام ليك.
تعجب السائق من حديث خلدون لأول مرة مع رئيسه بتلك الطريقة؛ لكنه صمت يُتابع الحديث...
اهتز خلدون بِمجلسه وهو يشعر بذلك الأحمق يضع سلاحه على رأسه ويده على عُنقه من الأمام تخنقه متشدقًا:
ما تخلص ياض ولا الأدب مش نافع؟!

سبهُ خلدون وهو يُحاول الفلات من بين يده، مُتمسكًا برأيه؛ حتى لا يقتله الأفعى، أما عصام فحمد ربه أنه أخذ ذاك السلاح الذي وجده بجيب بنطاله الآخر.
شدد من قبضة يديه على عُنقه نابسًا بعُنف: ما تنطق ياض!
أنهى حديثه بإطلاق رُصاصة بالخارج مرت من أمام عينيه تمامًا، تلاها نابسًا بتهديد: الجاية في راسك،.

تشدق السائق سريعًا خوفًا من بطش عصام الأفعى مُتذكرًا كم المرات التي قتل بها رِجاله دون تهديد، يبدو أنه يعِز خلدون لتهديده!
تفجير المصنع الاحتياطي الجديد بتاع الأسيوطي.
نبسها سريعًا وبنبرة مُرتجفة فنقل عصام نظره له بابتسامة ثم نبس يزجر خلدون: وقف أي أوامر، وقفها!
صرخ بالأخيرة فأخرج الآخر هاتفه برضوخٍ فبتلك القوة لا يظن أن سيده الأفعى سيخرج مجددًا!
أرسل أربع أو خمس رسائل تحت أعين عصام ثم أردف:.

كل حاجة وقفت، ممكن تسيبني؟!
سِلاحك،
ناظره خلدون بجانب عيناه فكرر الآخر، تنهد خلدون بضيق مُخرجًا سلاحه وأعطاه له.
سحب عصام السلاح وعاد محله جالسًا بهدوء يُحاول التركيز وعدم استسلام لوسوسة الآخر بأنه ضعيف، غير قادر على مواجهة العالم، ذليل، سيبقى مُهمش وسط رِفاقه، كل تلك الأقاويل التي كانت تقولها والدته يقوله هذا الشيطان، أحيانًا يعتقد أنها والدته وليس شخصًا آخر!

هز رأسه يرفض تلك الأفكار، تلك الأفكار هي من أنشأت الأفعى، هي من جعلته يبتعد عن آسر حتى لا يكن مُهمش بحياته بل وجعلت الأفعى رئيسًا على ماجد الغريب لذات السبب، ألا وهو عدم التهميش...
علي ذكر آسر تذكّر كيف علمه مَسك السلاح والتصويب به، يحمد ربه أن الرصاصة مرت أمام عيني خلدون ولم تدخل بهما فقد فشل بالتصويب من أساسه!

رأى ملامح خلدون تُجعد بحدة بعدما وصله رسالة من هاتفه، يبدو أن إحدى مخططات الأفعى قد فشلت...

فرك عيناه مُعتدلًا بِفراشه يُمسك هاتفه، أبصر المُتصل فكان إحدى الرِجال الخاصة به بالاسكندرية، عقدت حاجبيه مُجيبًا بقلق من حدوث شيء لابنته أو أي شخص بالعائلة:
السلام عليكم، خير؟!
أتاه رد الرجل وهو يتحرك خارجًا من إحدى المخازن: وعليكم السلام، آسر باشا مِسِكنا رِجالة بيحاولوا يفجروا المخزن الاحتياطي الجديد، بيقولوا إنهم تبع عصام الشمراني، وجالهم رسالة بعد ما مسكناهم على تلفوناتهم بيقولهم انسحبوا،.

جز على أسنانه بضيق شديد ناهضًا للخارج حتى لا يُيقظ ألماس، هتف وهو يقف بالشرفة: لِمهم كلهم وأوعى واحد فيهم يهرب وخدهم على المخزن التاني لحد ما أنزل وتيلفوناتهم تتاخد وأنا لما أجي هتصرف، بس الحراسة تتشدّد على كل حاجه خاصة بينا، مش عايز أخسر جنية قصاد عصام،
أغلق هاتفه ينظر بالساعة بحنق شديد، إنها الخامسة فجرًا! من يهجم بالخامسة فجرًا عصام! بربك يا رجل.

زفر يجلس على تلك الأريكة، أرسل إحدى الرسائل ثم ترك الهاتف جواره مُغمضًا عيناه يعود برأسه للخلف.
زجرت ألماس زوجها بحنق هاتفة: أنت سايبني ونايم بره يا آسر؟!
آسر!
هتفت بحنق وصراخ جعله يفيق، تنفس بعمق فاتحًا عيناه ببطء يُطالعها بضيق واضح بعيناه.
لم تُلاحظ نظرته الجانبية تلك هاتفة: أنت نايم بره ليه؟!
سحب هاتفه من جِواره دون حديث يُطالع الساعة، قد أصبحت العاشرة؟ كيف لم يكد يُغمض عيناه!

رفع أنظاره يُطالعها ثم نبس بخفوت أثر النوم:
عصام كان هيفجر مخزن من بتوعنا.
إيه!
نهض مُتحركًا للغرفة أثناء حديثه تتبعه هي: بعت رجالته الساعة خمسة الفجر ابن يفجروا المخزن بس الرجالة الله يخليهم مِسكوهم، بس الغريب إنه لما خد تلفوناتهم وصلهم رسالة بالإلغي كل حاجة،
وقفت أمام باب دورة المياه متسائلة: هتردهاله؟

أجابها بعد دقيقة وهو يخرج يدور بالغرفة وهي خلفه تُساعده باختيار ثيابه: لو عليّ عايز أردهاله دلوقتي، بس أي حاجة لسه سليمة عند الشمراني، ملاك ومليكة شُركاء فيها وغير كده لو عملت حاجة ومالك في الساحة يبقى بعاديه،
خلص خد دُش بسرعة عشان نلحق نفطر.
أجابته وهي تُعطيه مِنشفة بعدما أخرجوا الثياب الخاصة به.

ابتلعت الطعام وعيناها تطوف بالمكان ثم تشدقت لزوجها الجالس أمامها: شكلهم راحت عليهم نومه،
قدم لها الطعام مُردفًا: سيبك منهم وكملي فطارك، هنقضي اليوم مع صحابي لحد حفلة جيمي، ولا؟
مفيش مشكلة،
نبست تبتلع ما بفاهها.
سيف أنت فتحت تيلفونك؟
نظر لها بضيق فهي أغلقته بعد ليلتهم بالأمس كي يغفو دون أي اتصالات، أخرج الهاتف من بنطاله يفتحه واضعًا إياه على الطاولة جوارهم.
بابا وحشني،.

رفع نظره لها بابتسامة ثم تشدق بحنين هو الآخر: وأنا كمان بابا وحشني جدًا.
تحدثت بلهفة وابتسامة: بابا كلمني عنه، وافتكرت قابلته قبل كده هو وعمو محمود، كنت بحب عمو محمود جدًا، كان بيجي لبابا كتير، لكن عمو رأفت مقابلتوش كتير،
إزاي مشوفتكيش رغم إني عارف ياسر من زمان!
تسائل بدهشة فأجابته مُمسكة بيديه:
مكنش مكتوب اللُقا ساعتها، كنت موهومة بحب عمار، يمكن شوفتك بس قلبي كان مُغيب ساعتها،.

شدد من عناق يديهما مُردفًا: أكيد مشوفتكيش، عشان لو كنت شوفتك ساعتها مكنتش هحلك.
نعم؟!
عقدت حاجبيها بعدم فهم فأجابها ضاحكًا بخفة:
مش هسيبك يا نور يعني.
ولا أنا هسيبك.
انتبه على صوت الرسائل الكثيرة الواردة؛ ألقى ناظرة خاطفة على هاتفة وهو يبتسم لها بِحُبٍ؛ فدُهش!

عَلى صوت هاتفهما أحدهما برسائل والآخر بمكالمة، تملل الاثنان بنومتهما وتحدث مهند بنعاس: نينو تيلفونك بيرن.
لكمته بمعدته حيث تستقر على صدره هاتفة: ما تيلفونك أنت كمان عامل دوشة!
نهض الاثنان بضيق ساحبين هواتفهم لمعرفة ما الأمر، كان الاتصال من ألماس مُردفة: يا بنتي فينكم برن بقالي شويه!
أجابتها بصوت ناعس تستند على ظهر الفِراش مُغمضة عيناها: كنت نايمة،.

فحص هاتفه وإذا برسالة من آسر ففتحها بدهشة لإرسالها على المجموعة الخاص بهم سيف وآسر ومهند.
عصام الح كان باعت رِجالة تفجر مخزن من بتوعنا.

تجمعوا بإحدى المطاعم يأكلون وبجوارهم سيف ونور الّذين حظوا بوجبة الفطور بالفندق لاستيقاظهما باكرًا.
هتف سيف بعدم فهم لما حدث: يعني المخزن اتفجر يا آسر؟
رفع أنظاره عن الطعام مُردفًا بشرود: لأ الرجالة اتمسكوا بس الغريب إن جالهم رسالة بإنهم يوقفوا العملية،.

أضاء هاتف آسر باتصال من مالك قاطعًا حديثهم، أجابه فاتحًا المُكبر كما طلب مهند: عصام جه البيت، بس في هيئة عصام، وأنا عرفت باللي كان هيحصل، هو اللي أنقذ الوضع في آخر دقيقة.
دار بعيناه على الجميع ثم تشدق: تمام، عمومًا أنا مش هسكت،
هتف بحنق شديد قائلًا: آسر متعملش أي حاجة، أنت كده هتضرني أنا و ولاد أخويا مش هتضره هو! وبعدين أنت مخسرتش حاجة؟!

ماشي يا مالك بس أنا لو خسرت جنية واحد مش هخلي في حساب ولاد الشمراني جنية،
كان يجلس مُقابلًا لأخيه بتوتر حتى سمع حديثه الأخير؛ لِيُدرك حجم الحديث وحدته، أشار عصام لأخيه مُردفًا: ادهولي،.

كاد مالك أن يرفض لكن أمام إصرار الآخر؛ رضخ مُعطيًا إياه الهاتف، تشدق عصام بحنين لرفيق الطفولة، خليل المُراهقة، أقرب شخص إليه حقًا: آسر، أنا فعلًا آسف على الحاجات اللي هو عملها، بس أنا والله لما فوقت وعرفت نيته خليت الرجالة توقف أي حاجة، ااا أنا،
صمت بعدم معرفة لما يجب قوله، وبالجهة الأخرى كان آسر يستمع له بدقة يُحاول معرفة هل هذا عصام أم شيطانه، طال الصمت ليقطعه آسر بهدوء:.

خلال أيام هرجع وساعتها نتكلم.
أنهى حديثه مُغلقًا المُكالمة ثم رفع أنظاره لهم مُردفًا:
لازم يبدأ يتعالج ولازم نعرف عن مرضه عشان نِقدر نِتعامل معاه،.

يوم السبت| عشرون من أغسطس
صباحًا.
كانت سيارات عصام الشمراني تكتسح ساحة القصر الأمامية.
خرج على أثر كم السيارات تلك جميع من بالقصر، تقدم مالك خطوتان للأمام وقبل عُلو صوته سائلًا؛ أتاه الجواب.
هبط عصام من السيارة يُخبء السلاح ببنطاله قاذفًا الآخر بوجه خلدون بسخرية واضحة ثم تخطاه، تخطاه حيثُ الدرجات الأولى للقصر.
عصام!

هتفت بها مليكة بلوعة ولم تقدر على منع ذاتها وشوقها من الركض إليه، عرفته من طلته ونظراته حتى ملابسه! تختلف بالقميص فقط إلا أن هندمتها مُختلفة...
عانقته بقوة هامسة بأُذنه: وحشتني أوي يا عصام.
بادلها العِناق بقوة هامسًا: وأنت كمان يا حبيبتي وحشتيني.
ابتعدت عنه مُشيرة لصِغاره الذين خرجوا على صوت السيارات: تعالوا سَلِموا على بابا،.

أدرك مالك حينها أن هذا أخيه فأشار لهم بالدخول مُنسحبًا وخلفه البقية للداخل، كانت عقول تامر ونادر مُشوشة قليلًا، يتطلعان لما يحدث بعدم فهم، مُنذ متى وبين والديهما مودة وحب؟!
اقترب عصام من تامر بابتسامة مُردفًا بشوق ظهر لتامر كمُبالغة: وحشتني جدًا يا تيمو.
عانقه ولم يُبادله الآخر لحين ابتعد فتشدق تامر بحدة طفيفة: تامر يا، يا بابا.

لم يفهم مُعاملته تلك على عكس مليكة التي أدركت حجم ما هم به، وَلدِها لا يُحبهما، هما الإثنان!
اقترب عصام من نادر يُعانقه وكحال أخيه فلم يُبادله بل ظل محله بتيبس لا يُدرك ما يجب فِعله، تلك المرة الأولى التي يُعانقه والده!
ابتعد عصام مُردفًا بابتسامة ودودة: وحشتني يا نيدو ولا أقولك نادر؟!
حك نادر عُنقه بابتسامة متوترة مُردفًا بتلعثم: لا، ع عادي.

وضعت مليكة يدها على وجهها تُخفي دُموعها وهي تشعر بأختها تجاورها وتواسيها، نادر يهابه بشدة وتامر لا يهتم لهم من الأساس!
انتقلت أبصار عصام لثالث على مقربة منهم يقف جِوار تلك الفتاة، تُشبه بعيناها آسر؛ إذًا هي ابنة آسر، عاد بأنظاره لصبي، يُشبه أولاده بشدة!
متى جَلبَ الصبي الثالث؟!
أخرجه من شروده اقتراب أحمد بابتسامة لَبِقة بالنسبة لِطفلِ مثله مُتشدقًا وهو يمد يده لمُصافحته: أحمد مالك محمد الشمراني.

أدرك الشبه بين الثلاثة حينها، هو ومالك توأم مُتشابه، وكذلك مليكة وملاك...
انحنت ملاك على تامر ونادر مُتحدثة بهمس: حاولوا تتعاملوا عادي وأنا هفهمكم كُل حاجة لما نِطلع.
طالعاها قليلًا ثم أماءوا؛ ليتحدث تامر بصوت مُرتفع: عن اذنكم، يلا يا عمو عشان توصلنا إياد زمانه وصل،
أشار بعيناه لبقية رِفاقه ليخرجوا سريعًا تبعهم صوت عصام بخفوت وحزن: هما مش هيقعدوا معايا شوية؟!

ابتسمت مليكة مُحاولة الثبات: معلش يا حبيبي، الولاد عندهم تدريب صيفي في المدرسة.
مش ضامن أفضل حابسه كتير،
نبس بها عصام بخفوت وحُزنٍ شديد سيطر عليه مما أَدَّ لِعلو صوت الآخر بداخله مُردفًا بكم هو ضعيف، نكرة، لا يحتاجه أحدهم بحياته...

جذبت بطاقة الأموال الخاصة به هاتفة بصراخ وسعادة لِحصولها عليها وأخيرًا بعد ثرثرة وزَنٍ دام بعض الساعات.
هتفت بسعادة شديدة؛ مَحت جُل ضيقه: بحبك جدًا يا مهند.
وأنا بحبك يا عيون مهند.
أردف بها بابتسامة انمحت بسبب حديث نور من الخلف جِوار نورسين:
نينيني، ممكن تتحرك يا عم الحبيب.
نظر لها بحنق مُتشدقًا: خِفي يا نور، خفي يا حبيبتي، مش كده!

وَلى وجهه مُتحركًا بالسيارة، تحدث سيف بشرود وخفوت سمعه الجميع بسبب صمتهم: ده لو طِلعت حامل! ضِعنا،
أردفت نور بتساؤل مُتقدمة من المقاعد الأمامية: هي مين يا سيف؟
انتبه لها سيف مُتسائلًا: هي مين إيه؟
مين اللي لو طِلعت حامل هنضيع؟
نظر لها مُردفًا بحماس: البطلة لو طِلعت حامل من حبيبها القديم؛ هنضيع.
لكزته بذراعه مُتشدقة بحنق: يا ابني بقى ركز معانا!
هتف مهند بتذكر وتساؤل: صحيح هي ميسو كويسة؟

انتبها الجميع لسؤاله وتشدقت نورسين: بتقول إنها كويسة، وكذلك علاقتها بآسر، فيا رب تكون كويسة،
بادر مهند مجددًا بسؤاله: أصل غريبة يعني، حفلة وبتاعت جيمي كمان وتقول لو حبت تيجي هتبقى تيجي،
صمت بتيهة فبادر سيف تلك المرة: آسر قال هيجيبها وييجي، سيبك يمكن آسر مضايقها ولا رفضلها طلب هتخليه يوافق وتيجي أكيد، المهم هنتجمع الساعة تسعة عشان ندخل الحفلة مع بعض، نزلنا هنا بقا،.

قالها وهم على مشارف إحدى الطرق المليئة بالأسواق والمحلات والمولات وكل ما قد تشتهيه الأنفس تقريبًا، اصطف مهند بالسيارة وهبط كل ثُنائي يشق طريقه اتجاه وجهته على موعد باللقاء في التاسعة.

ركض إياد اتجاه رِفاقه حيث كان ينتظرهم بمِحراب المدرسة رِفقة بقية الطلبة، عانق تامر سريعًا وبقوة حتى كادا الاثنان أن يسقطا لولا دعم أحمد لهما من الخلف.
ابتعد عن تامر هاتفًا: وحشتوني من امبارح ل‌انهارده!
عانق نادر ثم أحمد أثناء عِلو صوت تامر بتهكم: كذاب أوي.
ابتعد عن أحمد يُصافح ألماسة أثناء حديثه: ازيك يا لولا، بصراحة يعني أنا كان منظري وأنا واقف لواحدي،.

صمت يُطالعهم باشمئزاز دليل على سوء منظره بمفرده، فَعَلت ضحكاتهم تُجيبه ألماسة:
قول كده بقا،
كادوا يتحدثوا ليُقاطعهم صوت إحدى المُشرفات تُخبرهم بالذهاب للمسرح.
أحمد ونادر وألماسة بالمقدمة، يتبعهم تامر وإياد الذي جعله يُبطء خُطاه مُردفًا بتساؤل: أنت كويس يا تامر؟
طالعه الآخر بتساؤلٍ فقط فأجابه: يعني شكلك متضايق أنت ونادر فقولت أسألك.

ابتسم تامر مُتشدقًا وهو يسحبه للأمام يعانق ذراع أخيه: متقلقش يا إيدو، كويس.
عانق ذِراع أخيه يسير الخمسة باتجاه المسرح بابتسامات تتناقل بينهم وهم يسيرون بنهاية الطَلبة، دخلوا المسرح بعدما أُغلقت أبوابه؛ فسُلِطت الأنظار عليهم حيث يَتحدث المُحاضر:
أولًا، الملاكمة،.

رَفع هاتفه يُجيب على اتصال إحدى الأشخاص من البنك؛ تشدق الشاب سريعًا دون تِرحابٍ حتى: بيتم سحب فلوس كتير من حِساب حضرتك يا فندم، نوقف السحب؟!
ألقى نظرة على من تُجاوره بذاك المقعد في إحدى ممرات المولات، مُنغمسة بأكل بعض الحلوى الأجنبية، تشدق بهدوء حاول التحلي به: دي المدام، متوقفش الحِساب، ااا ولا أقولك وقفه وقفه!

قالها بنبرة أشبه بالبكاء وهو يُراقبها تنهض من مجِلسها مُتجهة لإحدى محلات الملابس الشهيرة بعيونٍ تلمع اتجاه بعض الفساتين، ليته فستان كي يلقى تلك النظرة منها!

ما بلاش بيت الرعب!
تشدق بها بحنقٍ شديد وهو يُحاول سحب نور بعيدًا عن تلك اللُعبة.
وقفت عن سحبه توازيه بالوقفة وهي تهتف به: سيف أنتَ بتخاف؟
ضرب جبينه من هذا السؤال الذي دومًا ما استمعه إليه حينما يرفض تلك اللُعبة إن كان من معه من الجنس الآخر.
تشدق ببعض الانفعال: يا ستي مش بخاف، السؤال هنا أنتِ بتخافي؟ ولا بتستحملي، هتجيبي اللي في بطنك ولا هتضحكي؟!

اشمئز وجهها حينما ذكر أمر الاستفراغ فهتف بها قائلًا: إيه! ما أنا مش كل مرة هدومي تبوظ بسبب بيت الرعب!
ضيقت عيناها مُتسائلة، كل مرة ماذا وتلك مرتهم الأولى؟!
كل مرة مين يا سيف، إحنا أول مرة نروح ملاهي مع بعض!
جذبها من ذراعها لتلك اللُعبة وهو يروي لها مرتاه مع ألماس وألماسة حيث استفرغت كُلٌ منهما حينها على ثيابه، مرته الأولى مع ألماس وكان رفيقته، والثانية مع ألماسة من عِدة أشهر...

أصبحت التاسعة وسيارة آسر تشق الطريق حيثُ الحفلة بعدما اقتنعت ألماس بالذهاب للحفل والاستمتاع بوقتهم، كانوا يتحدثوا مع من بالقاهرة حيثُ عَلى صوت صغيرتهم بالسيارة مُتشدقة:
بابا إحنا عايزين نِلعب مُلاكمة، بس أنا برضوا عايزة ألعب بالية.
أجابتها ألماس بحب: حبيبتي اللي عايزاه طالما حاجة حلوة مفيش مشكلة، ولما نيجي نقدملك.

تسائل آسر عن سبب تلك اللُعبتان المختلفتان تمامًا: بس اشمعنا بالية وملاكمة يا لولا؟!
تدخلت نادر بالحديث بشغف عن مُخططهم: بص يا عمو إحنا كُلنا هنلعب ملاكمة، وجمبها حاجة كمان، أنا وتامر وإياد هنلعب كورة وممكن تامر يلعب جودو وأنا اشترك في الوثب الطويل، لسه مش عارفين، لكن لولا وأحمد اتفقوا يلعبوا ملاكمة وبالية مع بعض.

تدخل مالك بالحديث مُردفًا: يا عم وافق وخلاص عشان أروح أشتركلهم بكرة مع النادي والمدرسة في التدريب الصيفي.
حيث رفضت ألماسة أن يشترك لها مالك دون موافقة والديها.
أغلقوا المُكالمة بعد حديث طويل وهما يصطفان بالسيارة على مقربة من الحفلة.
سارا الاثنان معًا وسط الحشد، أردف آسر لألماس بعدما مروا من البوابة الأساسية: لو حسيتي إنك تعبانة؛ قولي وإحنا نمشي على طول.

ضغطت على يده قليلًا مُردفة: متقلقش يا حبيبي أنا أحسن دلوقتي.
تقدموا من الصفوف الأولى ولم يلتقوا بالبقية ولا حتى أي رفيق تقريبًا كل من رؤوهم أرسلوا لهم التحية باليد هكذا حتى وقفوا أمام المسرح.
وقف كلًا من الشباب خلف زوجاتهن يُحيطهن بتملك وحِماية حتى لا يلمسهن أحدهم بقصدٍ أو دون...

كانت نور ونورسين يلتقيطون الصور ويُشاركوها مع ألماس والتي توازيهم بالوقفة تقريبًا، يقف آسر يُحيط بألماس من جهة اليمين للمسرح، ومهند يُحيط بنورسين وكذلك سيف يُعانق نور من جهة اليسار للمسرح.

فتح عيناه بضيق من ذاك الثُقل على صدره يعيق حركته فتفاجأ بِخُصلاتٍ لفتاة تُعانقه من خصره العاري بقوة؛ مُنذ متى يسمح لإحداهن بالمبيت معه؟ هُنّ مُجرد ليالي عابرات، تنتهي الليلة فتذهب الفتاة سريعًا، ماذا جد؟!
جذب هاتفه كي يعرف أين هو وكم الساعة فلا يتذكر شيء تقريبًا ليلقاها أصبحت الثانية من بعد مُنتصف الليل.

نهض سريعًا كي يتصل على رِجاله ولكن لفت نظره تغيير المؤشرات الخاصة بهاتفة، درجة الحرارة، درجة الحرارة!
مُنذ متى تصل درجة الحرارة بألمانيا لتاسعة وعشرون؟!
حدد موقعه سريعًا وفورًا عَلَى صوته بسبةٍ نابية وهو يسحب ثيابه الرسمية يرتديها تحت سبه المتكرر:
الح عصام، ماشي يا عصام بتغفلني وتجيبني مصر! والله لأخلَص ليك عليهم، وأديك أنت اللي جلبتلهم بقا لما جبتني هنا يا ابن ال.

ظل يسب حتى قاطعه صوت مليكة الناعس وهي تتسائل: بتلبس ليه يا عصام، في حاجة، الولاد كويسين،
قاطع تساؤلاتها الكثير ببرود وهو يغلق قميصه الأسود يسحب الهاتف ومُتعلقاته كالمفاتيح وغيرها: أنا مش عصام.
انتفضت جالسة بموضعها تهتف بدهشة وصدمة ألجمت عقلها: الأفعى؟!
نبس بسخرية يُطالعها: هو في غيري؟!

تقدم من باب الغرفة وقبل الخروج طالعها: ماشي يا مليكة، أكيد أنتِ اللي ورا العَمِلة دي وجيبتيني هنا، لن أترككم جزاءً لفِعلتكم تلك.
أنهى حديثه بالألمانية ثم صرخ بها: مَن أنتم لتجليبوني لِمِصر قصرًا؟ أجننتِ أنتِ وعصام؟!
تسائل ولم يترك لها فُرصة الإجابة بل خرج ضاربًا الباب خلفه بعنفٍ شديد.

تسابق الأفعى مع أدراج السُلمِ بُخطى سريعة حتى انتهى وما كاد يُغادر الرُدهة لِرجاله بالخارج حتى استمع لصوتِ صغيرٍ ساخر: إيه يا عصام باشا؟ زهقت مننا؟!
التفت لذلك الصغير يُطالعه بأعين تتطاير منها الشرار حيث ما زال غضبه من فعلت عصام تحتل عقله مثيرة أعصابه، اقترب منه وهو يعلم هويته فهذا ابنهما تامر شيطانٌ صغير إن سنِحت له الفُرصة سيكن أكبر منه شخصيًا.

هبط لمستواه قليلًا مُردفًا ببرودٍ وسخرية: أنا مش عِصام باشا يا تامور، أنا الأفعى، قدوتك.
أنهى حديثه بغمزة وبسمة واثقة، ساخرة لا تعرف لها مهية ثم نهض يُمسد على خصلات تامر الذي طالعه بعدم فهم، ورحل شيطان عصام الأفعى بِخُطى سريعة.
اقترب من موقع السيارات والحراس الخاص به يُطالع القابع بالسيارة بثبات يُطالعه بنظراتٍ مليئة بالضيق قابلها هو بتهكمٍ مُردفًا: خلدون،.

بلحظاتٍ كانت تتبدل ملامحه مُرتجلًا من السيارة هاتفًا: باشا! أخيرًا.
هتفها بسعادة مُقتربًا منه يُعانقه.
تحرك خلدون بالسيارة الخاصة بعصام يُجاوره عصام ينفردان معًا بالحديث دون السائق، تتبعهم جُل السيارات خُروجًا من قصر الشمراني.
تشدق بتذكر: ده طِلع شخصية وبتاع يا باشا، بقولك رفع عليا السلاح! ده اللي بتقولي كتكوت؟!

أنهى حديثه بتهكم طالعه الآخر بتهكمٍ أيضًا مُتشدقًا وهو يزفر هواء سيجارته: بس يا خلدون عشان طلعت أنت اللي كتكوت ونزلت من نظري.
طالعه سريعًا هاتفًا: طب والله لولا إنكم نفس الجسم أنا كنت قتلته.
جينا إزاي؟
ألقى نظرة له ثم عاد للطريق قائلًا: آخر مرة شربت فيها وطلبت ننزل مصر ومعرفتش أرفض وفضلت على حال الشرب يومين ولما فوقت لقيت عصام في وشي،.

طال صمته مردفًا بخفوت: يعني مش عصام اللي جابني، يا ترى كنت بفكر في إيه؟
تسائل محاولًا التذكر فهو أحيانًا قليلة ما ينسى بعدما يعود، تطلع لخلدون متسائلًا: حد عِرف حاجة غيرك يا خلدون؟
لا والله يا باشا، سرك في بير، حتى الرجالة كُلهم كانوا مستغربين مُعاملتي معاك، ااا. نسيت أقولك،
صمت يبتلع لُعابه بتذكر، فنظر له الأفعى بشك قائلًا: نسيت إيه يا خلدون، أكيد حاجة غلط حصلت دي أول مرة أغيب يومين ولا تلاتة.

بصراحة هو عِرف وخلانا نِلغي الشغل كله، وغير كده الرجالة اللي كانوا هيفجروا مخزن الأسيوطي، رجالة الأسيوطي مسكوهم.
صرخ به بدهشة: وأنت ساكت من ساعتها يا خلدون! يعني أغيب وآسر بيدلع مش طاله ضرر كمان!

ارتمى جِوارهم على الأريكة يُتابع ألماس تُشعل التلفاز على إحدى الأفلام، قد قاربت الساعة على الرابعة فجرًا وقد قرروا قضاء بقية الليلة معًا.
تقدمت نور من المجلس ببعض الحلوى والفشار تضعهم على الطاولة ثم جلست جِوار زوجها وكذلك ألماس ليهتف مهند:
يالا يا نينو.
أتاهم صوتها بضيق من الداخل حيثُ حُكمَ على النِساء بتجهيز الجلسة، وحُكمَ على نورسين بتجهيز المشروبات: يا ألماس!

ردت عليها فتشدقت نورسين بسؤالها: فين السكر؟
أتاها الرد من مهند بابتسامة وعبث: كفاية أنتِ يا سكر.

ما القادم أهدوء أم أن الهدوء لن يزر صفحاتنا، أستهدينا الحياة في آخر النفق ما تمنيناه أم أنها خدعة جديدة للإيقاع بك...
هذا ما سنراه بسطور رحلتنا، ترقبوا.
لا تحكم دون رؤية النهاية فقد تكن دامية.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة