رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل السابع عشر
متنسوش وسط الحر ده تدعو: اللهمَّ أجرنا من النار.
هبط سيف للأسفل يبحث عن طعام فبعد أن صالح نور وقضى الجميع وقت رائع تركوهم وعادوا لتنام نور وكذلك فعلت ألماس هي وابنتها وآسر أما هو فلم يقدر على النوم فقرر البحث عن طعام ليلهيه قليلًا، دخل المطبخ ليجلس على المائدة الصغيرة ويأخذ من الفاكهة ليأتيه صوت مهند: كنت متأكد إني هلاقيك هنا.
تقدم منه مهند وهو يبتسم لينظر له بحنق ثم أخذ يأكل ما بيده بلا مبالاة ليقذفه مهند بمنشفة من جانبه فنظر له سيف ببرود.
جلس مهند بجانبه و قال بحنق: بطل استفزاز وأنا أسف جدًا وعارف اللي حسيت بيه والله كنت هموت من الحر.
نظر له سيف وضحك: وروحت جبت آيس كريم لواحدك يا خاين.
ضحك مهند وهو يضمه إليه: لو على كده انزل اجيبلك آيس كريم دلوقتِ.
ليشاركه سيف الضحك وهو يضمه هو الآخر بشدة ويتحول ضحك سيف لبكاء شديد فيحاول مهند ابعاده وهو يتحدث: سيف!، أنا كويس يا ابني مكنش مقلب مش مقصود و الله، يا سيف.
سيف و زاد بكائه و هو يحتضن مهند بقوة و يرى والده أمامه و تحدث من بين شهقاته: خوفت، خوفت يا مهند اخ، اخسرك، اخسر أخويا، و شوفته، شوفت بابا.
ليزداد بكائه حدة: بابا مات بسببي أنا، لولا إنه دافع عني مكنش مااات و أنتَ لو ك، كان حصلك حاجة كان هيبقى بسببي برضوا، شوفت ماما و هي بتموت قدام عيني و أنا واقف أبكي و بس، مهند أنا مش عايز أخسركم، مش عايز أنا ما صدقت آسر فاق وألماس رجعت، عشان خاطري متسبنيش، مستعد أموت عشانكم بس مشوفش واحد فيكم بيتأذى!
بكى مهند هو الآخر وهو يضربه: اسكت بقى، متقولش كده مكنش في إيدك حاجة تقدمها لسلمى أما رأفت مماتش من الرصاصة ده كان قدره.
ليبعده عنه ويهزه بعنف وهو يصرخ به: مش ده كلامك، اسكت بقى دك القرف عيل مختل وزبالة.
: وحيوان كمان.
لينظران لباب فكانت ألماس عيونها حمراء أثر البكاء فقد هبطت هي وآسر للحديقة الخاصة وجائت هي لكي تأخذ بعض الحلوى لتسمع سيف، تقدمت ألماس من سيف وضربته بذراعه ثم احتضنته: لو سمعتك بتتكلم عن إننا هنبعد عن بعض هقتلك واخلص منك.
ضحك سيف من بين دموعه لينضم لهما مهند وتنظر له ألماس ولعلامات العض بذراعه و تضحك ثم ينظر سيف لأثر اللكمة.
تحدث سيف لمهند بتساؤل: بتوجعك؟
ضحك مهند وهو يلامس اللكمة: يعني بس إيدك تقيلة أوي ياض.
ليحتضن الثلاثة بعضهم وهم يضحكون ويحمدون ربهم على تجمعهم ليشعروا بألماس تُسحب من بينهم فينظرون ويلقوا آسر يسحب ألماس من ملابسها وهي تصرخ به: باشا عيب كده قطعت اللحظة! باشااا برستيجي؟
آسر ببرود: بس بقى أنا مش فاهم إيه الهبل ده واد عند ستة وعشرين سنة بحالهم ولسه مبيعرفش ينام من غير حدوته.
سيف بسخرية: هيهيهيهييي بس يا أبو تلاتين ده أنتَ لحد ما كانت البت دي هنا وكنت بتسمع حدوتة قبل النوم.
نظر له مهند وانفجر ضاحكًا فوالدتهما كانت تروي لهما كل ليلى حكاية حتى أصبحت عادة وناوبها والدهما بعد موتها، وحتى الآن سيف لا يقدر على النوم بدون حكاية أما آسر فتعود قليلًا بعد رحيل ألماس.
نهض مهند وسيف وأخذ الطعام ليصعدا لأعلى كي يبدأ مهند بحكي حكاية الليلة أما ألماس وآسر فقضى الليلة على الأرجوحة.
ظلت تتحرك يمينًا و يسارًا و تنظر للباب، فلأول مرة يتأخر بالخارج، و أجبرت هي ابنهما أن ينام، حتى يفيق باكرًا، كان عقلها يصور لها ألاف المشاهد، و أوشكت على البكاء، بسبب تخيلها فقدان زوجها و حبيبها و أمانها، حتى انفتح الباب فركضت له سريعًا، لتلقاه و هو يقذف حقيبته بجانب الباب و يغلق الباب و أخذها بأحضانه و ارتمي بجسده على أول أريكة، و هي بأحضانه ليتحول الذعر للشعور ببعض من الأمان.
مسكت يداه و تحدثت بقلق: مالَك يا مالِك قلقتني عليك و أحمد فضل سهران لحد الساعة اتناشر و مرضاش ينام غير بعد فين و فين، خوفت يا مالك، أنا كنت خايفة.
كانت تتحدث و سقطت دموعها بدوني وعي لينظر إليها ببسمة و يمد يده يزيل دموعها و يشدد من احتضانها: أنا أسف يا ملاكي بس كان غصب عني.
ظلت تبكي و تتمسك به بشدة و هو يمسد على ظهرها ثم أبعدها و قبل وجنتها: قومي نامي يلا.
هزت رأسها برفض شديد و تمسكت به: لاء طبعًا مش هقوم غير أما تحكيلي يا عسل.
ضحك عليها و ضمها إليه: ماشي يا قلب العسل هقوم أغير و أنتِ اعمليلنا كوبايتين شاي و سندوتشين.
صرخت بحماس و نسيت خوفها و هي تتابع رحيله للغرفة: شاي بالنعناع و سندوتشين جبنة بالطماطم.
لتسمع موافقته و تركض هي سريعًا للمطبخ ليمر وقتًا و يجلس الاثنان بالحديقة ليلقي هو قنبلته و هي تأكّل.
مالك بهدوء: شوفته!
ظلت تكح و هي تشعر بأن الطعام وقف بحلقها ليقدم لها الماء: شوفته هو جالي و اكتشفت حاجة مكنتش اتخيلها يوم.
نظرت له بشغف و قلق و هي تضع الماء جانبًا: اكتشفت إيه؟
مالك و هو ينظر للفراغ: عنده انفصام في الشخصية، شيزوفرينيا...
نظرت له قليلًا ثم ضحكت بشدة: مالك أنتَ شارب حاجه أو عامل عاملة فبتخرف صح؟
ثم ابتسمت بهدوء: قول الحقيقة وهنلاقي ليها حل إن شاء الله.
ابتسم بألم فكيف ستتحمل صغيرته فكرة أن أختها بسجن لشخص يعاني من الانفصام فقرر عدم إخبارها الآن: اللي جالي الطيب اللي فيهم.
ملاك بسؤال بعدما أدركت عدم مزاحع: وأختك!
مالك بحزن: أختي تعتبر بتساعده و الطيب مش بيظهر لحد و الهانم نفذت حلمها و اتجوزت.
ملاك بدهشة: الريس!
مالك بحرج مما فعلته أخته: استغلت المشاكل اللي حصلت في علاقته مع المجنونة و اتجوزته.
ملاك بجدية: مالك هو أنتَ متأكد إنهم إخواتك!
ضحك مالك بحزن: مش أوي بصراحة.
صمت الاثنان لتتحدث ملاك بغموض و خفوت بالإنجليزية: سأعود و سأنتقم منهما مهما حدث.
خرجت من جناح والداها بيأس فهي لم تستيقظ للمدرسة و استيقظت مع حلول وقت الظهيرة فأدت صلاتها و بدأت بالبحث عن والديها فلم تلقياهما و كذلك أعمامها و جدتها لتهبط للأسفل بحزن و ملل و تثاقل و هي على الدرج لترى شيري تجلس و بيدها هاتفها فتبتسم و تسرع للأسفل:
تقدمت ألماسة من موضع شيري و قالت بابتسامة: صباح الخير يا طنط.
نظرت لها شيري بدهشة فلم يسبق أن حدثتها بابتسامة كهكذا، لتتجاهل كل ذلك و تتحدث بعدم اهتمام: صباح النور.
نظرت لها ألماسة قليلًا ثم تحدثت بسؤال: هي ماما فين.
شيري بدهشة: ماما مين؟
ألماسة بحاجب مرفوع: ماما ألماس يا طنط هي فين هي و بابي و عمو و أنكل مش لاقية حد هنا!
أعادت شيري نظرها للهاتف و هي تتحدث: أااااه المعزة اللي كانت هنا مشيوا كلهم.
صُدمت ألماسة من التعبير و أردفت بخفوت: معزة!
ثم تحدثت بصوت مرتفع: هما فين؟
شيري بعدم اهتمام: قولتلك مشيوا كلهم و أولهم المعزة.
لم تكذب شيري فألماس أول من خرج من المنزل حتى تلحق المدرسة و تأخذ أجازة اليوم لتذهب للشركة فلم تذهب لها بالأمس بسبب هاتف أم محسن و إخبارها لها بطلب نورسين دجاج في يوم غير يومه فذهبت لترى صديقاتها بحجة عدم تنفيذ جدول الطعام التي وضعته هي.
لتصرخ ألماسة بها بنفاذ صبر: مامي مش معزة أنتِ فاهمة.
نظرت لها شيري ثم تحدثت ببرود و هي تقف: اطلعي أوضتك يا ألماسة.
لتتحدث ألماسة ببرود اكتسبته من والدها فأصبحت تتقنه بشدة: ولو مطلعتش؟
أمسكتها شيري من ملابسها بحدة و هي تصرخ بها: ألماااسة أمشي من قدامي أنا مش طايقة حد.
لتلقيها بعيد حتى كادت تقع لكن أمسكتها ألماس التي حضرت للتو هي وآسر، لتفحصها جيدًا وتعدل ثيابها ثم تحتضنها: لولا حبيبتي أنتِ كويسة.
ابتسمت ألماسة وهي تحتضنها بشدة: مامي أنتِ كنتِ فين!
أنحتها ألماس جانبًا وقاطعة آسر الذي كان ينظر لشيري ولم يبدأ حديث بعد وتحدثت هي بصوت مرتفع: أنتِ اتهبلتِ يا شيري ولا إيه أنتِ إزاي ترمي بنتي كده، عارفة يا شيري لو كانت حاجة حصلتلها خدش واحد بس أنا كنت هعرفك مقامك هنا وإيدك متتمدش تاني فاهمة.
شيري بدهشة من حديثها فهي تبدو لها وقحة كيف تقول ابنتي بكل هدوء هكذا وهي تركتها لها لأعوام: بنتك إزاي أنتِ لسه فاكرة، كنتِ فين أنتِ من خمس سنين عشان تقولي بنتي ها كنتِ فين وأنا اللي بوديها وأجيبها وأهتم بيها؟
ألماس ببرود تخفي خلفه ألم بُعدِها عن ابنتها: أنتِ مالك أنتِ هتحسبيني ولا إيه؟ وامشي من وشي دلوقتِ عشان مقتلكيش.
ألماسة ببرود وهي تجلس على الأريكة وتأكّل: متسكتلهاش يا مامي، وعلى فكرة قالت عليكِ معزة.
نظر آسر لألماسة بدهشة من تلك، هو تعود على ابنته رقيقة وهادئة فماذا حدث: ألماسة! أنتِ بتشعليليها!
لم تستطع لولا الرد بسبب صوت ألماس التي ارتفع بالمنزل، ألماس بسخرية: أنا معزة يا حرباية يا ناقصة رباية يا سرير من غير ملاية وتسريحة من غير مراية، يا إبرة مصدية في كوم زبالة مرمية يا سو اااااااااج.
ضحكت لولا بسعادة وهي تصفق ليتجه آسر لألماس ويمسكها من خصرها قبل أن تهجم على شيري لتصرخ هي: سيبني عليها بنت الشمراني دييي والله لو عترت (مسكتك) فيكِ يا شيري لأكون مطلعة شعرك في إيدي.
دخل مهند وحبيبة ليصفق مهند وينضم للولا بسعادة: الله عليكِ يا ميمو أنا بقالي يجي أربع سنين هموت واعمل كده.
ضحكت ألماس وهي تهدأ: أي خدمة.
شيري بحنق وهي تتحدث بالإنجليزية: ستظلين هكذا ولن تنسي أبدًا أنك جئتِ من الطرقات.
لتصرخ بها ألماس وهي تمسك شعرها: أنا جاية من الشارع يا شيري ال أنتِ، والله لأوريكِ عشان تعرفي تقلي أدبك معايا تاني.
صرخت شيري بألم وهي تحاول الفرار من ألماس، وآسر يحاول سحب ألماس بعيدًا، ليتركها ويقف ينظر للاثنان.
آسر بصرامة وقد نفذ صبره و لم يقدر على إبعاد المشاكسة عن تلك الحرباء: ألماس سيبيها.
لم تتركها ألماس ونظرت له بحنق: دي بتشتمني يا ريس.
آسر بصرامة وهو يبعد يد ألماس عن شيري: قولتلك خلاص سيبيها.
ابتعدت ألماس وهتفت بتذمر وهي تصعد لغرفتها: ما لازم تدافع عنها عشان مراتك وبتحبها.
نظر آسر للجميع ليستأذنوا ويصعدوا لأعلى وتتبقى شيري بمنظرها المبعثر لتصرخ بألم: أنا مش هسكت على فكرة على الكلام ده.
آسر بنبرة هادئة وباردة كعادته معها: صوتك، صوتك يهدى كده عشان مبحبش الصوت العالي.
لترمقه بصدمة ماذا يقول هذا، ودت لو تصرخ به، وتجذبه من شعره المتشبت به كما تفعل هي، و تضع أصابعها بعيناه التي تئسرها، حتى لا تتأثر و هي تضربه، لترحل سريعًا حتى لا تفقد آخر ذرة بتحكمها بعصبيتها، فهي تحكمت بها حتى تستعطفه، لكن فور رحيل ألماس انفجرت بصوت مرتفع، ليعود لبروده التي تود أن تكسره، و ترى هل بداخله مشاعر لو كان يوجد لديه مشاعر من الأساس، فهي تشك بذلك.
آسر مثل أخيها عاصم، هما الاثنان بل مشاعر فقط أشخاص جامدة، نتجت عن الحب ذلك الضعف المسمى بالحب، تكون كالوحش الثائر أمام الجميع، و حينما تقف أمام معشوقتك تصبح طفل صغير فاقد الإرادة بكل شيء، هي فقط من تتحكم بك، كانت ستكون هكذا إن تزوجها وهو يحبها لكن لم يفعل ذلك تزوجها وتركها بالمنزل غير عابء بنبضها الهاتف بإسمه، يترجاه بأن ينظر إليه نظرة واحدة، و كان حينما ينظر لها ينطق إسم تلك اللعينة ألماس و لا يراها هي، كفى ذلك لابد أن تقضي على قلبها و تنتقم من ألماس بابنتها و من آسر بها هي ألماس فقد أدركت الآن أنه لن يقدر على بُعدها مجددًا، إذا لتلعب على ذلك الخيط.
خيط كخطوط السيرك إما تقدر على الوصول للجهة الأخرة بنجاح وانتقام من آسر وألماس أو، تقع بالمنتصف سنرى ذلك وأتمنى أن لا تقع بالمنتصف بل تعود أدراجها ولا تصبح الشرير بحكايتنا فأظن هناك شخص آخر احتل ذلك المنصب.
جلس مهند بجانب ألماسة التي تشاهد التلفاز بهدوء وحبيبة التي تتحدث بالهاتف: أهون عليكِ كل ده يا نونه؟
عند ذكر إسم نونه انتبهت جميع حواس مهند لوالدته ليشير لها بأن تفتح مكبر الصوت فقد اشتاق لها ويود سماع صوتها لتوافق والدته بعد محاولاتٍ كثيرة.
فتحت حبيبة الإسبيكر: هترجعي الشغل أمتى يا مقموصة.
ضحكت نورسين بشدة وهي تتحدث بسخرية وألم بات يظهّر بصوتها: أنا مش مقموصة، أنا مطرودة يا بيبة.
نظرت حبيبة لمهند بلوم ثم تحدثت وهي تحاول معها: بقولك إيه الشغل ملوش دعوة بالحياة الشخصية وأنا مش عارفة اشتغل من غيرك والبت رنا بتعمل مصايب كتيرة ومش لاقية حد ياكل أكلها.
لتهتف بحنق وهي تأكّل: و هو أنا كنت باكل أكلها!
حبيبة بدهشة: يا نورسييين!
ابتسمت وهي تتذكر: هي مرة و لا مرتين وعشان قالتلي إني هتخن وأبقى زي كرنپو.
ثم تابعت بتساؤل: أنا هبقى كرنپو؟
ضحكت حبيبة وهي تحاول غلق مكبر الصوت لكن مهند يرفض: لأ أبدًا أنا بنتي أحلى البنات.
رددت نورسين خلفها بألم: بنتك!
ابتسمت حبيبة وتحدثت بحنان: أه يا نورسين بنتي اللي مخلفتهاش اللي مقبلش إنها تتهان أبدًا وبقولك لو حابة مترجعيش لمهند براحتك بس حاولي تفصلي بين الشغل وحياتك الشخصية.
صمتت قليلًا ثم تحدثت ومهند ينظر لها بصدمة فماذا فعلت الآن؟ أتحرضها عليه أم ماذا؟
نونه هستناكِ في الأتيلية تسعة الصبح ولا أقولك خليها عشرة، عشان متقعديش تعيطي وتقولي بدري وبتاع، سلام.
أغلقت الخط لينظر لها مهند بحنق وينظر لألماسة بتذمر ويجلس مكانه فتضحك والدته ولكن ماذا كان يتوقع منها فهو أهان الفتاة ومن حقها أن تقاطعه لكن ما دخل العمل بذلك!
ألماسة لمهند بشرود: هي ماما بتحبني؟
دُهش مهند وحبيبة من السؤال ليسألها مهند: ليه بتقولي؟
لتشرد ألماسة قليلة في ذكرى يوم مولدها العام الماضي: (تامر بغضب و هو يبتعد عن الطاولة: لتذهبِ للجحيم بعقلك هذا.
نظرت له ألماسة بصدمة ماذا فعلت هي فقط أرادت أن ترى صور والدتها بمفردها فما الخطأ بذلك ورفضت تعليق الصور والتصويب عليها: فيما أخطأت يا هذا!
تامر وهو يسحب الصور من يدها ويقذفها أرضًا: لقد تركتكِ تلك المدعوة بأمك فلِمَّا كل ذكرى ميلاد لكِ تظلينا هكذا تنظرين للصور فقط، ألقي الصور بأول قمامة تقابليها وكفاكِ مكوث بالماضي كذلك الصغير.
وأنهى كلامه وهو يشير على أخيه ببرود لترد هي بعصبية شديدة: في ذكرى ميلادي القادم ستكون والدتي هنا وسترى أنا أملك يقين كامل بذلك أما أنتَ فستقضيه بمفردك حزين بائس كما أنت دائمًا.
ضحك نادر بسخرية: ما تتكلموا عربي وكفياكم فذلكه عشان اليوم يعدي على خير كده.
تامر بعصبية: لن يمر.
ثم نظر لألماسة: سأكون الشرير بروايتك ماسة حتى تتعلمِ كيفية الحديث معي.
صرخت بغضب: أسمي ألمااااسة.
لتأتي شيري وهي ترى العصبية احتلت وجهي الاثنان: إيه اللي بيحصل هنا.
لم يرد عليها أحد و تناقلت النظرات الغاضبة لتقول هي بغضب بدأ يتسلل لها وكأنها عدوة بتلك الغرفة: ما تنطقو.
ليبادر ذلك الهادئ التي لم تمسسه العدوة بعد: مفيش يا عمتو تامر قال لألماسة ترمي صورها مع والدتها في الزبالة أو يلعبوا بيها وتبطل كل سنة تمسكهم كده وهي قالتله إنه هيفضل بائس، بس.
قال كلمته الأخيرة بهدوء وكأنه شيء عادي فقد اعتادة على النزاع الدائم بين ألماسة وأخيه لتتحدث شيري بحنق: تامر مش بائس يا ألماسة
plus what manning بائس.
صمتت لثواني ثم قالت: لا يهم ما يهم بالأمر أن تامر محق لا داعٍ لصور والدتك فهي قد تركتك وهي لا تحبك. ).
كانت ألماسة شاردة بكلمات شيري التي قالتها بالإنجليزية حتى لا تصل لآسر من هؤلاء الحراس فتلك الغرفة بالحديقة، لتفيق على هزات مهند.
مهند بدهشة: روحتي فين يا ألماسة!
ألماسة بابتسامة اتقنتها: مروحتش أنا بسأل عادي بس.
ليبتسم مهند وهو يريد تركها على راحتها ثم يهتف وهو ينظر بعيناها لتصدق كلماته: ألماس بتحبك يا لولا ومتصدقيش أي حد يقولك غير كده.
لتهز رأسها بهدوء وابتسامة فيحتضنها مهند.
بالحديقة الملحقة بجناح آسر كانت تجلس ألماس وتضع قدماها بالمسبح وهي تتذكر صراخه عليها بأن تصمت.
ما ذنب قلبها التي يحبه ليصرخ هكذا هو يعلم أنها لا تطيق تلك المدعوة شيري لأنها كانت تحبه قبل زواجهم بل وما زالت فلِمَّا تزوجها لما عرضها و عرض ذاته لذلك الموقف وسمح لواحدة كشيري بسؤالها أين كنتِ طوال الأعوام الماضية وهل ما زلتِ تتذكرين ابنتك أم ماذا.
فاقت من أسئلتها على جلوسه بجانبها لتبتعد قليلًا فيقترب هو ويجعل وجهها يقابل وجهه: بتبعدي ليه يا ألماس!
ابتسمت بسخرية: أنا مش ببعد أنتَ اللي مش عارف تقرب.
ابتسم عليها وضم يديها بين كفيه: بالعكس يا ميمو أنتِ اللي خايفة ومحتارة وفاقدة الثقة من ساعة ما جيتي بل من ساعة ما إتأكدتي إن شيري مراتي وكأنه كان كابوس واتحقق.
هتفت بسرعة بنبرة حملت الكثير من الغيرة الواضح: هو فعلًا كابوس واتحقق، كابوس بشع خوفت منه زمان وبعدتك عنهم بالرغم من إني عارفة إني ليك في قصر الشمراني قرابة وصلة رحم، بس مقدرتش، مقدرتش أشوفك قريب من شيري الحرباية اللي جتلي أول يوم بعد رجوعنا من الساحل لما سافرنا بعد كتب الكتاب وقالتلي إنها بتحبك وإنها هتخليك تبعد عني.
ليتحدث بدهشة وحاجب مرفوع: وأنتِ بقى مبتثقيش في حبي! إزاي تصورتي إن ممكن حد يدخل بينا، ألماس أنا حبيتك من يوم ما كان عندك سبعتاشر سنة وجاية الحفلة بالفستان القصير من لحظة ما رقصنا مع بعض، يمكن ساعتها قولت مفيش حاجة من الهبل ده و إني مش هحب واحدة أصغر من أخويا أكيد، بس مرة في مرة بقيت أجي لسيف عشان أشوفك بقيت أخرج مع الشلة بعد ما كانوا مملين بالنسبة ليا عشان ألمحك أو نتكلم أو حتى أشوفك بس بتتكلمي وطريقتك وهزارك، تفاصيلك كنت حافظها كنت بستنى على أول الشارع بتاع الدرس المتأخر وأفضل وراكِ لحد ما تروحي عشان محدش يضايقك و لو حد ضايقك بظهر وكأني كنت معدي بالصدفة، كنت وما زلت حافظ تفاصيلك لأني بحبك.
ضغطت على يديه بقوة وتملك: وأنا بغير، بتحرق من جوايا بحس بقلبي بيتخانق لما بيشوفها جمبك هي أو أي واحدة تانية!
ضحك آسر عليها و هو يضمها: شوف بقولها بحبك من أيام ما كان عندها سبعتاشر وهي بتقولي بغير.
تمسكت به ألماس بشدة و هي تضحك و تستمع لنبضه لتهمس بخفوت استمعه جيدًا: وأنا محبتش ولا هحب غيرك يا آسر قلبي.
صمت الاثنان لدقائق لا يعلمانها فقط يستمتع كلًا منهم بذلك القرب ليقطع ذلك الهدوء آسر وهو يضحك فتبتعد عنه وتسأله:
في إيه أنتَ شارب حاجة.
ضربها على رأسها بخفة: بطلِ يا عسل.
ضحكت وغمزت له بمشاكسة: وهو في عسل غيرك أنتَ برضوا يا أسرني بعينك الحلوة دي.
ضحك آسر عليها بشدة فهي أحيانًا تكون جريئة وأحيانًا أخرى لا تود أن يحادثها حتى كما فعلت بتلك الرحلة رحلة الساحل.
(بعد عقد القران استأذن آسر والد ألماس بأن تذهب معه برحلة إلى الساحل هو ومهند وسيف فقط ليومين فهناك عمل بإحدى القرى السياحية ولا يود تركها وهي انتهت من عامها الثالث والأخير بالثانوية للتو فلماذا لا تخرج، ليوافق والدها وهو يقول من أنا لأمنع زوج من زوجته.
هتف مهند بملل: هي فين النيلة البيست وأخوك يا عم!
سيف بملل هو الآخر ويأكل بعض من الفاكهة: مش عارف، آسر قال هيعدي على الهانم ويجيبها ويجي.
مهند بضيق بسبب انتظاره لأكثر من نصف ساعة: أنا زهقت وعايز انزل البحر وبعدين الهانم عاملة عروسة وبتتأخر.
ضحك سيف و هو ينهض: بيقولوا مرة في العمر فمفيهاش حاجة لما ألماس تدلع وبعدين تعالى هنا هي إمتى متدلعتش؟
مهند و هو ينهض الآخر: تدلع ومالوا وهتتعلق برضوا تأخير هانم.
وقف سيف وأخذ هاتفه وهاتف مهند وهو يهتف: هوديهم الشالية وارجع.
ذهب سيف لغرفتهما وترك مهند يراقب الجميع في صمت حتى عاد سيف ليهتف مهند بضجر وقد تملك منه الملل: أنا نازل أنا البحر وهما حرين حتى لو هيولعوا...
قاطعة آسر من الخلف فقد جاء هو وألماس: مين دولا اللي يولعوا يا مهند؟
فزع مهند ونظر خلفه سريعًا ليبتسم بغباء: آسو حبيبي يا باشا أخيرًا نورت أنتَ والهانم.
ألماس بسخرية: ومالها الهانم يا مهند.
مهند بسخرية يضغط على حروف حديثه: قمر وهتشلني قريب.
ألماس بلا مبالاة وهي تضع حقيبتها: القرِيب القرِيب يا رب.
سيف بتذمر: خلاص بقى أنا قاعد بقالي نص ساعة بتفرج على ناس نازلة وناس طالعة ولاحظوا إن السينجل الوحيد فيكم.
مهند بسخرية: كنت ده قبل ما أفسخ خطوبتي مع ملك.
شعرت ألماس بالسعادة فلم يسبق لها أن اطمأنت لتلك الملك ولكن أخفت سعادتها قائلة: ليه يا لوكا ده أنا كنت ب...
وصمتت ليضحك سيف بسخرية: لسانك مش قادر ينطقها.
ضحكت ألماس: بصراحة مكنتش بحبها مش مستريحالها كده، يلا أخدت الشر وراحت.
نزع آسر قميصه و نظر للبحر: آخر واحد ينزل هيعزم الباقي انهارده على العشاء.
أنهى كلامه بغمزة ليسرع للبحر وخلفه ألماس التي نزعت قميصها الأخرى فكانت ترتدي قميص شفاف على تيشرت بحملات رفيعة وتنورة قصيرة، ليلحقا بهما سيف ومهند وهما ينزعان التيشرت الخاص بهما لكن سيف رمى ملابسه بوجه مهند، وكانت الخسارة من نصيب مهند.
مر الوقت وسحب آسر ألماس بعيدًا عنهما وحاوط خصرها لتبتسم بسماجة وتوتر وهي تضربه بكتفه ليبتعد: خير يا ريس.
نظر لعيناها طويلًا ثم قال: في واحدة تقول لجوزها حبيبها ريس برضوا.
لم تنتبه له ألماس كليًّا وهتفت بعدم فهم: أمال أقولك إيه.
ثم تذكّرت كلمة حبيبها: مين قال إنك حبيبي!
ابتسم آسر: أنتِ قولتيها يا ميمو.
نظرت له بدهشة فهي لم تقولها ولن تقولها فهي لم تصدق حتى الآن أنه أصبح زوجها ليستكمل حديثه: إيه هو أحلى حاجة في الحمّى
صمت يتأمل ملامحها ثم تحدث: الاعترافات اللي بيقولها التعبان
ضربته بصدره بحدة وهي تبتعد: قول بقى أنتَ بتستغل إني مش في وعي يا آسر وتخليني أقول حاجات هبلة!
ضحك آسر بسخرية: أمال فكرك هاجي أخطبك من غير ما أعرف بتحبيني ولا لأ.
صمت قليلًا وهي تنظر له بحزن ليهمس بحزن وألم: أنتِ مش بتحبيني؟
اقتربت ألماس منه ومسكت يداه قبل أن يرحل: كنت عاوزه أقولهالك الليلة في جو مختلف، كنت عايزاها مميزة.
ليبتسم ثم يقول بمكر: هي إيه بقى.
احتضنته ألماس وهي تهمس بجانب أذنه: بحبك.
ليشدد من احتضانها وهو يهمس: و أنا كمان، بحبك.
صمت قليلًا وهي بأحضانه ثم تحدث و هو يبتعد: مميز إن أول مرة تقوليهالي تبقى في البحر.
نظرت له بعدم فهم ليقول ببراءة: أنا كذبت عليكِ دي أول مرة تقوليلي بحبك فيها.
فتح ألماس عيناها بدهشة وحرج و نظرت للماء، ماذا فعلت أأوقعها بحبه سابقًا و جعلها تعترف له الآن ليبتسم بسعادة و يضحك عليه فتنظر له بتذمر و تضربه ببطنه بحدة.
آسر بألم: أهدي يا عسل، من هنا لعند سيف و مهند و الخسران هينفذ لتاني طلب.
ابتعدت عنه بحدة ثم نظرت للمسافة و ابتسمت: حضر نفسك لتنفيذ أوامري.
ما إن أنهت كلامها حتى سبحت سريعًا وهو خلف يضحك بسعادة عليها وأنه وأخيرًا جعلها تعترف فقد أصر سابقًا على ذلك ورفضت هي ولكن معه لا للرفض).
من الواضحِ للجميع بأن الماضي لن يترك أحدهم بحاله وسيظل الرفيق الأول!