رواية جرح الماضي للكاتبة رؤى جمال الفصل العاشر
بِالمشفى استعادة حبيبة وعيها و حاول مهند إخراجها بما هي به و معرفة لِما جاءت ضُباط الشُرطة: ماما، يا ماما قوليلي في إيه بس ماما!
لتقول كلمة واحدة جعلت الزمن يدور: عَمك.
عند ذكرها لتلك الكلمة تذكّر ذلك الشخص من يُلّقب بِعمه حينما طلب وِرثه من أخيه مَحمود والد مُهند قبل وفاته.
عمك جايب الشرطة و رافع قضية إنه مأخدش وِرثه من أبوك و عايز الأتيلية الرئيسي.
ليقول بثبات: يلا نروح و أنا هتصرف مَعاه.
طب و المقر الرئيسي.
للأسف كده هيتقفل لحد ما يتحكم في القضية.
لا لاء مش هَينفع يا مُهند مش هَينفع.
قومي بس يا أُمي نروح و أنا هتصرف.
أَخذ مُهند والدته و نورسين التي تُتابع الوَضع في صمت، هي والدها يبيعها كسلعة رخيصة الثمن و ذلك العم وَرث أخاه بحياته و يريد وِراثته الآن! ألتلك الدرجة المال أهم مِن العائلة؟ ماذا فعلت بِنا الحياة بل الأصح ماذا فعلنا نحنُ بأنفسنا؟!
نورسين.
نورسين و هي تنظر للغروب بعدما أوصلا حبيبة: خير يا مُهند.
لما كُنت فوق عند ماما طلبت إنك
ليصمت فتكمل نورسين: إني أيه.
تروحي تقعدي معاها هي عندها خدم بس كلهم أجانب و كده و متخفيش أنا مش هكون موجود في البيت عندي شُغل كتير.
مش عارفه أقولك إيه بصراحة.
لتصمت و تفكر قليلًا ثم تُوافق.
مر شهر تم الإنتهاء مِن القضية على يد نور و سيف و مُهند أما الماس فكانت لا تفارق الماسة على أملٍ أن تسمع خبرًا تتوقى لسماعه أما نورسين فكانت مع حبيبة طوال الشهر و كذلك شيري لم تُفارق آسر على أملٍ أن يستعيد الوعي.
العسكري: سيف و مُهند بيه عند عامر بيه.
نور و هي تنظر بالهاتف: تمام جيبلي قهوة.
العسكري: تمام يا فندم بس في واحد بره عايز يعمل محضر.
نور بعصبية: مينفعش أشرب قهوة يعني و هو موجود ما تجيب القهوة و تدخله يا ابني.
ليخرج العسكري برهبةٍ و يدخل ذلك الرجل و نور تُلقي نظرة على ما بيدها لتفيق على صوتٍ تشعر أنه تلصصه إلى أُذنها من قبل: عايز أعمل محضر في طليقتي مش عايزاني أشوف ابني.
نظرة له نور لتبتسم بحزن و شريط من حياتها يمر أمامها: نور أنا بعزمك على فرحي.
نور سبوع ابني الخميس هستناكِ.
حاول ذلك الرقم إرسال الرسائل لك.
حاول ذلك الرقم الإتصال بك.
ماما عايزاني أفسخ الخُطوبة.
مش هعرف أقولها حاجة.
مرت تلك الذكريات أمامها مصطحبة معها استيقاظها الدائم أثر ذلك الكابوس، سقوطها المُستمر أمام السيارات فاقدة الوعي لتقول: أحسن فرحانة فيك دي أخرة إلى يسيبني يا عمار.
لينصدم عمار بشدة: نور!
أيوة نور إللِ كسرتها عشان ماشي ورا أمك، عايز إيه.
عايزك يا نور أنا بحبك.
لتفقد نور آخر ذرة بأعصابها فتضرب يدها بالمكتب و تقف: و أنا بكرهك يا عمار بكرهك اخرج برة و مشوفش وشك تاني خلي بقى مامتك تحللك المشكلة دي و إسمي النقيب نور، برة.
بداخل مكتب اللواء كان يتمم على كل شيء و أن جميع الأمور تسير حتى سمع لصوتٍ من الخارج لينادي العسكري: النقيب نور يا فندم ماسكة في واحد كان جاي يعمل محضر.
مُهند بصدمة: هي وصلت للمرحلة دي!
ليتجه سيف و مهند سريعًا للمكتب و خلفه عامر ليدخل سيف أولًا و كان المشهد كالتالي: نور تمسك بقميص عمار و تثبته على الحائط و تقول بتهديد: تخرج من هنا و تروح لأمك و لمراتك إللِ اتجوزتها يا أستاذ و تولعوا في بعض كُلكم و مش عاوزه أتنيل ألمح طيفك فاهم.
عمار: مكنتيش كده يا نور!
لتضحك بسخرية ثم تخنقه: النقيب نور.
فيبعدها سيف من الخلف بشدةٍ و يخبر عامر العسكري بأخذ عمار لمكتبه و لا يدعه يخرج مهما حدث لتبدأ نور بالبكاء و الصراخ و من ثم تهدأ فجأةً ليتركها سيف حتى يرى ملامحها و يستشف ما ستفعله لتفاجأ الجميع برحيلها.
عامر: اللحقوها بسرعة دي مُمكن تعمل في نفسها حاجة.
لحقا بها الاثنين و كان تسير و هي لا ترى أمامها بسبب صديقاتها الدموع و كانت هناك سيارة تمر ليصرخ سيف: نووووور.
كان يصرخ و هو يجري بشدة حتى لحقها و وقعان فوق بعضهم البعض و تبعه مُهند و كانت فقدت الوعي ليحملها و يدخلها السيارة و سيف يَقود.
في المشفى دَخل سيف و هو يحمل نور و مهند خلفه ليحضر الممرضين سريعًا فهو سيف الأسيوطي من عائلة الأسيوطي صاحبة المستشفى، أخذ بعض الممرضين نور و كان يقف سيف و مهند فجاءت إحدى الممرضات و قالت بدلع لسيف: متقلقش يا سيف بيه هتبقى كويسة.
لينظر لها باشمئزاز و هو يسأل نفسه كيف تلقب تلك بملاك من ملائكة الرحمةِ و دورها معالجة المرضى فينظر لمهند ليبعدها مهند.
مرت دقائق و هما في قلق شديد ليخرج الطبيب و يطمئنهم عليها: ده مجرد إنهيار عصبيّ فكتبتلها على شوية أدوية.
مهند: نقدر ناخدها عادي و نروح صح؟
الدكتور: أه طبعًا و ألف سلامة يا سيف بيه على آسر بيه و المدام نور.
ليرحل الطبيب فينظر مهند لسيف: أنتم متجوزين ياض من ورايا.
سيف بصدمة: أيه إللِ بتقوله ده، نور هي البلوة إللِ خبطها من فترة.
ليتركه و يدخل لنور و يفهم مُهند ما يحدث حوله و يدخل، كانت تجلس على الفراش و ملامحها ثابتة: مهند: كده تخضينا عليكِ يا نور.
سيف: ألف سلامة عليكِ يا مدام.
نور بهلع لمهند: في أيه يا مهند ليه سيف و الدكتور بيقولوا مدام.
ليذكرها بذلك الموقف و ينهي كلامه: هو إللِ كان في المكتب ده هو السبب في كده.
نور بابتسامة حاولت رسمها: ده خطيبي.
لتنسحب أنفاس سيف و يقول بصدمة: أنتِ مخطوبة!
نور و هي تكمل: ده كان خطيبي و سابني مِن ست سنين تقريبًا و دلوقتِ طلق مراته و قال إيه عايزني.
سيف: عازه عزرائيل.
ليبتسم كلًا منهم و يتقدم سيف و يجلس أمام نور: ده شيء من الماضي متسمحيش لجرح حصل في الماضي إنه يأثر عليكِ أبدًا، جُروح الماضي مؤذية بس الهدف مِنها إننا نتعلم مش نعيش في دوامه و كوابيس.
نور بفزع: كوابيس! أنتَ عرفت حوار الكوابيس منين.
لينظر سيف لمهند و يضحك عليها مهند و سيف فتدرك ما قالته فتضرب سيف على ظهره ثم تصرخ بمهند بأن ينادي الطبيب: نظر لها سيف بقلق: خير في إيه أنتِ كويسة.
رفعت نور تيشرت سيف الأسود ليرى مهند ذلك الجرح بظهره.
مهند: أنتَ بتهزر با سيف قوم نروح للدكتور إللِ فوق.
سيف: في إيه يا جماعة مش حوار يعني ده جرح بسيط أثر الوقعة.
وقفت نور و مسكت يد سيف و سحبته خلفها: أنا لسه هيحايلك يالا.
مهند: طب أنا هروح أشوف آسر أنا و روحوا أنتم عشان مجتلوش امبارح.
دخل مُهند ليرى شيري تجلس بجانب آسر و هائمة به: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
مهند أخبارك أنتَ كويس، مش بتيجي ليه!
ليعلم ما يدور بذهنها: فُكك مني يا شيري و اطلعي بره.
تقدمت منه شيري: ليه بس يا لوكا.
مهند بصرامة: اسمي مهند يا شيري.
شيري: في إيه مش طايقني ليه!
فُتح الباب و دخلت حبيبة و نورسين ليبتعد مهند و يذهب لوالدته: ماما أخبارك.
أحسن منك، شهر بحاله يا مهند.
و الله مسحول في الشغل.
ضحكت حبيبة و هي تقول بصدمة: مسحول!
مهند و هو ينظر لنورسين باشتياق: ازيك يا نورسين.
نورسين لحبيبة: هستناكِ يا بيبة بره.
خرجت نورسين و لحق بها مُهند لتبتسم حبيبة و تنظر لشيري: ازيك يا شيري.
الحمدلله يا aunt.
لتترك شيري حبيبة و تخرج خلف مُهند:
مهند لنورسين: مالك يا نونه.
نظرت له نورسين طويلًا بعتاب و كادت تجيب لتقاطعها شيري: مُهند استنى.
لتنظر لهما نورسين بسخرية و ترحل لينفعل مُهند على شيري و يتركها و يذهب لرُؤية سيف.
دخل كلا من سيف و نور العيادة ليطلب سيف دكتور لتنظيف الجرح.
الدكتورة: مفيش غيري اتفضل.
ليجلس سيف و ينزع التيشرت فتظل الدكتورة تنظر له و لجسده الرياضي و تلاحظ نور ذلك فتصرخ بها: إيه تاخدي صورة!
لتنظر لها بقرف: و أنتِ مين أنتِ؟
نور: اااه أنا مين!
صمتت قليلًا و نظرت إليها ثم صرخت بها: أنا المدام يا عنيَّ و النقيب نور.
لتنصدم الدكتورة: أنا أسفة.
ابتسم سيف على ما يحدث: معلش يا دُك المدام بتغير شوية.
لتبتسم نور بدلع: أيه يا سيفو أنتَ عايزني مغيرش و لا إيه و بعدين واحد في حلاوتك لازم أغير عليه.
ليبتسم بتذكر شيء ما و تنظر نور للخارج و هي تبتسم بخجل على ما قالته ثُم تتذكر عمار فتعود للجمود.
بِالسيارة مُهند يسوق و سيف ونور بالخلف لانشغال المقعد الأمامي ببعض الحقائب فجلس بالخلف جوارها منتهزًا تلك الفرصة لتقول نور لمهند: و قال إيه بصراحة يا دُك إيدك خفيفة.
ليضحك سيف: و أنتِ عملتِ إيه ضربتيني بكوعك أنا إيدي أخف.
مهند و هو يضحك: نور لو كانت دكتورة كانت هتكون دكتورة تشريح.
لتضربه نور على رأسه: لا و الله، طب خاف بقى لأحسن أشرحك.
مر الوقت و مُهند يتطوق للعودة حتى يرى نورسين أما نور و سيف فاقترب سيف منها و همس: أنتِ بتغيري عليَّ فعلًا.
لتنظر له بصدمة و تتورد وجنتيها: إيه!
ليقترب أكثر: بتغيري عليَّ؟
لتبعده بيدها: إيه ده لأ طبعًا.
فيبتسم ثم يقترب مره أخرى: طب أنا حلو زي ما قولتِ.
لتضع يدها على فمه: اسكت متقعدش تسأل أنا كنت بهزر عشان مينفعش إللِ حصل ده هه حاجة تانية، لأ.
و أدارت وجهها للطريق فابتسم عليها.
دخل مُهند الفيلا يبحث عن نورسين حتى جاءه الرد من والدته: هتلاقيها في الجنينة بره.
ليبتسم لها و يذهب لحديقة المنزل ليراها جالسة على الأرجوحة و تاركة العنان لخيالها ذهب بجوارها لتفيق و تبعد أنظارها عنه: اتفاقنا إنك تلومي مش تبعدي نظرك عني.
يعني إيه تجيبني هنا و متسألش عني شهر بحاله و لما انزل مع مامتك ألاقي واحدة قريبة منك و تندهلك و أنا واقفة كده عادي.
أنا مكلمتكيش طول الشهر و لا كلمت ماما.
أنا مش زي بيبة يا مهند هي اتعودت أنا لأ أنا كنت مرعوبة عليك.
ربك الحافظ يا نونه و بالنسبة للي في المستشفى فدي مرات آسر مراته صوريًا و هي قرفاني.
قرفاك! و كنت بتبات عند سيف إزاي و هو ساكن في نفس البيت.
كنا بنرجع متأخّر ننام و نصحى متأخّر تكون هي راحت لآسر.
صمت قليلًا يراقب ملامحها ليلمح الهدوء فيبتسم: بس تعالي هنا اتطورنا و بقينا نقول بيبة.
لتضحك: أمال عيب عليك الأربعة و عشرين ساعة مع بعض أكيد.
هو أنا قولتلك إنك وحشاني.
ابتسمت بخجل: تؤ.
طب الحمدلله.
لتنظر له بصدمة فيضحك عليها و يقف: هاجي بليل نقعد مع بعض.
لا يدري أن الليل يحمل فرحة جديدة.
مرت ساعات و لم يأتي الليل حتى اجتمع الثلاثة مجددًا بالمكتب بعدما استراح كلًا منهم لمدّة قليلة.
مُهند بملل: اعاااا اتكلموا بقالنا عشر دقايق ساكتين.
سيف و هو يضع يديه على بطنه: تيجوا نُروح مَطعم و ناكل حاسس إني جعان.
ابتسمت نور: مفيش عندي مشكلة.
مهند: مش هينفع المفروض اروح لماما.
سيف: جيبها معانا.
كادت مهند يتكلّم حتى قاطعهم رنين هاتف سيف: شيري بترن.
نور بسخرية: يا خُوفي منك يا بدران، البت دي بتيجي بمصايبها.
ليضحك سيف و يرد: ألو في إيه.
شيري بسعادة: آسر يا سيف آسر فاق و الدكتور عنده.
ابتسمت سيف بسعادة و حمد ربه على إفاقة أخيه و والده بذات الوقت: ابعتي جيبي لولا يا شيري.
أغلق الخط و نظر لهم كانت نور تتوجس أخبار غير سعيدة و مُهند ينظر له بفضول: آسر صحي.
ليصرخ الاثنان بسعادة و يحمدوا الله ثم يتجه ثلاثتهم للمستشفى.
بسيارة مُهند رفع هاتفه ليهاتف والدته: السلام عليكم.
قاطعته حبيبة: معلش يا بيبة مش هعرف أجي روح يا مُهند شوف شغلك.
مش كده يا ماما آسر فاق.
بجد الحمدلله طب اقفل أنا جاية.
أغلقت و نظرت لنورسين: آسر فاق فأنا هروحله.
طيب يا بيبة ممكن تقولي لِسواق يروحني.
ليه!
معلش أصحابي وحشوني.
أما بقصر الأسيوطي كانت مازالت الماس مع الماسة حتى دخل أحد الحراس: يا مدام فطيمة يا الماسة هانم.
جاءت فطيمة سريعًا: في إيه
ليقول بسعادة بالغة: آسر بيه فاق آسر بيه فاق يا لولا.
صرخت الماسة بسعادة و أطلقت فطيمة الزغاريد و حمدت الماس ربها بداخلها.
الماس: قومي يلا روحي لوالدك و قوليله ألف سلامة عليك.
قالت الماس كلماتها و أسرعت الماسة تُنفذها و تَجهز الحرس و أخذوا الماسة، فَاشتعل القصر بنشاط و كل شخص يُنظف مكان بسعادة و يُحضروا ما يُحبه آسر.
رَحلت الماس و هي تتذكر ما حدث من نصف ساعة: خلاص فهمتي الحتة دي يا لولتي.
اه يا مستي.
ليصدح رنين هاتف الماس و كانت إحدى الممرضات المشرفات على آسر و الذي وكلتها الماس بنقل الأخبارِ لها.
الماس لِلولا: قومي لفي شوية و تعالي على ما أرد.
ماشي.
انتظرت الماس حتى ابتعدت الماسة و أجابت: السلام عليكم خير في حاجة.
و عليكم السلام يا مدام.
ها في حاجة.
في كل الخير آسر بيه فاق.
بجد!
اه و الله و الدكاترة كلهم عنده بيطمنوا عليه.
طيب تمام لو حصل حاجة كلميني و هبعتلك حلاوتك.
أفاقت من شرودها و ابتسمت بخفة ثم اتجهت ل...